ملف المجلس العراقي للثقافة

البيان الختامي للمجلس العراقي للثقافة

 

 

الاعلامي العراقي المعروف ابراهيم الزبيدي الذي تم انتخابة امينا علاما للمجلس

 

يمر العراق بواحدة من أصعب مراحل تاريخه،  وهي مرحلة يعاني فيها مثقفوه أكثر من أي وقت مضى الاضطهاد والتهميش وفرض الهجرة القسرية من قبل قوى الإرهاب والقوى السياسية المتطرفة وميليشياتها.

وفي ظل هذه الظروف القاسية الناجمة عن مخلفات النظام الدكتاتوري والاحتلال والاحتراب بكل مسمياته،  وبعد اجتماعات ولقاءات تمت بين مجاميع مختلفة من المثقفين العراقيين،  داخل الوطن وخارجه،  وبعد عمل تحضيري مكثف قامت به اللجنة التحضيرية في الفترة من شباط/فبراير إلى أيار /مايو  عمان 2007،  عقد في العاصمة الأردنية عمان للمدة من 14 وحتى 16  أيار / مايو 2007،  بحضور 227 من المثقفين العراقيين مؤتمر تأسيسي بهدف إقرار إنشاء   (المجلس العراقي للثقافة) .

 

وقد تدارس المؤتمرون على مدى الأيام الثلاثة الأزمة العراقية العامة،  لاسيما في بعدها السياسي،  وانعكاساتها الثقافية خاصة،  والاجتماعية عامة،  وكل ما يتعرض له المثقفون العراقيون من قتل واغتيالات وتهجير وإبعاد وإقصاء،  ليس عن مواقع صياغة القرار في العراق حسب،  بل عن مزاولة نشاطاتهم الإبداعية في الفنون والآداب والعلوم.

 

وبعد مناقشات وحوارات مستفيضة،  تكللت أعمال المؤتمر بالنجاح في تأسيس  (المجلس العراقي للثقافة)  الذي يطمح أن يكون إطارا حيويا لتوحيد المثقفين العراقيين في مواجهة الإرهاب والتطرف،  مدافعين عن حرية الفكر والثقافة وحرية المثقف.

 

نحن المثقفين العراقيين المجتمعين في مؤتمر عمان،  نعلن أن مجلسنا ليس بديلا عن المنظمات الثقافية،  أو منظمات المجتمع المدني القائمة الآن في العراق أو خارجه،  إنما هو رافد يجمع شمل المثقفين العراقيين،  في إطار مهني مستقل تنبثق أهدافه من القاعدة المهنية والاحترافية العالية التي تجعل مصلحة الثقافة العراقية والوطن العراقي تعلو على جميع الاعتبارات القومية والدينية والطائفية والحزبية،  وعلى أسلوب المحاصصة الذي يكرس الشقاق والمناورات السياسية على حساب الإخلاص للوطن وروح الإبداع للعراقيين.

 

ونعلن عن مساندتنا الفعالة إلى تطلعات الشعب العراقي بجميع فئاته،  ورغبتنا في المشاركة الجادة لبناء مستقبل دولته الاتحادية الديمقراطية المزدهرة،  والحفاظ على أمنها وسيادتها الكاملة،  على قاعدة الفصل بين الدين والدولة،  مع احترامنا للأديان والمعتقدات المتآخية في العراق كافة،  كما نسعى إلى تعزيز السمات الوطنية العراقية المتفردة في إطار التنوع والتعدد الثقافي،  ومن أجل تعميق الإحساس بالمواطنة العراقية أرضا وتاريخا ومستقبلا.

 

وفي الوقت الذي نسعى فيه،  نحن أعضاء المؤتمر التأسيسي لـ «المجلس العراقي للثقافة»،   إلى أن تستعيد الثقافة العراقية حيويتها المعهودة منذ آلاف السنين،  نقف،  بكل إبداعاتنا المتنوعة في الفكر والآداب والفنون والإعلام والعلوم والنشاطات الإبداعية الأخرى،  في مواجهة النعرات الطائفية والعنصرية،  وعسكرة المجتمع،  تحت شتى الادعاءات السياسية والفكرية والعقائدية،  وتسييس الدين والتطرف الديني. كما أننا نستنكر ونقف ضد ثقافة العنف التي أودت بحياة كثيرين من أبناء الشعب العراقي،  وأعاقت حركته التحررية،  ونموه الاقتصادي،  وازدهاره الحضاري الذي يليق وتراث وادي الرافدين.

 

وبإدراكنا بشاعةَ التركةِ الثقيلة للنظام الاستبدادي السابق والاحتلال،  ودورهما في جرائم نهب المتاحف وسرقة الأعمال الإبداعية لرموز الثقافة العراقية،  وتدمير المكتبات،  ودور العلم،  وتخريب الذاكرة العراقية،  نضع أنفسنا أمام مسؤولياتنا في التصدي لهذا النهج المتخلف. وبوصفنا طليعة للوعي الثقافي العراقي،  نطمح إلى أن يتمتع شعبنا بالحرية والديمقراطية،  لإنجاز مهمة تحررنا الوطني الشامل،  وبناء الدولة المدنية الوطنية الديمقراطية المستقلة،  من خلال النضال السلمي،  وتداول السلطة التي تساوي بين المواطنين العراقيين في الحقوق والواجبات كافة.

كما نؤكد الالتزام بالحقوق القومية لمكونات الشعب العراقي كافة،  وحل المشكلات العالقة عن طريق الحوار باحترام الرأي والرأي الآخر،  وبالطرق السلمية،  بعيدا عن العنف،  لضمان حرية جميع الاثنيات العراقية ورفاهيتها بدون استثناء.

إن الحواجز الفكرية،  والتخندقات الطائفية،  والانعزالية،  والمتاريس الإيديولوجية التي تمخضت وتتمخض عن نهر ثالث من الدماء في وادي الرافدين،  تدفعنا جميعا إلى أن نعمل على إيقاف هذا النهر وتجفيفه مرة والى الأبد.

وإذ يسعى «المجلس العراقي للثقافة» إلى تحقيق الدعم المادي والمعنوي للمثقفين العراقيين،  لكي تتاح لهم ظروف الإبداع من حياة آمنة واستقرار وحرية وديمقراطية،  نعلن - نحن المثقفين العراقيين المؤسسين لهذا المجلس،  وقوفنا إلى جانب تطلعات شعبنا العراقي لبناء دولة ديمقراطية اتحادية تؤمن بالحرية وبشرعة حقوق الإنسان وبالثقافة قيمة رمزية عليا ومؤثرة،  والعمل مع قوى شعبنا بكل أطيافه ضد التهديدات الخطيرة المتمثلة في الأعمال الإرهابية والصراعات الطائفية والإثنية المتطرفة والتدخل الإقليمي والاحتلال الأجنبي التي تعرض التجربة الديمقراطية الوليدة للخطر،  كما نسعى،  من خلال خطاب ثقافي تنويري،  إلى تحقيق السلم الاجتماعي ووحدة مكونات الشعب العراقي وتقدمه.

ويود المؤتمر في ختام أعماله أن يشكر المنظمات والمؤسسات العراقية،  الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ونقابة الفنانين العراقيين وكلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد وكلية الإعلام – جامعة بغداد،  كما يشكر منظمة اليونسكو في شخص مديرها العام كويشيرو ماتسورا ومعاونه الدكتور أحمد الصياد. كما نتوجه بالتقدير والامتنان العميقين للحكومة الأردنية لسماحها بعقد المؤتمر على أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.

وأخيرا نشير إلى أن المؤتمر اتخذ عدداً من القرارات والتوصيات الوطنية والمهنية،  ستنشر مع وثائق المؤتمر لاحقاً.

كتب في عمان بتاريخ السابع عشر من شهر أيار/مايو 2007 ميلادية المصادف للتاسع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1428 هجرية،  وأقر من قبل الهيئة العامة بالإجماع.

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة