أعراف وتقاليد اجتماعية

الورود في حياة العراقيين

شذى الجنابي

 

 

يحتل الورد مكانة مرموقة في النفس البشرية بغض النظر عن ثقافة الانسان ولونه وجنسه فالوردة رغم فرديتها كائن اجتماعي جميل تبعث في الانسان مشاعر جميلة مهما يكن قاسي القلب فوجودها في الحديقة مدعاة لتنظيمها ووجودها في الغرف حتى وان كانت اصطناعية ستكون وفقا للترتيب وهي بعد ذلك حضناً دافئاً لكثير من الحشرات كالنحل التي تمتص رحيقها لتصنع منه اشهر والذ مادة طبيعية هي العسل.

ورغم انتشار مشاتل الورد في بغداد ووجود اعداد كبيرة من الحدائق في بلادنا الا ان اهتمامنا بالورد ضئيل جدا ولا يمكن مقارنته بدول ومجتمعات اصبح الورد في حياتها موردا اقتصاديا مهما.. ما الذي يقف وراء تضاؤل اهمية الورد هل هو انحسار المشاتل وتحول بعضها الى مرائب للسيارات ام هو اهمال امانة بغداد للحدائق والمتنزهات العامة ام ان ازمة السكن جعلت من اصحاب المساكن يضحون بمساحة الحديقة من اجل بناء غرفة اضافية لايواء اسرة او تأجيرها (كمشتمل)!

تنتشر في كثير من مناطق بغداد كشارع فلسطين و الاعظمية والكريعات والغدير من المشاتل التي تمارس عملية بيع الزهور والاشجار في امكنة محددة، احيانا اخرى، واغلب العاملين في المشاتل ومالكيها ورثوا المهنة عن ابائهم واتقنوا صنعتهم في تجارة الورد والشتلات فهم يعرفون الطارىء على سوقها الجميلة والذي يسيء احيانا الى المهنة والعلم بها والاساءة هنا تأتي من الجهل بمفردات ودقائق وخصائص النبتة وكيفية زراعتها واكثارها، وفي هذا حدثنا (ابو ثائر) صاحب مشتل النبراس قائلا:

ـ لا يتعلق الامر بكثرة المشاتل وكثرة من يبيعون لان المشكلة تكمن في اولئك البعيدين عن اسرار المهنة وحبها فالبعض اشتغل بها مضطرا بعدما لم يجد فرصة عمل.

* هناك من يقول ان مهنتكم صارت تجارة مربحة ولهذا زاد الاقبال عليها؟

ـ هذا قول غريب، فاغلبنا لا يكاد يجني ربحا شهريا كبيرا لكن هذا الربح لا يتوازن مع الجهد المبذول وساعات العمل لاننا نعمل على امتداد ساعات النهار بدأب وتواصل.

أما (مؤنس ضاري) صاحب مشتل النوارس في (سبع ابكار) فيقول: ان متاعبنا الاقتصادية لا حدود لها، تبدأ باجور العمال والتراب واثمان الاواني الفخارية والعلب المعدنية وايجار الارض وصولا الى الاسعار (القاتلة) للسماد والنايلون الذي تشتريه من السوق السوداء حيث لا نحصل عليه بالاسعار الرسمية.. وهناك مشكلة المشاكل وهي اسلوب تعامل امانة بغداد معنا، فهي ترفض النظر الى مهنتنا الجمالية ودورها في تنقية اجواء العاصمة ومنحها رئة خضراء وتصر على اثقال كواهلنا بضريبة المهنة..

 

 

هل سمعتم ضريبة تؤخذ او تفرض على الجمال؟ وفوق هذا وذاك تلاحقنا بأجور الحراسة واجور التنظيف مع ان مشاتلنا انظف من انظف شارع في العاصمة .

واكد السيد مؤنس لاتنسوا ما يمكن ان تتعرض له بعض النباتات من امراض لا تتوفر لها سبل المكافحة المطلوبة، ولهذا تصبح الهلاكات احيانا مكلفة للغاية ولو وضعنا كل ذلك في حسابات البيدر فان صافي الربح لا يساوي شيئا ذا قيمة تذكر.

* اما المهندس الزراعي (سامي الشيخلي) صاحب مشتل السنابل في الاعظمية فقال: هناك اقبال شديد على الورد خلال الربيع والخريف وادنى سعر لاقلام الورد العادي في العلب المعدنية هو (1000) دينار واغلى نبتة لديهم يتراوح سعرها ما بين (150 - 300) الف دينار وهي المعروفة باسم نخيل (السايكس) وهي قريبة الشبة بفسيلة النخل الصغيرة اذ كانت نسبة كبيرة منها تصدر الى اقطار الخليج العربي، ويضيف الشيخلي، ان كثيرا من النباتات النادرة يتم الحصول عليها من اصحاب البيوت حيث تجلب من قبل العائدين من الخارج، كما اننا الان نستورد بعض النباتات الظلية من ايران وسوريا، ويتأسى بعض اصحاب المشاتل على فقدان انواع عديدة من النباتات ذات الالوان والحجوم والاشكال العديدة التي تصل الى زهاء (500) نوع، بسبب الظروف التي تمر بها بلادنا.

أما المهندسة الزراعية (نهى خليل) مشتل اللبلاب في الكريعات فتحدثت عن الورد قائلة: اغلب اسماء الورد هنا معروفة لدى الناس باسماء شعبية محلية مثل عين الدين، منقار الطير، حلق السبع، كعب الغزال، الداودي، وردة الصورة، الكاردينيا وغيرها... ولكل واحدة من هذه الانواع رائحة وشكل تميزها عن غيرها وظروف خاصة يختلف بها عن الاخريات.

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة