رموز وطنية

عبد الله كوران شاعر كردي عراقي أصيل

 

زينب عثمان زنكنة ـ الموصل

 

 

يعتبر عبد الله كوران من أوائل مجددي الشعر الكردي العراقي، بالاضافة الى أنه مناضل وطني يساري، كافح بشعره، سنوات الفترة الملكية، من أجل حق العراقيين في الديمقراطية والعدالة. وقد عبر دائما في شعره عن اعتزازه بأخيه العراقي الناطق بالعربية.

اسمه عبد الله سليمان ولد في " حلبجة " عام 1904، درس في مدرسة العلم بكركوك عام 1921 م إلا أنه تركها بعد مقتل أخيه الأكبر، وعاد إلى مدينته للاعتناء بوالدته فأمتهن التعليم بين 1925 – 1937 في مدارس ابتدائية في حلبجة وهو رامان، وأثناء الحرب العالمية الثانية عمل لدى إذاعة الحلفاء والتي كانت تبث من " يافا " بفلسطين برامج باللغة الكردية تتصدى للدعاية الفاشية.

كان لوثبة كانون 1948، وانطلاقة موجة التجديد في الشعر العربي على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري، دورهما في رسم ملامح شعر كوران، الذي صار - بجانب الايقاع الجديد - يؤثرمواضيع غير تقليدية مثل المرأة والوطن والحرية. كما راح يثمـّر إجادته خمس لغات في إطلاق إبداعه، وفي تثوير اللغة الكردية وآدابها. ونشط كوران سياسياً وألقي القبض عليه عام 1951 لأول مرة مع عدة معارضين وظل سجيناً حتى 1952. عمل محرراً لصحيفة زين " الحياة " بين 1952 – 1954 ثم أعيد اعتقاله في خريف 1954 وحكم عليه بالسجن لمدة سنة إضافية قضاها في " بدرة " في اواخر 1956 أطلق صراحه ليعتقل مرة أخرى بعد شهرين. استمر سجنه هذه المرة حتى آب 1958 أي بعد مرور شهر على تحول العراق إلى الحكم الجمهوري، أصبح أقرب إلى صورة البطل في أعين العراقيين والسلطة فأرسل في وفود إلى الإتحاد السوفيتي – السابق – والصين وكوريا الشمالية. وفي بداية 1959 تولى مهمة تحرير جريدة " الشفق " والتي تغير اسمها بعد ذلك إلى " البيان " وفي خريف 1960 أصبح كوران مدرساً للآداب واللغة الكردية في جامعة بغداد. وفي عام 1962 أصيب بالسرطان وأجريت له عملية جراحية متأخرة جداً، سافر إلى موسكو في نيسان من نفس العام لتلقي العلاج في مستشفى الكريملين وبعد ذلك في مصحة " بريجيج " ثم أعيد إلى العراق بعد ثلاثة أشهر، حيث توفي في شهر تشرين أول من نفس العام. يلاحظ أن المثقفين الاكراد من ذوي الميول القومية العنصرية، حينما يذكرون عبد الله كوران، يجعلونه مثلهم قومي متعصب ويتجنبون تماما ذكر كل مواقفه وقصائده الوطنية والتي يذكر فيها أخيه العربي بمحبة وتضامن!

هذه مقاطع مختارة من قصائده:
"
آه ٍ أخي العربيٍ
كم من عباءة ٍ
كم من لبـّاد ٍ
مزقـْنا
آنَ كنا نعمل بالسخرة للظالمين
آه ٍ كم مسحنا العرق من جباهنا
ونحن مثقلون بالأحمال
أخي العربي
ياذا العينين السوداوين
مـُرّاً كان نصيبك
مُـرّاً كان نصيبي
قد جرعنا المرارة من كأس واحدة
فأضحت أخوتنا عسلاً شهيـّا"
ـــــــــــــــ
" يا ذكريات عمري الغابر حنانيك
لا تغرقي حبي البائس في بحر البعاد "

ـــــ

" آلاف من جميلات العيون ضامرات الخصور
قد ضمهن الثرى المظلم
ما كان أجمل خد من خدودهنَ المتوردة
وسواد عيونهنَ
ولكن جمالاً واحداً لن تستطيع ريح الخريف
أن تسقط أوراقه أو تطفئ خضرته الأبدية
ذلك هو الجمال النابع من الروح ومن منبع القلب
والمتدفق المنهمر أبداً "

ــــــــــــــــــــــــــ
" أواه يا بلبل حديقة السراي
رغم إننا في فصل الخريف
فأنا أسقي لك دورك بدمائي فأنشد لرثائك
وقل لعروستي التي عاشت مع ليلة واحدة إن جاءتني
لا تقولي لي قد مات من أجل الوطن ولم يحي من أجل حبي ..
واجباً كان علي أن أفدي روحي لوطني "

ـــــــــــــــــــــــــــــ 
" أخي العربي
لمع سيف
وغرق بريقه في دماء
سالت في عنق أبي
على تراب التاريخ
وفجعنا كلانا بأبوينا
الهموم تعصر أعيننا قطرة قطرة
فتعانقنا وبكينا معاً
فجعل البكاء منا أخوين "

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة