علم اجتماع

اتجاهات التجانس في علاقات التنوع في المجتمع العراقي

 

د. ياسين البكري ـ بغداد

 

 

هذا الموضوع،  هو مقطع من دراسة موسعة بعنوان: (بنية المجتمع العراقي،  دراسة تأريخية اجتماعية سياسية لظاهرة التنوع،  العهد الجمهوري الاول 1958-1963 انموذجا) . وهي بالاصل رسالة جامعية نال بها الباحث درجة الدكتوراه،  واعتمد فيها على مفهوم الهوية العراقية الممتدة عبر التاريخ والجغرافية. وهي حقا دراسة جادة تستحق كل العناية. ونتمنى ان تتوفر الامكانية لنشرها ككتاب كي يتسنى لكل الراغبين الاطلاع عليها والاستفادة منها. وبانتظار توفر هذه الامكانية،  فأننا ننشر منها هذا المقطع. (ميزوبوتاميا) ..

ـــــــــــــــــ

     عرفنا،  ان العراق متنوع الفئات الاجتماعية منذ حقب تاريخية،  موغله في القدم واجيال متعاقبة،  وانتج هذا التنوع في اطاره الجغرافي المكاني تداخلاً بين فئاته،  وانتج في اطاره التاريخي والاجتماعي والتفاعلي تبايناً في نوع العلاقات.

     في هذا المبحث سنعرض اتجاهات التجانس بين الفئات العراقية،  وهي نماذج تكشف ان علاقات فئات التنوع غير صراعية في دوافعها الاجتماعية،  استناداً الى فرضيتنا القائلة: ان الصراع بين فئات التنوع لا ينتج عن تعصب اساسه العرق او الدين او الطائفة،  ولكن هناك بنى من طبيعة اخرى،  تؤثر احياناً في بنية المجتمع العراقي.

اولاً:- القاعدة الاجتماعية لعلاقات التنوع

 

 

    عند دراسة تاريخ العراق،  وحقبه المختلفة،  تتضح للدارس مسألة مهمة،  قد تبدو وكأنها لازمة اساسية،  وهي ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والعنف. وأحد الباحثين تتبع هذه الظاهرة وسجلها في كتاب بعنوان " تاريخ العنف الدموي في العراق" ([1]) .

     ومع ان تاريخ الشعوب مليء بالتقلبات السياسية والثورية والدموية،  مما يعطي الظاهرة بعداً شمولياً انسانياً ملازماً لحركة التطور وطبيعة التعارضات الكامنة التي تؤدي،  او تبرز عند الحافات الحرجة،  ونقاط الانتقال غير انه يبدو للعراق خصوصية وتميز في هذا الجانب،  وربما عللت العديد من التعليقات هذه الظاهرة وربطتها بظاهرة التنوع الاجتماعي في العراق،  واعطته وصفاً بأنه فسيفسائي غير متجانس ([2]) .

     لكنَّ العديد من نماذج العلاقات والمواقف المتبادلة بين فئات التنوع العراقي قد تعطي دلالة معاكسة،  وتشير الى تجانس يتجاوز النظرة العرقية والدينية والطائفية،  او على الأقل يضع علامة استفهام على الحالات الصراعية التي تتلبس لبوس الفئوية الاجتماعية،  ويسير في تعليلها،  الى جوانب اخرى.

     في أنموذج عن حالة التسامح الذي تتمتع به،  الفئات الدينية غير المسلمة في العراق،  أورد حنا بطاطو،  في دراسته المشهورة  (العراق)  وصفاً لها بقوله: " كانت اقليات بغداد،  بشكل عام تتمتع بتسامح نادر،  وفي شهادة الحاخام اسرائيل جوزيف الثاني،  في هذا المجال،  ما هو مقنع بما يكفي. فقد قال في العام 1846 ما من مكان كبغداد وجدت فيه ابناء ديني بمثل هذا التحرر الكامل من ذلك القلق الاسود،  وذلك المزاج الكئيب الصامت،  الذي هو ثمرة اللاتسامح والاضطهاد. ونقل تقرير بريطاني كتب في العام 1910،  انطباعات مشابهة…" ويضيف بطاطوالى ذلك قوله لم يلق اليهود اي " معاملة سيئة من قبل الحكومة في العهد الملكي،  ومن الناحية القانونية كانوا على قدم المساواة مع بقية المواطنين،  ولم يعانوا أي مضايقات حتى وصلت قضية فلسطين الى ذروتها في الفترة 1947-1948،  بأستثناء مرة في العام 1941 عندما انهارت السلطة في بغداد،  وارتكبت اعمال عنف ضدهم،  قام بها رجال عشائر مهاجرون من المناطق الخارجية،  وحتى يومها،  عندما كانوا مهددين بالخطر،  سارع جيرانهم المسلمون الى مساعدتهم،  ومنحوا الملجأ لاطفالهم ونسائهم" ([3]) .

     ان التسامح الاجتماعي،  في مجتمع يشكل فيه المسلمون نسبة تتجاوز 90%،  ازاء الاديان الاخرى،  أدى الى تزايد عدد اليهود في بغداد منذ منتصف القرن التاسع عشر،  واحتلوا مواقع تجارية متقدمة،  وكانت الزيادة ناجمة من هجرتهم من بلاد فارس نتيجة للمعاملة السيئة التي كانوا يلقونها هناك ([4]) .

     ومما له دلالة على طبيعة التجانس الاجتماعي ان الطائفة اليهودية في العراق" كانت لغتها عربية،  وكانت العربية تستخدم حتى في طقوسها الدينية،  وكان طعامها عربياً،  وكانت خرافاتها خرافات عربية،  وكذلك الامثال التي تستخدمها،  وكان الكثير من عاداتها عربياً،  وحتى الحريم كان يشكل جزءاً من اعرافها" ([5]) .

 

 

     ان الدلالة السابقة،  تتجاوز مفهوم التعايش،  الذي قد يخفي حالة صراع كامن،  وعداء مستتر،  لذا يشير الاقتباس السابق الى حالة انفتاح وتداخل ثقافي لغوي،  واعراف وسلوكيات اجتماعية متشابهة.

     وفي مدينة عراقية اخرى سجل سائح اوربي زار الموصل في القرن التاسع عشر،  أن  (150)  بيتاً من اليهود يعيشون فيها بحرية،  تفوق الحرية التي لهم في اوربا ([6]) .

     ان الحرية التي تمتع بها اليهود في العراق،  وعدم وجود نظرة اجتماعية دونية ضدهم،  يؤكدها رد الفعل الذي صدر من وجهاء اليهود حين دعاهم وكيل الحاكم المدني البريطاني في العراق،  السير ارنولد ولسن،  لينقل لهم بشرى وعد بلفور إذ " رآهم واجمين،  وقالوا له: ان فلسطين مركز روحي لنا،  ونحن نساعد المعابد ورجال الدين فيه مالياً،  لكن وطننا هذه البلاد،  التي عشنا في ربوعها آلاف السنين،  وعملنا بها،  وتمتعنا بخيراتها،  فأذا رأيتم ان تساعدوا هذه البلاد،  وتحيوا اقتصادياتها،  وتسندوا تجارتها وماليتها،  فأننا نشارك في الرخاء العام" ([7]) .

     وفي مضمون التجانس الاجتماعي نفسه يذكر رشيد الخيون ان " التداخل والتعايش عبر الدهور [بين فئات المجتمع العراقي] جعل مسلمين يقيمون  مجلس تأبين لمسيحي في المسجد،  وصابئة يزرون ضريح الامام علي وينذرون له النذر،  ومرضعة مسلمة ترضع طفلاً صابئياً وظل على دينه،  وتوافيه بعاطفة الامومة حتى وفاتها…وصابئي ينافس المسلمين [الشيعة] ويشارك بأكثر مما يشارك به أغنياؤهم،  بما يجمع لقارئ المنبر الحسيني في يوم عشرة عاشوراء،  ومسلمون لا يفطرون في ايام رمضان،  إلا بعد ان يزودوا جارهم الصابئي من مائدتهم،  واول الداخلين عليهم في يوم العيد هو وعياله،  ووجيه نجفي هو السيد علي بحر العلوم يقيم صداقة معمرة مع الشيخ عنيسي الصابئي" ([8]) .

     ان الصور الاجتماعية السابقة ليست خيالات ادبية،  فهي معروفة في المناطق التي تحوي تنوعاً سكنياً،  ومن باب حقوق الجيرة كقيمة اخلاقية واعتبارية وعرفية دارجة عند العراقيين،  ولها ادلتها التأريخية التي ذكرها الكتاب من غير المسلمين،  مثل  (البير ابونا) ،  فقد اورد في كتابه "تاريخ الكنيسة الشرقية" ان الحاج حسين الجليلي،  من اسرة الجليلين المعروفة في الموصل،  قد قام بترميم ثماني كنائس في الموصل،  على نفقته الخاصة،  وقام في العام  (1743)  بحماية المسيحيين الذين لجأوا الى الموصل هرباً من حملة نادر شاه العسكرية،  وزودهم بالملجأ والمؤن والسلاح ([9]) .

     اما في جانب التجانس والانسجام بين الفئات العرقية فيمكن استذكار شخصية القائد الكردي صلاح الدين الايوبي  (1137-1193م)  كأنموذج للتمازج التأريخي بين العرب والكرد،  بعد أن اصبح رمزاً يعتز به وبقيادته العرب،  ومع ان أنموذج صلاح الدين الايوبي قد يبدو تجاوزاً للقاعدة،  ومحكوماً بعوامل منها المواصفات الشخصية الفذة والقيادية له،  والغطاء الاممي الاسلامي الذي كان يستظل به،  خصوصاً وانه قاد حرباً ضد الصليبيين،  أي ان ثنائية الصراع الاسلامي الصليبي،  وعلوية الهدف العقائدي فيه،  يصبح جامعاً اسلامياً بصرف النظر عن الانتماءات العرقية،  ومع ذلك فأن عدم تكرار هذا الانموذج في التاريخ العربي الاسلامي،  او التاريخ العراقي،  لم يكن نابعاً من رفض مسبق،  مبن على اسس عرقية من قبل الطرف العربي.

     ومع ان تاريخ العراق في القرن العشرين،  وفي اكثر من محطة تاريخية،  قد شهد صراعات،  يمكن ان توصف تعميماً على انها صراعات عربية كردية،  لكن أية دراسة لظروفها والمؤثرات الداخلية والخارجية التي احاطت بها،  والشخوص الذين قادوها،  ستؤدي الى استنتاج،  مفاده انها لم تكن ابداً حالة صراع مدني واجتماعي بين العرب والكرد،  فقد كان الصراع دائماً سياسياً بين السلطة ومعارضين لها ([10]) ،  ففي الجانب الاجتماعي يلاحظ حالة التمازج بين العرب والكرد،  فلدى بعض القبائل العربية المجاورة للقبائل الكردية،  مثل بعض اقسام بني ربيعة والقيسيين والجبور وتميم والبيات،  تسود بينهم اللغة الكردية،  وكذلك التركمانية الى جانب لغتهم العربية. ([11]) .

     واللغة العربية في الجانب الكردي واضحة الاستعمال،  وحتى عند بعض السياسيين من القوميين الكرد ([12]) . وعملية تكلم لغة الفئة العرقية الاخرى تؤشر لعدم وجود نظرة تعصبية ازاء الاخر،  ووجود قناة ربط اجتماعي.

     وهناك لحظات تاريخية حرجة مرت بالعراق دللت ان التجانس والتمازج الاجتماعي بين العرب والكرد والتركمان لا يقف عند حدود التقارب،  بل ارتقى الى الوحدة الكاملة في الموقف من القضايا الوطنية كما في توجه المجاهدين الكرد والتركمان لصد الاحتلال البريطاني،  والقتال مع العراقيين العرب ([13]) ،  او في قضية النزاع حول عائدية ولاية الموصل التي كانت تطالب بها تركيا،  اذ كان للشيخ محمود الحفيد دوره الواضح في التأكيد على عراقيتها امام اللجان الدولية لاستقصاء اراء السكان حول قضية الموصل ([14]) . وللغرض نفسه أسس عدد من كرد السليمانية جمعية باسم "جمعية الدفاع الوطني" ([15]) .

     من الواضح ان التحديات الخارجية من نوع الاحتلال البريطاني للعراق 1914-1918 كانت مناسبات لتأكيد تلاحم النسيج الاجتماعي العراقي،  وشكلت ثورة العشرين كما يؤكد ذلك علي آل بزركان،  ذروة في التمازج بين الفئات العراقية،  فقد انضم الشيعة سياسياً الى السنة،  وضمت عشائر الفرات الاوسط جهودها الى سكان مدينة بغداد،  واقيمت احتفالات شيعية سنية،  مشتركة وبالتناوب في مساجد السنة والشيعة ([16]) .

     يورد الدكتور وميض جمال عمر نظمي في دراسته الاكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه في بريطانيا الرأي نفسه بالاستناد الى تقرير بريطاني،  اذ يشير انه في ايار 1920 جرى عقد احتفالين مختلفين تماماً بصورة مجتمعة،  وهما  (المولد)  و (التعزية) ،  فأمام حشد من العباد قرئ المولد من قبل الملا عثمان،  وقرئت التعزية من قبل الشيخ محمد مهدي البصير،  بمشاركة الشيعة والسنة معاً ([17]) .

 

 

     ولم تقف احداث العام 1920 على التمازج الشيعي السني،  بل تعداه الى التمازج الديني بين المسلمين والمسيحيين،  ففي بغداد،  وعندما كان بعض المسيحيين يمارسون طقوسهم الدينية،  قام جمع من المسلمين بالقاء الورود ورش الماء المعطر على الموكب اثناء مروره،  ويهتفون عاش مجد سيدنا المسيح،  عاش اخواننا المسيحيون،  عاشت الوحدة العراقية،  وقد اجاب المسيحيون بما فيهم القساوسة،  عاش اخواننا المحمديون،  عاش اخواننا العرب،  ودخل المسلمون الكنيسة وبقوا الى نهاية الموكب ([18]) .

     بالتأكيد،  ان النماذج السابقة،  هي جزء فقط،  وهناك غيرها كثير،  والتجانس الاجتماعي النسبي طبعاً لا يحتاج الى عناء لاثباته،  حتى وإن بدت حالة الصراع والنزاع الطائفي والعرقي،  والامثلة التي ترد في شأنها متوفرة ايضاً،  كأدلة على ان القاعدة الاجتماعية لعلاقات التنوع في العراق هي قاعدة صراعية،  فأن دوافع الصراع هي التي بحاجة الى تحليل،  فالنظرة الخارجية،  والتبسيط في رصد بعض المظاهر قد يوقع في خطأ التعميم كما نلاحظ ذلك،  حتى في بعض الدراسات الرصينة،  منها دراسة حنا بطاطو المعنونة " العراق" عندما يؤكد على نقيض النماذج التي اقتبسناه منه،  ان " الاسلام في العراق كان قوة فصل اكثر منه قوة دمج،  اذ انه اقام انشقاقاً حاداً بين العرب الشيعة والسنة. ونادراً ما اختلط هؤلاء واولئك اجتماعياً،  وكقاعدة عامة لم يكن هناك أي تزاوج بينهما" ([19]) .

     نحن نفهم ان هناك تمايزات وخصائص محددة بين الشيعة والسنة،  في بعض جوانب اصول الاعتقاد،  واصول الفقه وتفريعاتها،  وكذلك في بعض الشعائر الشكلية،  كوضع اليدين في الصلاة،  او استخدام التربة من عدمها،  وهي امور قد تعطي مدلولات صراعية اذا تم توظيفها سياسياً في لحظات معينة،  وقد تنجح في تحريك الاستقطابات الطائفية،  ولكن حنا بطاطو استخدم تعبير " انشقاقاً حاداً بين العرب الشيعة والسنة" في تخصيص الجانب الاجتماعي،  وفي تعميم الجانب السياسي،  وهو ما يعطي دلالة وكأن الصراع في المستوى الاجتماعي،  وهو واضح من امثلته،  فهو يقول: " ونادراً ما اختلط هؤلاء واولئك" وقد يكون التعليل الانسب لعدم الاختلاط،  لا في الانفصال الطائفي،  ولكن في رداءة طرق المواصلات،  وصعوبة الحركة وطبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية الراكدة التي تبرر عدم الانفتاح والاحتكاك،  وبقاء معظم السكان في اطاراتهم الجغرافية المحددة ذات الطابع المذهبي الواحد. وما يعطي هذه الدلالة التفسيرية ان بطاطو كان يتحدث عن العراق في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية العام 1958.

     ولا يبدو قول بطاطو " وكقاعدة عامة لم يكن هنالك أي زاوج بينهما" مقنعاً،  فلا وجود لمثل هذه القاعدة التي لا تستند أصلاً الى تفسير مذهبي،  فالزواج بين الشيعة والسنة موجود في المناطق المختلطة حتى إن لم يرتقِ الى مستوى شائع،  فأن موانعه اصلاً لا تتعلق بعملية انفصال مذهبي،  وقد نجد تفسيرها في الاعراف العشائرية التي تحدد زواج المرأة بابن عمها،  وقد يكون ابن العم عائقاً امام تزويج المرأة حتى بالاقرباء ممن يلوه درجة،  وعرف  (النهوة)  شائع في هذا المجال،  وبالتالي تصبح موانع الزواج بين الشيعة والسنة ذات مضمون اجتماعي عرفي لا مذهبي تعصبي.

     تتداخل وتتعايش الفئات العرقية والمذهبية والدينية في بعض المحافظات بالشكل الذي يصح عدها نماذج مصغرة للتنوع العراقي مثل الموصل وكركوك ([20]) ،  ففي دراسته الرصينة "العراق الشمالي" يذكر الدكتور شاكر خصباك هذه الحقيقة في معرض حديثة عن الموصل بقوله: " يمكن القول ان محافظة نينوى تمثل أشد المحافظات الشمالية تعقيداً من الناحيتين  (الدينية والعرقية) ،  وهي في الحقيقة اشبه بمتحف  (للتنوع) ،  ففي هذه المحافظة يعيش جنباً الى جنب جميع المجموعات  (الفئات العرقية) … المجموعة العربية،  المجموعة الكردية،  والمجموعة السريانية،  والمجموعة التركمانية. وفي كثير من المواضع تتداخل هذه المجموعات.. تداخلاً شديداً بحيث يبدو من الصعب تحديد مناطق خاصة بها. كذلك تتباين الاديان والعقائد لدى هذه المجموعات تبايناً كبيراً،  فهناك الديانة الاسلامية وهي السائدة،  وهناك الديانة المسيحية بمذاهبها المتعددة..وهناك ايضاً الديانة اليزيدية" ([21]) .

 

 

     ان هذا التعايش في منطقة جغرافية محددة،  ولمجموعات وفئات عرقية ودينية متنوعة،  ولفترات تاريخية طويلة،  يؤكد على التجانس،  او على الاقل عدم التنافر،  وذكرنا سابقاً ما سجله بعض الرحالة الاجانب عن مقدار التسامح الذي يلاقيه اليهود في الموصل،  او موقف الجليليين من المسيحيين عندما حاصر نادر شاه الموصل،  ولن يقلل من شأن هذا التعايش،  بعض الاحداث الدامية التي شهدتها الموصل،  كما في احداث اذار 1959 ([22]) ،  والتي ربما اعطت دلالات تعصبية بين الفئات،  إلا ان سير دوافعها والبنية العميقة لهذه الصراعات تعطي دلالات اخرى. 

     أما كركوك فتسكنها وتتعايش فيها الفئة الكردية الى جوار الفئة التركمانية والفئة العربية. ويلاحظ ان عشيرة  (البيات)  القاطنة في كركوك انها عشيرة مختلطة عربية وتركمانية ([23]) ،  ويتكلمون التركية والكردية والعربية،  ولا يقف التنوع في عشيرة البيات عند هذا الحد،  فبعضهم شيعي،  والبعض الاخر سني ([24]) .

     وهو امر يتعدى توصيف التعايش،  ويدخل في مجال التصاهر والاندماج،  والملاحظ ان لغة التخاطب في كركوك هي اللغة التركية لا بين التركمان فحسب،  بل بين الكرد والعرب أيضاً ([25]) .

 

 

   وسجل العديد من الرحالة الاجانب مشاهداتهم عن علاقات التجانس بين الفئات العرقية في كركوك،  منها ما اورده الصحفي الهولندي ماليبارد الذي زار العراق في خمسينيات القرن العشرين بقوله: " ويعيش هنا على الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب [كركوك] العرب والكرد بسلام ووئام متجاورين" ([26]) .

     والشيء نفسه ينطبق على العلاقة بين الكرد والتركمان،  وعن ذلك يشير د. كمال مظهر احمد بقوله: " من الضروري ان نشير الى ان افضل العلاقات كانت تربط ما بين الكرد والتركمان سواء في كركوك وتوابعها،  او في المناطق الاخرى" ([27]) ،  في دلالة على البعد التأريخي،  للعلاقة الاجتماعية بين الفئات العراقية،  ومع ذلك فهو يذكر: " لكن شرخاً ما بدأ يعتري تلك العلاقات بحكم عوامل مصطنعة يتحمل الجميع بدرجات متفاوتة وزر خلقها واثارتها بصورة،  او بأخرى،  يأتي البريطانيون في مقدمتهم من حيث التسلسل الزمني في سياق التأريخ المعاصر" ([28]) ،  ولا يخفى هنا دور العامل السياسي السلبي على علاقات فئات التنوع،  التي تتحمل عبء الانشقاق القومي والمذهبي،  والتي قد تتناقض امثلتها مع ما تم ذكره من امثلة تؤكد على القاعدة الاجتماعية غير المتعصبة في علاقات التنوع،  ويجب التأكيد هنا،  على أن الظاهرة الاجتماعية عموماً تعد من الظواهر التي قد يتباين رصدها باختلاف الزمان والمكان،  وباختلاف المتغيرات التي تطرأ عليها وتؤثر فيها،  ومن اهمها العامل السياسي،  لذا قد نجد تعبيرات تعصبية وصراعية بين الفئات تأخذ شكلاً اجتماعياً سياسياً،  تعبر عنه الطائفية السياسية في الجانب المذهبي،  او قومياً شوفينياً وانكماشياً  (إنعزالياً)  في الجانب العرقي،  بتأثيرات سياسية،  بعضها خارجي،  كما في الصراع العثماني الفارسي الذي كان ساحته العراق،  او دور الاحتلال البريطاني للعراق،  او بتأثيرات سياسية داخلية،  في صراع السلطة مع المعارضة. وهو ما يتطلب بحث ودراسة اتجاهات الانشقاق الطائفي والقومي،  ودور العامل السياسي والسلطة تحديداً،  في اثارتها.

 

ثانياً:- الاستقطاب الحزبي الأفقي/ أنموذج للتجانس الاجتماعي

 

الملك فيصل الاول

     تذهب الدراسات التي تعنى بالاحزاب السياسية الى تعريفها بانها تكتل وتنظيم لمجموعة من الاشخاص،  تجمعهم مصالح ومبادئ معينة،  ويهدفون الوصول الى السلطة،  او المشاركة فيها ([29])  وهي انعكاس لواقع اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي معين ([30]) ،  تعبر عنه الاحزاب بايديولوجيات،  وبرامج،  واهداف.

     والاحزاب بهذا المعنى تصلح ان تكون أداة تحليل ورصد وتقويم للواقع الاجتماعي،  وعلاقات فئات التنوع فيه من خلال شخوص وقيادات الحزب،  وانتماءاتهم العرقية والدينية،  ومن خلال منهاجها وخطابها السياسي والاجتماعي،  ان كان موجهاً لفئة معينة ام لجميع الفئات.

     ترجع جذور الظاهرة الحزبية،  بمفهومها الحديث ([31]) ،  في العراق الى بدايات القرن العشرين،  وتحديداً الى العام 1908 ([32]) ،  أي بعد اعلان السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الدستور بضغط من الاتحاديين ([33]) .

     شهد العراق منذ ذلك التاريخ،  الكثير من التنظيمات الحزبية،  والسؤال الذي نطرحه هنا هو هل ان تلك الاحزاب قامت على اسس قومية وطائفية؟ . ان اهمية هذا السؤال تأتي من ان الاحزاب هي انعكاس لواقع اجتماعي،  كما اسلفنا،  وبالتالي ان الصراعات العرقية والمذهبية،  في حال وجودها في بنية المجتمع،  فلابد وان تجد تعبيراتها في الاحزاب من خلال العنصر البشري المؤسس لها،  والذي سيعتمد على هل ان هذا العنصر يتألف من عرق واحد،  او من مذهب واحد ودين واحد،  ام من أعراق ومذاهب وديانات عدة. 

     من الاحزاب التي تشكلت في العراق ([34])  بوقت مبكر "الحزب الحر المعتدل" الذي تأسس عام 1911،  وكان له فرعان في البصرة وبغداد،  برئاسة  (طالب النقيب) ،  وضم العديد من الاعيان والمثقفين،  مثل سليمان فيضي وعبد الوهاب الطباطبائي صاحب جريدة الدستور،  كما انضم الى فرع بغداد العديد من الضباط العرب والكرد،  مثل عارف عنه،  محمود اديب،     عبد الجليل الشالجي،  سعيد المدفعي،  مصطفى الازميري،  تحسين البغدادي،  محمد علي وسعيد حقي ([35]) .

 

محمد الصدر،  ترأس احدى الجكومات

 

     ومن الاحزاب الاخرى التي ظهرت قبيل الحرب العالمية الاولى،  " حزب الحرية والائتلاف"،  وكانت له ثلاثة فروع في المدن الثلاث الرئيسة،  بغداد والموصل والبصرة،  وضم فرشة اجتماعية واسعة. وفي العام 1912 ظهرت "جمعية النادي الوطني" في بغداد ([36]) ،  وهي بنفس المواصفات الاجتماعية المتنوعة،  وهو ما جعل الدكتور عادل تقي البلداوي الاكاديمي الرصين،  أنْ يذهب في تعليل فشل الاحزاب والجمعيات الى تناقضات الانتماء الاجتماعي لاعضائها،  اذ كانوا كلهم من الاعيان ورجال الدين والملاكين والتجار،  ويضيف سبباً اخر هو اقتصار تلك الاحزاب والجمعيات على المدن دون الريف ([37]) .

 

الشيخ محمود الحفيد،  الزعيم القومي الكردي ابان العهد الملكي

   

 ونعتقد،  ان هذا التعليل غير مناسب،  ففشل الاحزاب لم يكن بسبب طابعها الاجتماعي المتنوع،  والمعبر عن عدم وجود حدود وفواصل بين الفئات العرقية والمذهبية،  وهي الحالة الاجتماعية الطبيعية السائدة في العراق،  وفضلاً عن ذلك ان الاعيان ورجال الدين  (الملاكين طبعاً)  والملاكين والتجار طبقياً متجانسين ([38]) ،  واذا ما اضيفت اليهم شريحة الانتلجينسيا،  من خريجي الحقوق،  واصحاب المهن الفكرية كالصحافيين،  يبدو وكأن تلك الاحزاب تشتمل على مقومات قوة اجتماعية واقتصادية وفكرية. كما ان عدم انفتاح هذه الاحزاب على الريف،  كسبب لفشلها،  يبدو وكأنه غير ذات دلالة،  بسبب ان الاحزاب كظاهرة اجتماعية سياسية واقتصادية،  هي من نتاج المدينة والتمدن،  لذلك نعتقد ان التعليل المناسب لفشل تلك الاحزاب راجع بالدرجة الاولى الى كونها تجربة جديدة،  وكانت في تلك الفترة في طور النشوء والتكون الاولي،  حالها حال المسار العام لظواهر اخرى مساعدة على تطوير العمل الحزبي،  كالصحافة مثلاً ([39]) ،  التي هي الاخرى كانت في بداياتها،  فضلاً عن ضعف قاعدة المتلقين،  بسبب محدودية التعليم،  وانتشار الامية ([40]) .

 

نوري السعيد،  الشخصية الشهيرة التي ظلت تلعب دورا حاسما ابان العهد الملكي

  

  وفي مرحلة الانتداب،  وبعد صدور قانون الجمعيات والاحزاب في 2تموز1922،  تشكلت احزاب عدة،  ضمت اشخاصاً متنوعي العرقيات والمذاهب والاديان،  منها " حزب الحر العراقي" الذي تأسس في العام 1922،  والذي ضم فضلاً عن العرب،  كرداً مثل الشاعر جميل صدقي الزهاوي،  ومسيحيين مثل يوسف رزق الله غنيمة،  ورؤساء عشائر طلبوا الانتماء الى الحزب،  بوصفهم ممثلين لعشائرهم ([41]) .

     ومن الاحزاب الاخرى،  التي تأسست في سنوات الانتداب:

-       "حزب الامة" تاسس في العام 1924.

-       "حزب التقدم" تأسس في العام 1925.

-       "حزب الشعب" تأسس في العام 1925.

-       "حزب العهد" تأسس في العام 1930.

-       "حزب الاخاء الوطني" تأسس في العام 1930 ([42]) .

-        

-          

-       عبد الكريم قاسم،  رئيس وزراء اول نظام جمهوري عام 1958،  وخصمه عبد السلام عارف،  الذي قاد انقلاب 1963

-        

     وتلك الاحزاب،  ومن خلال مؤسسيها يتضح ان لها خصائص الاستقطاب الافقي غير المقيد بالعرق او المذهب او الدين،  وهو ما جعل د. عادل تقي،  يخلص الى القول ان تلك الاحزاب  (واخرى غيرها) ،  كانت عبارة عن خليط اجتماعي غير متجانس  (متنوع) ،  لذا لم ترد في برامجها أي اشارة الى القومية والدين ([43]) .

     ولا يعني ذلك ان القومية كفكرة لم تكن موجودة،  ولا الدين كممارسة تعبدية وشعائرية واخلاقية غير ذات مضمون في الحياة الاجتماعية،  ولكن تلك الاحزاب لم تكن تتعامل مع القومية كفكرة وممارسة شوفينية،  ولم تتعامل مع الدين والمذهب كفكرة وممارسة طائفية سياسية اقصائية انعكاساً للواقع الاجتماعي،  والنظرة غير العدائية بين الفئات العرقية والمذهبية والدينية.

     وبعد رفع الانتداب عن العراق،  وحصوله على الاستقلال،  وانضمامه الى عصبة الامم،  في العام 1932 ([44])  شهدت البلاد بروز احزاب قد يكون من اهمها،  على مستوى الانتشار والتأثير والاستمرارية وعلى مستوى دلالة الاستقطاب الافقي "الحزب الشيوعي العراقي".

     ترجع الجذور الاولى للحزب الشيوعي العراقي الى العام 1924 ([45]) . غير ان تأسيسه كحزب يعود الى31 اذار1934،  وبأسم " لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار" ([46]) . 

     والحزب الشيوعي العراقي يمكن عده انموذجاً،  لعملية الاستقطاب الحزبي الافقي في تجاوزه للعرقية والمذهب والدين،  حتى وان بدى هذا الموقف ناتجاً في الاصل عن ايديولوجية تتجاوز القومية باعتبارها من ارهاصات الرأسمالية،  وتتجاوز الدين لايمان الماركسية بالاصول المادية لكل شيء ([47]) . ومع ذلك فلا يمكن نكران دور القاعدة الاجتماعية غير المتعصبة،  ودور العلاقات الاجتماعية نفسها في نشر افكار الحزب الشيوعي،  بين اشخاص متنوعي الانتماءات العرقية والمذهبية والدينية،  خصوصاً في مرحلة التأسيس.

     وبالرجوع الى الاصل العرقي والمذهبي والديني لمؤسسي الحزب الشيوعي،  يتضح ان يوسف سلمان يوسف فهد كلداني مسيحي،  غالي زويد عربي سني،  احمد جمال الدين عربي شيعي،  عبد الحميد الخطيب فارسي شيعي،  زكريا الياس دوكا كلداني مسيحي،  سامي نادر مصطفى)  عربي سني،  عبد الوهاب محمود عربي سني،  عاصم فليح عربي سني،  قاسم حسن عربي سني،  مهدي هاشم اذربيجاني الأصل شيعي،  حسن عباس الكرباس عربي شيعي،  جميل توما كلداني مسيحي،  نوري روفائيل كلداني مسيحي،  يوسف اسماعيل هندي الاصل سني،  زكي خيري عربي سني،  ويوسف متي كلداني مسيحي ([48]) .

     وفي فترات لاحقة نجد في اللجان المركزية للحزب الشيوعي العراقي كرداً ويهود،  مثل عزيز الحاج كردي فيلي شيعي،  هاشم عبد الله الاربيلي كردي سني،  ساسون شلومو دلال يهودي،  رفيق توفيق جالاك كردي سني،  يعقوب مناحيم قجمان يهودي ([49]) . بل وحتى منصب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي،  للفترة من العام 1949 وحتى العام 1953،  كان لبهاء الدين نوري وهو كردي سني ([50]) .

     وبذلك نخلص،  ومن خلال النماذج الحزبية السابقة،  ان بنية المجتمع العراقي بتنوعاتها العرقية والمذهبية والدينية،  المتجانسة اجتماعياً وقد عكست نفسها في الاحزاب باستقطاب افقي،  بصرف النظر عن الانتماء العرقي والمذهبي والديني ([51]) .

 

 



 ([1])  باقر ياسين،  تاريخ العنف الدموي في العراق،  دار الكنوز الادبية،  بيروت،  1999. وهو كتاب يقع في  (435)  صفحة،  ومقسم على عشرة فصول،  تناول فيها الكاتب ظاهرة العنف الدموي في العراق لخمسة الاف سنة.

 ([2])  في دراسة لمجموعة من المفكرين العرب حول النـزاعات الاهلية العربية وعواملها الداخلية والخارجية،  وصف الدكتور عبد الاله بلقزيز المجتمع العربي بأنه مجتمع عصبوي عسير الاندماج متعدد،  وهو احد اسباب النـزاعات الاهلية،  ولكنه مع ذلك لم يعد النـزاع الاهلي مخرجاً لازماً للتنوع،  إلا اذا كان مشروطاً بتوظيف سياسي له للمزيد من التفاصيل وخصوصاً عن العراق،  ينظر:

د. محمد جابر الانصاري وآخرون،  المصدر السابق،  ص50،  114، 119.

 ([3])  حنا بطاطو،  المصدر السابق،  الكتاب الاول،  ص295.

 ([4])  المصدر نفسه،  ص284.

 ([5])  المصدر نفسه،  ص292-296.

 ([6])  يوسف رزق غنيمة،  نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق،  دار الوراق،  لندن،  1997،  ص164.

 ([7])  المصدر نفسه،  ص317-318.

ان دلالة عبارة " هذه البلاد التي عشنا في ربوعها آلاف السنين" الواردة في الاقتباس،  ليست تعبيراً مجازياً ففي موضع اخر من المصدر نفسه يشير الكاتب الى انه في العام 1604 كان في بغداد بين 200 الى 300 بيت من اليهود،  ومنهم 12 الى 15 بيتاً يرقون الى الاسر البابلي "المصدر نفسه"،  ص160.

 ([8])  رشيد الخيون،  المصدر السابق،  ص17.

 ([9])  البير ابونا،  المصدر السابق،  ص212-213. ولنفس موقف الجليليين مع المسيحيين ينظر: بهنام عبد المسيح،  قره قوش في كفة التاريخ،  مطبعة الاديب،  بغداد،  1962،  ص54.

 ([10])  سلوك السلطة ازاء الكرد،  سيكون احد محاور المبحث الثالث من هذا الفصل.

 ([11])  سليم مطر،  جدل الهويات…،  المصدر السابق،  ص56.

 ([12])  حتى اذا تم تعليل،  تحدث نسبة من الكرد اللغة العربية،  بتأثير الدين الاسلامي والقرآن،  يبقى هذا العامل،  عنصر تقريب وتواصل بين الفئات العرقية.

 ([13])  يذكر د. علي الوردي،  انه بعد ايام من بداية الاحتلال البريطاني للعراق اخذت قوافل المجاهدين تتوافد على السماوة،  من الشامية وابو صخير والنجف،  كما وصلت اليها قوافل للمجاهدين الكرد.

د. علي الوردي،  لمحات اجتماعية …،  الجزء الرابع،  المصدر السابق،  ص129. كما ويذكر العميد الركن شكري محمود نديم،  بلغ عدد المجاهدين في كانون الثاني 1915،  زهاء 12 الف مجاهد عربي،  والفي مجاهد كردي وتركماني.

العميد الركن شكري محمود نديم،  حرب العراق 1914-1918،  الطبعة الثامنة،  بغداد،  1974،  ص29-30.

 ([14])  للمزيد عن دور الشيخ محمود الحفيد البرزنجي ينظر: عبد الرحمن ادريس صالح البياتي،  المصدر السابق،  ص.

 ([15])  عبد الرزاق الحسني،  تاريخ الاحزاب السياسية العراقية،  الطبعة الثانية،  بيروت،  1983،  ص89.

 ([16])  علي آل بازركان،  الوقائع الحقيقية في الثورة العراقية،  بغداد،  1954،  ص90-94.

 ([17])  د. وميض جمال عمر نظمي،  المصدر السابق،  ص365.

 ([18])  المصدر نفسه،  ص364.

 ([19])   حنا بطاطو،  المصدر السابق،  الكتاب الاول،  ص36.

 ([20])   هناك محافظات عراقية اخرى تصلح ان تضاف كنماذج للتنوع،  مثل بغداد،  وديالى وبدرجة اقل واسط والبصرة،  إلا ان ميزة الموصل وكركوك انهما اكثر تعبيراً عن التنوع،  فضلاً عن انهما شهدتا حالات صراع وعنف نسبت احياناً الى عامل التنوع.

 ([21])  د. شاكر خصباك،  العراق الشمالي،  ص141-143.

 ([22])  سنناقش هذه الاحداث لاحقاً في الفصل الرابع من هذه الدراسة.

 ([23]) د. شاكر خصباك،  العراق الشمالي،  ص191.

 ([24])  د. كمال مظهر احمد،  المصدر لسابق،  ص77.

 ([25])  المصدر نفسه،  ص91.

 ([26])  ماليبارد،  نواعير الفرات او بين العرب والكرد،  ترجمة د. حسين كبة،  مطبعة الرابطة،  بغداد،  1957،  ص209.

 ([27])  د. كمال مظهر احمد،  المصدر السابق،  ص93.

 ([28])  المصدر نفسه،  ص94.

 ([29])  للمزيد حول معنى الحزب السياسي ينظر: ياسين سعد محمد علي،  الاحزاب والقوى السياسية وتأثيرها على القرار السياسي في المملكة المغربية بعد الاستقلال،  رسالة ماجستير غير منشورة،  معهد القائد المؤسس للدراسات القومية والاشتراكية العليا،  الجامعة المستنصرية،  2001،  ص34-35.

 ([30])  د. طارق علي الربيعي،  لاحزاب السياسية،  وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،  جامعة بغداد،  1990،  ص37.

 ([31])  تذهب الكثير من الدراسات الاسلامية الى عد الفرق الاسلامية،  احزاباً،  وفي ذلك يشير احمد امين،  ان الاسماعيلية  (فرقة شيعية) ،  كانت تؤلف حزباً كبيراً،  وقد وضع رؤسائهم اسساً ومبادئ لجمعية سرية على ادق نظام عرفه التاريخ الى اليوم.

ينظر: احمد امين،  ظهر الاسلام،  الجزء الرابع،  مكتبة النهضة المصرية،  القاهرة،  1961،  ص127.

ولنفس المضمون ينظر: د. محمد عمارة،  المصدر السابق،  ص44.

 ([32])  د. غسان العطية،  التنظيم الحزبي في العراق قبل الحرب العالمية الاولى،  مجلة دراسات عربية،  بيروت،  العدد 12،  تشرين الاول 1972،  ص34.

 ([33])  د. وميض جمال عمر نظمي،  المصدر السابق،  ص86.

 ([34])  سيتم اعتماد عينات فقط،  وذلك لكثرة الاحزاب والجمعيات التي تمثل الاستقطاب الافقي.

 ([35])  د. عادل تقي عبد البلداوي،  التكوين الاجتماعي للأحزاب والجمعيات السياسية في العراق 1908-1958،  بغداد،  2003،  ص8-10.

 ([36])  المصدر نفسه،  ص1-112.

 ([37])  المصدر نفسه،  ص15.

 ([38])  عد اولئك من طبقة واحدة،  اعتماداً على معيار الملكية فقط،  وهو المعيار الذي يقسم المجتمع الى ثلاث طبقات  (عليا،  ومتوسطة،  ودنيا)  للمزيد حول التصنيفات الطبقية الاخرى ينظر: د. محمود عبد الفضيل،  التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي دراسة تحليلية لاهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة 1945-1985،  مركز دراسات الوحدة العربية،  بيروت،  1988،  ص17.

 ([39])  تعد جريدة "الزوراء" اول جريدة في العراق،  صدر عددها الاول في 16 حزيران 1869،  واستمرت بالصدور حتى احتلال البريطانيين لبغداد في 11 اذار 1917،  وكذلك صدرت جريدة "الموصل" في العام 1885،  وتوقفت في العام 1918،  وصدرت جريدة "البصرة" في العام 1889،  وتوقفت في العام 1914،  وكن جرائد حكومية،  واصدر الاباء الدومنيكان جريدة "اكليل الورد" في الموصل في العام 1902،  وجريدة "زهيرة بغداد" 1905،  وبعد اعلان الدستور العثماني في العام 1908 شهدت الصحافة توسعاً ملحوظاً،  وصل عددها  الى اكثر من خمسين جريدة. وعلى الرغم من ذلك،  لا يمكن عد ذلك نقلة نوعية للصحافة بسبب قاعدة الامية الواسعة،  والتخلف بشكل عام في العراق حينها،  والذي لابد وان ينعكس على مضمون تلك الجرائد،  وبالتالي على دورها في دعم الحياة الحزبية: بخصوص المعلومات عن الجرائد ينظر: عبد الرزاق الحسني،  تاريخ الصحافة العراقية،  مطبعة الزهراء،  بغداد،  1957،  ص5-51؛  مجبل الجبوري،  حبزبوز في تاريخ صحافة الهزل والكاريكتور في العراق،  دار الشؤون الثقافية العامة،  بغداد،  1986،  ص14-17. 

 ([40])  يذكر حنا بطاطو ان عدد الطلاب في الكليات والمدارس الابتدائية والثانوية والمهنية في العام 1921،  كان  (596)  طالباً.

 ينظر: حنا بطاطو،  العراق،  الكتاب الثاني،  الحزب الشيوعي،  ترجمة،  عفيف الرزاز،  الطبعة الثانية،  مؤسسة الابحاث العربية،  بيروت،  1996،  ص132.

 ([41])  د. فاروق صالح العمر،  الاحزاب السياسية في العراق 1921-1932،  بغداد،  1978،  ص316.

 

 ([42])  للمزيد عن تلك الاحزاب،  وعن الخلفية الاجتماعية لمؤسسيها ينظر: د. عادل تقي عبد البلداوي،  التكوين الاجتماعي للأحزاب…،  ص27 وما بعدها.

 ([43])  المصدر نفسه،  ص41.

 ([44])  "العراق في التاريخ"،  ص680.

 ([45])  يذكر حنا بطاطو،  وغيره من الباحثين ان حسين الرحال،  وهو عراقي من اب عربي وام تركية،  قد قام في ذلك العام  (1924) ،  بتشكيل اول حلقة دراسية ماركسية في العراق،  وأسس جريدة عرفت بـ (الصحافة) ،  ظهرت في 1924-1925،  عبرت عن الافكار الماركسية،  وكان الرحال حينها طالباً في مدرسة الحقوق ببغداد.

حنا بطاطو،  المصدر السابق،  الكتاب الثاني،  ص43؛ جعفر عباس حميدي،  التطورات السياسية في العراق 1941-1953،  مطبعة النعمان،  النجف،  1976،  ص339-340.

 ([46])  ليث عبد الحسن الزبيدي،  ثورة 14 تموز 1958 في العراق،  الطبعة الثانية،  مكتبة اليقظة العربية،  بغداد،  1981،  ص74.

غير ان حنا بطاطو،  يشير الى انها أسست في 8 اذار 1935،  وليس في 31 اذار 1934،  كما ان اسم  (الحزب الشيوعي العراقي)  ظهر لاول مرة في تموز 1935.

 ([47])  يذكر احد الكتاب الماركسيين "ليست المادية مذهباً جامداً،  بل هي طريق لتفسير وتصور وشرح كل مسألة". للمزيد عن التعارض بين الفلسفة المادية والفلسفة المثالية ينظر: موريس كورنفورث،  مدخل الى المادية الجدلية،  ترجمة محمد مستجير مصطفى،  الطبعة الثالثة،  دار الفارابي،  بيروت،  1990،  ص24.

 ([48])  بخصوص المعلومات الواردة عن الاصل العراقي والمذهبي والديني،  لمؤسسي الحزب الشيوعي العراقي وتفاصيل اخرى. ينظر:

حنا بطاطو،  المصدر السابق،  الكتاب الثاني،  ص66-73.

 ([49])  المصدر نفسه،  ص230-232.

 ([50])  المصدر نفسه،  ص323.

 ([51])  لا يعني ذلك ان لا وجود لأي خروج عن هذه القاعدة عند بعض الاحزاب التي عبرت عن استقطاب عامودي قومي او مذهبي،  وهو ما سنناقشه لاحقاً.

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة