تراث شعبي

 


الطب الشعبي في القوش

                                                           نبيل يونس دمان

 

من المشاكل التي عانت منها الهوية العراقية، مثل هويات غالبية الامم المستضعفة،  هي تجاهل واحتقار تراثها الشعبي الوطني، وخصوصا جوانبه المعرفية وبالذات المعارف الطبية والعلاجية، بحجة انها متخلفة وتحتوي الخرفات والخزعبلات. لا احد ينكر ان هنالك الكثير من العادات المتخلفة والمضرة بالانسان في جميع المعارف القديمة ( كذلك المعارف اللعلمية والحديثة)، الا  ان هذا لا يعني ابدا انها كلها  سيئة وخرافية. اكبر دليل على احتواء هذا التراث الطبي الخاص بمختلف امم الارض على الكثير من المعلومات والعلاجات الصحيحة، انه بدأت منذ سنوات تسود في الغرب نوعا من الثورة العلاجية، متمثلة بانتشار مختلف وسائل العلاج التقليدية من اعشاب واساليب بدنية وروحية مجلوبة من مختلف القارات, ومن اشهرها مثلا (العلاج بالابر الصينية) . بالاضافة الى ان الجزء الاعظم من الادوية المصنعة حديثا في الغرب مأخوذة ومسروقة من تقاليد الشعوب(المتخلفة!)، بحيث ان الكثير من المنظمات الانسانية العالمية بدأت تطالب الدول الغربية ومصانع الادوية ان تدفع تعويضات الى تلك الشعوب لانها تمارس عملية( سرقة فكرية). لهذا فأن مجلتنا تحرص في كل عدد على تسليط الضوء على احدى جوانب التراث الشعبي المعرفي لمختلف الفئات العراقية، ونأمل ان  يبعث لنا بمواضيعهم اخوتنا العارفين بهذه المجالات التراثية الشعبية في مختلف جوانب الحياة مثل الغناء والشعر والازياء والحكايات والمعتقدات وتقاليد الزواج والرثاء والاحتفال والطقوس الروحانية واساليب البناء وطرق العلاج وغيرها من الامور. ويمكن ان يكون النصر على شكل دراسة او ذكريات شخصية، او الاثنين معا كما هو حال هذا النص الغني والممتع عن البلدة العراقية العريقة (القوش) كتبه لنا احد ابناءها. يتوجل الاشارة هنا الى ان هذا التراث الطبي الشعبي ما هو إلا من بقايا المعرفة الطبية العراقية الموروثة من اسلافنا الاوائل، والذي يحتاج الى دراسة واختبار واعادة احياء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          

تسمية (القوش) من اللغة ألآرامية وهي مختصر لـ( إليا قوس) بمعنى ( قوس الله) أي قياسه وعدالته. وهي  مركز ناحية تابع لقضاء تلكيف ـ محافظة نينوى , وتبعد عن الموصل بحوالي 45 كم إلى الشمال , جاثمة على كتف جبل يعرف باسمها. تقطنها مايقارب4500 نسمه من الكلدان . و مسيحية القوش *ترقى إلى القرون المسيحية الأولى. فالمخطوطات تذكر إن مار ميخا النوهدري لما قدم إلى القوش , خلال القرن الرابع, خرج لاستقباله الكهنة و الشمامسة وجمهور المؤمنين مما يؤكد إن المسيحية كانت قد دخلت القوش قبل ذاك . و أصبحت مركزاً لعدد من البطاركة من عائلة بيت أبونا الالقوشي ( 1318- 1838 ). وقد لعبت دوراً مؤثراً في تاريخ الكنيسة العراقية. أما اليوم فالقوش مركز أبرشية منذ 1960 وأول راع لها المطران عبد الأحد صنا, ويعاونه كاهنان لخدمتها الروحية.

     منذ فجر التاريخ وبني البشر يجذّون في البحث وتطوير العقاقير والعلاجات ، فبعضها تناقلتها الاجيال بالتوارث والبعض الآخر ودّع في بطون الكتب ليظل مصدراً لا ينضب لتراكم الخبرات الطبية ، وقد ترجم من والى العديد من اللغات مثل الآرامية ، اليونانية ، العربية ، التركية ، الفارسية ، وغيرها.

     لقد شقّ الطب الشعبي القديم مجراه وفق مبدأ ( لكل داء دواء ) ، فتطور تدريجياً شأنه شأن باقي العلوم الطبيعية والافكار البشرية ، لكنه يبقى الجانب الاكثر اهمية ، لكونه يتعلق بحياة الناس وراحتها فيسهم في توقف او تخفيف آلامها ومعاناتها جراء ما يصيب اجسادهم من عاهات وتلف نتيجة صراعهم الدؤوب للاستمرار ومواصلة الحياة .

     في السابق لم يكن الطب متطوراً الى الحد الذي نراه اليوم ، كما لم يكن بين الريف والمدينة وسائل نقل واتصال سريعة لأخلاء المصابين والمرضى وفي ظل ظروف تكون في الغالب قاسية . في تلك الازمنة كان الغذاء يعتمد على قاعدة الاكتفاء الذاتي ، كذلك كانت الوسائل والعلاجات الطبية تتم داخل كل قرية وبلدة ، ويحصل ان يشتهر احدهم في مجال معين وفي المكان الفلاني لترى الناس تهب من كل حدب وصوب لتلقي العلاج على يديه .

     في القوش برزت بعض البيوت في مجالات الطب المختلفة ، فبيت اودو اشهر من نار على علم في هذا الجانب ، وقد اختصوا بالجراحة بشكل اساسي . وكانوا يحضّرون بانفسهم كل مستلزمات العلاج ولهم كتب فيها الوصفات والمقادير والمواد المستعملة وكيفية خلطها او درجة تسخينها ، وتأتي مثل تلك المواد من الطبيعة نفسها كالاعشاب والمستحضرات الحيوانية وكذلك تأتي من دول ومناطق مختلفة الى محلات العطارين في الموصل .

     كان لبيت اودو مراهم متنوعة ، حسب نوع الجرح او القيح او الدمل ، ثم موضعه ، سعته ، عمقه ، ولهم ملاعق مسطحة ومباضع وشفرات يتم تعقيمها بالطرق البدائية وذلك بغمرها في ماء بدرجة الغليان . كان اطباء ذلك البيت الشعبيين يعالجون جرحى الاحداث والمصابين ، فكم من المرات اخرجوا الرصاص من مناطق متعددة في الجسم ، ووضعوا الفتائل المغمسة بالدواء المستحضر ، وتعاد العملية اي التطبيب لمدة من الزمن حتى يلقى المصاب الشفاء على ايديهم المباركة .

     هناك مسحوق يسمى محلياً " درمانة سموقة " له قدرة عجيبة في علاج امراض الفم والاسنان ، لا زالت والدتي كرجية كوريال اودو تحضره وتزود به من يكون بحاجة اليه في القوش ، وقد تعلمت ذلك من والدها الذي كان طبيباً شعبياً مارس مهنته في البلدة والمنطقة المحيطة .

     اتذكر وانا طفل صغير بيت جدي الطبيب ﮔوريال اسطيفو ( والاكراد يسمونه ﮔوريّي حكيم ) والذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة عن بيتنا ، اتذكر عندما ادخل دارهم الواسعة حيث تطل غرفة الديوان فوق قنطرة بيت اودو الشهيرة ، وامامها ايوان واسع له نوافذ تطل على عدة جهات من البلدة . في ذلك الايوان كان يستلقي عدد من المرضى وكأنها ردهة في مستشفى ، فوق افرشتهم لينالوا العلاج ، وكلما تماثل احدهم للشفاء يغادر البيت ويحل محله آخر ومعظمهم من القرى المحيطة ، وبدورهم يحملون لذلك البيت هداياهم . بعض الاحيان كان الاكراد يصيدون خنزيراً ، وطبيعيٌ انهم لا يتناولون لحمه ، فيوصلونه بطريقة او باخرى الى طبيبهم ﮔوريّي حكيم . كان ذلك الطبيب يستعين بكتاب توارثه من آبائه واجداده فيه طرق علاج الامراض وتحضير الادوية في كل تفاصيلها ، وحين حلت سنة 1963 اُخفيت الكتب السياسية ومعها ذلك الكتاب الذي ظل يستخدمه طوال حياته الممتدة من عام 1900 الى 1960 ، وكانت نهاية تلك الكتب الفقدان للاسف .

     برز من بيت اودو ايضا الطبيب يونس منصور ، ولكونه اشتهر في زمانه فسنورد قصة حياته كما تناقلتها الناس وفي مقدمتهم والدتي الطيبة الذكر :

   ولد يونس منصور اودو في الربع الاخير من القرن التاسع عشر وتعلم مهنة الطب في بيتهم منذ نعومة اظفاره ، واصبح يعالج مرضاه في القوش والمنطقة التي يقطنها في الغالب الاكراد ثم الايزديين والآشوريين . بعد كل جولة في تلك المناطق والتي تستغرق في بعض الاحيان اسابيعاً ، كانت تعقبها احمال من المنتوجات الزراعية والحيوانية التي يتبرع بها الذين تلقوا العلاج على يديه وهو يبذل كل جهد واخلاص في انقاذهم . وكانت تلك الاحمال تحتوي الجوز واللوز والسمسم والزبيب والحبة الخضراء والفواكه الطازجة والمجففة ، والتبغ العالي الجودة خصوصاً الذي يزرع على سفح جبل ﮔاره ويسمى بأسمه ، اضافة الى المسكوكات الفضية والذهبية .

   في احدى جولاته بين القرى الجبلية ، اسقطه جواده واصبح معلقاً فيه من رجليه ورأسه يرتطم بالارض الصخرية ، ويسحبه الحيوان الارعن لمسافة تسبب في وفاته ، فخسرته البلدة والمنطقة ، وقع ذلك في حدود سنة 1923 . لقد ترك زوجة هي آية في الجمال اسمها ﮔوزي يلدكو ( ﮔوز كجكي ) وولد صغير اسمه عزيز ، وحين ورود اتباء الفاجعة الى اخيه الخوري حنا اودو ( ؟ - 1924 ) استقر الرأي ان يرسل عزيز وامه ومعهم الفتى اليافع داود اسطيفو ليزامل ابن عمه عزيز في الطريق وفي حلب . مكثوا في حلب عدة سنوات ولكن والدته لم تتأقلم مع الجوهناك ، فقفلت راجعة الى العراق مع ولدها ، فيما بقي داود ( اودو الصغير ) هناك وحتى مماته ، وهو والد مطران حلب والجزيرة الحالي انطوان اودو . رجعت ﮔوزي الى القوش ، وفي احد ايام السبت ذهبت مع ابنها الى بيت اهلها في محلة سينا ، وكان في فناء بيتهم بئر ماء شأنهم شأن العديد من بيوتات البلدة آنذاك ، وفيما الولد منهمك في اللعب حسب الرواة ، تشاء الصدف ان يسقط في البئر ، وعند محاولة انقاذه بواسطة الدلو واصبح قريباً من السطح ، انقطعت حباله فسقط ثانية وكانت نهايته . بعد فترة تزوجت ﮔوزي من الشماس ميخا كادو وانجبت العديد من الاولاد ، فيما سمّى ﮔوريال اثنين من اولاده يونس وعزيز تيمناً بعمه وابن عمه ، يعيشان حالياً في دولة النرويج . كثير من كتب يونس اودو آلت الى بيت كادو واستفاد منها الخوري يوسف كادو ( 1892 – 1971 ) ، ويعرف الكثيرون حيازته لكتب الاعشاب حيث استخدمها في القوش وبغداد ، كما وعرف الخوري بإدارته الجيدة وبمواقفه الشجاعة عندما تقتضي الضرورة.

     مارس مهنة الطب ايضاً آخرون ، منهم يوسف اسطيفو الذي قتل عام 1924 على يد ملتزمي حاصلات القوش ، واخيه هرمز الملقب ( مامينو ) الذي عمل فترة في ذلك الحقل ، وعمهم ياقو منصور ومن الفرع الآخر الذي يحلو له ان يرجّع نسبِه الى مرخو ( ميخائيل – مرخاي – مرخو ) وميخائيل هو شقيق البطريرك مار يوسف اودو ، وقد نزح جدهم الاول من تخوما ( دياردين – تركيا ) في اوائل القرن الثامن عشر وكان ضليعاً في الطب والعلاجات لذلك اطلق على سلسلته ايضاً لقب الحكيم . من اطباء ذلك الفرع نذكر : دانيال حكيم و ابنه حنا اللذان اشتهرا في أمد ( تركيا ) ، شعيا مرخو و ابنه صادق ، ججو حكيم و ابنه حنا و حفيده ياقو ( 1870 – 1936 ) ، وعن ياقو يعرف بانه احد رؤساء القوش في مرحلتها الاخيرة ، مارس الطب طوال حياته ويروى عنه ما يلي :

 

عائلة المؤلف ( من اقصى اليمين السيدة كرجية، والدته ، وفي اقصى اليسار السيد يونس والد ه) في القوش 1989( لاحظ زي النساء العراقي الاصيل والجميل والمحتشم  الذي يعود الى الفترة الآشورية البابلية، ما احرانا بتطويره ونشره بدلا من الازياء الغربية  الخليعة  والغير صحية).

 

     في بداية الثلاثينات اصيبت زوجة امير الايزيدية سعيد بك ( 1923 – 1944 ) بأطلاقتي رصاص من خادم البيت ، فتمت معالجتعها على يد ياقو حكيم ، وعندما تماثلت للشفاء اوعز سعيد بك للطبيب ان يطلب ما يشاء ، فقال خجلاً انه يطمع في فرس الامير . تردد قليلاً لكنه اهداها بكامل ملحقات الزينة الخاصة بها ، اضافة الى خنجر ذو قبضة فضية ، وعباءة خفيفة فاخرة يستطيع الرجل ضمها في كف واحدة ! . يقال عند قدوم الملك

 

 غازي الى القوش عام 1933 ، كانت فرس الحكيم تسبق سيارته ، وعند وصولهم الى دير السيدة ترجل شرطيٌ من حرس الملك وضرب الفرس بسوطه ، فنهره الملك واوقفه ، ثم طلب من صاحب الفرس ان ياتي في اليوم الثاني ليستصحبه الى الدير العلوي . هكذا في اليوم في اليوم التالي كان ياقو حكيم المهيب بطلعته وبحسن هندامه يقف امام فرسه وهي بأبهى زينتها عند بوابة دير السيدة ، ليمتطيها الملك وهو يمسك بلجامها حتى دير الربان هرمزد ، وسط ابتهاج الحضور ، وعند انتهاء المهمة عرض الحكيم فرسه على الملك ليقبلها ولكنه شكره كثيراً وابقاها له .

     خلّف ياقو حكيم في مهنته ولده حميد ( 1912 – 1997 ) الذي بدوره زاولها طوال عمره وابدع فيها . يروى عنه وفي حدود عام 1943 جاءه بدوي اسمه ( حمود ) من خلف نهر دجلة وفي ظهره رصاصة عالقة ، اخترقت فكيه وكتفه قبل ذلك ، وقد عولج عدة اشهر في مستشفيات الموصل ولكنهم لم يستطيعوا اخراج الرصاصة ، وقد سمع بحكيم القوش فقصده . استحضر الطبيب ( لبيخة ) كبيرة تحتوي على مواد منتقاة من الكتب الطبية المكتوبة بالآرامية ووضعت على عرض ظهره . وبعد حوالي اسبوعين وهو بين ظهرانيهم تحركت الرصاصة نحو السطح ، وبعملية شاقة نوعاً ما اخرجت الرصاصة ، وبعد مدة اخرى تماثل حمود للشفاء واصر ان يحتفظ بتلك الرصاصة كذكرى في محفظته ليروي قصتها للناس الذين يصادفونه . بعد فترة وصلت سيارة تحمل كبشين وكيس جلدي كبير من الدهن الحيواني الممتاز ( حُر ) الى بيت الحكيم من البدوي حمود .

     في اواخر الاربعينات اصطدم رجل مزوري من ﭙيرموس واسمه ( صالح ) بمفروة من الشرطة وقتل اثنين منهم فيما اُصيب اصابات بالغة في يده ورجله . حمله اصحابه الى الدير ومن هناك توجه ستة مسلحين الى بيت الحكيم في القوش ومعهم رسالة من الاغا عبد العزيز الحاج ملو الى حميد ياقو لمعالجة الجريح . يروى ايضا بان عبدالعزيز نفسه قد عولج على يدي حميد في بيت سري بمحلة اودو اثر اصابته بطلقة نارية في منطقة ( كاني ماسي ) في فترة سابقة و كان مطلوبا للحكومة في تلك الفترة ، فاجابهم حميد بانه لا يستطيع الذهاب الى الدير خوفاً من المخبرين ، والافضل جلبه الى بيت عمه ججو في طرف البلدة . وهكذا شرع الحكيم بمعالجته في ذلك البيت ثم استقر في الدير يتلقى العلاج هناك .

     وصلت الى اسماع الحكومة تلك الاخبار فتحركت مجموعة للشرطة من دهوك يقودها المفوض خالد الايزيدي ، وقد تسرب خبرها عن طريق شخص من  ﭙيرموس اسمه نبي ، فارسل حميد رسولا الى الدير لاخراج الجريح فوراً ، فحمل فوق ظهر بغل ليتجه شمالاً عبر وادي ( برسملي ) وهو مزود بالضمادات والادوية . هدد المفوض المعتمد لدى السلطة حميد بعد استدعائه الى مركز الشرطة بالضرب المبرح اذا لم يعترف بما فعله ، فاجاب حميد بحزم " لا انت ولا اسيادك بامكانهم المساس بي " ، هنا تدخل مفوض شرطة القوش قائلاً " ان اهالي هذه البلدة معروفون بشكيمتهم وسوف يحتلون المركز اذا تعرض طبيبهم لاي اذىً ".

     خطط المفوض في قرارة نفسه ان ياخذ حميد معه الى دهوك وفي الطريق اليها يصفي الحساب معه ، وعندما روى شهود عيان ما حدث من مشادة كلامية في المركز وفي مجالسهم في السوق ، انبرى احد الاشخاص واسمه يونس غزالة بانه يعرف المفوض حق المعرفة ، وحين تقابلا اخبره بان حميد من اقربائه فتغيرت خططه وقرر ان يساعده . ذهب حميد الى دهوك بمفرده وهناك اتصل بمعلم من القوش يعمل هناك واسمه يوسف رئيس ، وفي تحقيق الشرطة شهد المفوض خالد لصالحه قائلاً بانه لم يعثر على دليل ضده ، فأخلي سبيله ولكنه لم يعثر على مواصلات سريعة الى القوش فبات ليلته عند الاصدقاء في قرية ( ترباسبي ) .

    حين تاخر وصول حميد ساورت الاهالي الظنون فقرر وجيه البلدة المعروف يوسف ﭙولا ان يجمع المئات من المسلحين لتحرير حميد من سجن دهوك . واخيرا انفرج كل شيء بوصول حميد الى بلدته سالماً ، وبالمصادفة عاد في سيارة نقل محملة بخزان جديد لعين الماء الغزيرة والكائنة جنوب كنيسة ماركوركيس في محلة " قاشا" وقد ردمت العين المذكورة سنة 1970 لتصبح ساحة لوقوف السيارات .

     لقد شاع هذا النوع من الطب بين عامة الناس خصوصاً في بلاد ما بين النهرين وكذلك في مصر والهند والصين وبلاد فارس ، وعند انتقال الحضارات بواسطة الترجمة او الغزو او البعثات التبشيرية ، تفاعلت تلك الاكتشافات المحلية مع غيرها لتعطي نتائج افضل .

    سقنا تلك المقدمة ولنرجع الى موضوع الطب في القوش مختارين بيوت اخرى تخصصت عبر الزمن بفروعه الاخرى  ، ومنها الكسور :-

كان بيت يقوندا يقوم بتلك المهمة الفذة وقد عرف عن ذلك البيت امتلاكه للاغنام فتمرس قي معالجة الكسور في الارجل والايدي والحوض وحتى الظهر من ذلك البيت كان لا يتقاضى ثمن اتعابه بل يعملها لوجه الله ، ولذلك اشتهروا ليس فقط في القوش والمنطقة بل تجاوزها الى المدن الكبرى كالموصل وبغداد .

لقد مارست اجيال متعاقبة من ذلك البيت تلك المهنة ، منهم يوسف ججو يقوندا ، ميخا يقوندا ، سلو يقوندا ، حبوبة يقوندا ( زوجة يوسف جولاغ ) ، والان يمارسها صلاح كريم يقوندا . يكاد يكون كريم سلو يقوندا المتوفي عام 1996 ابرزمن ذكرناهم والذي تدرب على يد جدته الرائعة سارة " يقوندة " وكانت اشهرهم جميعاً ، عملت طوال النصف الاول للقرن المنصرم ، وهي سارة بنت قيا خوشو ( 1873 – 1961 ) تعلمت مهنتها في بيت زوجها ججو منصور يقوندا وابدعت في ذلك خير ابداع ، وقد ورد ذكرها في احد ابيات الشعر من قصيدة متي سليمان ابونا المنظمة عام 1934 والموسومة " ميخا برد ﮔلو " حيث يرد البيت كما يلي وبالخط الﮓرشوني :

  شُقو تَدْ زالي طَرقِن بعَقارَه                 ان تورِن ايذِح مبَسمالَه سارَه

 

وبعد مقاربتها باللهجة العراقية فسوف تكون الترجمة هكذا:

 

   خلوني اشرد لمزرعتي( عقاري)              إن ورم( آذى) إيده، تبسمله سارة

 

وعن ساره يروى ما يلي :

    في اواسط الثلاثينات اُصيب عثمان احمد الجليلي بكسر في فخذه مما اقعده تماماً . عولج في الموصل عن طريق الطب الرسمي لفترة من الزمن ، لكنه لم يستطع الوقوف عليها ، وفي تلك الفترة كان شقيق سارة " الياس قيا خوشو " يعمل بواباً عندالطبيب المعروف اسماعيل حاوة ، والياس المتسم بملاحة الوجه ورزانة العقل عرض عليهم امكانية اخته التي تعيش في القوش في علاجه واقنعهم بذلك . استدعيت سارة تلك الانسانة الامية لكنها الجادة والذكية في عملها بالكسور ، فوضعت ايديها الخبيرة على مواضع الكسر واعلمتهم بوجود كسر آخر لم يتم تشخيصه من قبل وبالتالي يعيق الشاب من  السير الطبيعي ، ثم شرعت بعملها واختتمته بشدّه بعيدان قوية ووضعت عليه جلد السمك وصفار البيض وغيرها من المواد . عادت اليه بعد اسبوعين ورفعت كل شيء ثم اعطته الايعاز ليقف ويتقدم نحوها ، لكنه تسمّر في موضعه لا يجرؤ على التقدم ، فامرته بحزم ، وامام انظار الجميع وهم غير مصدقين سار بشكل عادي ، فعمّت الفرحة هناك وعُرض عليها مبلغ جيد من المال ، لكنها رفضته بأباء مرددة انها تعمل ذلك للجميع وبالمجان .

     بقي ان نقول بان عثمان احمد الجليلي من مواليد 1920 ، اصبح سنة 1952 مديراً لناحية القوش وظل مديناً لسارة وقدم لها الخدمات الكثيرة ، وهو ابن احمد بك الوجيه الموصلي المعروف ومن اسرة الجليلي التي حكمت الموصل لاجيال عندما كانت تسود الدولة العثمانية ، ويورد كتاب " اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث " لستيفن لونكريك عن بيت الجليلي  ، بان جدهم الاول عبد الجليل كان مسيحياً من ماردين ( في تركيا ) ، هاجر الى الموصل في اواخر القرن السابع عشر واعتنق الديانة الاسلامية . ومن باشوات بيت الجليلي : الحاج حسين الذي قاوم  محاولات نادر شاه قلي قائد جيوش " طهماسب " المتكررة لاقتحام اسوار الموصل سنة 1743 .

     هناك طب شعبي آخر عرفته البلدة واشتهرت به ، وهو معالجة الامراض الجلدية وخصوصاً في المناطق الحساسة والظاهرة كالوجه والرقبة والايدي ، فقد كان بعض الناس يعانون من الفالول والبثور والحبيبات والاكزما وابو الصفار حيث جميعها تشوه منظر الجسم ، وقد اختص في ازالة تلك التشوهات بيت دكالي ، والذي برز منهم حنا وولده حسقيال والى حد ما اخيه بطرس .

عندما كنت التقي عابد حسقيال ، اقول له : لماذا لا تتعلم علم والدك ؟ فيجيبني " ان التقاليد الموروثة تقتضي بان يعلّم الاب الطريقة الى ولده البكر في آخر المطاف ، عندما يقترب من الاحتضار "  ، ومن المتوقع ان يكون داود ابن حسقيال قد اكتسبها ايضاً .

     هناك اشخاص آخرون مارسوا تلك المهمة وبدون مقابل ايضاً ، ولكن بدرجات وكفاءة اقل مثل موسى مكسابو و شيشا كولا  وشخص من الهاجرين الى القوش واسمه ( اوراها ) سكن في الحبانية لاحقا وهناك عالج مرض الاكزما الذي ابتلى بها احد الضباط الانكليز ، ونال الشفاء على ايديه خلال فترة وجيزة فيما عجز اطباء لندن وحتى الالمان من علاجه ، وقد كافأه الضابط بتعيينه حارساً ليلياً ( ﭽوكدار ) وبراتب جيد .

     لا زالت بعض الطرق في معالجة تلك الامراض تحيّر الناس وخصوصاً اقبال الطبيب الشعبي لمعالجة مريضه وهو لا يمتثل امامه ! فقط يتطلب من الوسيط إحضار اسم المريض واسم والدته !! ويقال ايضاً بانهم يستطيعون ازالة الفالول ( سسي او توثه ) بالاتصال الهاتفي وعبر القارات !!! .

هناك تساؤلات من قبيل : هل هو دواء يلامس المريض دون معرفته ؟! ام هي ادعية وتعاويذ ام مسائل روحية او فلكية توصل الى تلك النتائج الباهرة ؟ حقيقة ليس لدي  الاجوبة على تلك التساؤلات وغيرها واعتقد ان اصحاب الاختصاص الذين توارثوا تلك الطرق هم وحدهم من يمتلك الاجوبة .

     وعلى نفس المنوال ونحن في ذكر كلمة التعاويذ ، هناك ما يتلى وتكون النتيجة ربط افواه الحيوانات المفترسة او الثعابين والعقارب . كان يحدث في البلدة عندما يفقد صاحب الاغنام او الراعي واحدة من اغنامه ولا يجدها مع حلول الظلام فانه يتوجه الى احد هؤلاء ( قرّاء الربط ) مؤمناً بان تلك الحيوانات لا تقترب من تلك الغنمة المفقودة ويستعيدها في اليوم التالي سالمة .

     اذا قال احدهم " آدم كلبه قراخ ، لمشيحا نصخر بوماخ ، لصليوي بيث لي ولاخ .......... الخ. " فان ذلك يؤدي الى ربط فم الكلب المفترس . او يقال ما يلي " شمعون كيبا ، كبلي لكيبا ، مارن رخشلي ، ايذح ششلي ، كلبه بدوكي وشلي ، آخا ايث تاما ليث ، درﮔي غليقي وناشي ليث " .

     هناك قراءة تربط العقرب من لدغ احدهم بالقول " اوس اتدوس مرتطّوس .......... الخ. " وهناك دعاء تعلمته منذ الطفولة واعجبني ترديده نظراً لوقع موسيقاه وترابط كلماته وهكذا :

     " خوّه وخوّه وخوّيثه ، عاقروه سامنيثه ، يصريله ما يصريله ، يصريله بكو ششلاثه ، قيدد مارن ششلاثَه ،  ششلاثه دمَر مروﮔِه ، مر مَروﮔِه طوّانَه ، مارن ثيلي ﮔيبيني ،عَكُّستِح خو ريشيني ، سستِح صرتَه بدرتيني ، ناطر شويثي وأشوا شويّاثد خوذريني . مَر ساوَه ، مر باوَه ، مر آوَه ، طلاثَه أخنواثَه بيزاله بطلّث اُُرخاثه ، بيصاره كمِّد عقروَه وخوّاثَه " .

     ونستمر قليلاً بهذا الموروث من التقاليد وقراءة التعاويذ ، وان كنا قد خرجنا من موضوعنا في الطب الشعبي وليعذرنا القراء ، ونضيف قائلين ، كان هناك اشخاص في البلدة يستطيعون تحويل بيت النمل من هذا البيدر الى مكان أبعد وكما هو معلوم ان وجود اوكار النمل في البيدر يؤدي الى تسرب كميات من الغلة الى شقوق الارض التي تحتوي تلك الاوكار .

     عرفت القوش الشماس عمّا منصور ككو ( 1889 – 1946 ) وقد برع في عمل السحر واشد ما كان يخشاه الشاب ليلة زفافه هو ربطه ، فيبقى مربوطاً لايام حتى ياتي بهدية كقارورة مشروب ( العرق ) فيحله ويعود كل شيء طبيعياً امام المقبل على الحياة الزوجية . كذلك كان عمّه وحسب ما ينقله المسنون يستطيع تحريك حبوب الشعير لتتسلق حائطاً دون ان يلمسها !! .

     مارست بعض البيوت ايضاً طب العيون ، فقد اختص رزوقي القادم مع والدته مريم من ( سعرت ) في تركيا عام 1872 وكذلك ولديه جبرائيل و حنا ، والى جانبهم كان يمارس نفس التخصص بيت شمّينا . كان هؤلاء يعالجون الاصابات في العيون مثل التراخوما والاحمرار وبياض العين والاحتقان ، حيث يستحضرون بانفسهم القطرات المختلفة من بيضاء وزرقاء .

 

 

 

   في الصغر كانت اعيننا تحمر جراء اللعب بالاتربة فيصبح منظرها قبيحاً وتسيل منها السوائل ولايام ، فيما لا تبرح الآلام طوال الليل ، ويعقبها في الصباح انطباق الجفنين !! . اتذكر كيف تاخذني جدتي الى ( كوجك ) وهي غرفة واسعة في الطابق الثاني لبيت رزوقي على طريق الكنيسة ، وهناك تتم المعالجة باستخدام ادوية مستحضرة وموضوعة بانتظام في صيدلية محفورة في جدار الغرفة .

     يحصل عندما يظهر ورم صغير او نتوء تحت الجفن ويطلق عليه دﮔدﮒ ( سخورا ) فيُنصح المريض ان يرتقي السلالم الى غرفة علوية لاول مرة وسرعان ما يخرج الدﮔدﮒ ! او يدخل المصاب اسطبل ( آخور ) للحيوانات . اما لسعة النحل او الزنبور في الوجه مثلاً ، ولطالما حصلت للصبية في فصل الصيف ، فسرعان ما يظهر ورم شديد حول العينين وبالكاد يستطيع المصاب رؤية طريقه ، فكانوا ينصحون بوضع حجر او حصاة حارة لفترة معينة على موضع اللسعة او حك الموضع بملح الطعام .

     هناك حالات اخرى مثل الخوف او الفزع الذي يتعرض له البعض وخاصة الاطفال ، تختص بمعالجتها بعض العجائز، وتكون الطريقة بمسك اوردة في منطقة الحالبين كما يبدو لي ، لان ذلك العلاج قد شملني ايلم الطفولة مرارا على يدي امراة مقتدرة واسمها انّو زوجة ديكو حيدو وبعدها كانت جدتي شمي تفعل الشيء نفسه . يتم الضغط الخفيف في تلك المنطقة ويتم جسّها بالابهام ، وعندما يحس المعالِج بانه تلمس جيدا تلك الاوردة والاعصاب يزيد الضغط تدريجياً حتى يصل مداه فيرفع الضغط بابعاد اليدين ، هنا يسري سائل في الاطراف السفلى ويجلب معه الراحة اللذيذة للطفل المضطجع على ظهره ، وتتكرر العملية .

     هناك ايضا مرض الحصبة او ( زاطه ) الذي يصيب الاطفال وبهذا الصدد يقول المثل ( زاطه لكأوري لقورا ) اي كل انسان يجب ان تظهر على جسمه تلك الحبيبات الكثيفة الحمراء ، والمرض يبلغ مداه وفي عين الوقت يعالج بتناول حلوى خاصة تسملا ( شيكارد زاطه )ويلف جسم المريض باقمشة حمراء اللون .

    اما الرعاف  وهو نزف الدم من الانف ، فيوضع الثلج على الجبين او عملة التداول ( الفلس ) او خاتم عليه فص احمر ، وللنزيف الخارجي في اي مكان من الجسم فتستعمل لايقافه حشائش تنبت قرب الماء تسمى محليا ( ﮔلّد قنيانه ) . ولآلام الكلى هناك حشائش تنبت قرب الآبار او في داخلها يسمى ( ﮔلّد لك تارِه ) يكون مفيدا لتخفيف تلك الآلام .

عندما يتعرض الانسان الى رضوض وكدمات متعددة في جسمه ، كأن يتعرض للضرب المبرح بالعصي والهراوات والركل بالارجل كما حدث للعديدين عام 1963 على ايدي الفرسان ( الجحوش ) ، فان الاهالي كانوا يشدون على اجسادهم الجلود لفترة من الزمن حتى يتماثلوا الى الشفاء .

     هناك شخص اسمه حسقيال زلفا ( 1890 – 1968 ) مارس مهنة الطب الشعبي البيطري ، وكنت ترى في حياته العديد من فلاحي المنطقة ياتون بجيادهم وبغالهم ودوابهم اليه ليعالج امراضها وكسورها وقد برع في مهنته تلك ، وفي حالات معينة كانت تعرض عليه الحالات البشرية ولا يتوانى في معالجتها . كان مسكنه داخل خان واسع في سوق البلدة ، ويتم في فنائه اضافة للعلاج ، عمل احذية معدنية ( ناله ) لاقدام الحيوانات بغية حمايتها من التآكل في ترحالها وهي محملة في الشعاب والجبال والاراضي الوعرة .

     لا يتسع المجال لتفصيل كل الحالات التي اختص بهاالطب الشعبي وسنكتفي بادراج بعضها من قبيل : اوجاع الراس ، التهاب القصبات ، الام الظهر ، عرق النسا ، آلام البطن ( قولونج ) ، السعال الديكي ( قربا ﭽوخ ) ، لدغة الثعبان ، عضة الكلب ، وقع الصرة ( مبالا دشرّا ) ، الملاريا ( شاثا وخمتا ) ، الاسهال ، المغص المعوي ، امراض البرد ، الدمامل ، الحروق ، ( روخا ) ، ( ﭙصاخا ﭙصيرا ) ، ( رصصتا ) ، ( رﭙﭙتا ) ، ( أذرا ) ، ( زَرِكّه ) .. الخ.

     من الامراض التي فتكت باهالي القوش واودت بحياة المئات من سكانها وحسب التسلسل التاريخي :

وباء الكوليرا ( ابو زوعا ) ، حل باقوش عام 1596 ، سجل اعداد هائلة من الوفيات  وقد كتب القس اسرائيل شكوانا قصيدة من 94 بيت يؤرخ فيها ذلك الحدث .

وباء الطاعون ( شرعوطا ) عام 1738 ، اصاب قرية ( ﭙيوس ) القريبة من القوش ويطلق على الحادث محليا ( موثاند ﭙيوس ) . يذكر بان شدة المرض وسرعة انتشاره لم تمهل الاهالي بدفن موتاهم ، ومن جرائه هاجرت العوائل التالية الى القوش وهي : ﮔولا ، كتو ، ملاخا ، بقالا ، ملوكا ، سيبي ، عبدالا ، وغيرها

الطاعون عام 1778 ، وقد حصد الكثير ومنهم البطريرك مار ايليا الحادي عشر .

الطاعون  عام 1828 ، اصاب الموصل وضواحيها وكان يموت يوميا ما يقارب اربعة وتسعين شخصا .

الكوليرا مرة اخرى في عام 1842 ، وقد اضطر الناس في تلك الايام الى مغادرة بيوتها الى الكهوف والمغاور فيما احتشد المئات في وادي ( خووشا ) . يروى عن القس يونان القادم حديثاً من مالطاي ( معلثاي ) قرب دهوك ، بانه اصر على زيارة المرضى في ذلك الوادي رغم مناشدة البعض له بالامتناع عن ذلك لكونه صاحب اطفال فكانت اجابته قاطعة " لماذا انا كاهن اذن ؟! " ، يقال انه اصيب بالمرض عنما عاش معهم ليناولهم البركة ( مشحا ) ، وبعد ايام توفي .

الطاعون مرة اخرى عام 1866 ، ينتشر في القوش وضواحيها ويؤدي الى وفاة الكثير من الانفس ، يقال ان عوائل باكملها ابيدت عن بكرة ابيها .

التيفوئيد ( مروثه او كرهانه ) ،  في عام 1925 اقدم القس رومانوس يلدكو  على تقديم خدماته الروحية لمرضى ذلك المرض ، فاصيب به وقضى معهم .

     جرى اتباع العديد من الوصفات الطبية الشعبية في بلدتنا القوش ، ندرج بعضها ادناه :

حساسية الجلد : ماء وملح + سلطان حشيش ، يغلى ويغسل بمائه .

الصداع : توضع الحبة السوداء على الخل لمدة يوم وليلة ، ويستنشق المركب حتى يشفى الصداع .

مرهم للجروح : دهن زيت + شمع + صورنجان .

المغص المعوي : كرزة ( تولي ) + روزنانج ( حبة حلوة ) + يانسون ( برخليه )  ...... تغلى وتشرب .

الحروق :   (1) بياض البيض وزيت الورد .

                (2) عفص وقمح الشعير وقشور الرمّان ، تخلط مع بياض البيض ويمسح بهما موضع الحرق .

آلام البطن : (1) بخلط مسحوق البلوط مع النبيذ ويشرب .

                (2) تناول قليل من الجبن الذي مضى عليه زمن .

                (3) كمون وقليل من الملح ، يسخن ويشرب .

الأرق : الحبة السوداء + حليب + عسل ، وتاخذ قبل النوم .

     هناك مواد اخرى تدخل في المستحضرات الطبية الشعبية بنسب معينة نذكر منها : ( بيته وملخا ) ، ( بسمة وعَراق ) ، ( ششتد قاشِه ) ، ( بيبوند رزّا ) ، ليمون بصرة ، حجر جهنم ، العرق الحار ( وريذه خميمه ) ، ديثد قردا ) ، ( دبوقانا ) ، الخباز ( أرينه ) ، ( قنّد خشبّيبه) .

    

     نستنتج من موضوعنا الموسوم ( الطب الشعبي ) في بلدة معروف تاريخها القديم والحديث لكل مطلع ومتابع ، واتخذناها نموذجا لقرى وبلدات اخرى تشترك في تلك الامور ، ولا نجافي الحقيقة اذا قلنا بان الطب الشعبي الموروث ، كان حجر الزاوية في الطب الحديث الذي نشهد تطوره ونأمن بطرقه وابتكاراته ونعلق عليه الامال الكبار ، لينقذ الاجيال القادمة من ويلات امراض مستعصية تفتك به ، ولنا الثقة بان مراحل التطور المستمرة ستفضي الى ايجاد علاج لامراض عضال .

اكما ان موضوعنا يبتغي تسليط الضوء على تاريخ وسيرة اشخاص واحداث قد تاخذنا بعيدا عن موضوعنا ، ولكنها بتقديري تعطي نكهة اخرى اضافية له ولمادته الرئيسية ، فتشوق القراء الساعين لمعرفة الظروف والوقائع واسماء الشخصيات المتميزة التي لعبت ادواراً مؤثرة في حياة تلك البلدة الصامدة منذ آلاف السنين امام جبلها الأشم .

المصادر :

     (1) القوش عبر التاريخ . مار يوسف بابانا -  بغداد 1979 .

     (2) سفر القوش الثقافي . بنيامين حداد -  بغداد 2001 .

     (3) القوش الناحية . ادمون لاسو -  بغداد 1993 .

     (4) مار عوديشو وقرية نصيرية – حياة يلدا – موصل 2001 .

     (5) من تراثنا الشعبي في قرى نينوى – مجموعة من الكتاب – بغداد 1982 .  

     (6) مقالة الطب الشعبي في القوش قديماً – يوسف زرا – 1998 .

     (7) اربعة قرون من تاريخ العراق – لونكرك – ترجمة جعفر خياط .

     (8) معلومات كثيرة استقيتها من الشماس حنا شيشا ﮔولا المولع والمتعمق في تاريخ البلدة القوش .

     (9) لقاءات مع الاخوة والاصدقاء المحترمين وهم : سعيد خوشو ، سعيد حكيم ، وديع دمان ، الوالدين     

         الحبيبين يونس و ﮔرجية .

     (10) السيدة جميلة برنو التي لها نشاط ملموس في مجال الطب الشعبي .

     (11) رسالة شخصية من المرحوم حميد حكيم بتاريخ 16- 3- 1997 .

     (12) نشرة المهرجان الثقافي الفني الرابع لنادي بابل الكلداني – بغداد 1998 .

     (13) ملف مجلة قالا سريايا – بغداد .

العودة للفهرس