التعليقات والتعقيبات بشأن مشروع قانون

ادارة الدولة العراقية الصادر في 8 آذار 2004

 

 

 

نظرا للعدد الهائل من المقالات والتصريحات التي صدرت من مختلف الاطراف العراقية وغير العراقية وفي مختلف الصحف ومواقع الانترنت، والتي اجمعت بصورة شبه مطلقة على فشل هذا المشروع وعدم ديمقرطيته ولا ملائمته للوضع العراقي ، فأننا فضلنا ايراد المقاطع الهامة والمتميزة في نماذج متنوعة منها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صباح علي الشاهر : الغريب العجيب

فيما يُسمى بدستور العراق الجديد !

 

تمخض الجبل فولد فأراً ، ربما يكون هذا المثل السائر أكثر إنطباقاً على وليد مجلس الحكم الإنتباذي ، هذا الوليد الذي لايمكن نسبته بأي حال من الأحوال الى الوسط الذي ولِّد فيه عبر ولادة قيصريّه ، فلا هو إسلامي ولا عربي ولا عراقي ، لا علاقة له لا بماضي العراق ولا بماضي المنطقة ، لا بحاضر العراق ولا بحاضر المنطقة ، وبالتالي لا بمستقبل العراق ولا بمستقبل المنطقة . و هو لا ينتسب حتى للمنطقة الواسعة التي إصطلح عليها بوش الإبن ( الشرق الأوسط الكبير ) إنه وليد فاقع الهجنة ، والتغريب ، جُمعت أعضاؤه وأشلاؤه من شتات متنافر ، وفُصلّت قسراً ، على العراق الذي سوف لا ولن يتقزّم ضمن الأُطر التي أرادها له مشروعوا هذا الكائن المسخ الهزيل ، عديم اللون والطعم والرائحة ، والذي يُراد له أن يكون دستوراً لوطن يمتد في عمق الحضارة ، وشعب لا يجهل أحد مهما تواضعت معارفه التأريخية ، بإستثاء السادة أعضاء المجلس الإنتباذي ، عمق إرتباطه بإمته  العربيّة الإسلاميّة ، ومقدار ما قدم لهذه الأمة من إسهامات حضارية وفكريّة وثقافيّة ،جعلته وبكل جدارة ، في موقع القلب من هذه الأمة ، لذا فليس بمكنة صهيوني ، مهما كانت قدرات  الذين يقفون خلفه من تغيير هذه الحقيقة ، التي لا يماري فيها من له عقل وإحساس ووجدان . لقد نبذ الإنتباذيون أنفسهم ، وقدموا الدليل القاطع على لا جدراتهم بحكم العراق الآن وفي المستقبل ، لأنهم لا يمثلون لا من  بعيد ولا من قريب نبضه الحقيقي، لا تأريخه ، ولا جغرافيته ، ولا مستقبله ، إنهم يمثلون شيئاً آخر ، ليس عراق التأريخ والجغرافية ، ليس العراق الذي هو في ضمير كل عربي ومسلم ، وإنما العراق الذي يريدة ( نوح ) والإدراة الأمريكيّة المتصهينة . ما سُمي بقانون إدارة الدولة في المرحلة الإنتقاليّة ، والذي يُسميه البعض الدستور المؤقت ، لم يشر لا من قريب أو بعيد لحضارة وادي الرافدين ، والإرث الحضاري الذي يفتخر به كل العراقيين ، لأن هذا الإرث مما لا يرضى عنه نوح ومن لفَّ لفه ، إذ المقصود قطع مايسمونه  بالعراق الجديد عن هذا الإرث الملهم ، ذي الدلالات والإيحاءات التي لا تروق لمن نسج هذا المسخ الذي يمكن أن يصلح لوطن في المريخ أو زُحل ، لكنه لا يصلح ولن يصلح لوطن عتيد إسمه العراق ،  كما  لم يذكر هذا المسخ الهجين  العرب والعروبة قط ، وذكر كرستان والكردستاني ما يقارب العشرين مرّة . المرّة الوحيدة التي ذكر فيها العربي كصفة ، وليس العرب أو العروبة ، في الفقرة (ب) من المادة السابعة ، الباب الأول ، وهي التي ينبغي لها أن تصف هذا الكيان التأريخي الذي إسمه العراق حيث بينت أن  ( العراق بلد متعدد القوميات ، والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ). يبقى أن نسأل السادة النجباء الذين أخرجوا هذه الحذلقة ، وماذا بشأن الآخرين من غير العرب ، إلى من ينتسبون ، عرفنا إن الأكراد قطعاً بعد هذا التحديد سينتسبون للأمة الكردية ، فهل يقبلون أن ينتسب التركمان إلى الأمة التركمانيه ، وهي أمة عملاقة من حيث العديد والعدد والإقتدار ، وإذا قُورن الأكراد بهم فإنهم سيصبحون إقلية     عددية متواضعة ،  ثم ماذا بشأن السريان والكلدان والأرمن ، والأرمن تحديداً هل سينتسبون للأمة الأرمنيّة؟ ، ثم بعد إقرار حق التجنس للأقليّة الفارسيّة  ، فهل سيقبلون إنتساب هذه الأقليّة لإيران ؟

لماذا هذا الخلط المكشوف ؟. في هذه الفقرة ينبغي أن يتم الحديث عن العراق ، لا عن الشعب العربي العراقي ولا الشعب الكردي ولا الشعب التركماني ، إننا بصدد الحديث عن وطن ، وبالتالي فإن هذا الوطن إذا أردنا أن ننسبه فينبغي أن ننسبه لوطن أكبر ، وليس لقوميّة أو أمة ، وبالتالي فإن علينا أن نقول إن العراق جزء من الوطن العربي ، والوطن العربي في هذه الحالة كما العراق ، مُتعدد القوميات والأثنيات والأديان والأعراق ، كما هو حال كل الأوطان على وجه هذه المعمورة ، إذ ليس ثمة وطن في عالمنا الراهن يتشكل من قوميّة واحدة ، والهند الإتحادية مثلاً ليست متكونه من الهندوس فقط ، ومع هذا فاسمها جمهورية الهند ، وروسيا الإتحادية إسمها روسيا ،  رغم كونها ليست متشكلة من الروس فقط ، والأتراك البلغار ، وهم يشكلون ما يقارب ثلث السكان يعيشون في وطن إسمه بلغاريا، وهكذا بالنسبة لجميع الدول ، إتحادية كانت أم غير إتحادية ، فلماذا لا يكون العراق والعرب فيه يشكلون أكثر من ثمانين بالمائة جزءاً من الوطن العربي ؟ . لماذا مثلاً يحق   لثلثي الناخبين في المحافظات الكردية تعطيل قرار البرلمان ، أي أن أقل من ثلاثة عشر بالمائة ، يعطلون رأي وقرار سبعة وثمانين بالمائة ، ولا يحق لسبعة وثمانين بالمائة تعطيل هذا البند المسخرة ، الذي يتجنى على العراق تأريخاً وشعباً ، ويعزله عن محيطه العربي ، وهو العضو المؤسس للجامعة العربيّة ، مثلما هو عضو مؤسس لهيئة الأمم ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والأوبك والأوابك إلخ . العراق ياسادة ، شاء من شاء وأبى من أبى  ، العراق كوطن جزء لا يتجزأ من الوطن العربي ، إن تحديد إنتساب العراق لمحيطه لا يعتمد على قناعة هذا السياسي أو ذاك ، وهو لا يخضع لتسويات الغرف الموصدة ، المحروسة من قبل جنود الإحتلال ، وبعد أن يتم تحديد إنتساب العراق إلى محيطه يتم   تحديد مكوناته ، ويمكن تقديم فقرة تحديد المكونات على فقرة  تحديد الإنتساب ،  ومكونات العراق  قوميات متعددة ، أي أن العراق وطن متعدد القوميات،  يتكون ويتشكل من قوميات متأخيّة عرب وأكراد وتركمان وسريان وكلدان وأرمن ، ولأبناء هذا الشعب من كل مكوناته نفس الحقوق والواجبات ، وينبغي تجريم من يميز بين أبناء الشعب أو بين مكونات العراق قانوناً بالنص على هذا ، وبهذا نحفظ ونصون حقوق العراقيين كافة . علينا أن نمنع تشريعياً إمكانيّة حدوث أي شكل من أشكال الهيمنة والإستئثار ، وأي شكل من أشكال التمييز. إن  سن مثل هكذا قوانين تحاسب من يتجاهل تنفيذ القانون أو يعطله هو خير  ضامن لصون حقوق وكرامة الإنسان العراقي من أي قومية كان ، العراق لكل العراقيين هذا مبدأ فوق كل المباديء والإعتبارات . والعراق والعراقيون أكبر من أي حزب ومن مجموع الأحزاب كلها ، ومصلحته فوق مصلحة أي حزب ومصالح الأحزاب مجتمعة . العراق ليس فيئاً ينتهب من قبل مجلس الحكم ومريديه ، أو من قبل الأحزاب المشاركة فيه والتي تدعي تمثيل العراق برمته ، وهي في أحسن الأحوال لا تمثل سوى الأعضاء المنتسبين لها، وهم أقلية  مهما إنتفخوا ونُفخوا . إن الإنطلاق من مفهوم الجماعة إياها ، جماعة  ( هذا لك هذا لي ، نص إلك نص إلي ) لا يستقيم مع السعي لبناء عراق جديد . إن عَظمة العراق ياسادة أكبر من زردوم أي منكم ، حتى لو كان هذا الزردوم بلاع مصارف وبنوك .  فليس بإمكان أحد بعد الآن مصادرة رأي القطاع الأوسع من الشعب ، بزعم أنه يمثله . الممثلون الحقيقيون للشعب هم أولئك الذين يأتون من خلال صناديق الإقتراع ، لا من خلال تعيين بريمر وقوات الإحتلال ، وإلى أن يأتي هذا اليوم فأن جلَّ ما يمكنكم فعله وعمله هو تمشية الأمور  في الفترة الإنتقاليّة ، ولا يحق لكم مصادرة مستقبل العراق ، ولا مصادروة حق الذين سينتخبهم وهم المناط بهم ، وبهم وحدهم ، حق صياغة قانون العراق ، بمعزل عن إرادة وضغوط المحتل البغيض .

وهل لكم ياسادتي يامفتحين ، وعلى قول العراقيين باللبن أن توضحوا لنا ما معنى ماورد في الفقرة ( ز) من المادة التاسعة ، والتي نصها ( تحرّم العبودية وتجارة العبيد والعمل القسري والخدمة الإجبارية - أعمال السخرة -) . إذا كان المحرر الأمريكاني لا يعرف إنه لا يوجد في العراق عبيد ولا تجارة عبيد ،  فهل لا تعرفون أنتم ؟ . ربما تصور الأمريكي أنه يفعل مع عراق العبيد وتجارة العبيد ما فعله محرر العبيد في أمريكا ، وربما مازال يتلبسه هاجس السبي البابلي  ، ويؤرقه أخذ نبوخذنصر لليهود سبايا وعبيد ، ربما يكون السبب هذا أو ذاك بالنسبة للسيد( نوح ) ، ولكن ماهو السبب بالنسبة لكم ياسادتي الميامين المغاوير أعضاء المجلس الإنتباذي ؟ . وإذ وفقكم الله وحرّمتم العبودية  وتجارة العبيد ،  في بغداد العبيد وتجارتها ، فإني أقترح عليكم _ دام فظلكم_ أن تكملوا ريادتكم وتحرموا وأد البنات ، فأغلب الظن إن إجراء كهذا سيعجب السيد بوش الذي سيعده إنصافاً للمرأة العراقيّة  ، ولا خوف عليكم من إتهامكم بمحاولة تطبيق الشريعة ، فالسيد بوش لا يعرف الشريعة ولا تأريخ الإسلام ، ولا يعرف أن الإسلام حرّم وأد البنات ، وليس غريباً أن لايعرف بوش شيئاً ، إنما الغريب أن يعرف .

وقبل أن نتم حلقتنا الأولى نود أن نسألكم يافطاحل مجلس الحكم ، عن معنى ما ورد في قولكم في الفقرة ( ب ) من المادة الثانيّة : ( وستتألف هذه الحكومة وفق عمليّة تداول واسعة النطاق بتشاور شرائح المجتمع العراقي يقوم بها مجلس الحكم وسلطة الإتلاف المؤقتة ، ويمكن التشاور مع الأمم المتحدة بذلك ) . بربكم هل هذه لغة تكتب بها الدساتير ، وهل لأحدكم أن يتكرّم ويشرح لنا معنى كلمة ( تداول ) في السياق الذي وردت فيه ؟ ثم مامعنى عمليّة تداول واسعة ؟ ثم تداول ماذا ، يامهمومين بالتداول فيما بينكم ؟ وما حكاية ( بتشاور شرائح) ؟ ماهذه اللغة ياقادة العراق ؟  ثم  أفتونا يرحكم الله عن مكمن البلاغة في قولكم ( إن هذه الحكومة ستمارس السلطة بوجب هذا القانون ، وبضمنها المباديْ والحقوق الأساسيّة المنصوص عليها في هذا القانون ) ، رحم الله البصري ( آخ ديكي نحباني لولو ) ، ومعضلة ولا عبوسي لها!! . 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ماجد مكي الجميل  : الدستور العراقي المقبل

عامل إنقاذ أم دمار للعراق؟

 

الدستور أساسا هو خلاصة تطور فقهي مدني سلمي طبيعي، ولا أظن توجد دولة واحدة في العالم وضعت دستورا في مثل الظروف والأجواء التي تحكم العراق اليوم وربما ستحكمه لسنوات لا أحد يعرف مداها. قد يتعجب القارئ إذا قلت له أن بريطانيا مهد الديمقراطية في العالم ليس لديها دستور مكتوب حتى الساعة، وإسرائيل التي قدمها الغرب "هدية" لنا على أنها واحة الديمقراطية في المنطقة ليس لديها دستور مكتوب حتى الساعة. أما دستور الولايات المتحدة فقد تم وضعه على مدى 150 سنة وقدّم مزايا قليلة لغالبية الأمريكان وليس كلهم لحين فترة رئاسة جون كيندي بداية الستينات.
عليه لماذا يتوجب على العراقيين إقرار دستور جديد بسرعة وعجالة بالغة يقدم حلولا مرة واحدة لكافة مشكلات العراق المصيرية؟ لماذا يتوجب عليهم إعداد الدستور وهم في سباق مع الزمن في وقت مازالت الولايات المتحدة حتى اليوم تضيف وتحذف من دستورها؟ لماذا يتوجب على العراقيين الآن بالذات أن يحددوا مصيرهم قبل أن يمارسوا سيادتهم "الحقيقية" كاملة؟ وقبل أن تتحول السفارة الأمريكية في بغداد إلى سفارة لا تضم 3000 موظف ولا تشذ عن باقي سفارات العالم؟
الدستور العراقي الأصلي، إلى جانب القرآن والشريعة الإسلامية، التي أسيء فهمها على نطاق واسع، يمكن أن يقدما قاعدة معقولة لحكم العراقيون أنفسهم بأنفسهم لحين إعداد دستور جديد في ظل أجواء طبيعية سلمية ملائمة لا تمارس فيه السفارة دورا في إعداده. وهاكم التفاصيل:
الدستور الإسرائيلي
قلنا أن إسرائيل ليس لديها دستور مكتوب منذ إقامتها عام 1948 ونظامها السياسي يستند على إعلانها للاستقلال وعلى قوانينها الرئيسة التي تطورت على مدى 44 عاما. وهذه كالتالي:

إعلان الاستقلال (1948)، قانون العودة (1950)، النظام الداخلي للمنظمة الصهيونية العالمية، النظام الداخلي للوكالة اليهودية. القوانين الرئيسة هي: الكنيست (1958)، أرض إسرائيل (1960)، رئيس الدولة (1964)، الحكومة (1968)، اقتصاد الدولة (1975)، قوات الدفاع الإسرائيلية (1976)، القدس عاصمة إسرائيل (1980)، القانون القضائي (1984)، مراقب حسابات الدولة (1988)، الحرية والكرامة الإنسانية (1992)).
الدستور البريطاني
الدستور البريطاني هو الآخر غير مكتوب. للدستور مبدأين أساسيين: حكم القانون، وسيادة البرلمان. لقد تم استنباطه من مصادر متنوعة. الأساسية منها هي:

أنظمة مثل (ماجنا جارتا Magna Charta) لعام 1215، قانون تسوية الخلافات بين السلطات بما فيها سلطة الكنيسة لعام 1701. قوانين وأعراف برلمانية، مناقشات البرلمان، الأحكام القضائية، قوانين نابعة عن معاهدات سياسية… أما الشؤون الدستورية فيتم إقرارها في محكمة من خبراء القانون الدستوري ممن كتبوا عن الموضوع.
الدستور الأمريكي
كتبت الولايات المتحدة دستورا تم إعداد مسودته وإقراره لأول مرة عام 1787. وخلال السنوات الأربع الأولى تم إجراء عشرة تعديلات قبل أن يتم إقرار قانون الحقوق المدنية. مع ذلك، فقد بقيت الحقوق المدنية ناقصة تحت ظل هذا الدستور بحرمان النساء والرجال البيض (أكرر البيض) ممن ليس لديهم ملكية خاصة، وكذلك الأمريكان الأفارقة، والأقليات الأخرى، من حق التصويت.

لقد لزم الأمر 60 عاما قبل أن يمنح أغلب الأمريكان البيض حق التصويت، وتم منح المرأة حق التصويت عام 1870. أما الأمريكان الأفارقة فقد واصلوا كفاحهم لغاية 47 سنة مضت. وبعد أن تم ضمان حقوق السود بموجب القانون تم حرمانهم منه بطرق متنوعة، وكان الجنود السود الأمريكان حتى الحرب العالمية الثانية لا ينامون في نفس عنابر الجنود البيض.
الدستور العراقي
حتى سقوط النظام العراقي في التاسع من آذار 2003 كان دستور النظام مفصلا حسب قياسات شروط هيمنة الحزب الواحد بمعنى حسب هيمنة رئيس النظام صدام حسين، ولو قدر لرئيس نظام المقابر الجماعية أن يبقى حاكما للعراق فترة أطول لشهد العراقيون دستورا على قياس ابنه قصي وربما بعده على قياس حفيده علي. لكن الدساتير السابقة، خاصة دستور ثورة تموز عام 1958 الذي كتبه القانوني والدستوري العراقي المرحوم حسين جميل قد استند على الدستور المصري الذي يستند بدوره على الدستور الفرنسي وقد تمتع العراقيون في ظله بمستوى عال من حقوق المواطنة والشراكة بين القوميتين الرئيسيتين العرب والأكراد، وبحقوق جيدة للمرأة.

حسب معلوماتنا فأنه قبل غزو الولايات المتحدة للعراق توصلت مجموعة من الخبراء العراقيين (تم تشكيلهم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وأشرف عليهم أستاذ أمريكي من أصل مصري متخصص بالقانون الجنائي الدولي ـ جامعة دو بول De Paul University ـ اسمه شريف بسيوني) إلى نتيجة تقضي باتباع الطريق السهل وذلك: إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة والرجوع إلى الدستور الملكي بعد تزويده بالمكتسبات التي جاء بها دستور عام 1958 خاصة ما يتعلق بمفاهيم المواطنة والشراكة. وبهذا الطريق يمكن للعراق أن يستعيد وجهه الأصلي كدولة متحضرة بين الأمم. غير أن ذلك لم يتحقق دون أن نعلم سببا بل تم وضع العراق بفراغ دستوري وطلب منه، وسيف ديموقليس مسلط على رأسه، ألا يعد دستورا جديدا فحسب بل أن يعالج كافة قضاياه المصيرية مرة واحدة، وهو ما يرفع من مخاطر ظهور المزيد من المشاكل والخلافات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

محمد مظلوم : العراق على طريق الدستور...

ناسخ ومنسوخ وتوافق!

 

ليس بعيدأ عن الألوان، يجري الحبر الدستوري ليكتب بنوداً ومواد كثيرة أغلبها أثيرة ومشتركة في الدساتير العراقية السابقة،غير أن العراقيين لا يحملون عنها سوى انطباع وذكرى ( حبر على ورق) وهي على العموم لم تخضع إلا لتعديلات بسيطة، لكن ثمة بينها ما خضع إلى تحديث جوهري وابتداع واضح، وهي واحدة من سمات القانون الجديد للدولة العراقية في المرحلة الإنتقالية.

فالمادة السابعة في القانون، والمتعلقة بعروبة واسلامية العراق، ظلت ومنذ التوجهات الاولية لسن هذا القانون محل ريبة وتساؤل وجدل من قبل المواطنين والمراقبين قبل المشرعين انفسهم، فحيال دستور يكتب في ظل احتلال اجنبي كيف يمكن لهذين البندين المهمين ان يعالجا دون تعارض واضح!

جاء البند الاول المتعلق بالإسلام أكثر توازناً عندما وفق بين إسلامية العراق كونه بلداً ذا أكثرية إسلامية واضحة يستمد معظم تشريعاته من الفقه الإسلامي، وبين تلك القوانين التي لا ينبغي لها أن تتقاطع مع مبدا الديمقراطية، لكن المشكلة الأبرز برزت حقاً في البند الثاني المتعلق ( بعروبة العراق ) والذي نقض كل الدساتير العراقية السابقة في ما يتعلق بهذا البند الذي ظل صامداً في  الدساتير التي أعقبت ثورة 1958، بوصف العراق ( جزءاً لا يتجزأ عن الأمة العربية) مع إن مفهوم الأمة، لم يكن وارداً في دستور العام 1925، إلا في إطار توصيف الأمة العراقية.

النص الملتبس الذي يقول إن (العراق بلد متعدد القوميات والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ) يلخص فكرة كونه كلام حق يراد به شيء آخر! فيطبيعة الشراكة في الوطن بين العرب والأكراد نصت عليها جميع الدساتير السابقة تقريباً دون ان تحذف عروبة العراق وتنحيه ليصور العرب، وهم الأغلبية، وكأنهم أقلية عرقية حديثة التكون في بلد فدرالي قديم التكوين، لأنهم يجري توصيفهم في القانون كما لو انهم ملحقون بالعراق، وملحقون في الوقت نفسه ( بالأمة العربية!) والواقع إن هذا الأمر جرى التنظير له من قبل عدد من العراقيين بدوافع شتى من بينها بالتأكيد مرارة التجربة القومية مع فكرة العيش مع سلطة الحزب القومي الأوحد.

وليست مرارة هذه التجربة وحدها من ساهم في حبر كتابة القانون فثمة قضية التجنس وتشريع ازدواج الجنسية، وإبعاد القوات المسلحة عن مسرح الحياة السياسية وفدرالية المحافظات، كلها كانت عناصر تجربة مرة طيلة نصف القرن الماضي من التاريخ السياسي للعراق لتنعكس بظلالها على القانون الانتقالي اليوم، وغداً ربما بمسحات أفصح على الدستور الدائم.

ثمة فقرة أخرى تتعلق ببناء المجتمعات والتنظيمات المدنية في العراق وهي واحدة من فقرات لم يألفها أي تشريع دستوري سابق، فقد كانت هذه النقطة بالذات نوعاً من ( التابو) الذي يتعلق بقضية السيادة في الدساتير السابقة ، بينما يمنع القانون الحالي الدولة من التدخل ( في حق الشعب العراقي في تطوير مؤسسات المجتمع المدني سواء كان ذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الدولية أو بأي شكل آخر.)

وللمرة الأولى تخضع قيادة القوات المسلحة في العراق لإدارة مدنية واللافت فيها أن الدستور الجديد يحدد دور الجيش العراقي في ( الدفاع عن العراق) بعد أن أنهى على نحو ما معاركه القومية الكبرى! وحرمت أحدى الفقرات ترشيح منتسبي القوات المسلحة أنفسهم لانتخابات الجمعية الوطنية، ومن الواضح إن القانون هنا  يستفيد من تجربة اليابان الطويلة في حصر مهام القوات المسلحة في مجال الدفاع على الرغم من أن هذه التجربة قد تحولت نحو مسار آخر في الساحة العراقية تحديداً، عندما أرسلت اليابان قواتها عبر البحار إلى (نخل السماوة وصحرائها) جنوب غربي العراق، في أول مهمة لها خارج حدودها الإقليمية منذ الحرب العالمية الثانية.

وقبل  البنود التي توزعت على اثنين وستين باباً وجعلت منه أطول النصوص الدستورية في تاريخ العراق حتى الآن، يحمي القانون نفسه بجملة من المواد الإستهلالية أخذت شكل الديباجة تشكل له سلطة قانونية لا تضاهيها سلطة أخرى، ولعل من أبرز مظاهر المجتمعات المدنية أن يكون الدستور قوياً عندما يتسم بالحماية الذاتية التي تمنع انتهاكه من قوى أخرى، غير أن السؤال الذي سيرتفع هنا هو متى يتم ذلك وكيف وبأرادة من؟

فالواقع إن هذا القانون يجسد بمجمله تمثيلاً للتوجهات السياسية لدى الأحزاب أكثر من كونه تعزيزاً للحقوق المدنية للأفراد في بلد غابت عنه الحياة السياسية لأكثر من ثلاثة عقود، فبالمقارنة مع كل الدساتير السابقة لا يبدو حق الفرد، على الورق في أقل تقدير، متبايناً كثيراً، لكن انعكاسات الواقع السياسي في العراق هي السمة الأبرز في بنود هذا القانون ولعل هذا ما سيمثل أحد أكثر مصادر ضعفه المستقبلية، فحتى الديمقراطية المشرعة هنا ليس من الواضح أنها ستستطيع حماية القوانين والتشريعات اللاحقة من الظلال القوية للإرادات السياسية المختلفة.

وأن يكون الدستور صيغة معبرة عن توافق سياسي أكثر من كونه وثيقة تشريعية تحفظ الحقوق وتحدد الواجبات للأفراد في مجتمعهم، فإن السؤال المطروح هنا يتعلق بمصير هذه الوثيقة عندما يغيب هذا التوافق أو يتلكأ في أي من المراحل التي ستطبق فيها مبادئ وبنود الوثيقة.

فالجمعية الوطنية التي من المفترض أن تنتقل إليها السلطة في انتخابات لم تحدد طبيعتها إلا وفق قوانين الأحزاب، ستكون خاضعة هي الأخرى لتوليفات أضافية وسيظهر تقاطعها مع المبادئ الأساسية للقانون نفسه وليس لسواه، عندما جرى تحديد النسب وفق معطيات جنسانية وأثنية، من خلال التأكيد على ضرورة تمثيل النساء بنسبة محددة هي الربع، وتحقيق ما أسماه( تمثيل عادل لجماعات العراق كافة وبضمنها التركمان والكلدوآشوريين والآخرين ) وإذا كانت المرأة العراقية قد احتفلت بيوم المرأة العالمي بحصة لم تنلها في كل الدساتير الماضية، وهو مفهوم غريب أن لا تنال المرأة حقها الطبيعي إلا بنص دستوري في مجتمعاتنا، فأن مفهوم المحاصصة والنسب عموماً هو نموذج منسوخ عن تجربة ( عربية لبنانية ) بامتياز، يلتفت إليها القانون هذه المرة ليجري اختبارها من جديد في عراق ليس عربياً!

فعندما تفسر المادة الرابعة من القانون، طبيعة النظام الإتحادي الفيدرالي، تؤكد أن النظام الإتحادي يقوم على أسس ما سماه ( الحقائق الجغراقية والتاريخية) لا على أساس الأصل أو العرق أو الاثنية أو القومية أو المذهب، وكأن العناصر الأخيرة ليست من حقائق الجغرافيا ولا التاريخ، ليظهر أن اللعب بالألفاظ هو مصدر تسويق مثل هذه الفقرات في أماكن عدة من القانون.

ويكاد يكون من المسلمات إن المادة التي أجلت التوقيع وجعلت من ( المخاض مؤلماً لولادة الديمقرطية) كما وصفه الحاكم المدني للعراق ( بريمر الثالث) سحبت الأضواء إليها بقوة من سائر البنود الاخرى في القانون، وثمة تاكيد على أن هذه النقطة بالذات تشير إلى وجود نقاط خلاف كامنة لم يترشح منها الكثير في بلد ينطوي على احتمالات الإرادات المغيبة واحتمال انبثاقها في أي وقت لاحق قبل تسليم السلطة وإجراء انتخابات عامة في البلاد، فهذه النقطة الواردة في الباب التاسع الذي يلي الباب الثامن المخصص لحكم الأقاليم والإدارات المدنية في الإتحاد، ويتكلم كله تقريباً عن سلطات الأكراد في إقليم كردستان واستقلاله الأداري والقضائي، وينص على السيطرة ( على قوات الأمن والشرطة وفرض الضرائب والرسوم) وإدارة (الأراضي) الواقعة في محافظات دهوك واربيل والسليمانية وكركوك وديالي ونينوى، كانت بمثابة البركة الراكدة التي جرى فيها رمي حجر كثير، فالفقرة جيم من المادة الحادية والستين التي دارت دوائر الخلاف من حولها تنص على أن الاستفتاء على الدستور ( يكون ناجحا، ومسودة الدستور مصادقا عليها، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق، وإذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات أو أكثر.) فما بعد إذا ( هذه) تكمن المسألة أو الشيطان السياسي إذا شئت، فبينما تحتاج الموافقة على الدستور إلى الأغلبية التي يقدر عددها بأكثر من إثني عشر مليون ناخب على أقل تقدير قياساً إلى أغلبية بسيطة من نفوس العراقيين إذا افترضنا جدلاً، وليس على سبيل الواقع الذي لا سبيل الآن لرصده، إن كل العراقيين سيقدمون على المشاركة الاستفتاء، لا يحتاج الرفض في المقابل سوى لحدود المليوني شخص على وفق الإفتراض الجدلي ذاته، وقياساً على نسبة النفوس في أغلب المحافظات العراقية! من هنا اعتبرت اوساط عديدة في المرجعيات الروحية والسياسية وحتى الشعبية، إن هذه المزية الغريبة التي منحت لحوالي سدس نفوس البلاد من المنتخبين، تمثل نوعاً من الفيتو الذي لا يمكن تفسير مصدر شرعيته إلا في إطار الغنيمة السياسية من مرحلة غاربة ليس إلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نضال الليثي : المسيحيون والمندائيون واليزيديون


 لا موجب للتذكير ان النظام لم يستثن أحداً من العراقيين من جرائمه، فالكارثة شملت الجميع بمن فيهم سُنة العراق، حيث يريد البعض حالياً فرض الاقصاء عليهم.
كان صدور الدستور العراقي المؤقت مناسبة جري تضييعها عمداً للمصالحة بين جميع العراقيين من خلال اعطاء كل ذي حق حقه في القانون المؤقت لادارة الدولة وتطييب الخواطر والتغلب علي الأزمة الموجودة في البلد من خلال التخلي عن الاستئثار وابعاد الآخرين.
ان من يدعي بأنه يمثل الأغلبية عليه ان يدافع عن الأقليات ويثبت حقوقها، فلن يكون ممثلاً حقاً لهذه الأغلبية الا باعتراف جميع المكونات العراقية بذلك، لا أن يحاول ان يفرض ما يراه علي الجميع، فذلك هو مفتاح استقرار العراق ووحدته واستعادة لسيادته.
ولم يكن من الانصاف ان يتجاهل قانون ادارة الدولة حقوق كيانات استطونت العراق منذ آلاف السنين واليها يعود الفضل في بناء أولي حضاراته.
المطلوب اذن تكريس مفهوم جديد للأكثرية من خلال قدرتها علي شد لحمة العراقيين والحفاظ علي وحدتهم عبر تثبيت حقوقهم، فليس من حق أحد احتكار مناهضة صدام عندما حان موعد الاستحقاقات خاصة وان الجميع يعرف حق المعرفة ان القوات الأمريكية هي التي أطاحت النظام السابق ولا يمكن لأحد المزايدة علي هذه الحقيقة بواسطة ضجيج التصريحات.
واللبيب يتذكر ما بعد بدء الحرب والمواقف التي تغيرت بعد ان عرف جيداً ان صدام ونظامه اصبحا في ذمة التاريخ، فهل علينا ان نذّكر في كل مرة..؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مجموعة العمل العراقية توجه رسالة إلى السيد كوفي انان ، حول قانون إدارة الدولة العراقية


وجهت مجموعة العمل العراقية المقيمة في واشنطن رسالة للسيد كوفي انان ،الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة ،اطلعوه خلالها على تصوراتهم المتعلقة بقانون إدارة الدولة العراقية ،الصادر في بغداد في 8آذار .ومعارضتهم له  وذلك في 26 آذار 2004م .
و أشاروا  فيها إلى البنود التي تصادر حق الأغلبية وإثارة الطائفية ،وتفريغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي ،كما أشاروا إلى أن بعض فقرات القانون تؤسس لتقسيم العراق جغرافيا وعرقيا ومذهبيا ،كما أنها تدفع باتجاه إشعال حرب أهلية خطيرة ،ودعوه كما دعوا المجتمع الدولي إلى تصحيح نصوص القانون بما يطلق يد العراقيين في الفترة الانتقالية ،ويساعدهم على التأسيس للمرحلة الدائمة والمستقرة وذلك بمراجعة القانون وتصحيحه قبل تسليم السلطة لمجلس الحكم ..كما طالبوا المنظمة الدولية والمجتمع الدولي بعدم إضفاء الشرعية على قانون غدارة الدولة العراقية بأي شكل من الأشكال .
ووقع على هذه الرسالة 21شخصية عراقية مهتمة بالشأن العام العراقي وفيما يلي تفاصيل الرسالة :

 
السيد كوفي انان ، الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة ، المحترم
 
تحية طيبة
 
نود أن نطلعكم على تصوراتنا بشأن قانون إدارة الدولة العراقية ، الذي صدر في بغداد في 8 آذار الحالي .
 
لاشك أن القانون احتوى على الكثير من القيم الحضارية الإنسانية ، والمبادئ الأساسية الخلاقة التي لم يحتويها ، من قبل ، أي قانون صدر في العراق ، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، مطلع القرن الماضي ، ولحد الآن .
 
إنها قيم ومبادئ ، تساهم في صياغة عراق جديد قائم على أسس العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان ، كما تساعد على نبذ التمييز والتفرقة على أسس عرقية ودينية ومذهبية .
 
إلا أن ما يؤسف له حقا ، هو إحتواء القانون على نصوص نسخت كل هذه القيم والمبادئ ، وأفرغتها من محتواها الحقيقي ، وعطلت فاعليتها .
 
إنها لا تشجع العراقيين على النظر إليه كقانون يصلح لإدارة أية مرحلة من مراحل العملية السياسة الجديدة ، التي يتطلع إليها الشعب العراقي بفارغ الصبر ، وهو يعض على جراح مخلفات النظام الشمولي البائد ، والاحتلال ، وتحديات العنف والإرهاب ، وإنهيار مؤسسات الدولة ، وتدهور الوضع الأمني والمعيشي .
 
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فان النصوص التي وردت في الباب الأول (المبادئ الأساسية) المادة الثالثة الفقرة (أ) ، والباب الخامس (السلطة التنفيذية الانتقالية) المادة (36) البند (ج) ، والباب التاسع (المرحلة ما بعد الانتقالية) المادة (61) البند (ج) ، كلا على انفراد ، أو مجتمعة ، والتي تتحدث عن حق النقض (الفيتو) للأقلية ـ أية أقلية ـ تفرغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي ، وتضع الأغلبية تحت رحمة الأقلية ، كما أنها :
 
أولا ــ ألغت صندوق الاقتراع .
 
ثانيا ــ شرعنت الطائفية (المذهبية أو العرقية ، لا فرق) .
 
ثالثا ــ كرست مبدأ التوافق ، فألغت ، بذلك ، حق الأغلبية ـ أية أغلبية ـ التي سيفرزها صندوق الاقتراع ، في التمتع بحقوقها السياسية ، على وجه التحديد .
 
رابعا ــ عرقلت إمكانية سن دستور جديد دائم للبلاد .
 
خامسا ــ كبل المجلس غير المنتخب ، الذي وقع على القانون ، المجلس الوطني الذي سينتخبه العراقيون ، بحسب نصوص القانون ، ما يعني أن اللاشرعية حددت سقف الشرعية ، حتى قبل تأسيسها .
 
سادسا ـ أفرغت الرأي العام من محتواه الحقيقي ، وجوهر رسالته الحقيقية .
 
إن كل ذلك ، وغيره ، ينسف كل الجهود المبذولة لإقامة النظام الديمقراطي في العراق الجديد ، لان التوافق ضد الديمقراطية ، وان إلغاء صندوق الاقتراع ، يتعارض مع ابسط قواعد اللعبة الديمقراطية ، بصفته أول وأهم مصاديق العملية الديمقراطية ، على الإطلاق .
 
إنه يتناقض ، كذلك ، حتى مع نموذج مبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في وثيقة حقوق الإنسان العالمية ، التي كفلت المساواة ، بين كل الناس ، في الحقوق والواجبات .
 
إن هذه النصوص ، وغيرها ، تؤسس لتقسيم العراق ــ  جغرافيا وعرقيا ومذهبيا ــ ، كما تدفع باتجاه إشعال حرب أهلية خطيرة ، ينبغي أن لا نغفل عن خطورتها بأي شكل من الأشكال .
 
إنها ، كذلك ، لا تؤسس لبناء عراق نموذجي يحتذى به من قبل الشعوب العربية والإسلامية التي تتطلع إلى النموذج العراقي الجديد المفترض ، بعد كل هذه المخاضات العسيرة والخطيرة التي لا زال يمر بها .
 
إن من المهم جدا ، أن يتم العمل على تصحيح هذه النصوص ، بما يطلق يد العراقيين في الفترة الانتقالية ، وبما يساعدهم على التأسيس للمرحلة الدائمة والمستقرة ، من دون أن تكبل إرادتهم بأية نصوص مسبقة من هذا النوع ، وبما يعيد لصندوق الاقتراع ، مكانته ودوره وهيبته وموقعه الحقيقي والطبيعي في العملية السياسية برمتها .
 
تأسيسا على كل ذلك ، ندعو المنظمة الدولية والمجتمع الدولي ، إلى عدم إضفاء الشرعية ، بأي شكل من الأشكال ، على القانون ، من خلال الامتناع عن ذكره في أي نص محتمل من نصوص هيئة الأمم المتحدة ، ومختلف مؤسساتها القانونية والدستورية ، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي .
 
إن من المهم جدا ، أن يلعب المجتمع الدولي ، دورا ايجابيا في طمأنة الشعب العراقي على مستقبله الذي يسعى لبناء لبناته الأساسية بعيدا عن الهيمنة الأجنبية ، وبمساعدة الخبرات الدولية الايجابية والمحايدة .
 
إن دور الأمم المتحدة المرتقب في العراق ، لا معنى له ، إذا استند إلى هذا القانون ، الذي رفضته الأغلبية العظمى من العراقيين ، ما يعني عدم شرعيته ، كما يهدد مصداقية حيادها في الصميم .
 
تقبلوا فائق التقدير والاحترام.       مجموعة العمل العراقية      واشنطن   26  آذار 2004                        
 
الموقعون حسب الحروف الأبجدية
1
ــ أورخان كتانة 2ــ الدكتور جمال البرزنجي3 ــ ريا البرزنجي4 ــ شميم رسام 5 ــ صفاء السعداوي6 ــ ضياء السعداوي 7ــ طارق الاعظمي8 ــ الدكتور عبد الجبار العبيدي9 ــ عفاف الحريري10 ــ الدكتور علي العطار 11 ــ الدكتور عثمان علي12 ــ غسان رسام13 ــ فخري البرزنجي  14ــ كريم الموسوي 15ــ محمد خلف16 ــ الدكتور مهدي الصندقجي 17ــ الدكتور مهدي العبيدي18 ــ نزار حيدر19 ــ الدكتور هشام الطالب20 ــ وائل خيرو21 ــ الدكتور ياسر شلال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


   تنظيمات إسلامية تتحفظ علي قانون إدارة الدولة:

الانتقالي لا يتمتع بالأهلية اللازمة لحمل الأمانة الوطنية


قالت 5 أحزاب وحركات اسلامية في بيان مشترك لها ان (قانون ادارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية لا يتمتع بالشرعية الشعبية اللازمة التي تمنحه صفة الالزام للمجلس التشريعي المنتخب في المستقبل او للقوي والجماهير العراقية في الوقت الحاضر).
ووصف البيان الذي تلقت (الزمان) نسخة منه امس وحمل توقيع (حزب الدعوة الاسلامية ــ تنظيم العراق، حزب الفضيلة، منظمة العمل الاسلامي، حركة الوفاق الاسلامي والتيار الاسلامي الديمقراطي) قانون ادارة الدولة بأنه (مخيب للآمال ولا يحقق الحد الادني من طموحات الشعب العراقي) وعزا ذلك الي (ثغرات كبيرة وكثيرة تقود البلاد باتجاه عدم الاستقرار وابقائها اسيرة للقوانين المؤقتة وتحرمها من فرصة اقرار دستور دائم) مشيراً الي (حق الفيتو لأية ثلاث محافظات مما يجعلها قادرة علي تعطيل اقرار الدستور الدائم).
ويري البيان ان (هذا يعني اطالة المرحلة الانتقالية وادخال البلاد في ازمة سياسية ودستورية قد لا تتوفر ادوات حلها سلمياً) مضيفاً ان (قانون ادارة الدولة المشرع من قبل هيئة غير منتخبة اعطي وصاية غير شرعية وغير دستورية علي الجمعية الوطنية الدستورية التي سوف تنتخب من قبل العراقيين جميعاً).
وبحسب البيان فان (شكل الدولة ومصدر التشريع وحدود الاقاليم من الاصول التي يعود اقرارها الي الشعب العراقي اما عبر الاستفتاء المباشر او عبر الهيئات المنتخبة).
ودعا البيان ( جماهير الشعب العراقي الي مواصلة العمل السياسي السلمي الهادف الي اسقاط قانون ادارة الدولة حتي اقرار دستور دائم من قبل جمعية منتخبة باستفتاء شعبي عام) مشيراً الي ان القانون (كان من الممكن ان يكون شرعياً وملزماً لو عرض علي جمعية وطنية منتخبة تصادق عليه بعد مناقشته واجراء التعديلات اللازمة عليه او عرضه علي استفتاء شعبي)..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

رضي السماك: ا لدستورالمؤقت" وعروبة العراق


وأخيراً، وفي ظل حالة الفوضى نفسها التي يشهدها العراق وفي ظل مصادرة حرية شعبه وسيادته الكاملة جاء اقرار دستور العراق المؤقت لينص في احد بنوده الاساسية على ان “العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان في البلاد”.
أما على أي اساس جرى وضع “الكردية” على قدم المساواة تماماً معالعربية” اللغة الأم الرئيسية المتداولة للتفاهم بين مختلف قومياته واعراقه منذ فجر الاسلام وذلك استناداً الى ان العرب بمختلف دياناتهم وطوائفهم ومذاهبهم هم الاغلبية بما لا يقل عن 75% فعلم ذلك عند الله، لكن ما كان ليجري هذا العبث لولا وجود الاحتلال الامريكي الجاثم على مقدرات العباد والبلاد، ولولا حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تعيشها العراق، ولولا تطير بعض القادة الشوفينيين الاكراد عملياً من إيقاع “اللغة العربية” على آذانهم. مستغلين في ذلك نفوذهم أو دالتهم لدى ادارة الاحتلال وخشيتها وخشية مجلس الحكم الانتقالي من خروجهم الاكراد من المعادلة التي يمثلها المجلس نفسه أو المعادلة التي يراد رسمها لمستقبل العراق.
والحال ان عروبة العراق ومكانة اللغة العربية ليستا فقط من الحقائق التاريخية الحضارية الثابتة غير القابلة للتصرف أو محوها بحبر الدساتير المؤقتة، بل ان هذه العروبة واللغة العربية هما نفسهما اللتان لم يستطع بريمر تخطيهما حينما انخرط هو وجنوده لتعلم اللغة العربية باعتبارها اللغة الاولى الأم المتداولة في عموم العراق لا اللغة الكردية المستمدة حروفها من اللغة العربية، هذا مع احترامنا لحقوق شعبها القومية.
ومن المؤكد ان الشعب العراقي اذا ما ترك ليقرر مصيره مستقبلاً بحرية كاملة في اختيار دستوره المعبر عن هويته وحقوقه لن يدع هذه الفجوة الدستورية القاتلة تنتقل الى الدستور الدائم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مهدي السعيد: قانون ادارة العراق واصطفاف

القوى داخل مجلس الحكم
ويبدو ان النواقص الكثيرة ونقاط الضغط التي شملت بعض مواده الاساسية مرت مرور الكرام على جميع اعضاء المجلس, واتضح ذلك في ما بعد حين صدر هذا القانون في الصحف الرسمية بعد التوقيع عليه, وهذا الأمر يدل على ان القانون كتب بأيدي أناس لا يتمتعون بصفة اختصاصية, وربما يكونون من السياسيين الذين اسندت اليهم هذه المهمة الشاقة ولكنهم انجزوها من دون تمييز بين المهمات المتشابكة التي يتطلبها النظام المدني الديموقراطي في عراق المستقبل أو في اي بلد آخر, خصوصاً في ما يتعلق بفصل السلطات الثلاث عن بعضها بعضاً, أو في ما يتعلق بالبدعة الجديدة التي اختلقت في اللحظات الأخيرة وربما بنصيحة من جهات خارجية بإضافة بند "الفيتو" لثلاث محافظات على شرعية أو عدم شرعية الدستور أو أي اجراء دستوري تحت لافتة الخوف من "ديكتاتورية الأكثرية", ناسين أو متناسين أن منظومةالنظام الديموقراطي ومؤســساته المختلفة في اطار الدولة أو في اطار حركة المجتمع المدني هي الضمانة الأكيدة لحماية الأقليات من ديكتاتورية الأكثرية, فيما إذا افترضنا ان الأكثرية ستـــتجه نحو فرض مثل هـذه الديكتاتورية.
والادعاء أن هذا الدستور أو القانون يعبر عن توافق الجميع من دون ان يكون هنالك ثمة رابح أو خاسر, انما هو ادعاء يتعلق بالقوى والأحزاب والشخصيات التي تعمل في اطار مجلس الحكم وليس عن توافق الأكثرية الساحقة من العراقيين, الذين يعتقدون بأن هذا الدستور فُصّل اساساً لتأمين بقاء الشريحة السياسية الحالية في دفة الحكم والمسؤولية, وإلا كيف يمكن تفسير ما تذهب اليه المادة الثانية من الباب الأول التي تنص على ان "هذا القانون ملزم لجميع المؤسسات الحكومية العراقية سواء كانت في المركز أو غيره, ولا يجوز تعديله في المرحلة الانتقالية, كما يعتبر اي نص مخالف له باطلاً اينما ورد".
وبهذه المادة يثبت القانون نصاً يصادر فيه حق الشعب العراقي على نقضه, ويحيل مواده للدستور الدائم الذي من المفترض ان يُعد من هيئة دستورية مختصة وشرعية تعرضه على الشعب العراقي للاستفتاء عليه, ويعتمد من الجمعية العمومية أو المجلس الوطني.
ويبدو ان الجهل الكبير لدى جماعة مجلس الحكم, يبرز في المادة الثالثة والعشرين من الباب الأول الفقرة (1) التي تقول إن "الحكومة العراقية الانتقالية (المركزية) تتألف من الجمعية الوطنية ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ومن ضمنه رئيس الوزراء, والسلطة القضائية", هذه القضية لا تحتاج الى المزيد من الايضاح لإثبات حقيقة ان معدّي القانون وكذلك اعضاء مجلس الحكم لا يعرفون التمييز بين مهمات السلطات الثلاث, فهم يخلطون بين السـلطة التنفيذية التي هي الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء والسلطة التشريعية التي هي الجمعية الوطنية والسلطة القضائية التي ينبغي ان تكون كاملة الاستقلال عن كلتا السلطتين. لقد أفرزت مداولات اعضاء مجلس الحكم قبيل التوقيع وفي ما بعد, حالاً من الاختلاف الذي تعامل معه البعض من منطلق السطحية, فيما تعامل معه البعض الآخر من منطلق الجدية, ولكنه في كل الاحوال أفرز اصطفافاً متوقعاً بين الاعضاء. فالتقديرات كانت تشير الى احتمالات تفجر المشكلة حول الموقف من "الفيديرالية" أو ضم "كركوك" الى اقليم كردستان أو مطالبة التركمان بالاعتراف بهم كقومية ثالثة... الخ, وأمام هذه الرزمة من المشكلات حاول البعض تجنب الحضور تحت حجج مختلفة, لئلا يكون ضمن دائرة الصراع والتوقيع على النص تحت حراب الموازنات, فاختار ممثل الحزب الاسلامي (سنّي) محسن عبدالحميد الموعد الذي يتلاقى مع التوقيع للسفر الى القاهرة لئلا يقع تحت تساؤل التيار السني خارج مجلس الحكم والذي يعارض القانون ما دام يصدر تحت ظل سلطة الاحتلال, وكذلك الحال بالنسبة الى ممثل "حركة الوفاق الوطني" اياد علاوي الذي كان يراقب عملية التوقيع من أحد فنادق لندن بعد عودته من واشنطن, حيث تداول مع الأميركيين حول الوضع المقبل. أما جماعة الخمسة الذين يمثلون التيار الشيعي فقد انسحبوا للتداول مع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في عملية مناوراتية افقدتهم هيبتهم لاعتبارات عدة, أولاً لأنهم حاولوا ان يثنوا المجلس عن تمرير بعض الفقرات, ولكنهم فشلوا في ذلك, وثانياً لأنهم حاولوا توريط السيد السيستاني الذي امتنع عن مقابلتهم, وبدا أكثر نضوجاً منهم, حيث مرر من خلال هذا الامتناع رسالة مفادها انكم تمثلون مجموعة محددة, ولكنني أمثل الطوائف والأعراق العراقية كافة, والمشكلة هي مشكلتكم قبل كل شيء, اما أنا فلدي مواقفي العامة. وعاد الخمسة بخفي حنين وكان الأجدر بهم إما ان يوافقوا على الصيغة المطروحة من دون اعتراض أو ان يمضوا بموقفهم حتى النهاية, وكلتا الحالين لم تتما الأمر الذي اضعف موقفهم وقلل من تأثيرهم في الساحة السياسية, في حين أصر الأكراد وبعناد كبير على موقفهم وهددوا بالانسحاب من المجلس اذا لم تثبت مطالبهم بالكامل, وهذا الموقف عزز من وضعهم ورفع مستوى ثقة الشعب الكردي بهم.
ان العملية السياسية الجارية في العراق حالياً, لا بد من ان تستمر باتجاهات مختلفة, ويمكن توقع بعض خصوصياتها, ولكن من الصعب الكشف عن مسـتقراتها الأخيرة, ما دامت المعادلة العراقية في هذا الحجم من التداخل والتعقيدات. ولكن الشيء الايجابي الذي ولد في خلال الحقبة القليلة الماضية, هو ان العراقيين عموماً اصبحوا قادرين على فهم الأوضاع وتحليلها ومعرفة المنطلقات المختلفة وأداء القوى السياسية في شكل عام, وهذه هي الضمانة الحقيقية لمعالجة الأوضاع التي تبشر بها المرحلة المقبلة في العراق.
          ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عمر الكبيسي: قانون إدارة الدولـة وثوابت الوحدة العراقية

 

دعا الدكتور عدنان الباجة جي في تقديم قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الي أهمية إبداء الرأي بهذا القانون أملا (في تحقيق رأي عام ايجابي) ومن هذا المنطلق وبعد استعراض شامل لنص هذا القانون أري من المناسب القول بأنه قد أشار ومن خلال مواد عديدة الي ذكر العرقيات القومية وحقوقها وامتيازاتها وتفصيلات عن مستقبلها الاداري جغرافيا واقليميا وقوميا لكنه تفادي وتناسي الإشارة بشكل صريح وواضح الي وحدة العراق الوطنية والدستورية كواحدة من الثوابت الرئيسة وبالرغم من انطلاق التصريحات من مختلف الجهات المساهمة في وضع هذا القانون من انه يرسخ الوحدة الوطنية ولغرض ايضاح هذه الهفوة التي تناساها او تفادي التطرق اليها هذا القانون بقصد دعونا نستعرض الماده الرابعة والمادة السابعة من القانون ذات العلاقه بالموضوع:
المادة الرابعة ورد فيها:
نظام الحكم في العراق جمهوري اتحادي (فيدرالي) ديمقراطي تعددي.. الخ وليس فيها ما يشير إلي كونه موحداً.
وليس لي هنا سوي الإشارة إلي الحوار الجاد الذي نشره السيد جلال الطالباني في صحيفة المدي العدد (67) في 6 آذار (مارس) 2004 تحت عنوان (حوار جاد مع الأخ السيد صبحي عبد الحميد ورفاقه إذ يذكر الأستاذ الطالباني في نهاية حواره ما يلي:
إن عراقنا الجديد الذي نبنيه من جديد يجب أن يكون.. عراقاً جمهورياً ديمقراطياً برلمانياً فيدرالياً موحداً. فلماذا لم تذكر كلمة موحداً في نص المادة الرابعة إذا كانت هذه العبارة لا تثير جدلاً ولا نقاشا بين الأطراف المساهمة في وضعه وكتابته بل هي حقيقة تمثل بديهية ينبغي بل يجب ان تذكر وذكرها أفرض بكثير من البديهيات التي نص القانون عليها في اماكن ومواد عديدة. اذ ان الهاجس الذي يراود الاعماق العراقيه الوطنية في ظرفنا السياسي ومايفرزه من مظاهر التعدد العرقي والطائفي هو أهمية التمسك بعراق موحد لا يقبل التجزئة والانفصالية.
المادة السابعة: الفقرة (ب) جاء فيها:
(
العراق بلد متعدد القوميات والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية).
إن هذا النص يذكر بديهية لا نقاش عليها ولكنها عندما تقف عند هذا الحد تصبح قابلة للتأويل والتفسير وكما ذكر الأستاذ الطالباني في حواره المشار إليه في قوله (بينما الحقيقة هي أن الشعب الكردي في العراق هو جزء من الأمة الكردستانية).
وقد يصح نفس المنطق علي العرقيات القومية الأخري لولا أني أشاهد في شوارع بغداد يافطات متكررة وبتوقيع أمين عام الجبهة التركمانية بهذا النص: )التركمان جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي).
        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تعليق صادر من اية الله اليعقوبي ( دام ظله ) على قانون الاداراة الانتقالية

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحم ن الرحيم
 
والفدرالية التي اقرت على اساس جغرافي لا مبرر لها في بلد متوحد صغير نسبياً
كالعراق وانما هو مناسب لدول تريد ان تجتمع كما ان الفدرالية من القرارات
التي يجب ان يشارك الشعب كله في اتخاذها باستفتاء عام كما ان اقرارها بهذا
الشكل الآن سوف يركزها في الواقع وتصبح حقيقة مسلّمة يصعب على واضعي الدستور
الدائم الغاءها أو تعديلها كما انها ستكون منشأ للكثير من الخلافات التي
.
تمزق الوحدة الوطنية للخلاف أصلاً على حدود الاقاليم
هذا غير الفقرة (ج) من المادة الحادية والستين التي تعطي حق النقض لثلاث محافظات
على الدستور الدائم اذا صوت ثالثا سكانها على الرفض وثلثا الثلاثة اثنان
ففي أي ديمقراطية يوجد حق لاثنين ان ينقضوا ارادة ستة عشر ؟ إن هذه الفقرة
ستعرقل وضع أي دستور لان أي فقرة تحفظ حقوق طائفة ينقضها الآخر لانه يراها
غير منسجمة مع اطروحاته فيمكن لثلاث محافظات في وسط أو جنوب العراق ان تنقض
المادة التي تنص على شكل نظام الحكم المقرر وتختار نظام ولاية الفقيه مثلاً
وهكذا في بقية المواد فكيف ستكون النتيجة ؟ ! وكيف سنتمكن من كتابة دستور؟
والمرأة التي يتاجرون بظلمها واضطهادها لا تعاد لها كرامتها بتخصيص ربع المقاعد
لها فهذا مما لا يوجد حتى في ديمقراطيتهم التي يتشدقون بها وإنما بمساواتها
بالرجل من حيث حق الترشيح والانتخاب ثم يترك الحكم لصناديق الاقتراع لتقرر الأكفأ والأصلح سواء كان رجلاً أو أمرأة ومهما بلغ عدد كل منهما.
والخلاصة ان هذا القانون فيه ثغرات كبيرة يمكن ان تكون مفتاحاً للشر والعياذ
بالله ومهما قيل في تبريرها كحفظ حقوق الاقلية ونحوها فانها واهية وضعيفة
ونحن نطالبهم بما الزموا به انفسهم من احترام رأي الأكثرية مع ضمان حقوق
الاقلية بالنظام الذي وضعوه لهم وليس بهذه القرارات المجحفة وهل روعيت الأقلية
المسلمة في بلاد الغرب بمثل هذه الفقرات والشواهد في الولايات المتحدة وفرنسا
تشير إلى غير ذلك فالحقيقة إن هذه الفقرات انما وضعت لضمان تحكم ارادة المحتل
في القرار الوطني عبر هذه الثغرات وإلا فان الشعب العراقي بخصاله الكريمة
ورحمته وتسامحه وحبه لوطنه لا يحتاج إلى ضمانات لحفظ حقوق الاقليات التي
لم تضطهد من الاكثرية ولا من فئة معينة عرقية أو مذهبية وإنما اضطهد الجميع
بما فيهم الأكثرية من قبل عصابة لا انسان ية متسلطة وانا واحد من ابناء هذا
الشعب يعلم الله كم ملأني السرور حينما اجتمعنا عرباً واكراداً سنة وشيعة
في منطقة واحدة حين سفرنا لاداء فريضة الحج المباركة بعد ان حرمنا المجرمون
.
منذ سنين من هذا الاجتماع المبارك
ان لهذه الجماهير مطالب لا تتنازل عنها وسوف تعود إلى إقامة هذه الشعيرة المقدسة
.
في هذا المكان اذا لم تحقق بتعهدات واضحة من اعضاء مجلس الحكم
1- ان لا يتحكم قانون الادارة الانتقالية بالدستور الدائم الذي تكتبه لجنة
 
منتخبة من قبل الشعب مطلقا.ً
2- ان لا يتخذ مجلس الحكم قرار ات مصيرية كتجنيس الاجانب وخصخصة القطاعات
الحيوية وعقد المعاهدات الامنية الاستراتيجية لانه مجلس انتقالي فاقد للشرعية
وهذه من صلاحيات مجلس منتخب من قبل الشعب ولا تكون قرارته ملزمة للحكومة
 
المنتخبة .
3- المشاورة والتنسيق مع القوى الدينية والسياسية الموجودة في الساحة العراقية
قبل اتخاذ مثل هذه القرارات وعدم التفرد باصدارها ولتكون شاملة لاكبر مساحة
 
من ابناء الشعب .
4- الاعداد الفوري لاجراء انتخابات حرة مباشرة لجميع ابناء الشعب حتى يختار
الجمعية الوطنية وما يليها من مؤسسات دستورية وعدم تجاوز السقف الزمني المحدد
 
لها .
5 ـ تقييد مواد الدستور بعدم المخالفة للشريعة الاسلامية في كل موضع يمكن
 
ان تنفذ منه هذه المخالفة .
6-  العمل الجاد لتشكيل الاجهزة الوطنية التي تحفظ النظام كالجيش والشرطة
وتجهيزها بما ينجح عملها ومن ذلك المباشرة باعادة تشكيل وزارة الدفاع بالعناصر
الوطنية الملتزمة التي لم تتورط بالجريمة ولم تصر عليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ

 

محمد عارف : العراقيون متساوون جميعاً

لكن بعضهم أكثر مساواة من بعض!
 
يندر وجود قانون مخالف للقوانين أكثر من الدستور الجديد، الذي سنّته سلطات الاحتلال، وأطلقت عليه اسم "قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية". هذا القانون ينتهك بسنِّه ذاته الاتفاقات الدولية، التي تُحرّم على قوات الاحتلال سنّ القوانين أو تعديلها. ومرامي القانون في حد ذاتها جُرمية تهدف إلى تبرئة سلطات الاحتلال من مسؤولياتها القانونية عن جميع الجرائم، التي ارتكبتها أو سترتكبها في العراق. كشف عن ذلك بحث أعدّه صباح المختار، وهو محامٍ وقانوني عراقي يرأس جمعية المحامين العرب في بريطانيا. وناقشت البحث ندوة في بيروت حضرها أكثر من 50 مفكراً عراقياً وباحثاً أكاديمياً اجتمعوا لأول مرة خارج أسوار سجن وطنهم الكبير. تناولت ورقة المختار معظم أبواب القانون الجديد، بدءاً من الباب الأول، الذي يبيح لسلطة الاحتلال تنصيب حكومة مؤقتة "ذات سيادة كاملة" (!) تقوم بمهمة إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات خلال عام. الباب الثاني يُعطي حق المواطنة الكاملة لعراقيين حاصلين على جنسيات عدة، ولا يستثنى من ذلك حتى حاملي جنسية إسرائيل، الذين تعتبرهم قوانين الدولة العراقية مواطني كيان عدو. ولا يُخل القانون بذلك بحقوق حاملي الجنسية العراقية فحسب، أي معظم العراقيين، بل يضع أمن دولتهم ومصيرهم في أيدي أشخاص متعددي الجنسية أقسموا يمين الولاء لدول أخرى قد تعاديهم أو تتقاطع مصالحها مع مصالحهم في أقل تقدير. الباب الثالث يُلزم العراق بكافة الاتفاقات الموقعة بين الحكومة المؤقتة والجهات الأخرى. وهذا هو باب القصيد، كما يقال بالعربية. فالمطلوب من القانون ضمان تشريع اتفاقية الحماية والأمن مع أميركا وإلزام الحكومات العراقية المتعاقبة بها. الباب التاسع يجعل الجيش العراقي جزءا من قوة متعددة الجنسيات، عاملة في العراق تحت قيادة دولية موحدة تهيمن عليها الولايات المتحدة طبعاً.
وتنهش أبواب القانون ومواده الواحدة الأخرى. فالمادة 30 من الباب التاسع تنص على إعطاء المرأة الحق في 25 في المئة من التمثيل. لماذا تُشرّع مادة كهذه لا مثيل لها حتى في قوانين دول الاحتلال المتحضرة؟ وماذا لو كانت نسبة النساء الجديرات بالانتخاب أكثر من الرجال؟ المادة 3 من الباب الثامن تجعل القانون ملزماً في كافة أنحاء العراق، في حين تُعطي المادة 45 المجلس الوطني الكردستاني الحق في تعديل تطبيق القانون. تعكس هذه المادة مدى استهانة سلطات الاحتلال بالعراقيين، وتعاملها معهم على غرار رواية الكاتب الإنجليزي جورج أورويل مزرعة الحيوان، حيث "جميع الحيوانات متساوية، لكن بعضها أكثر مساواة من بعض"!
وأخطر ما في قانون الاحتلال تكريسه لمحو الدولة العراقية بشكل كامل والحيلولة دون قيام أي عقد اجتماعي يعيد الوحدة الوطنية للعراقيين. والعراق الحديث مسبحة شدّها العراقيون نحو قرن بلحم قلوبهم. الآن وقد تحطّمت ماكنة الدولة كيف يمكن لمّ حباّت مسبحة العراق، وشدّها من جديد بعد أن فكّكها أشنع حصار اقتصادي وتآمر سياسي عرفته دولة في العصر الحديث؟ كيف يُعاد تجميعها وقد نثرتها ضربات أكبر قوة عسكرية في التاريخ؟ هل ينتظر العراقيون المساعدة في ذلك من مجتمع دولي أخفق في الدفاع عن شرعية قوانينه نفسها؟ وماذا يمكن أن يقدمه لهم جيران مسلمون وأشقاء عرب تخاذلوا وتواطأ كثير منهم في تدمير الدولة العراقية؟
هذه التساؤلات أثارتها ورقة رئيسية في ندوة بيروت عن آثار الحرب على العراق. كشفت الورقة، التي أعدّها الروائي والباحث فاضل الربيعي أن الاحتلال لم يُسفر عن محو الدولة الوطنية وحسب، بل وعن انهيار العقد الاجتماعي القديم، الذي قام عليه مجتمعها. ولا تتوقف المسألة عند حدود انهيار ومحو الدولة كناظم للعلاقات الداخلية، ولا في تحطيم أجهزتها الرقابية وأنماط وأدوات سيطرتها، وإنما تجاوزت ذلك إلى حدوث تخلخل بنيويّ في أسس التعايش التاريخي بين الطوائف والمذاهب والجماعات والإثنيات. وشقّ الاحتلال فجوة إدارية ووجدانية وسياسيّة هائلة، أخذت تفصل شيئاً فشيئاً بين مكوّنات المجتمع نفسه، وعزلته حتى عن الإدارة المُنّصبة من قوات الاحتلال ومجلس الحكم المؤقت وحكومته ذات التركيبة العرقية والطائفية، التي تم تلفيقها كبديل رمزي عن الدولة القديمة. هذا التبدل المتسارع طاول كل ركن وزاوية في البلاد ووجد تعبيره السياسي، حسب الربيعي في صعود جماهيرية جديدة هائلة راحت تقدم نفسها للمجتمع بأسره كممتلكة لعقيدة خلاصية مُجربة: الإسلام في قراءته الشيعية. جماهيرية ممزقة، من حيت تنوع وربما تناقض مرجعياتها السياسية والدينية، ومن حيث مستوى ودرجة التنافسات المحمومة بين قادتها. جماهيرية على غرار صورة البلاد، تفتقد إلى السلطة المركزية وتتوزعها ولاءات شخصية ومذهبية وسياسية ومصالح يصعب إلى حد بعيد التوفيق بينها.
ولئن كان عنف الدولة في الماضي هو المادة الصمغية، التي حافظت على صورة ما للتعايش والتوازنات القلقة والهشة فالمهمة الراهنة أمام العراقيين إعادة كتابة عقد اجتماعي جديد يضمن بناء الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية وحديثة. هذه المهمة لن تكون ممكنة في تقدير الربيعي إلاّ إذا تعاضدت الثورتان المسلحة والسلمية في زحزحة وطرد الاحتلال وإنجاز دستور يتيح للعراقيين العيش من جديد كمواطنين أحرار في بلد يعيش كل فرد فيه كذات حرة، لا بوصفه فرداً منتسباً إلى عِرق أو طائفة. نظّم ندوة بيروت، كما ذكرنا سابقاً مركز دراسات الوحدة العربية وساهمت فيها نخبة من المفكرين القوميين العرب، مع ذلك فإن وثائقها وشهاداتها تشكل فضيحة قومية. فهي تكشف أن القوات الأميركية الغازية لم تنطلق من الكويت فقط، بل من دول عربية كثيرة ساهمت عسكرياً ولوجستياً ومالياً واستخباراتياً في غزو العراق وتحطيم الدولة العراقية. ونالت إيران قصب السبق في ذلك، حيث عملت حسب الربيعي بكل قوتها، كما في أعوام 1917 و1921 على بلورة تيار شيعي في العراق يتعامل مع الاحتلال خدمة لمصالحها المباشرة. وشجّعت إيران الأحزاب الشيعية في السر والعلن على الاستقواء بالخارج لإطاحة النظام العراقي، ودفعت المجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة إلى المشاركة في مجلس الحكم الانتقالي. واستقطب بحث نتائج وتداعيات الحرب إيرانياً، الذي أعدّه طلال عتريسي، أستاذ معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية نقاشات متوترة حول التباسات الموقف الإيراني وازدواجيته. ركّز الباحث على المشهد الداخلي للسياسة الإيرانية من دون التعرض إلى انسحاباته العراقية، وأشاد بقدرة إيران على المواءمة بين ثوابت الاستراتيجية ومتغيرات التكتيك. هذا الموقف المزدوج نال التقدير المبطّن من جانب نيفين مسعد، أستاذة العلاقات والسياسة الدولية في جامعة القاهرة، التي تحدثت عن إدانة إيران للعدوان على العراق ثم قبولها بالأمر الواقع ومشاركتها في مؤتمر مدريد للدول المانحة واعترافها بمجلس الحكم الانتقالي وتبادلها أول وفود رسمية إسلامية مع حكومة الاحتلال في بغداد. وفي حين أظهرت الندوة أن إيران خرجت بأكبر حصة من وليمة ذبح الدولة العراقية، كشف بحث تداعيات الحرب والاحتلال على تركيا عن صورة مختلفة.
شدّد البحث الذي أعدّه محمد نور الدين، أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية على تحدٍّ مصيري واجهته تركيا في الحرب على العراق. فامتناعها عن المشاركة في الحرب أخرجها من الملعب العراقي، وهي لاعب أساسي فيه عبر القرون، وتعتبره امتدادا جغرافيا وتاريخيا لها. مقابل ذلك نال الأتراك الاحترام العالمي للعملية الديمقراطية لقرار البرلمان عدم الاشتراك في الحرب، ولم تقع نتيجة الامتناع عن المشاركة في الحرب آثار اقتصادية سلبية متوقعة، وحققت تركيا خطوات في الإصلاح السياسي أضعفت موقع الجيش في الداخل، وفتحت فرص الانضمام إلى الوحدة الأوروبية، وتقاربت أكثر من أي وقت مضى مع المزاج العربي الشعبي العام.

العودة للفهرس