بلدانيات عراقية

الفلوجة ابنة الفرات

 

عشتار البرزنجي

 

 

مدينة الفلوجة تقع ضمن الحدود الأدارية لمحافظة الأنبار.  وهي على بعد 69 كلم غربي العاصمة بغداد،  ازداد عدد سكان المدينة تدريجيا حتى وصل عددهم إلى مايقارب 250، 000 حسب تقديرات عام 2003. يطلق على المدينة ايضا لقب مدينة المساجد لكثرة المساجد فيها و التي يصل عددها إلى 200 مسجد. تعرضت المدينة إلى اضرار في بناياتها و بنيتها التحتية خلال احداث الفلوجة التي اعقبت غزو العراق و سقوط بغداد في 2003 والتي قدرت بالحاق اضرار في 90% من بنايات المدينة.

علما بان محافظة الانبار تعد جزءاً من هضبة بادية السماوة (الشام) ،  سطحها متموج تظهر عليه بعض التلال الصغيرة وعدد كبير من الوديان مثل وادي حوران ونظراً لانحدار أراضيها وفقر نباتها الطبيعي فهي معرضة للتعرية الشديدة. تعمل المياه السطحية والباطنية والرياح على تنويع سطحها حيث يصل أعلى ارتفاع للهضبة الغربية بالقرب من الحدود الأردنية إلى ما يزيد على 800 متراً فوق مستوى سطح البحر وتنخفض في مناطق الحبانية إلى 75 متراً فوق مستوى سطح البحر. يقطع نهر الفرات طريقه في الهضبة الغربية والتي تنحدر صخورها تدريجياً باتجاه منخفضات الثرثار والحبانية والرزازة،  وفي بعض المناطق يكون مجرى نهر الفرات وعراً ولذا تظهر الصخور الكلسية والجبسية على طريق النهر.

تتميز بمناخها شبه الصحراوي وقلة سقوط الأمطار والتباين الكبير بين حرارتي الليل والنهار وانخفاض الرطوبة. ترتفع الحرارة فيها صيفاً إلى 32 درجة مئوية،  وتنخفض شتاءً فتصل إلى 9 درجة مئوية. الرياح فيها شمالية غربية وجنوبية غربية أحياناً وتبلغ أقصى سرعة لها 21 م/ثانية. يبلغ معدل سقوط الأمطار شتاءاً إلى 115 ملم.

من أهم المحاصيل الزراعية فيها البطاطا الربيعية والخريفية ثم الحنطة والشعير والذرة الصفراء ومجموعة الخضراوات والأبصال والأعلاف. فيها عدد من البساتين وتحوي 5ر2 مليون شجرة. تعتمد الزراعة فيها على الإرواء السيحي أو بالواسطة وعلى الآبار والعيون والأمطار.

تاريخ الفلوجة

هناك مؤشرات ان المدينة موغلة بالقدم وانها كانت مسكونة منذ زمن البابليين. هناك عدة نظريات عن منشأ تسمية المدينة،  احد هذه النظريات يرجع اصول التسمية إلى الكلمة السريانية بالوغثا و التي تعني التقسيم الأداري والبعض يعتقد ان مدينة الفلوجة هي نفس مدينة بومبيديتا البابلية و التي كانت مركزا لعلماء الكتاب اليهودي المقدس التلمود.

اتخذ العثمانيون مدينة الفلوجة كمحطة استراحة في الطريق الصحراوي المؤدي إلى بغداد. في عام 1920 ابان الأحتلال البريطاني للعراق حدثت اضطرابات سياسية في المدينة بسبب مقتل الضابط الأنكليزي جيرارد ليجمان بعد خلافات مع الشيخ ضاري. وقد تم ذكر احداث الفلوجة انذاك في قصيدة للشاعر العراقي معروف الرصافي. ونتيجة لمقتل جيرارد ليجمان ارسلت السلطات البريطانية قواتها لسحق الأضطرابات و قتل ما يقرب من 190، 000 من العراقيين و 1000 جندي بريطاني، استعمل ضد العراقين المواد الكمياوية سبب في حرق وتشوهات حيث  لم يبقى من الجثث الا العظام والملابس.

في حقبة صدام حسين كانت المنطقة تعتبر احد المناطق الموالية،  وكان يتواجد بها اعضاء كبار في الجيش العراقي و الحزب الحاكم حزب البعث،  و لكن هذا لم يمنع من قيام بعض الحركات ضد حكم الرئيس السابق صدام حسين منها حركة حسن مظلوم الدليمي والتي انتهت بقمعها واعدام قادتها.

 

حال الفلوجة بعد الاحتلال

 

كانت الفلوجة احد المدن الهادئة بعد سقوط بغداد مقارنة بالمدن الأخرى حيث لم تقع فيها اعمال السلب و النهب التي اعقبت سقوط بغداد و التي انتشرت في بعض المناطق في العراق و خاصة العاصمة بغداد. عندما دخلت القوات الأمريكية الفلوجة و اخذت تتمركز في البنايات المدرسية وبعض البنايات الرسمية الأخرى أو مقر لحزب البعث حدثت احتجاجات من قبل سكان الفلوجة على تواجد قوات "اجنبية" على اراضي مدينتهم وفي 28 ابريل 2003 قام 200 شخص من سكان المدينة بتظاهرة احتجاجية ضد وجود القوات الأمريكية مطالبين بتسليم المدراس إلى إدارات المدارس من أجل عودة الطلبة لمقاعدهم الدراسية في مدارس المدينة،  وانتهت هذه التظاهرة بصورة عنيفة حيث قتل 17 من الأشخاص المشاركين في التظاهرة،  أمام وقرب إحدى المدراس التي استخدمها الجيش الأمريكي كمواقع عسكرية،  ويعتبر بعض المراقبين هذه الحادثة الشرارة الأولى التي ادت فيما بعد إلى نشوب عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال الأمريكي وإلى ما يعرف باحداث الفلوجة.

في 31 آذار 2004 وقعت حادثة غطتها وكالات الأنباء بكثافة حيث تم قتل 4 من المتعاقدين من شركة بلاك وتر الأمريكية في المدينة وتم سحل جثثهم في الشوارع ليعلق الجثث فيما بعد في جسر على اطراف المدينة يطل على نهر الفرات. ردت القوات الأمريكية على هذه العملية بسلسلة من الهجمات و فرض الحصار على المدينة و سنطلق على هذه الحملات اختصارا احداث الفلوجة.

الوضع الحالي لمدينة الفلوجة

سمح لسكان الفلوجة بالعودة إلى منازلهم في منتصف كانون الاول 2004 بعد اجراء تدقيقات تحليلية على العائدين حيث زود العائدون ببطاقات شخصية خاصة من قبل القوات الأمريكية. استنادا إلى تقارير القوات الأمريكية فان نصف البيوت في الفلوجة و يقدر عددها 39، 000 منزل قد تعرضت إلى اضرار واستنادا على تقارير من شبكة ان بي سي  (NBC)  الأخبارية فان 9000 منزل قد دمر و قامت القوات الأمريكة  بتعويض 50 طلبات بالتعويض عن الأضرار.

ـــــــــــــــــــــــ

اضافة: حول احوال الفلوجة وعموم محافظة الانبار

عشائر الأنبار تستعيد زمام المبادرة.. وتتعهد بـ«سحق القاعدة»

 

20 ألفا من أبنائها شكلوا قوة شرطة استقبل السكان دورياتها بالورود

بغداد ـ رويترز: قبل عام كانت الأنبار أخطر محافظة بالنسبة للقوات الأميركية. وتحصن افراد تنظيم «القاعدة» في انحاء هذه المنطقة الغربية الشاسعة. وكان العراقيون يخشون مغادرة منازلهم في الرمادي،  عاصمة المحافظة،  حيث كان ينتشر المسلحون. لكن في الصيف الماضي جمع الشيخ عبد الستار أبو ريشة،  زعيم القبائل السنية،  شيوخ القبائل وشكلوا قوة شرطة تحاول استعادة الأمن.

وتحت مظلة «مجلس إنقاذ الأنبار» يقول ابو ريشة ان مبادرته أعطت مؤشرات مبكرة على النجاح مع تجنيد نحو 20 ألفا في قوة شرطة في شوارع المحافظة.

وقال ابو ريشة ان الموقف في الانبار كان لا يُحتمل،  وان الناس كانوا يتعرضون للتعذيب ويضربون بالرصاص وتنتشر الجثث في الشوارع.

وأدت مبادرة أبو ريشة التي أطلقها في اطار الرد على اعمال القتل التي يمارسها مسلحو «القاعدة» بدون تمييز ضد المدنيين في الأنبار الى احياء 15 مركز شرطة كبيرا تخضع الآن لسيطرة قائد شرطة المحافظة. وقال مسؤولون عسكريون اميركيون انه بينما ما زالت تفجيرات السيارات الملغومة تنتشر الآن في الانبار،  وخاصة في الرمادي،  فان عددها تراجع.

وللمرة الاولى في ثلاث سنوات،  أصبحت وفيات الجيش الاميركي في معقل المسلحين الذي يمتد في انحاء غرب العراق أقل من بغداد حيث بدأت حملة امنية جديدة في فبراير  (شباط)  الماضي بقوات اضافية.

وقال البريغادير،  جنرال مارك جوجانوس،  قائد مشاة البحرية الاميركية المسؤول عن العمليات البرية في الأنبار بدون ان يخوض في التفاصيل إن «عدد الهجمات والحوادث في انحاء المحافظة بالكامل انخفض بدرجة كبيرة». وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 حول المسلحون وأعضاء «القاعدة» الأنبار الى مكان آمن لهم،  ووجد زعماء السنة فجأة أنفسهم أهدافا سهلة. وبحلول عام 2006 كان قد تم تدمير معظم مراكز الشرطة.

لكن الجيش الاميركي يشير الآن الى الانبار على انها تطور ايجابي في الحرب المستمرة منذ اربع سنوات في العراق. وفي مؤتمر صحافي في واشنطن،  اشاد القائد الاميركي في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس بأبو ريشة وزعماء القبائل السنية الآخرين. وقال ان القبائل العربية السنية «تساعد على تحويل محافظة الأنبار ومناطق أخرى من تقييمها على انها مناطق خاسرة قبل ستة اشهر فقط الى كونها مشجعة مرة اخرى».

وكانت التغييرات ملحوظة في الرمادي: مزيد من الناس يذهبون الآن الى الاسواق ويتنقلون خارج منازلهم. وتسير في شوارع الرمادي الآن دوريات حراسة. وقالت الشرطة عندما بدأت دوريات في الشوارع ألقى السكان بالورود عليهم. وقالت امرأة اثناء مرور دورية في الاسبوع الماضي،  «الله يحميكم. الله ينقذكم». ولوح فتى صغير بعلامة النصر.

وانضم نحو 200 رجل من قبيلة ابو ريشة الى مجندي الشرطة العام الماضي. وبعد شهرين من التدريب الاساسي في عمان،  انتشروا في الشوارع. وقال نزار محمود،  30 عاما،  «انضممت الى قوة الشرطة حتى يمكننا حماية انفسنا والدفاع عن قبائلنا من الجماعات الارهابية والقاعدة». وقال أبو ريشة ان الحياة تحسنت لكن هناك المزيد من الذي يتعيَّنُ عملُه. واضاف «الاميركيون فشلوا الى حد ما في سحق هذه المنطقة. لكننا نعلم أين يختبئ  (المسلحون) ». واضاف «وبمجرد ان نتلقى مزيدا من الاسلحة،  فاننا سنستمر في سحقهم».

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة