الاصول التاريخية للمادة (140) العنصرية!

 

أنور بيرقدار/ عضو اللجنة العليا لتطبيق المادة 140

enver_akturkmen@yahoo.com

 

المادة 140 عنصرية وتقسيمية

  بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عين حاكم مدني أمريكي من قبل الإدارة الأمريكية في العراق وهو بول بريمر. فقام بعدة إجراءات للسيطرة على الوضع في العراق، منها حل الجيش والشرطة وجميع أجهزة الدولة الأمنية السابقة. ثم أسس مجلس حكم انتقالي يضم 25 عضواً من مختلف شرائح الشعب العراقي.
  ثم أصدر بول بريمر قانوناً لإدارة شؤون العراق سمي بـ (قانون أدارة الدولة) وأجبر أعضاء مجلس الحكم بالتوقيع على هذا القانون. إلاّ أن العجب العجاب هو إدخال مادة في هذا القانون بطلب من الأكراد. لقد كتبت هذه المادة بأيادي كردية صرفة وتلبي طموحات الأكراد التوسعية وتؤدي بالنتيجة إلى استقلال الأكراد وانفصالهم عن العراق بأسم (دولة كردستان الكبرى).
  هذه المادة اُدخلت في قانون إدارة الدولة تحت رقم 58. بعد أجراء الانتخابات لتشكيل الحكومة الانتقالية العراقية تم تشكيل لجنة صياغة الدستور من قبل المجلس الوطني العراقي وكان للأكراد ثقل كبير في هذه اللجنة، ولهذا السبب فانهم تمكنوا من نقل المادة 58 من القانون السابق إلى الدستور العراقي الجديد تحت رقم 140.

المادة (58) العنصرية

وتنص هذه المادة الشهيرة من (قانون أدارة الدولة) على ما يلي :
  أ- تقوم الحكومة العراقية الانتقالية ولا سيما الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، وعلى وجه السرعة، باتخاذ تدابير، من أجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة بضمنها كركوك، من خلال ترحيل ونفي الإفراد من أماكن سكناهم، ومن خلال الهجرة القسرية من داخل المنطقة وخارجها، وتوطين الافراد الغرباء عن المنطقة، وحرمان السكان من العمل، ومن خلال تصحيح القومية. ولمعالجة هذا الظلم، على الحكومة الانتقالية العراقية اتخاذ الخطوات التالية:
  1. فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين، وانسجاماً مع قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، والاجراءات القانونية الاخرى، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة، باعادة المقيمين الى منازلهم وممتلكاتهم، واذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضاً عادلاً.
  2. بشأن الإفراد الذين تم نقلهم إلى مناطق وأراضي معينة، على الحكومة البت في أمرهم حسب المادة 10 من قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، لضمان أمكانية اعادة توطينهم، أو لضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة، أو امكانية تسلمهم لأراضي جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها، أو امكانية تلقيهم تعويضاً عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق.
  3. بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف أو من وسائل معيشية أخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من أماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي، على الحكومة أن تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي.
  4. اما بخصوص تصحيح القومية فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة، والسماح للاشخاص المتضررين، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون اكراه أو ضغط.
  ب- لقد تلاعب النظام السابق أيضا بالحدود الادارية وغيرها بغية تحقيق أهداف سياسية. على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات غير العادلة. وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالاجماع على مجموعة من التوصيات، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد وبالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات. وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم، فعلى مجلس الرئاسة أن يطلب من الامين العام للامم المتحدة تعيين شخصية دولية مرموقة للقيام بالتحكيم المطلوب.
  ج- تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، الى حين استكمال الاجراءات أعلاه، واجراء احصاء سكاني عادل وشفاف والى حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب أن تتم هذه التسوية بشكل يتفق مع مبادىء العدالة، آخذاً بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي.

                                       المادة(53) المنافية للوحدة الوطنية
  كذلك تمكن اللوبي الكردي من فرض الغاء الفقرات (ب، جـ ، د) من (المادة 53 من قانون ادارة الدولة المؤقت) ونقل الفقرة ( أ ) منه الى (الدستور العراقي الجديد) لكون هذه الفقرة تخدم قضيتهم وهذا هو نص المادة 53:
  أ- يعترف بحكومة اقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للاراضي التي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في 19 آذار 2003 الواقعة في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وكركوك وديالى ونينوى. ان مصطلح "حكومة اقليم كردستان" الوارد في هذا القانون يعني المجلس الوطني الكردستاني. ومجلس وزراء كردستان والسلطة الاقليمية في اقليم كردستان.
  ب- تبقى حدود المحافظات الثمانية عشر بدون تبديل خلال المرحلة الانتقالية.
  ج- يحق للمحافظات خارج اقليم كردستان، فيما عدا بغداد وكركوك، تشكيل أقاليم فيما بينها، وللحكومة العراقية المؤقتة أن تقترح آليات لتشكيل هذه الاقاليم، على أن تطرح على الجمعية الوطنية المنتخبة للنظر فيها واقرارها يجب الحصول بالاضافة الى موافقة الجمعية الوطنية على أي تشريع خاص بتشكيل اقليم جديد على موافقة أهالي المحافظات المعنية بواسطة استفتاء.
  د- يضمن هذا القانون الحقوق الادارية والثقافية والسياسية للتركمان والكلدو آشوريين والمواطنين الاخرين كافة.

جاء في نص المادة 58 بأن تأخذ الحكومة الانتقالية على عاتقها تطبيق المادة 58 وعلى وجه السرعة إلا أن رئيس وزراء الحكومة الانتقالية ابراهيم الجعفري تماطل في تطبيق هذه المادة لأنه ادرك أن تطبيق هذه المادة سوف يؤدي الى تقسيم العراق. لهذا السبب اتخذت الأحزاب والحركات الكردية موقفاً معادياً منه ووصل الامر الى حد اطلاق رئيس الجمهورية الكردي جلال الطالباني تهماً ضد رئيس الوزراء الانتقالي إبراهيم الجعفري في فترة حكم الحكومة الانتقالية وقد تناقلت وسائل الإعلام في حينها هذه المشاكل.
  ظهرت نتائج الانتخابات للحكومة الدائمة بفوز قائمة الائتلاف وتم اختيار إبراهيم الجعفري لرئاسة الحكومة. وقد جن جنون الأكراد بهذا الاختيار وضغطوا على قائمة الائتلاف بتغيير مرشحها وبالفعل تم تغيير الجعفري بنوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الحالي ودخل المالكي في مساومات مع الأحزاب الكردية حول كركوك في تطبيق المادة 58 (المادة 140 من الدستور العراقي) في برنامج حكومته الذي نال ثقة مجلس النواب العراقي على ضوءه.
  وبعد توليه السلطة يقوم المالكي على قدم وساق بالتعجيل في تطبيق المادة 58 وتم تقديم تسهيلات كثيرة من أجل ذلك في شتى المجالات حيث خصص 280 مليون دولار من ميزانية الدولة لصرفها على عملية تطبيع الأوضاع، أي لتهجير (عرب كركوك)!  وتم تشكيل لجنة حكومية بأسم (لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك). هذا هو نص الأمر الديواني رقم 46 الصادر من ديوان رئاسة الوزراء في 9/8/2006 لتشكيل لجنة تطبيع الاوضاع وفق المادة (58):
  أولاً: تشكيل لجنة لتنفيذ المادة (140) من الدستور المتعلقة بالمناطق المختلف عليها بضمنها محافظة كركوك وعلى الشكل التالي :
أسماء تسعة مسؤولين
  ثانياً: يوضع في رصيد هذه اللجنة مبلغ (200000000) دولار (فقط مائتا مليون دولار) لتغطية مصاريف تنفيذ مضمون المادة(140) من الدستور العراقي.

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة