فن

 

الفنان الكبير (رضا علي)، ذلك الفيلي العراقي الاصيل..

 

ميسون علي التكريتي/ البصرة

 


الفنان العراقي الكبير (رضا علي ـ 1929ـ2005 ) يمتلك صوتا حنونا بالاضافة الى انه ملحن كبير. من الجدير بالتنويه الى أنّ فناننا الكبير(فيلي عراقي)، من تلك الفئة العراقية الاصيلة التي قدمت ولازالت، أسماءاً مبدعة كثير في مختلف المجالات. لقد قام فناننا الكبير بإنجاز أغاني معروفة غناها كبار المطربين والمطربات العراقيين والعرب ومنهم على سبيل المثال: سميرة توفيق ونرجس شوقي وفهد بلان وفؤاد حجازي وفائزة احمد ونازك وزينة التونسية.
شارك في الكثير من المهرجانات والمؤتمرات الموسيقية العربية والدولية حتى انه عرف بأسم سفير الغناء العراقي. بدء التلحين بشكل احترافي حيث سجلت له في عام 1949 باغنية حبك حيرني. وانتشر في الخمسينات ومن أشهر أغانيه سمر سمر وتفرحون افرحلكم وعلى باب الحلو جينا وغيرها. اسمه الحقيقي علي رضا ، وقد قلبه لرفض أهله ان يعمل بالتلحين والغناء لانه سبة ومعرة وخاصة انه متعلم وكان يعمل مدرساً. وكان مطاردا احيانا من النظام السابق فاضطر للرحيل عن العراق لفترة.

يعتبر الفنان رضا علي من طليعة الفنانين الذين نهضوا بالاغنية العراقية في مرحلة الاربعينات والخمسينات وما تلاها من سنوات حيث تميز بالاصالة والشمولية وتلاقف الحانه أشهر مطربي العراق والوطن العربي. رضا علي من مواليد سوق حمادة في الكرخ وتعلم في مدارسها ثم درس في معهد الفنون الجميلة وعند تخرجه أواسط الاربعينات دخل الى الاذاعة وبدأ رحلة احتراف الفن. دخل الفنان رضا علي معهد الفنون الجميلة ودرس في قسم التمثيل والإخراج المسرحي لكنه تخصص فيما بعد بالموسيقى والألحان ثم دخل الإذاعة في فترة الراحلين الكبيرين عمو زكي ومحمد كريم وقدم أروع ألحانه للعديد من الفنانات العراقيات أمثال عفيفة اسكندر ومائدة نزهت ونرجس شوقي ومن العرب سميرة توفيق وفائزة أحمد وفهد بلان ونهاوند وراوية وحفصة حلمي. وشارك في فيلم ارحموني لحيدر عمر حيث مثل وغنى فيه أوبريتاً محلياً وسجل اسمه في جمعية الموسيقيين العرب في باريس.

رضا علي استطاع عبر ألحانه ان يشكل مركز جذب وتأثير في الساحة الغنائية العراقية وذاع صيته في خارج القطر في لبنان وسوريا ومصر وتناقلت اخباره هناك فانجذبت اليه اصوات المطربات العربيات مثل فائزة أحمد وسميرة توفيق ونرجس شوقي وانصاف منير ونهاوند وغيرهن. فجئن الى بغداد يطلبن ألحانه. وهو يدين بالفضل للشيخ علي درويش الذي اعانه على دخول الاذاعة وتخطى لجنة الاختبار وتسجيل أول اغنية له عام 1949 (حبك حيرني) ثم تلاها بقصيدة زكي الجابر (ذكريات) ثم أغنية (مالي عتب وياك) وأغنية (شد عليك يلي حركت طلبي) التي ادتها فيما بعد نرجس شوقي، ثم جاءت اغنية كل المواسم (سمر سمر) التي منحت رضا علي جواز المرور الى قلوب المعجبين والعشاق.. والغريب ان هذه الاغنية ما زالت ذات النكهة والتميز والقبول في ايامنا هذه فمجرد سماعها يرن لها القلب والعقل ومن ابرز الحانه للاصوات العراقية (طلب طلب) وموشح (قيل لي قد تبدلا) لعفيفة اسكندر و (مر يا اسمر وبيا عين جيتو تشوفني وانتظار وحرام وحمد يا حمود و اسألوه لا تسألوني لمائدة نزهت وتفرحون افرح لكم ويا بنت البلد لزهور حسين والأغنية الأخيرة غنتها المطربة زهور في فيلم وردة).

أما للمطربات العربيات فقد قدم رضا علي عشرات الاغاني الجميلة منها (اللوم مرمر حالتي) لسميرة توفيق و(ادير العين ما عندي حبايب) لراوية و(ادلل واشلون عيون عندك) لنهاوند و(يا سامري دك الكهوة) لفهد بلان.  ولم يقتصر دور الفنان رضا علي على الغناء والتلحين بل اسهم كممثل في بعض افلام السينما العراقية منها فيلم (ارحموني) مع المطربة هيفاء حسين اخراج حيدر العمر وغنى فيه يا وليدي يلة نام واغنية رمضانية بعنوان (عباد الله) واستعراض غنائي بعنوان (وادي الرافدين) غنى فيه كل الوان الغناء العراقي من شماله حتى جنوبه.

كما شارك في فيلم (لبنان في الليل) تم تصويره في لبنان اخراج المطرب اللبناني محمد سلمان ومثلت معه صباح وسميرة توفيق ورشدي اباظة وغنى فيه اسألوه لا تسألوني التي غنتها فيما بعد الفنانة مائدة نزهت، كذلك شارك في لبنان بفيلم آخر بعنوان (يا ليل يا عين) اخراج كاري كاربنتيان. وقد عانى الفنان الكبير رضا علي من اصله الكردي الفيلي وكاد أن يطرد خارج العراق لولا الواسطات التي احرزت تقدماً في بقائه في العراق لكنه مقابل ذلك جرى تعتيم مقصود ضده اضطره قبل أكثر من ثلاتة أعوام الى مغادرة العراق الى اوروبا للعيش هناك والعمل في معمل للصناعات الجلدية!

ان رضا علي يمثل مرحلة متكاملة في تطور الغناء العراقي واضاف لها اضافات نوعية تجلت في نقله ألحان الموروث الفلكلوري الى الاغنية الشعبية الملحنة اصلاً للروح المدينية كما يشير الى ذلك الناقد الموسيقي عادل الهاشمي. كما اعتمد رضا علي جانب البساطة والسلاسة في اسلوب التلحين التي اضفت على اعماله نسمة شعبية الامر الذي قربه كثيراً الى قلوب المستمعين… وجعله أحد رواد الاغنية العراقية اداءً ولحناً على مدة عقود من الزمن وما يزال.  وانقطع الفنان رضا علي عن التلحين لفترة طويلة إلا أنه كانت هناك محاولة من الناقد الموسيقي السيد عادل الهاشمي لإقناعه بالمشاركة في أمسيات فنية كان آخرها على قاعة نادية للفنون التشكيلية عام 1993 وقد احتفت به نقابة الفنانين العراقيين في أمسية قدمها الفنان الراحل عارف محسن قبل عدة اعوام من سقوط النظام السابق.

 غادر فناننا العراق الى اوربا بعد ان ضاقت السبل به.. وظل هناك الى حين سقوط النظام وعاد إلى ارض الوطن ثانية ليسجل بعض الاغاني الدينية لكنه لم يشارك في اغنيات عاطفية رغم قدرته الرائعة في ذلك بسبب هروب المطربين الى خارج العراق وكذلك لعدم استفادة الجهات الفنية من قدرته وهي نفس القضية التي عانى منها سابقاً.. لكن سيبقى رضا علي منارة للاغنية العراقية لجهوده وخدماته الجليلة لها.

اغنية( ما كفي دمع العين يا بوية)

الحان رضا علي     غناء فائزة احمد

ميكفي دمع العين يا بوية / نار بدليلي نار يا بوية

مغرم ودور وين يابوية / وآني غريب الدار يا بوية

يا بوية يا بوية يا بوية

*      *     *

راح الولف وبقيت بالغربة وحدي/ والكلب ظل حيران من فارقني ودي

بي امل وهويت ما كنت ادري/ وكل العذاب الصار يا بوية

يا بوية يا بوية يا بوية

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة