ملف كركوك قلب العراق

حوار مع آيدن اقصو حول تكريد كركوك

 

 

السيد آيدن اقصو شخصية ثقافية وسياسية تركمانية اصيلة من ابناء كركوك الطيبة. هنا حوار معه حول المشاكل التي تحيق بكركوك:

ـ هل صحيح ان هنالك عمليات تغيير ديموغرافي للمحافظة؟

ـ نعم،  فمنذ عام 2003،  ثمة جهات تعمل على تغيير ديموغرافية كركوك. في يوم سقوط النظام كان سكان كركوك ثمانمائة الف نسمة واليوم في كركوك اكثر من مليون وأربعمائة الف نسمة،  فهذه الزيادة من أين أتت؟  لقد أتت من محافظات دهوك واربيل والسليمانية. لنرجع الى كل الإحصائيات والبيانات الرسمية وغير الرسمية منذ تأسيس الدولة العراقية لغاية الآن نسبة الأكراد في كركوك 25%،  واليوم تراوحت النسبة بين 55-60%،  والدليل انهم في الانتخابات البلدية فازوا بستة وعشرين مقعدا من اصل 41 مقعدا،  وهذا يعادل فوق 60% والدولة صامتة ومنشغلة في مشاكلها في بغداد.

ـ اذا الحكومة المركزية لم تحقق شيئا تجاه قضية كركوك فما مصير كركوك وما الحل حسب وجهة نظرك؟

ـ أولا يدعون بأن قضية كركوك محلولة دستوريا وفقا للمادة 140 من الدستور العراقي الجديد والتي كانت هي المادة الثامنة والخمسين في قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ولكن هذه المادة وضعت في زمن خاطئ واستندت الى معلومات خاطئة لغرض خدمة جهة واحدة لوضع أسس ترسيخ تقسيم العراق. ولذلك كان من الممكن ان تحل المشكلة قانونياً وليس دستورياً،  فهنا التحيز والانحياز لأحد الأطراف ضد طرف آخر.

ـ كيف تنظر لدعوة العرب في كركوك الى تدخل دول إقليمية لحل أزمة كركوك في حال عجز الحكومة أو عجز البرلمان عن تعديل المادة 140 من الدستور؟ 

ـ نحن نؤيد هذا الاتجاه. لماذا؟  انظر الى الوضع العراقي فالتدخل الأمريكي في العراق تم دون موافقة الأمم المتحدة. ونحن غدا أو بعد غد اذا تعثرت الحلول العقلانية النزيهة والشريفة من جانب حكومة بغداد من حقنا ان نطالب بمبدأ وامعتصماه. من حق كل مسلم ان يقول وامعتصماه. لأنه متى تشعر بالظلم لا احد يحل ظلمك في حكومتك او المسؤول عنك كرئيس الحكومة او أي شخص كان وقال المالكي خلال زيارته الاخيرة الى اسطنبول إنه متى نحس بالظلم نحاول ان نعالجه. فليذهب الى كركوك حيث 52% من سكان كركوك أكراد يتحكمون في كل دوائر الدولة،  لينظر بأم عينه انه لا توجد في الدوائر الحكومية كلمة باللغة التركمانية كلها أسماء باللغة الكردية ثم نسأل: أين أراضينا؟  لقد اشرفوا على آلاف الدونمات،  واعترف بذلك رئيس الجمهورية جلال الطالباني في مقابلة مع الصحافي حسني محلي إذ يقول نعم هناك استيلاء وهناك ظلم على التركمان من قبل الأكراد ولكنهم استولوا على أراضي التركمان ظنا منهم بأنها عائدة الى الدولة. إن رئيس الجمهورية يتكلم هكذا؟  إنه يعترف أولا بأن لا ذنب له ولكن يقول بأننا ظلمنا فأعطيني حقي،  والمالكي ايضا تكلم عن الظلم وقال: "لن نبقي ظلما في أي مدينة عراقية" فليعد إلينا أراضينا وهي جزء من الأراضي التي استولى عليها الأكراد وقاموا بتشييد البناء فوقها. لقد اغتصبوا من ارضي مثلا واحدا وثلاثين دونما هي ارض جدي وتعود لي ولأخوتي فأين هي الحكومة؟  وأين هي المركزية؟  والكرد يقولون إن الحكومة ضعيفة ويرفضون توصيات بيكر هاملتون لأنه يقول يجب تقوية المركز،  والحل الوحيد للمسألة العراقية هو تقوية المركز ونحن نحتاج الى رجل قوي عادل. هل تتوقع ان المادة 140 من الدستور ستحل قضية كركوك؟  أنا في اعتقادي لا احد في داخل الحكومة العراقية ولا البرلمان العراقي يستطيع ان يغير حرفا واحدا من المادة 140 ولكن الذي يغيرها هو التدخلات الدولية امريكا فقط تغيره طبعا بتأثير الدول الإقليمية. وأقولها صراحة نحن وافقنا على لجنة التطبيع وإجراءات التطبيع لأن فيها بعداً إنسانياً لأن هناك محرومين حرموا من أراضيهم ومن دورهم فليرجعوا إليها ولكن المرحلة الثانية وهي الإحصاء السكاني ونحن نعرف مسبقاً انها سوف تجرى مزورة تزويرا كاملا،  لأن السلطة التنفيذية في كركوك التي تتكون من الحرس الوطني والشرطة جميعهم من الأكراد ومن البيشمركة بالذات. وأي اجراء سكاني دقيق وشفاف ونزيه لا أتصور ان يحدث حتى بنسبة 1%. لذلك نحن نرفض الإحصاء السكاني أولا ونتساءل لماذا لا يجرى إحصاء سكاني في العراق ولماذا في كركوك فقط؟  أية عملية سياسية لا تنجح وهذه نتيجة الانتخابات اذا ليس لديك عملية اجراء إحصاء سكاني لأن البطاقات التموينية دلت على ان فيها خطأ واعترف وزير التجارة بأن هناك مليون بطاقة مسروقة وهذه المليون بطاقة تحدد مصير بلد وتغير المعادلة السياسية كلها وهذه البطاقات التموينية المسروقة خمسمائة الف منها موجودة في شمال العراق. ما طريقة الاستفتاء التي يفضلها التركمان؟  نحن كتركمان نقبل بمبدأ الاستفتاء جملة وتفصيلا ولكن لو فرض علينا فالأولى والأوجه ان يكون الاستفتاء على مستوى العراق.لماذا؟  لأن كركوك ليست مدينة اعتيادية وعندما نرجع الى المادة  (111)  من الدستور العراقي الجديد والتي تنص على ان النفط والغاز ملك لكل الشعب،  فإذاً بما أن النفط  والغاز موجودان في كركوك فإذاً مسؤوليته لكل الشعب لأنه عندما يأخذ ابن كركوك برميلا من النفط فابن بغداد وابن الأنبار سيطالب ببرميل نفط،  وعندما تقسم حصة الثروة والمال بين ابن كركوك وابن الأنبار لماذا لا يتم حسم المسألة بتقسيم الآراء والأصوات وإرادة سكان كل العراق. فلذلك نحن نرى ان يكون الاستفتاء على مستوى العراق كي يتم تحديد مصير هذه المدينة عراقية؟  فلماذا يتخوفون من هذا الطرح بما ان كل الأمور في العراق هي عراقية مثلا الانتخابات لكل العراق والدستور لكل العراق فلا يوجد داعي للتهرب والخوف؟    ـ كيف تقيمون عمل لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك؟

 لجنة التطبيع هذه على ما اعتقد أمامها سنتان لأن تكمل إجراءاتها والأكراد يضغطون ويريدون ان تنتهي في مارس/آذار 2007 لأنهم يريدون ان يخلطوا الأمور،  وهيئة حل نزاعات الملكية تعمل منذ عدة أشهر في كركوك وليس في كل محافظة كركوك،  حيث هناك الأراضي المتنازع عليها ولو أنني أتحفظ على كلمة الأراضي المتنازع عليها لان النزاع يكون بين دولتين. ولذلك أقول بأن هذه المادة كتبت في زمن خاطئ وبأياد خاطئة وغير وطنية.لماذا؟  لأنه بدلا من أن يقول أراض متنازع عليها يجب ان يقول أراض مختلف عليها والاختلاف بيننا نحن ابناء وطن واحد،  هناك اثنان وثلاثون الف قضية مقدمة لهيئة حل نزاعات الملكية داخل مدينة كركوك فقط. وهل تعلم ان من هذه الدعاوى هناك خمسمائة دعوى قد تم انجازها خلال اربع سنوات وبقي أمامها واحد وثلاثون الفاً وخمسمائة معاملة لنزاعات الملكية.

 

 

 لماذا تأخرت طيلة هذه المدة؟ 

هناك قاضيان اثنان من الأكراد لأن العراق بني على اساس المحاصصة والمحاصصة ليست فيها أغلبية،  وانما توافقية. فهناك سبعة قضاة لو وقع خمسة منهم ولم يوقع القاضيان الكرديان فتعتبر الدعوة غير منجزة،  لذلك فالأكراد يؤخرون عمل هيئة حل نزاعات الملكية العقارية في كركوك. مرة يقولون ان الوضع الأمني في بغداد صعب ومرة يقولون ان الراتب الشهري قليل. فهناك عشرات القضاة الأكراد في بغداد. فما الداعي لجلب قاض من اربيل او من السليمانية فكيف يصل أعضاء المجلس الكردستاني الى بغداد أسبوعيا؟  السبب الحقيقي هو ان 96% من هذه القضايا أصحابها من التركمان.

برأيك ما الغرض من هذه اللجنة؟

 كي يبدو للرأي العام أن كل العمليات في العراق تتم بأسلوب ديمقراطي وبالإجماع وبالتوافق فلا اعتقد أن هذه اللجنة تنجح في إكمال هذه العملية المعقدة لأنها عملية سياسية قبل ان تكون انسانية او عراقية وفيها بعد إقليمي وبعد دولي. في حالة إصرار جميع الأطراف على آرائها تجاه كركوك فما الحل برأيك؟ 

هناك حلول دولية حاليا ظهرت وذكرت في توصيات بيكر هاملتون،  أو الحلول التي ظهرت في مجموعة الأزمات الدولية وتبين أن الطرفين.. يؤكدان تأجيل القضية. أنا اعتقد أن في تأجيل القضية فائدة لأنها أولا تخفف من تأجيج المشاعر القومية الموجودة حالياً. ثانيا بمرور الزمن يمكن تحديد مصير إقليم كردستان؟  لأن هناك صراعا خفيا وعندما تحل جميع مشاكل العراق ستبرز مشاكل بين الأكراد أنفسهم. فلذلك يحاول الأكراد في كركوك أن يكونوا بمنأى عن هذا الخطر،  لأنه عندما تخمد الفتنة الطائفية في بغداد يتحول العراق الى دولة ديمقراطية.

 هل تتوقع ان الأمريكيين تعمدوا تفخيخ قضية كركوك من اجل جعلها وسيلة ضغط معينة لمصلحة جهة محددة ضد أطراف اخرى حسب مصالحهم؟ 

اعتقد ان الجانب الأمريكي لعب هذه اللعبة لإرضاء الأكراد أولا وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد. وأعتقد أن الأمريكان أرادوا أن ينطلق المشروع من شمال العراق،  ولذلك بدأت مشكلة تلعفر لفتح الطريق الى سوريا ولكن تعثرت ونحن نعلم ان المشروع الأمريكي في مأزق وأمريكا بالأمس ليست أمريكا اليوم،  هناك نية واضحة من خلال التوازن الموجود حاليا داخل الحرس الوطني والشرطة وهو بمحض ارادة أمريكية. كل شيء صار لمصلحة الأكراد بنسبة 80% والباقي 20% أعطوه للتركمان والعرب وهذا كان سبيلا لسيطرة الأكراد على هذه المنطقة تمهيدا لتقسيم العراق الى ثلاثة أجزاء. وأعتقد ان الأمريكان سيراجعون أنفسهم حالياً،  لأن مشروعهم يتعثر.

 كيف تنظر لتقرير بيكر هاملتون وخصوصا في وصفه كركوك بأنها برميل بارود؟

 اعتقد ان بيكر كان يشعر بهذا. لقد كان العراق برميل البارود منذ اليوم الأول لدخول قوات الاحتلال،  ومدينة كركوك الآن هي بالفعل برميل بارود. وتعثر المشروع الامريكي سوف يضطر الادارة الامريكية لإعادة النظر بمواقفها. أمريكا اليوم تحتاج الى رؤى استراتيجية جديدة مع تركيا وإيران. فلا أعتقد بأن هذا الخلل سوف يعدله الأكراد في شمال العراق لأنه حتى لو تشكلت دولة. لذلك فإصلاح الخلل في التوازن لا يتم الا عن طريق تركيا.

ما موقف الجبهة التركمانية النهائي مما يجري تجاهها؟

 نحن رأينا واضح منذ أول يوم ولم ولن نغيره. فالجبهة التركمانية العراقية ترفض مسألة الاستفتاء رفضا قاطعا. ونحن وافقنا على لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك لأن فيها بعداً إنسانياً ولذلك وافقنا عليها ولا نوافق على الاستفتاء مهما كلفنا الأمر والذين يتصورون بأنهم لاعبون أقوياء وسيحسمون قضية كركوك واهمون. وإذا حصل استفتاء فسنعتبر الامر غير شرعي،  ونعتبر أن المدينة محتلة والجميع يعرف كيف يكون انقاذ المدينة المحتلة وبأي الخيارات لا سيما ان كل الخيارات مفتوحة في قضية كركوك. إن قضية كركوك برميل بارود واطلب من الأحزاب الكردية ان تنظر بعين التعقل والتوافق والتراضي بين الأطراف لأن هذا المنحى الذي اتبعناه نحن التركمان في كركوك هو نفس المنحى العربي والآشوري فمن غير المعقول ان يفرضوا رأيهم على ثلاثة مكونات عراقية.

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة