هذا هو العراق!!

 

بسبب حالة الانكسار التي تعود العراقيون عليها، فإنهم كثيراً ما تقبلوا الاساءة الى انفسهم عبر الاساءة الى وطنهم وتاريخهم. على هذا الاساس فأنهم تعودوا سماع المقولات التراثية المسيئة لهم،  منها مقولة الحجاج الشهيرة عن (أرى رؤوساً قد أينعت..) وغيرها من المقولات المحدثة ومن أشهرها مقولة الباحث  (علي الوردي)  التي تصف شخصية العراقيين بـ  (البداوة والازدواجية والتعصب)  وغيرها من التشويهات الظالمة التي لا ترى من تراث العراق غير العنف والدم! ! ؟ ؟ .. بهذا يتم تناسي الجوانب المضيئة من شخصيتـنا وتراثنا وأمجادنا،  وتلك المقولات الايجابية التي تمدح العراق وتشيد بخصال أهله، منها مثلاً هذه المقولة المنسية :

  ((أما العراق فمنارة الشرق،  وسرة الأرض وقلبها، إليه تحادرت المياه، وبه اتصلت النضارة، وعنده وقف حد الإعتدال، فصفت أمزجة أهله، ولطفت أذهانهم، واحتدت خواطرهم،  واتصلت مسراتهم، فظهر منهم الدهاء، وقويت عقولهم، وثبتت بصائرهم، وقلب الأرض العراق،  وهو المجتبى من قديم الزمان، وهو مفتاح الشرق، ومسلك النور، ومسرح العين، ومدنه المدائن وما والاها، ولأهله أعدل الألوان، وأنقى الروائح، وأفضل الأمزجة، وأطوع القرائح، وفيهم جوامع الفضائل، وفوائد المبرات، وفضائله كثيرة لصفاء جوهره، وطيب نسيمه، واعتدال تربته،  وإغداق الماء عليه، ورفاهية العيش به)).

حكيم يصف لعمر بن الخطاب(رض) العراق وأهله (مروج الذهب للمسعودي/ج 1/ص 63 ) .

 

 قال الجاحظ: (( العلة في عصيان أهل العراق على الأمراء، وطاعة أهل الشام، أن أهل العراق أهل نظر وذوو فطن ثاقبة. ومع الفطنة والنظر يكون التنقيب والبحث. ومع التنقيب والبحث يكون الطعن والقدح، والترجيح بين الرجال، والتمييز بين الرؤساء، وإظهار عيوب الأمراء)).

 

وقال عز الدين بن أبي الحديد: ((وطينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب النحل العجيبة، والمذاهب البديعة. وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر، وبحث عن الآراء والعقائد، وشبه معترضة في المذاهب. وقد كان منهم في أيام الأكاسرة مثل ماني وديصان ومزدك وغيرهم)).

 (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة).

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة