رياضة

 

رياضيون مسيحيون شرَّفوا فن كرة القدم العراقية

 

علي الحسناوي - يوسف ثويني ثامر/السويد

 

 

سبق وأن كتبنا عن علم الرياضة العراقية عمو بابا في عددنا السابق،  فها نحن نسترسل الشجون في ذلك الضرب من الإبداع العراقي. إبتداءا من الأثر الكبير الذي فرضته الحضارة الآشورية بمفرداتها المختلفة على الإرتقاء بالأنسان العراقي ومرورا بوصية النبي محمد الأمين  (ص)  لأصحابه الغُر الميامين بأن يتوجهوا الى الحبشةِ ففيها ملك لا يُظلمُ عنده احد  (حينما قرأوا ثلاثون آية من سورة مريم)  وحتى زمن زهو وتألق المسيحية  (العراقية)  على مساحات الخارطة العراقية فإنه لا يمكن لنا ومن الناحية التأريخية وعند تقسيمنا لمظاهر الحياة العراقية عبر العديد من الحقب والتواريخ المعاصرة ان نتجاهل أو ان نتناسى دور القطاع الرياضي ووفقا لنشاطاته المتعددة في التأثير على توجهات واهداف هذه النشاطات الرياضية.ومن ذلك فإنه لابد لنا ايضا من الوقوف بكلِّ اجلال وإحترام لكل الاطياف والمعتقدات المدفوعة بعراقيتها أولا والتي أثْرَت هذا القطاع الرياضي النبيل والطيّب بمسمياته المختلفة وأثّرت فيه كذلك خصوصا ونحن نحاول إستذكار تلك الأسماء اللامعة من العراقيين المسيحيين والذين ساهموا بشكلٍ فعّال ونقي في رفع سمعة الرياضة العراقية في جميع المحافل الوطنية والدولية.

وحينما نفتح هذه الذاكرة الكروية فإن أول من يضيّفنا هو الدولي توما عبد الاحد وهو الذي مثّل مسيحيي العراق والعرب في أول منتخب كروي عراقي عام 1951  ليبلي معه البلاء الحسن.

يورا إيشايا..أول عراقي يفتح ابواب الإحتراف

والحديث عن يورا أيشايا خليط من الشأن الكروي وشجن الاغتراب كونه أول لاعب عراقي  يفتح ابواب الاحتراف على مصراعيه ومن ارقى طرقه الانكليزية وذلك بعد ان وقّع لكشوفات نادي بريستول روفرز وهو واحد من افضل النوادي الانكليزية في ستينيات القرن الماضي إلا ان صوت العراق الذي نام في ذاكرة ايشايا طوال تواجده في مدينة الضباب أستيقظ ليرحل به حنينه للعراق وفنونه الكروية الجميلة ليساهم وبفعالية كبيرة في تحقيق الكثير من الانجازات للازرق الجوي العريق وليساهم بقيادة المنتخب الوطني العراقي في العديد من المحافل الدولية.

وبعد اعتزاله الكرة وتركه عالم الاحتراف راودته فكرة الاغتراب ليحط هذا الطائر المسيحي فوق احدى مداخن مملكة السويد لينزلق منها ويقع مباشرة في عشق أول جميلاتها ليبني له ولها وبجدران العراق عشا جديدا وليخرج من القفص الذهبي الاوربي ليدخل ابواب التدريب للعديد من الفرق السويدية وليعمل بعراقيته الصميمية من اجل المساعدة على قدوم اول فريق عراقي للاشبال للمشاركة في دورة غوتا الدولية للشباب في  مدينة غوتنبرغ السويدية ليفوزوا بكأسها ويتألقوا على ملاعبها.

ويأبى اللاعب العراقي أيشايا إلا ان يموت واقفا وهو ينتظر ان يلاقي معشوقته المستديرة وذلك عند دخوله الى احدى ملاعب التدريب ليسقط الجسد العراقي المنهك بحب العراق ليحتضنه العشب السويدي الندي وليخفف عنه آلام السقوط.

ومن ذكريات الأخ علي الحسني نقتبس المعلومة التالية والتي زادت هذا الاستذكار نور على نور

يورا ايشايا زار مدينة النجف الاشرف في عقد الستينات من القرن الماضي مع المنتخب العسكري تارة أو مع النادي الاثوري البغدادي وقد لعب الراحل  (يورا ايشايا)  في ملعب اعدادية النجف للبنين في بداية الستينات وشاهده الجمهور النجفي انذاك واستمتع بلمحاته الفنية الرائعة.

زار الراحل يورا ايشايا مدينة النجف الاشرف اكثر من مرة والتقى اهالي المدينة والتقى باعضاء ومسؤولي الفرق النجفية التي لعبوا معها وكانت لهم ذكريات جميلة ومنها  (سراديب النجف)! ! ! وهي من المحطات الجميلة التي كانت في ذاكرة ذلك الجيل عندما كانت الكرة النجفية تستدعي عبر فرقها المشهورة انذاك مثل اتحاد الفضلي والامل الرياضي وفريق الرياضي الاهلي ونادي الغري مختلف المنتخبات والاندية العراقية وبالذات من العاصمة الحبيبة بغداد.

دلائل الثقل المسيحي في الكرة العراقية  (دورة لبنان)

ومن دلائل الثقل المسيحي في الكرة العراقية هو ما حصل في عقد الخمسينيات وتحديدا عام 1957 في الدورة العربية الرياضية في بيروت وذلك حينما تواجد سبعة لاعبين مرة واحدة ومن الطائفة المسيحية في صفوف المنتخب الوطني الذي شارك في هذه الدورة.

وبفضل هذه النخبة حققنا فوزا رائعا على ليبيا 3 ـ 1 وتعادلنا مع المغرب بنتيجة 3 ـ 3 بعد ان كنا متقدمين بثلاثة اهداف حيث احرز شاعر الكرة عمو بابا هدفين منهما. إلا ان خسارتنا امام تونس  بنتيجة 2 ـ 4 حالت دون ترشحنا الى الادوار النهائية.

ومن الجدير بالذكر ان المنتخب الوطني العراقي سجل ثمانية اهداف خلال تلك البطولة كان نصيب خمسة منها بأقدام اللاعبين المسيحيين.

واللاعبين السبعة هم:

 

 

عمو بابا،  يورا أيشايا،  كاكو كوركيس،  خوشابا لاو،  زيا شاؤول،  أديسون،  سركيس.

وهكذا يُسدل الستار على جزء من حكاية أول من حمل فن وحب وأسم العراق نحو بوابات العالم.

 [ طرزان ويلسون..صديق الاطفال ]

اقترن اسمه بمغامرات افلام طرزان وهو الامر الذي تسبب بأن يكون لأسمه تلك الرهبة المحببة والرغبة العالمية في ان تستذكر معه ذلك العالم الساحر في غابات الأمازون وبذلك جاء اسمه ليكون سهل النطق محفورا في ذاكرة الاطفال الذين غطت بهم ملاعب السكك والشاكرية وكمب الأرمن كما كان يُطلق عليه خلال تلك الفترة.

وكنا غالبا ما نتندر معه سائلين اياه عن سبب عدم مرافقة  (الشيتا له) .

ـ تارزن..وين الشيته

 على الرغم من حبه الكبير لكرة القدم إلا انه كان صديقا صدوقا لنخبة من رياضيي عصره وزمانه من ممارسي النشاطات الرياضية الاخرى ولم يكن بطبيعته الربانية يبخل علينا نحن الصغار برشة ماء نغرقه فيها من فوق سطوح بيوت عبد الكريم قاسم وهو عائد للتو من التمرين وذلك كلما حلّت  (مواسم عيد الرشاش) ، كما كنا نطلق عليها نحن المسلمون،   لنكون أول من يُطلق حرب الماء حتى نغرق عند العصر نحن وأخوتنا المسيحيين ببركة من الماء والطين ولكم ان تتخيلوا ماذا كان يحصل لنا في البيوت عند رؤية امهاتنا لنا قبل ان ننشغل بتلوين البيض العربي الأبيض.

تألق تارزن مع الفرق العسكرية العراقية والتي تسيّدت ساحة الكرة العراقية خلال تلك الفترة ولعب لمنتخبنا الوطني وتألق ضمن قوته الهجومية الضاربة وذلك قبل ان يُغادر الى الكويت ليعمل هناك ضمن طواقم عمل البناء والتشييد في أوج النهضة النفطية في الكويت.

ويُقال ان الكابتن تارزن كان قد تعرّض لحادث اليم خلال هذا العمل بعد سقوطه من احدى  (السقالات)  المرتفعة في مدينة الكويت.

 [ جرجيس الياس  (ابو غازي)  صانع النجوم ]

لا يدلّك قصر قامته ونعومة جسده على قدراته القيادية الفذة. ويمكنني الآن من تحدي كل النظريات الكروية لأقول واتسائل كيف كان يمكن لجرجيس الياس  (ابو غازي)  من القدرة على السيطرة على تلك المجاميع الموهوبة والمتمردة في الفرق الكروية التي كان يشرف عليها والتي كانت في حينها تحج اليه من مشارق بغداد ومغاربها اما راكبة أو ماشية على الاقدام.. وهو يتأوه بلكنته المسيحية المحببة:

ـ هاذا فاله راه يموتني..بالمسيه

ولم يثنيه يوما الدرب الوعر الذي كنا نسلكه ملتصقين بجدار مدرسة كرادة مريم الابتدائية الطويل مرورا ببقايا الشاكرية منحرفين بأمتداد الطريق الترابي الحار على امتداد دور موظفي السكك حتى ندخل ملعب السكك قبل ان يتحول اسمه الى ملعب المواصلات ثم نادي الزوراء فيما بعد قبل ان يقف على ذكريات نجومه الجميلة فندق الرشيد حاليا.

كان ابو غازي اكثر إيثارا للاعبيه على ابناءه واكثر بقاءا في ملعبي السكك الرسمي والشعبي من بقاءه في مسكنه الذي طالما تمنيت ان يكون متحفا وشاهدا على الزمن النبيل على ان تَطال امنيتي هذه بيت شيخ المدربين اطال الله لنا في عمره.

ولا عجب ان ينتخي المدرب السوفيتي يوري في حينها برؤية ابوغازي لمساعدته على تشكيل أول منتخب للشباب وهو نفس الأمر الذي حصل مع الكابتن عبد الرحمن القيسي  (ابو عوف)  مدرب البريد آنذاك رحمة الله عليهما! ! !

حيث اطلق ابو عوف مقولته الشهيرة في حينها حينما استدعى يوري اغلب لاعبي السكك والبريد لهذا المنتخب:

ـ انا إلي ربيت وال  (يوري)  يصيرون. تمثلا بالاغنية الشعبية العراقية المأثورة  (انا الربيت والغيري يصيرون ) .

ومن المواقف النبيلة والانسانية التي يجب ان تظل خالدة في التأريخ الكروي العراقي هو رفض ابو غازي الاستمرارية بالتدريب بعد ان أُغتيلَ فريق السك بمؤامرة دمجه مع المواصلات بعد ان اتخذ من اسم نادي النقل كفترة انتقالية له ولتتحول هذه الخلطة الى نادي الزوراء بتسميته الحالية وهي المعلومة الفريدة التي يجب ان تظل في ذاكرة الأرشيف العراقي الكروي. وُيعتبر الكابتن جرجيس الياس من اكثر الناس عداوة لكل ما يسيء الى الرياضي وسمعته الاخلاقية حيث كان يوصي لاعبيه بعدم التقرّب من الكحوليات وعدم تناول مشروب  (البيرة)  على وجه الخصوص حتى ولو القليل منه.

وكان اللاعب الذي يُخالف هذه القاعدة الصارمة ولأي سبب من الأسباب عادة ما يذهب بنفسه الى الكابتن جرجيس وبكل وجلٍ وخجل لكي يعترف بما اقترفه من ذنب وكأنه يقف امام شباك الاعتراف الكنائسي. وحينما كان هؤلاء اللاعبون يُسألون عن ماهية ودافعية اعترافهم لأبوغازي بفعلتهم النكراء كان يجيبون بكل برود:

ـ في حقيقة الأمر كنا يوم امس نرى وجه الكابتن جرجيس في قدح الشراب وهو يتوعدنا بالعقاب وايضا لأحساسنا وعند دخولنا ساحة اللعب انه يعرف كل شيء ولكنه ينتظر الفرصة المناسبة للإنتقام منا.

من دلالات عبقرية مدرسة ابو غازي في صناعة النجوم فإنه لابد لنا ان نتوقف عند بعض المحطات المضيئة في عالم مدرسة ابو غازي وأعلامها التي رفرفت في سماء الكرة العراقية.

انور وحازم جسام،  علي كاظم،  جلال عبد الرحمن،  كاظم خلف،  المرحوم ستار خلف  (والذي تألق مع نادي آليات الشرطة فيما بعد) ،  المرحوم كاظم لعيبي،  رسن بنيان،  عليوي حسين بطوش،  زياد عبد الحميد،   ثامر يوسف،  سمير محمد علي....والقائمة تطول.

تألق ابو غازي في قدراته التدريبية الميدانية وأبدع في قيادته الملعبية وتفوق على الآخرين بحسن أدبه ووسع درايته ومرحه دون ان يكون له أي نصيب مما يحظى به دلال المدربين في العالم المعاصر فهل كتب الكابتن جرجيس الياس  (ابو غازي)  نظرية جديدة مفادها ان عملية التدريب الكروي عبقرية انسانية وابداع بشري قبل ان تكون رقم في حساب مصرفي.

ومن العبق الكنسي المسيحي الذي تركه جرجيس الياس فينا ممزوجا بالطيب الاسلامي الذي نثره عبد الرحمن القيسي فوقنا فإنه لابد لنا ان نتسائل:

ألم يحن الوقت.. لتكريم هؤلاء المبدعين أم ماذا ننتظر؟ ؟ ؟ ؟

 [عادل جرجيس.. إنجازات كروية عبر الاجيال]

لا يمكن ان تفارق الابتسامة محيّاه. ولا يمكن لك ان تعاشره دون ان تضحك كثيرا بسبب تندره المستمر على شؤون الحياة وشجونها. مَرِنٌ كأعوادِ السنابل،  صلبٌ كأعوادِ الخيزران.

عادة ما نتسائل،  ونحن نراقب مدربا مبدع،  عن التأريخ الكروي لهذا المدرب إذ غالبا ما ارتبطت عندنا حالات إنتقال اللاعب من ميدان اللعب الواسع الى مصطبة التدريب الضيقة. أي من لاعبٍ الى مدرب.

تتقارب سيرة عادل جرجيس كمدرب من حيث رؤيتنا التأريخية لماضيه الكروي مع الكابتن الكبير جرجيس الياس  (ابو غازي)  من حيث ان كلاهما ابتدءا من حيث انتهى الآخرون والدخول مباشرة الى عالم التدريب الصعب والقاسي خلال تلك الحقب الملأى بالسعادةِ وبالتعب.

إلا انهما اشتركا بصيغةٍ واحدة وهي ان كلاهما أختارا الطريق الصعب والمليء بالأشواك وذلك من خلال الاشراف على فرقٍ فتيةٍ لم يلمع اسمها بعد في ذاكرة التأريخ العراقي الكروي خلال تلك الفترة وجواهر من اللاعبين تعب عادل جرجيس في صقلها وزاد من بريقها بعد ان التقطها من خانات النسيان الكروي.

إبتدأ المبدع عادل جرجيس مشواره التدريبي من خلال الأشراف على فريق الصواعق  (الكهرباء)  وذلك حينما كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة خلال الفترة المحصورة بين ستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي. 

وبعد مسيرة حافلة بالانجازات خلال دوري الدرجة الثانية والتي تمكن فيها الكهرباء من صعق فرق المجموعة بقيادة عادل جرجيس الذي تميّز بحرصه الشديد والغيرعادي الأمر الذي كان يتسبب باهتزاز جسده طوال الاوقات الحرجة من المباريات. حصل الفريق على بطاقة الدخول الى دوري الدرجة الاولى في العام 1974 وحجز مقعده الوفير مع عالم الكبار والذي لم يغادره لسنين طويلة من التألق والإبداع.

ومن هنا دخلت مرحلة عادل جرجيس الذاكرة الكروية من خلال إستئثاره بظاهرة صناعة النجوم والتي كاد فيها ان يجاري صانع النجوم ابوغازي.

وبالتالي فإنه سرعان ما تحوّل فريق الكهرباء الى مصدرٍ للنجوم بعد ان أثرى فرق الدوري العراقي بالعديد من النجوم التي بدورها إرتقت وتسامت بسمعة الكرة العراقية على صعيد المحافل الدولية من خلال مشاركاتها في المنتخبات الوطنية. ومن هذه الجواهر التي صقلها المبدع عادل جرجيس تتألق الذاكرة الكروية بأسماءٍ مثل:

ضرغام الحيدري،  ياسين ياس،  قاسم محمد  (ابو حمرة) ،  سعدي يونس،  حميد سلمان،  فيصل غضبان،  كريم هادي،  شاكر محمود،  اياد محمد علي،  الأخوة كريم ونعيم ورحيم صدام،  رزاق خزعل...وآخرون.

وحتى حينما تخلى الكهرباء عن اسمه الصاعق ليحمل اسم  (نادي الصناعة)  فيما بعد إلا ان عادل جرجيس ظلّ وفيا له وقائدا لمسيرته لأكثر من خمسة عشر عاما.

ونتيجة لهذا التألق أُسند اليه الإشراف على اول منتخب لأشبال العراق ليقوده فيما بعد في بطولة هلسنكي الدولية في فنلندا وليحصد كأس البطولة مع مجموعة رائعة من اللاعبين الجدد والذين اصبحوا فيما بعد من ابرز نجومنا الدوليين امثال:

الاخوين خليل وكريم علاوي،  باسل كوركيس،  كريم كردي،  ناطق هاشم  (رحمه الله) ،  غانم عريبي،  والحارس كريم سهيل.

 

النادي الآثوري اعوام الستينات ويظهر في الوسط اللاعب الشهير عمو بابا

 

ومن اروع الامثلة على القيادة والدعم الذهني الرياضي التي تميّز بها عادل جرجيس هو تلك اللحظة التي اضطر فيها عادل الى ابدال الدولي ضرغام الحيدري باللاعب الأسمر الشاب ذو الخمسة عشر عاما كريم هادي ليرتدي قميصا ازرق كان يصل حتى ركبتيه.فما كان من عادل جرجيس إلا إلقاء محاضرة قصيرة الزمن كبيرة المعاني حينما قال له بالحرف الواحد:

ـ اسمع ابني كريم.. انك لست أدنى شأنا عن هؤلاء النجوم ان لم تكن افضل منهم كونك قادم الآن من انتصار بطولة هلسنكي وكنت الهداف فيها.

ابدع كريم هادي وهو يصارع رعد حمودي في منطقة الجزاء حيث انتهت مباراة الصناعة والشرطة بالتعادل السلبي وحصل كريم في حينها على اول تكريم له بزيادة مخصصاته لتصل الى مستوى مخصصات النجوم.

ولم يتوقف ابداع عادل جرجيس عند حرفة صناعة النجوم فحسب بل تعدّاه ليصل الى صناعة المدربين الذين واكبوا مسيرته وساروا على خطاه واعتمدوا نهجه التدريبي المذهل.

ومن هؤلاء الكابتن موفق المولى الذي كان مساعدا لعادل جرجيس والذي اشرف بعد ذلك على منتخب اشبال العراق الذي شارك في بطولة هلسنكي الدولية وكأنه يريد ان يذكّرنا بمقولة هذا الشبل من ذاك الأسد. كما تخرّج من مدرسته التدريبية الكابتن محمد الشيخلي والذي استلم راية نادي الصناعة بعد ذلك والذي لازال لحد الآن حافظا للعهد والمباديء التي غرسها فيه الكابتن عادل جرجيس.

ويأبى عادل جرجيس ان يغادر ميدان التدريب الكروي إلا وهو مصحوبا بإنجازٍ آخر ليدخل التأريخ مرتين ويخرج منه مرة واحدة وذلك بعد ان أُنيطت به مهمة تشكيل وإعداد أول منتخب نسوي عراقي لكرة القدم ليتألق معه ايضا من خلال تعامله الاجتماعي والأبوي ليغادر بعدها الساحة التدريبية بصمت وهو مكلل بأكاليل من العتب ومثقل بالكثير من الشكوى من حالة النسيان التي طغت على مسيرات عظمائنا الذين صنعوا تأريخ الكرة العراقية وكتبوه بحروف من نور.

طوبى للمبدعين الذين رتّلتْ لهم الكنائس وأذّنت لهم الجوامع وهم ينتخون عراقيتهم أولا.


العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة