جغرافية سياسية

كركوك، وأهميتها الجيوبوليتيكية

 

آيدن آقصو/ بغداد

 

 

خارطة مدينة كركوك في العهد العثماني

 

لقد اختلف الباحثون الاقدمون والمعاصرون على حد سواء في تحديد معنى تعريفي محدد وثابت لمفهوم (الجيوبوليتكَـا) فمنهم من اعتبرهُ ملازماً لموقع ما ثابت لايتغير كالعالم الالماني زاينتر. ومنهم من ادعى أن مفهوم الجيوبولتيك هو مفهوم قلق يظهر ويختفي حسب المتغيرات الجيوبولتيك والطوبوغرافية لمدينة ما أو دولة ما مثل آراء جون لوك وبريجنسكي في هذا المجال.

إلاّ أننا هنا نورد مصطلح الجيوبولتيك (الجغرافية السياسية) كجزء لايتجزأ من البنيوية الركائزية والهيراركية لمدينة كركوك العراقية على الامدين القريب والبعيد على حد سواء.

كما أننا عندما نخصص باباً متكاملاً حول (جيوبولتيكية كركوك) فأننا نعني (مجموعة الافرازات السياسية والايديولوجية التي انبثقت من موقع كركوك الستراتيجي هذا). فالموقع الجغرافي لكركوك لم يكن ليظهر بهذه القيمة والخطورة لولا وجود النزعة الانفصالية الكردية في شمال العراق. ولم تحاول الاحزاب الكردية قضم كركوك واستلابها لولا مليارات البراميل الاحتياطية من النفط. ولم تغضب دولاً مثل تركيا، ايران، سوريا حينما تستشعر أن هناك تصميم واصرار كردي للانفصال بعد اختطاف كركوك.

هذه هي الجدلية (تعلق العّلة بالمعلول) وارتباط السبب بالنتيجة... والنتيجة بالنتيجة

فموقع كركوك ونفطها كلاهما يشكلان الدعائم الكبرى الجيوبولتيكية كركوك الحاضرة والمستقبلية. مع رغبة كردية عنيفة وهستيرية لاختطافها وجعلها كردية المضمون والشكل أيضاً بسبب الموقع والثروات. ومن هذه الجدلية الجغرافية (الموقع) والاقتصادية (ألنفط).

ظهرت جدلية أكبر وأخطر ألا وهي جدلية البقاء والفناء لكركوك كمحافظة عراقية عريقة راسخة في صفحات التاريخ.. وجدلية الرحيل والذوبان في المحلول الكردي القاتل اذا ماتمكن الاكراد من اختطافها وضمها عنوةً الى اقليمهم المنتظر في غفلة من الزمن الضائع.

1ـ المقومات الطبيعية

تشتمل الأسس الطبيعية لكركوك على عدة عناصر في مقدمتها (الموقع) حيث كانت هذه المنطقة على ممر سير التيارات التجارية والاجتماعية والحضارية وقد جعلتها قادرة على التأثير السياسي والاقتصادي والعسكري في أوقات مختلفة على المناطق الأخرى. إن أهم ما يحتويه موقع كركوك هو بعدهُ عن الدول المكانية المتجاورة عبر خطوط الحدود لأن الحدود تثير دائماً مشكلات الدفاع والهجوم والمراكز الإستراتيجية والعلاقات الاقتصادية بين الجيران.

تشكل كركوك نقطة مهمة في الطرق التجارية المارة بها في كل الإطراف بين إيران من الشرق والأناضول شمالاً والجزيرة وبلاد الشام والبحر المتوسط غرباً. وكانت قديماً تقع على (طريق الحرير) الممتد من الصين إلى سواحل أوربا. وثم أصبح من ضمن الطريق السلطاني الذي يربط بلاد الرافدين بالشام والأناضول واستمرت الحالة هذه حتى بداية تأسيس الدولة العراقية.

إن موقع كركوك ذو أهمية عسكرية فائقة وكان الملوك والسلاطين والحكام والقادة يقيمون فيها للراحة. وكانت مركزاً لعبدة نار بابا كركر من المجوس وغيرهم منذ 550 ق.م ([1])

ـ التركيب الجيولوجي مصدر قوة في البناء السياسي لكركوك: ان جيولوجية منطقة كركوك لها الأثر الكبير على تجمع النفط فيها وحسب التوزيع الفيزيوغرافي لـ ( Buday and dasin 1989 ) تشكل سلسلة منحنية سطحية ومدفونة تحت السطح تمتد باتجاه الجنوب الشرقي والشمال الغربي والقسم المدفون منه يحوي مخزوناً كبيراً من النفط. تقع كركوك ضمن نطاق بنيوي في الشرق الاوسط  تسمى بنطاق الصخور الرسوبية الرملية والجيرية ويتميز هذا النطاق بأنه يحتوي نتيجة تركيبات بنيوية خاصة على أكبر مخزون للبترول معروف في العالم. كانت ولاية الموصل بأكملها مرتفعة عن مستوى سطح البحر على شكل جزيرة مغطاة بالنباتات تعيش عليها الحيوانات لتشكل مصدراً للمواد العضوية لتنقل البحار المجاورة في عملية مزج مع الكائنات البحرية في تجميع المواد العضوية مع ترسبات قاع البحر في منطقة كركوك وخلال عصري الترياسي والجوراسي قبل 213 مليون سنة وهو عصر ترسب الطبقات المنشئة للنفط (Dercort et ol , 1989 ) وفي العصر الكريتاسي قبل 100 مليون سنة زادت نسبة ترسيب الصخور الكلسية في هذه المنطقة أكثر من المناطق الأخرى لتشكل حيود بحرية وبفعل العمليات التحويرية مثل الدلمتة Dolomitization تحورت الصخور الكلسية إلى صخور دولومتية وأدت إلى تجمع الهيدروكاربون في مساحتها وأدت إلى تشكيل أولي للمصائد النفطية (2) . وتشكل منطقة كركوك موقعاً جيولوجياً ممتازاً كما تهيأت لها فرص جيولوجية تحت سطحية مناسبة لتجمع المصادر النفطية وذلك لأنها تقع بين النطاقين التكتونيين أو الحركيين للأقاليم الغربية المستقرة التي تضم القسم الغربي من العراق والنطاق الشرقي غير المستقر ويضم المناطق الملتوية من شمال شرق العراق ويشكل (حزاماً انتقالياً) بين هذين النطاقين المذكورين .

وتتركّز أهم نتائج الجيولوجيا على جيوبولتيكية كركوك في موضوعين:

 ـ نمط التصريف المائي السطحي والجوفي وبناء السهول الفيضية وهما من ركائز الحياة المستقرة.

ـ الثروة التعدينية وهي من أهم أسس الصناعة والنشاط الاقتصادي الحديث.

ومن بين العناصر الطبيعية الأخرى التي أعطت المنطقة صفاتها الرئيسية: التربة الصالحة للزراعة والاستيطان. إن التربة الصالحة للزراعة هي تركيب ساهم في جودة عوامل التركيب الصخري والتحلل والتفتت الكيمياوي والميكانيكي بفعل عناصر المناخ ونقل التربة بواسطة عوامل التعرية المختلفة وان خصوبة التربة ونضجها عملية مرتبطة بالظروف المناخية السائدة وأشكال الحياة البيولوجية (نبات، حيوان، إنسان). إن خصوبة أرض كركوك وفرّت الموارد الزراعية وإمكانية ظهور المراعي، وتحتوي هذه التربة على نسبة أملاح قليلة بسبب كون الأراضي منحدرة لا تقف المياه فيها فلا تتشرب أملاحها(3) .

وتعتبر تربة كركوك خفيفة غرينية وقليل منها طينية أو رملية غرينية، فدجلة والفرات وروافدهما يأتيان بتصاريف الجبال الالتوائية في شمال العراق وزاكروس ويكونا معاً سهلاً فيضياً فسيحاً وربما كان أوسع السهول الفيضية في الشرق الأوسط، فان غالبية هذه السهول تمثل أكثف مناطق العمران بفضل المياه الدائمة والتربة الخصبة في المنطقة بأكملها.

تبلغ مساحة الأراضي المزروعة والصالحة للزراعة في كركوك نحو 12500 كم2 وهي مساحة تزيد على ثلاثة أرباع مساحة كركوك الكلية (4) . خصوبة التربة العالية وصلاحيتها للزراعة دفعت بكركوك إلى مقدمة كافة الألوية العراقية التي اشتهرت بالخصب والخير ووفرة الحاصلات الزراعية (5) وقد تم أطلاق وصف (سلة خبز العراق) على كركوك وذلك لوفرة أنتاجها من الحبوب والتي تمتاز ايضاً بجودتها نتيجة ترويها بمياه الأمطار بالإضافة إلى نوع التربة وتركيبها الكيمياوي والتي هي رملية في الغالب (6)....

2ـ المقومات الاقتصادية:

المدينة المعجزة... نار لاتنطفيء! قبل إلفين وثلثمائة عام أشار (هيرودتس) وهو مؤرخ يوناني إلى النار الازلية الملتهبة قرب المدينة وقد ظهر النفط في أرض المنطقة منذ زمن نبوخذ نصر 654 – 516 ق. م (7). وفي 1927 تدّفق النفط  في أول بئر في بابا كركر الواقعة على بعد 7 أميال في الشمال الشرقي لمدينة كركوك (8). لقد أقترن اسم كركوك بأسم النفط منذ أن عرف وجود هذا المعدن في هذه المنطقة نظراً لأهمية النفط في مبادئ الحرب والصناعة . تعُد كركوك خزاناً نفطياً هائلاً من احتياطي العالم وزادت أهميتها بعد اكتشاف الغاز فيها بكميات تجارية.

ـ السمات الجيولوجية لنفط كركوك: تتميز كركوك بسهولة العثور على الحقول النفطية وعلى مسافة قريبة من سطح الأرض لذا فأن كلفة البرميل المستخرج من حقول كركوك أقل بكثير من الآبار المماثلة في الدول النفطية الأخرى حيث لا يتجاوز على الدولار الواحد بسبب هذه السمات الجيولوجية والجغرافية المتميزة لهذه الحقول (9)، وان كلفة اكتشاف البرميل الواحد ب 0,05 سنت من الدولار الأمريكي كما يقُدر الاستثمار للبرميل الواحد أقل من 0,50 دولار أمريكي ونفط كركوك هو أجود أنواع النفوط في العالم مما يضاعف أهميتها ويجعلها نقطة للصراعات والتجاذبات.

ـ اهمية نفط كركوك في بناء الاقتصاد العراقي: تحتوي كركوك على آبار نفطية كبيرة ومهمة حيث لعبت دوراً في تنمية الاقتصاد العراقي وستبقى هذه الآبار تلعب الدور نفسه على المدى البعيد وخاصة بعد أن تعلن المقادير الهائلة للاكتشافات الجيولوجية الجيدة. إن الإحصاءات تشير إلى إن الاحتياطي الثابت للآبار النفطية في كركوك شكل 98,78% من احتياطي الشمال (10) . إن الحقول فيها أنتجت بين أعوام 1927 – 1974 أكثر من 70,2% من نفط  العراق (11) وزاد إنتاج  النفط 62 مليون طن عام 1974 إلى 100 مليون طن في عام 1979.

لقد كان نفط كركوك يشكل خلال سنوات الحرب العراقية الايرانية1980 – 1988 نسبة كبيرة من أنتاج النفط العراقي بسبب بُعد الحقول النفطية عن ميادين العمليات العسكرية وهذه النسبة بلغت 40 مليون طن في عام 1981 و 126 مليون طن في عام 1987 .

نفط كركوك، العامل الحاسم في مشكلة الموصل

 

 

حظي بترول كركوك بكتابات ومقالات وبحوث لاحصر لها تناولت كل مظاهر البترول:

الإنتاج والتسويق والاحتياطي وآثارهُ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتأثيراتها المتبادلة، وقد أضاف النفط إلى المدينة اشكالاً جديدة من الاستراتيجيات الجيوبوليتيكية العالمية متمثلة في الصراع الدولي حول المنطقة، فقد صرح (كرزن) وزير خارجية بريطانيا بعد عقد الهدنة بين الدولة العثمانية من جهة والحلفاء (انكلترا وفرنسا) من الجهة الثانية في خطبة له قائلاً: (لقد بلغنا النصر على بحر من نفط).

كما صرح (جارلس أي هيوز) وزير الخارجية الأميركية بعد أيام قليلة من افتتاح مؤتمر لوزان الأول في مؤتمر صحفي، أن الولايات المتحدة الامريكية تريد حماية حقوقها وضمان سياسة الباب المفتوح (المساواة في الفرص التجارية) في الشرق الأدنى وصرح ايضاً (إن الولايات المتحدة ستبحث عن التدابير المناسبة لحماية حرية تكافؤ الفرص للمشاريع التجارية دون تمييز أو أمتياز خاص) (12).

وقد اصرّ مراسل جريدة (ذي دترديت نيوز) في لندن على إن النفط لا الأراضي هو السبب الجوهري لمشكلة الموصل، وأوضح إن الولاية تحتوي على حقل يعتبر احدى الحقول الكبرى في العالم (المقصود هنا حقل كركوك). وأعلنت جريدة (ذي دايتون نيوز) إذا لم يكن هناك مقدار كبير من النفط في هذه المنطقة فلن تكون هناك مصلحة دبلوماسية في تلك البلاد إلى ذلك الحد (13) .

جيوبوليتيكية كركوك والرهان الكردي لإقامة دولتهم

من خلال دراسة جيوبوليتيكة كركوك نقوم برسم تصورات سياسية مستندين على ضوء تفاعلات المكان الجغرافي أو الشكل السائد من الإستراتيجية العسكرية. ونحاول أن نلقي الضوء على الخطط المحتملة للمستقبل السياسي للمنطقة والمتلازمة مع الفكر السياسي في عصر القوميات والاثنيات في الشرق الأوسط من أجل معرفة المكانة التي يحتلها هذا الموقع في خطط السياسة العالمية والدور الذي يمكن أن تؤديه.

عند نشأة أية دولة يراد لها أن تتكامل وتضم نشاطات اقتصادية مختلفة لأجل احتمال بقاءها فترة زمنية طويلة لأن الدولة التي يتم إنشائهُا على ضوء نشاط  واحد أو ركيزة واحدة سوف تمر بمخاطر الضعف والتمزق والاضمحلال بعد فترة وجيزة. إن الدولة تلجأ إلى تأمين النقص في أي نوع من أنواع الإنتاج في إقليم أو منطقة من خلال زحفها أو إستحواذها على منطقة أخرى تملك مقومات التعويض عن الدولة الزاحفة وهكذا فأن دولة فينيسيا توسّعت على الادرياتيك من أجل تأمين احتياجات معينة. كما أسّس الأوربيون مستعمراتهم في القرن السادس عشر الميلادي في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا لكي تمدهم بالسكر والتوابل والأحجار الكريمة والذهب والفضة وغير ذلك. وكان المبدأ الاقتصادي وراء الرق هوالعمالة الرخيصة. وان الحاجة إلى السوق جعلت اليابان تحتل كوريا عام 1907. وقد نقل عن راتزل أفكار الدولة ككائن عضوي حيث تكون الأرض التي يعيش عليها الجسد بالشكل التالي (14) . تكون العاصمة بمثابة القلب والرئتين. والطرق والأنهار بمثابة الأوردة والشرايين. ومناطق التعدين والإنتاج الزراعي بمثابة الأطراف.

وأهم ماتعُنى به الدولة هي القوة، وفي رأيه ان الجغرافيا يجب ان تسخّر لخدمة الدولة. وبذلك تتحول الجغرافيا في مجملها الى جيوبوليتيكا. ولو حاولنا دراسة الواقع الجيوبوليتكي للعراق عامة وكركوك خاصة نجد أن  كركوك تشكل موقعاً هاماً يغري كل طامع في أداء دور أقليمي مؤثر ضمن سياسات القوى الأقليمية الكبرى في المنطقة ومكملاً  للجوانب الاقتصادية والطبيعية والبشرية فيها.

لنلقي قليلاً من الضوء على ما سيضفي إلحاق كركوك الى ما يسمى بأقليم كردستان من أهمية :

في جبال الشمال والشمال الشرقي العراقي ترى ان نمط السكن والعمران متقطع منفصل نتيجة العوائق الطبيعية التي كونت سهولاً ووديان ضعيفة الاتصال. بالرغم من صغر مساحتها فان التوزيع السكاني غير متعادل بطريقة تثير مشكلات قد تعصى على الحل وبذلك ان بنية هذه المنطقة الجيوبوليتيكية أصبحت غير متوازنة بوجود تركيز هائل للناس في منطقة جغرافية محدودة نسبياً. كما أن في النطاق ألالتوائي الشمالي يتصادف مع وجود السلاسل الجبلية العالية وتكوّن الأنهار في هذه المناطق الجبلية سريعة التيار في موسم فيضانها وتحفر لنفسها أودية عميقة وضيقة وكلها عوامل تصعب استغلالها الا بقدر محدود. والأماكن الوحيدة التي يمكن الإفادة منها في هذه الأنهار هي عند خروجها من الجبال في اتجاه السهول أو المنخفضات المقفلة في الهضاب أي في منطقة (كركوك) حيث تضع أودية فيضية مؤهلة للزراعة الجيدة نتيجة تلقي تصريف أنهار صغيرة وسريعة من جبال الشمال وتصبح هذه الأودية المجال الحيوي الذي يتنقل فيه المراعي أي بمعنى (تكوين المياه السطحية والجوفية والسهول الفيضية) أي ان المنهج المورفولوجي يوضح لنا أن وقوع منطقة كركوك على أطراف الجبال الشمالية العالية الارتفاع له اثره البالغ في حصول المنطقة ككل على مصدر اقتصادي للطاقة المولدة من المساقط والسدود.

كركوك العاصمة!

ترى مدرسة ميونيخ الجيوبوليتيكية التي أسّسها (هاوس هوفر) (15)  ان الأهتمام بموضع العواصم يُشير الى مناعة وقوة واستقرار الدولة أو الكيان ولذلك فان عدداً من الدول نقلت عواصمها من مكان الخطر الى مناطق أكثر حماية في الداخل وأن العواصم لها تأثير نفسي على الشعوب لأن سقوط العاصمة يؤدي الى اشاعة اليأس بين السكان حيث أن سقوط باريس قد عجّل في سقوط  فرنسا ولهذا نجد الألمان حاولوا الحصول على موسكو لأجل ضعضعة الأرادة السوفيتية. وقد حوّلت تركيا عاصمتها من أسطنبول الى أنقرة. والسوفيت من لينينغراد الى موسكو. وباكستان من كراتشي الى اسلام اباد. والبرازيل من ريودوجانيرو الى برازيليا.

ونحن نرى أن الأكراد عندما يطالبون بألحاق كركوك ووضعها كعاصمة لدولتهم المستقبلية فأنهم يضعون في الاعتبار مبدأ (هاوس هوفر) وذلك لبعدها المكاني عن الدول المعادية في حساباتهم المستقبلية (ايران – تركيا – سوريا).

الموقع الستراتيجي

كما ان بأمكان الاكراد عند الحاقهم هضاب (حمرين) الى اقليمهم يعني اتباع سياسة جيوبوليتكية أساسها فرض الصراع على أرض بعيدة عن هذا الأقليم وبذلك يؤمنون المنطقة كلها حتى حدودهم الحالية كالصراع الذي حدث بين مصر والحيثيين، فقد لجأ المصريون الى أتباع سياسة جيوبوليتكية أساسها فرض الصراع على أرض بعيدة عن مصر حيث أصبحت جيوبوليتكية الفراعنة في الدولة الحديثة تشمل الأمتداد الأرضي الخصب على طول ساحل البحر المتوسط.

إن نفوذ التأثير على العاصمة تنتهي الى مناطق حساسة في الحدود الجنوبية لحمرين وهي مناطق الأحتكاك الحقيقي بين القوتين والتي تعتبر بداية المعارك المتنافسة والتي تبعد عن العاصمة بغداد 150 كيلو متر فقط. ان المكان يلعب دوراً هاماً وحاسماً في كثير من الظواهر الجغرافية والسياسية...

    مقومات إضافية أخرى

بالأضافة الى المقومات والصفات اعلاه، نلخص العناصر الأيجابية الاخرى والتي قد تضيف الى جيوبوليتكية منطقة الحكم الذاتي للأكراد الشيء الكثير:

1-       ان كركوك تعني لهم المركز الحضاري والأقتصادي والتجاري الهام رغم تدني مستوى البنى التحتية الحالية فيها.

2-       الحصول على دور خطير في مستقبل الخريطة النفطية العالمية.

3-       ان السيطرة على كركوك سيتبعها الحاق مدينة الموصل الهامة ويسهل أمر أخضاعها على المدى القريب.

4-       ان المساحة الكبيرة والموارد التي تتيحها المساحة تلعب دوراً هاماً في نشأة وتدعيم القوى السياسية الكردية.

5-       ان التركيب الجيولوجي وبنيته ونوعية الزراعة وتكوين التربة الخصبة وتوفر الثروة الحيوانية والتعدينية كلها عوامل اغناء متفاعلة غير منفصلة أصبحت أساس لتوزيع الناس بأعدادهم ونظمهم الأقتصادية والأجتماعية ويعطي للمنطقة صفاتها الأساسية...

 

 

الهوامش

(1)  العراق الشمالي , محمد هادي الدفتر , عبدالله حسن , 1955 , ص 153

(2)  Hinson F. R. S 1950 Cretaceous and tertiary ref Formation and associated sediment in middle east (AAPG ) Bull, Vol. 34  PP. 215 – 288

3))  السطوح المتصدعة ، ايدن اقصو ، بغداد ، 2006 ، ص 58

(4)  تاريخ مشاهير الالوية العراقية، ص 10 ، 154

(5)  نفس المصدر ، ص 11

(6) نفس المصدر ، ص 58

(7)  نفط العراق، دراسة اقتصادية سياسية حكمت سامي سليمان، دار الرشيد، بغداد 1978 ، ص 60

(8)  تاريخ مشاهير الالوية العراقية، عبد المجيد فهمي، الجزء الاول، بغداد، 1947، ص 23

(9)  جغرافية الموارد الطبيعية، تغلب جرجيس، د. ازاد محمد امين، جامعة البصرة 1990، ص 638

(10)  الاصول التاريخية للنفط العراقي، عبد الحميد العلوجي، دز خضر عباس اللامي، 1973 ، ص 35

(11)  المصدر نفسه ، ص 35

(12) The new york times , nov . 1, 1922

(13) Quoted in the literary digest , Lxxvi , Fed . 17 , 1923 , P .12

(14)  راتزل , استاذ الجغرافيا الحديثة في جامعة ليبزيج

(15) هاوسهوفر ، استاذ الجغرافية والتاريخ الحربي في جامعة ميونيخ سنة 1920 وفي عام 1924 أسس معهد ميونيخ للجيوبوليتيكيا .

 



 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة