جغرافية

طبيعة كركوك

 

اعداد طارق كامل/ بغداد

tariq_963@yahoo.com

 

موقع كركوك في قلب شمال العراق

 

ان موقع مدينة كركوك وحواليها وجغرافيتها وثرواتها الطبيعية ذو أهمية بالغة محلياً وعالمياً، كما أنها كانت وما تزال همزة وصل بين المناطق الجبلية والسهول والبوادي وهي تقع في مسار الطرق التجارية القديمة والحديثة، كما أنها مناخياً تقع في منطقة انتقال بين مناخ المناطق الجبلية ذات الامطار الغزيرة والثلوج ومنطقة البوادي والسهول الجافة ذات الامطار القليلة والحرارة العالية وزراعتها شتوية (ديمية) أي تعتمد على الامطار. وفي المنطقة مياه جارية وأنهار ساعدت على انتعاش الزراعة الاروائية وطورت مياهها الجوفية بالكهاريز (آبار متصلة ببعضها البعض وتخرج مياهها إلى سطح الارض) وطورتها بأحسن هندسة استثمارية وهي من المناطق الفريدة في العالم. وتتنوع زراعات المنطقة وتكثر غلاتها وخاصة القمح والشعير وتهتم الزراعة الاروائية بأشجار الفاكهة والكروم والخضروات وتصدر إلى مختلف المناطق.

وأعظم ثروة في المنطقة كانت وما تزال هي ثروة النفط. استغل الانسان في بلاد الرافدين القير (الاسفلت) والنفط منذ القدم في الانارة والتدفئة والتبليط وصناعة المراكب المائية (القفة والبلم والشخاتير) والاواني وغيرها. وكان الفائض يرسل إلى مناطق أخرى وكانت هذه الثروة العامل الرئيس والمشجع للاستعمار الغربي والانكليزي خاصة للاستيلاء على المنطقة بعد الحرب العالمية الاولى وسقوط الامبراطورية العثمانية. ولتحقيق ذلك استعانت انكلترا بكل الدسائس والحيل وأسست أول صناعة نفطية في الشرق الاوسط (عبادان عام 1907). وفي سبيل ذلك أوقعت التفرقة بين سكان المنطقة (فرق تسد).

الموقع

  تقع كركوك شمالاً، بين خطي الطول "34-36" وخطي العرض "44-45". وتحيطها من الشمال والشمال الشرقي والشمال الغربي سلسلة جبل بور، ويبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 300م. وهي في منطقة سهلية على ضفتي نهر (خاصة جاي) الذي تجري مياهه في السنين الممطرة شتاءاً ويجف صيفاً وهي في منطقة متوسطة فيما بين نهر الزاب الصغير الذي يقع شمالاً والذي يبعد عنها حوالي 40 كم شمال غرب (التون كوبري) الذي يصب قرب نهر دجلة وسلسلة جبال (تلال) حمرين جنوب غرب قرب بلدة الفتحة ويتقاطع مع نهر دجلة بمسافة (120كم)، ونهر ديالى من الجنوب الغربي وأقرب مسافة لها هي قره خان (جلولاء) بمسافة (110كم) ومرتفعات قره حسن وشوان وجمجمال شرقاً وشمالاً شرقياً وثم سلسلة جبال قره داغ وبازيان ومرتفعات منطقة السليمانية شرقاً التي تبعد حوالي (100كم).  

الحدود

من الشمال محافظة أربيل، ومن الشرق محافظة السليمانية، ومن الغرب محافظة صلاح الدين، ومن الجنوب محافظة ديالى وصلاح الدين. وهي تبعد عن أربيل بمسافة 92 كم وعن السليمانية 109 كم وعن العاصمة بغداد 255 كم وعن ديالى 215 كم.

المساحة

كانت مساحة لواء كركوك عند تأسيس الدولة العراقية بعد الحرب العالمية الاولى عام 1921 حوالي (20,000كم مربع) وبعد تطبيق سياسة التعريب البعثية عام (1972) أصبحت (9426 كم2) وكانت تتكون من الاقضية التالية:-

-                        قضاء كركوك المركز

-                          قضاء داقوق (طاووق)

-                          قضاء كفري (صلاحية)

-                          قضاء جمجمال

بعد تنفيذ سياسة التعريب البعثية عام 1972 قلصت الاقضية والحقت بالمحافظات المجاورة لتقليل كثافتها السكانية التركمانية وثم تغيير اسم كركوك إلى محافظة التاميم تبركاً بتأميم شركة النفط العراقية حسب ادعائها وحصل التغيير كالآتي:

-                        ألحق قضاء كفري بمحافظة ديالى

-                          والحق قضاء طوز خورماتو بالمحافظة الجديدة صلاح الدين (تكريت)

-                          والحق قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية

-                          والحقت ناحية التون كوبري بمحافظة أربيل

-                          واستحدث قضاء جديد في الحويجة بأسم الرياض  

المناخ

يعتبر مناخ كركوك ضمن الانتقالي بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي، وهو مناخ السهوب الذي يتميز بالبرودة الشديدة شتاءاً وانخفاض معدل الرطوبة وترتفع معدلات درجة الحرارة خلال الصيف، حيث تبلغ خلال شهر تموز 49 درجة ويبلغ المعدل العام 31 درجة مئوية .

    وتهب الرياح غالباً من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي صيفاً، ومن الجنوب الشرقي الى الشمال الغربي شتاءاً، وتحول الجبال العالية التي تحيط بكركوك من الناحية الشرقية الشمالية دون وصول الرياح اليها من تلك الجهة .  

وتسقط أمطار طيلة فصل الشتاء والربيع بدءاً من أواسط الخريف وحتى أواخر الربيع، ولا تسقط في غير هذه الاوقات الاّ نادراً جداً . فتتراوح الكمية الساقطة في جنوب كركوك ما بين 200 - 400 ملم، أما الجهة الشمالية فتتراوح كمية الامطار الساقطة مابين 400 - 1000 ملم . ونادراً ماتسقط بشكل ثلوج.

التكوينات الارضية والتربة والمناخ

يقع قسم من أراضي كركوك في منطقة شبه جبلية، وجزء صغير ضمن منطقة الجبال العالية. ويتراوح ارتفاع الجبال مابين 200 الى 1000 م. أما المنطقة شبه الجبلية فانها تمتاز بالسلاسل الجبلية الواطئة والتلال الكثيرة والسهول الواسعة وتضم هذه المنطقة جبال حمرين ومكحول والعطشان وابراهيم. معظم الاراضي المجاورة لمدينة كركوك سهول ليس فيها تلال أو جبال واقرب التلال والمرتفعات المجاورة هي تلال بابا كوركور حيث فيها النار الازلية المجاورة لحقول نفط كركوك وتليها تلال شوان في طريق كويسنجق وتلال (قره اينجير) من الشرق في طريق السليمانية ومن الجنوب الشرقي تلال قره حسن (ليلان) وتليها سلاسل جبال بازيان وقره داغ في الشمال الشرقي. وفي أقصى الجنوب الغربي تقع سلسلة جبال حمرين بأتجاه الشمال الشرقي. ويعتبر سهل كركوك والحويجة وداقوق وطوز خورماتو إلى انجانه من أعظم السهول لو توفرت له المياه الاروائية الكافية.

تستثمر معظم مساحات هذه السهول ديمياً، ويعتمد على الامطار لأنتاج القمح والشعير، وسهل الحويجة الذي يروى من نهر الزاب الصغير منذ الخمسينات، كما تستثمر مساحات صغيرة حوالي مدن كركوك وتازة خورماتو وداقوق وطوزخورماتو في الزراعات الصيفية الاروائية وتستعمل مياه فروع نهر العظيم (خاصه جاي، داقوق جاي، آق صو) في الارواء وهناك مصادر مائية تسمى بالكهريز وهي مياه جوفية تربط مجموعة آبار ببعضها وترفع مياهها إلى سطح الارض وتستمر في ري الزراعات الصيفية وتنتشر هذه الكهاريز في مناطق كثيرة حوالي كركوك وتازة خورماتو وداقوق وكفري وقره تبة.

تعتبر تربة أراضي كركوك تربة خفيفة غرينية وقليل منها طينة أو رملية غرينية وجميعها معرضة لأنواع التعرية المائية والهوائية وتنتشر هذه الاراضي حوالي المجاري الطبيعية والوديان التي تجري فيها المياه خلال المواسم الممطرة وجميعها صالحة للزراعة الديمية عامة والزراعة الاروائية خاصة وهي خصبة جداً وتصلح لأنتاج كل أنواع المحاصيل الزراعية وأشجار الفاكهة والخضروات.

تعتبر منطقة طوزخورماتو حدوداً عليا لأشجار النخيل والحمضيات (التاريخيات) في وادي الرافدين. جميع أراضي المنطقة معرضة للتعرية والتآكل والانجراف ولهذا تضيع سنوياً كميات كبيرة من تربتها وتتسرب في الوديان ومجمعات المياه والبحيرات وخزانات المياه وراء السدود الاروائية أو الكهربائية.

 

مصادر المياه

 

 

تهطل الامطار في معظم أنحاء كركوك طيلة الشتاء والربيع، وهذة الامطار هي عماد الحياة الزراعية ومبعث الخيرات في هذا البلد يتسع العيش بكثرتها ويضيق بقلتها، فهي تروي الاراضي المرتفعة التي لايمكن ارواؤها سيحاً لذلك يرتفع مستوى الانهار في موسم الشتاء، ثم يعود فينخفض في أيام الصيف انخفاضاً شديداً حتى يكاد أن ينعدم .

أشهر أنهار كركوك وأهمها:

1- نهر خاصة صو: الذي يخترق مدينة كركوك من وسطها، وسميت طرف القلعة أي الجانب الشرقي بـ" بيوك ياخا " أي الصوب الكبير والطرف الثاني أي الجانب الغربي بـ"القورية " أي الصوب الصغير ومعظم أجزاء منابع نهر خاصة صو يقع في مرتفعات منطقة شوان وجمجمال وبعد مروره بناحية تازة خورماتو يستمر جنوباً نحو الجنوب الغربي ويلتقى بمجرى نهر العظيم الرئيسي قرب جبال حمرين.

2- نهر داقوق صو: يمر بجوار قصبة داقوق وينبع من مرتفعات قره حسن ويجري بشكل موازي للفرع الاعلى خاصة صو، ويلتقي بمجرى العظيم الرئيسي بعد عبوره جبل حمرين. وتستمر مياه داقوق صو في ارواء مزارع داقوق بشكل اقتصادي جيد. حيث تعتبر كروم وبساتين داقوق وتازة خورماتو أحسنها في انتاج العنب والخضروات لمدينة كركوك.

3- نهر اق صو: يمر وسط  قضاء طوز خورماتو ويستمر بشكل موازي للفرعين الآخرين ويلتقي بمجرى العظيم قرب جبال حمرين. وينبع نهر اق صو من  مرتفعات سنكاو والمطيرة نسبيا ويستمر جريان مياهه في الصيف أيضاً.

وهناك أنهار أخرى أقصر، مبعثرة في شتى أنحاء كركوك منها نهر "كفري صو" أي نهر كفري الذي يقع عليه قضاء كفري وهذا النهر يلتقي في جوار "بلدة قره تبه" بنهر "نارين جاى" الذي يجري الى الجنوب حتى يلتقي بنهر ديالى عند جبل حمرين ومنها نهر "حاجيلر" و "صيدلان" و "كولوجو" وغيرها ومعظم هذة الانهار أشبه ما تكون بالوديان لأنها في الغالب لاتجري الاّ في موسم الامطار .  

 وتعتمد الجهات الشمالية من كركوك اعتماداً كلياً على نهر الزاب الصغير الذي تجري مياهه بغزارة طيلة أيام السنة. وسماه السومريون “زابوشيالو” وتتسع أجزاء من أحواضه في ايران ويستمر الى مناطق سروشتا وديانا ورانية وقلعة دزه. حيث بنى سد دوكان عام 1958 لانتاج الطاقة الكهربائية للمنطقة. ويستمر الى منطقة التون كوبري وبنى سد واطئ في منطقة الدبس وتفرع من النهر قناة الحويجة لري سهولها منذ الثلاثينات واستثمرت مياهها في هذه المنطقة من قبل شركة النفط وأخذ جزءاً منها كمياه للشرب والاستعمال البيتي لمدينة كركوك. يمكن القول أن المياه متوفرة في جميع أنحاء كركوك، حتى في الاراضي البعيدة عن الانهار، إذ تسقيها الابار الارتوازية أو الينابيع المتفجرة من باطن الارض، كانت المدينة سابقا تعتمد على الابار والكهاريز وتستعمل مياهها للشرب والاستعمال البيتي وفي الزراعة الصيفية وان توفر هذه المياه منوط بتوفر الامطار. وكانت المدينة سابقاً تعتمد على الآبار وكان في معظم البيوت آبار خاصة بها تستعمل مياهها للشرب والاستعمال البيتي وفي خارج المدينة كانت الكهاريز تستثمر في الزراعة الصيفية.

من جهة الجنوب الشرقي يحد أراضي منطقة كركوك نهر ديالى الذي تنبع بعض فروعه من ايران ومنها الوند قرب (خانقين) وقوراتو ونارين، في موقع دربندخان الذي بني سده عام (1963) لأنتاج الكهرباء والارواء ويستمر نحو منصورية الجبل حيث تتفرع فروع منها كثيرة لارواء شهربان والمقدادية وقزلباط وبعقوبة ويستمر حتى جنوب مدينة بغداد حيث يلتقي بنهر دجلة قرب الزعفرانية.

الزراعة  

 ان أراضي كركوك تربة خفيفة غرينية وقليل منها طينية أو رملية غرينية وجميعها معرضة لانواع التعرية المائية والهوائية وجميع أراضيها صالحة للزراعة الديمية عامة والزراعة الاروائية خاصة وهي خصبة جداً وتصلح لانتاج كل أنواع المحاصيل الزراعية وأشجار الفاكهة والخضروات.

ان اكثر المحاصيل الزراعية أهمية في كركوك هي الحنطة والشعير. وكذلك زراعة القطن في ضواحي المدينة وبذر الكتان في الحويجة. وتزرع فيها الخضر بأنواعها على مدار السنة وتكثر فيها بساتين الزيتون والفواكه والحمضيات والكروم.

لما كانت كركوك قليلة الامطار فهي منطقة شبه جافة ولاتتواجد فيها الغابات الطبيعية وغطائها النباتي الطبيعي يتكون من الحشائش والاعشاب الموسمية التي كانت تنمو بعد موسم الامطار وتستثمر جميع الاراضي في رعي الاغنام والمواشي وكانت تتوزع أنواع الشجيرات والاعشاب الدائمة في بطون الاودية والاراضي المنخفضة والتي كانت ايضاً تستغل في الرعي ونادراً ماكانت تستعمل كأحطاب. معظم الغطاء النباتي كان من الحشائش النجيلية والبقولية المفيدة للرعي.

الثروة الحيوانية

تعتبر الاغنام في رأس قائمة الثروة الحيوانية في كركوك وملحقاتها من الاقضية والنواحي والارياف، ويليها في الاهمية الماعز والابقار.

أما الطيور، حيث تكثر الطيور المختلفة في المنطقة وخاصة أثناء هجراتها، ويكثر تواجد القطاطي والحمام البري والاهلي وهناك المولعون بتربية الحمام ويشتهر بكركوك بأسم “كركوك” والبري منها يشتهر بأسم “توران قوشلرى” أو “زاجيل قوشلرى” أي حمام زاجل.

بالنسبة للحيوانات البرية، كانت تتواجد في المنطقة الذئاب والدببة والاسود والخنازير، وكانت تتواجد الغزلان ولكنها انقرضت بسبب الصيد الجائر غير المدروس. وكذلك يتواجد الثعالب وابن آوى والارانب، وهناك أنواع كثيرة من الزواحف التي تنتشر في الاراضي الملائمة. وذكر لونكريك ان آخر أسد شوهد في المنطقة بين بغداد وكركوك كان عام (1910).

 

الثروة المعدنية

 

تعتبر مدينة كركوك من أغنى المدن النفطية في العالم. ففيها النار الازلية - منابع بابا كوركور التي هي من أغزر حقول الانتاج النفطي في العالم.

وبالاضافة لثروة النفط  في منطقة كركوك هناك الكبريت الذي ينتج من خلال التصفية الاولية للنفط. وتشتهر كركوك بانتاج الغاز الطبيعي، وتنتج من خلال تكرير النفط أيضا. وتشتهر كركوك بثروات أخرى، منها ثروة الملح والمرمر والجص المستعمل في البناء، وكذلك الطين الحر المستعمل في انتاج الاواني الفخارية والسنادين وتماثيل مختلفة وفي أعمال السيراميك.

ــــــــــــــــــ

المراجع

ـ نجاة كوثر/ صفحات من تأريخ كركوك (لقد تم الاعتماد بصورة رئيسية على هذا المصدر القيم والغني جدا)

ـ موسوعة كوبيديا / كركوك

ـ الموسوعة الاسلامية / كركوك


العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة