طفولة

اطفالنا في السويد غربة وضياع

ناديه كاظم

nadiakadhom@hotmail.com

 

 

تعتبر السويد من البلدان المتقدمة جداً في توفير الرعايه الصحيه والنفسيه للاطفال،  ومراقبة صحة الطفل في مختلف مراحل النمو، وأولت السويد رعاية خاصه وفحص دوري لأسنان الطفل، من الرائع جدا ان تتم عملية فحص الطفل بطريقة لم نعهدها في بلداننا، حيث يحاول طبيب الاسنان او الطبيب النفسي او البدني خلق علاقة ودية مع الطفل، ويشرح له عمل اي جهاز يستخدمه بطريقة مبسطة كي يدخل الطمأنينة الى قلب الطفل لتتم عملية الفحص والعلاج على خير ما يرام،  ومن الرائع ايضا ان يحصل الطفل على هدية بسيطة تنسيه الآم حشوة او فحص الضرس. في رياض الأطفال يقضي الطفل ساعات طويلة في جو من المرح والسعاده، يتعلم فيها الأناشيد السويديه البسيطه التي تتحدث غالبا عن الحشرات والديدان والبحر والشمس وكل ما يلائم سن الطفولة البريئه، ولكن هذه الاناشيد لا تتطرق الى حب الأم او الأب او الأخ او الصديق او كل ما كنا ننشده في فترة طفولتنا، كانت المعلمة في اوطاننا تغرس فينا حب واحترام الوالدين أو حب المدرسة او التغني للروضة ووصفها بأجمل الصفات، وكنا نستمع منها الى القصص الهادفة التي تقوي القيم الأنسانية، كالأمانة والصدق وحب الكبير والعطف على الصغير،  وتعلمنا نبذ العنف والتكبر والكذب والأنانية،  وهذا للاسف الشديد لا يتعلمه الطفل في المدارس السويديه،  حتى ان درس الدين الذي من المفترض ان يقوي الجانب الروحي عند الطفل،  لا يحمل تلك الخاصية في مدارس السويد،  فيكون الدرس كالآتي : بعض الناس يؤمنون بوجود الله الذي خلق كل شئ، ثم تسرد لهم أمثلة عن الديانات في مختلف ارجاء العالم وتقول لهم اما انا فلا اتفق معهم بان الله موجود،  اذن انا ملحده.وتترك الطفل في فراغ روحي، او ربما اختار دينا يختلف عن دين الأبوين، ومن المعروف ان الحرية الدينية مكفولة للفرد في السويد فمن حقه ان يختار اي دين ومن حقه ان يكفر ايضا، ولا يمكن لأحد مهما كانت صلته قريبة به ان يعترض على ذلك، وليتصور المرء وقع ذلك على العوائل الشرقية المتشددة ألتي تعتبر الدين من اهم الأساسيات في الحياة. بسبب الحرية التي لم يتعودها اطفالنا يسود الأضطراب المدارس السويديه التي يكثر فيها ابناء المهاجرين، فالطفل يواجه مجتمعا منفتحا لم يألفه داخل الأسرة أو الوطن الأم، ولذا يسئ في الغالب استعمال هذه الحرية،  فيحاول ان يخلق جوا من الفوضى داخل الفصل، يحاول ان يجعل من المعلمة هدفا لتفريغ طاقته الغير موجهه، كي يجعل منها اضحوكة لزملائه، او قد يحطم كل ما تقع عليه يده من الممتلكات العامه، لا يعاقب الطفل قانونيا قبل بلوغه الخامسة عشر،  ويكون دور المجتمع دورا تربويا وتوجيهيا فقط مهما اقترف الطفل من الجرائم،  لا يحق لأحد ضرب الطفل او عقابه، فقانون حقوق الطفل يمنع ذلك منعا باتا،  يجرى فحص دوري على الأطفال في دور رياض الأطفال وفي المدارس الأبتدائيه، ويراقب الطبيب او الممرضه ان كانت هنالك دلائل أو علامات على جسم الطفل توحي بأنه قد تعرض الى الضرب،  عندها تستدعى الأم على الفور ويتم التحقيق معها، يحضر فيها الباحث الأجتماعي الذي يكون ملما بقراءة تعابير وحركات الأم اللا اراديه فيتم سحب طفلها منها على الفور وارساله الى احدى العوائل السويديه المتخصصه في رعاية الأطفال الذن لم يحصلوا على الرعاية الكافية من ابويهم.من المعروف ان اطفال شعوب اسيا وافريقيا يولدون وبقعة زرقاء تغطي اسفل الظهر،  ان هذه الظاهرة غير موجودة في اطفال اوربا، ولذا تتعرض الأم الشرقيه الى مسائلة مشددة لهذا السبب وغالبا ما يسحب طفلها الرضيع منها ويودع في مكان مجهول مما يسبب للام انهيارات نفسية وصحية حاده، في الصف الأول الأبتدائي تعرض المعلمة رقما خاصا كي يحفظه الأطفال عن ظهر قلب، ويتصلون به حين تعرضهم للعقاب او الضرب من احد الوالدين او الأشقاء الكبار ليتم بكل بساطة سحب الطفل من والديه وتسليمه الى السلطات المختصه.تعتبر كلمات التهديد او الكلمات البذيئه التي يتلقاها الطفل من افراد اسرته كافية لسحب الطفل من اسرته وتسليمه الى مكان مجهول وحرمانه وحرمان ذويه من لقائه.اما في حالة بلوغ الطفل سن الثالثة عشر فان من حقه ان يختار المكان الذي يناسبه ومن حقه العيش بعيدا عن والديه او حتى عدم الاتصال بهم او يمكنه تبديل اسمه ولقبه ويتم له ما يريد حفاظا على نموه وتطوره الجسدي والنفسي.ان من واجب الباحث الأجتماعي او القاضي ان يوفر للطفل الحماية حتى ولو شك في مصداقية الطفل بضرب والديه له او تعذر على الطبيب وجود دليل على ان الطفل تعرض للضرب من قبل والديه. ان اسباب كذب الأطفال في هذا الأتجاه عديده أولها الحصول على الحرية التي ينعم بها الطفل السويدي أو ممارسة الرياضة التي تعجز عائلته عن توفير تكاليفها او ربما للتمتع بصحبة اناس يحملون ثقافة ارقى بنظره من الثقافة التي تحملها اسرته كامتلاكهم الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب التي تمتنع عائلته من امتلاكها لأسباب دينية او اقتصاديه فالكلب او القطه يجب ان يحظى برعاية صحية وفحص دوري ويحتاج الى تأمين أو قد يحتاج الى عمليات جراحية غالية الثمن وهذا كله فوق احتمال دخل العائله الشرقية المحدود لأن الوالدين في اغلب الأحيان عاطلين عن العمل واعتمادهم على المساعدات الأجتماعية التي تكفي للمعيشة بكرامة وليس برفاهية كما يتمتع بها الموظفين والعمال.في احيان كثيرة يضطر الطفل الى الكذب للتخلص من جو المشاحنات المتكررة داخل المنزل او بسبب طلاق الوالدين والصراع الناتج من ذلك في رغبة كل منهما بامتلاك الطفل ورعايته. ان العزلة التي تعيشها العوائل الشرقية، وافتقار الطفل للاقارب أو الجيران او العلاقات الحميميه التي كان يحصل عليها في الوطن الأم تجعل الطفل يعاني نقصا عاطفيا حادا يدفعه الى اشباعه عن طريق الأنتقال الى عائلة اخرى عله يسد ذلك النقص الموجع.ان كل هذه الأسباب دفعت العديد من العوائل المتزمته في الأنتقال الى الدول العربية او الى بريطانيا التي لا تتشدد في مثل هذه الأمور كالسويد. تبقى العائلة الشرقية تعيش الخوف من التشتت وضياع الأطفال في مجتمع لا يقيم اي اعتبار لعاداتها او دينها او تقاليدها، فاهم شئ لديه هو احترام القانون، ويبقى الطفل تائها بين تقاليد البيت الصارمه والحرية الجديدة التي يمنحها له الوطن الجديد، فيحاول الهروب من اهله وخوف واضطراب يحتل كيانه فيصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة