ملف

كركوك قلب العراق

 

بمناسبة صدور(موسوعة كركوك قلب العراق):

قادة عرب كركوك وموقفهم السلبي إزاء الثقافة والمثقفين!؟

سليم مطر/ جنيف

 

 

نود أن نشكر جميع أبناء كركوك، من مواطنين ومثقفين وسياسيين ورجال دين وعشائر، عرب وأكراد وتركمان وسريان، ممن بعثوا لنا ايميليات أخوية تعبر عن احتفائهم وامتنانهم لأصدارنا (موسوعة كركوك قلب العراق) التي تعتبر أكبر عمل تعريفي لمحافظة عراقية.علماً بأن هذه الموسوعة بعد صدورها كجزء من مجلتنا (ميزوبوتاميا) سوف تصدر كذلك ككتاب مستقل يصدر من بيروت.

 لكننا فوجئنا بشيء من البرود والموقف السلبي لبعض قادة عرب كركوك. وقد أكد لنا هذا (السيد النائب) ونقصد ممثل عرب كركوك في البرلمان العراقي. وهذا امر يستحق الوقوف عنده، لأنه يعبر عن العقلية الضيقة ازاء الثقافة والمثقفين، التي للأسف لا زالت تسيطر على الكثير من السياسين العراقيين، ومنهم على الاخص غالبية (قادة عرب كركوك).  

قبل كل شيء يتوجب التأكيد على ان الدافع الاول والاكبر والاساسي، الذي قادنا الى إصدار هذه الموسوعة، هو اكتشافنا الحقيقة المرة والمؤلمة التالية:

  ـ رغم ان عرب كركوك هم الضحايا الاوائل (مع التركمان والسريان) المقصودين بكل هذه الحملة العنصرية الشعواء التي تشنها الاحزاب القومية الكردية المتعصبة، منذ عدة سنوات وحتى الآن، والمطالبة بطردهم واعتبارهم جميعهم كعملاء لصدام. نقول رغم هذه الوضعية القاسية واللاّ إنسانية الي يعاني منها عرب كركوك، الاّ انهم كانوا غائبين تماما عن الساحة الاعلامية والثقافية. فكم أصابتنا الدهشة المرعبة، عندما بحثنا في الانترنت عن (عرب كركوك) فلم يظهر لنا غير أخبار الصحافة والاحداث!! أما كل المكتوب عنهم من تحليلات ومعلومات فأنها تعود الى متعصبين أكراد عنصريين يعتبرون كل (عرب كركوك) من أتباع صدام!؟ أما (عرب كركوك) أنفسهم، أصحاب القضية، فأنهم للاسف كانوا ولا زالوا غائبين تماماً عن الساحة الاعلامية والثقافية المعنية بقضية كركوك. ليس هنالك (حتى الآن) أية صحيفة أو مجلة ولا موقع انترنت خاص بهم. بالاضافة الى الاهمال التام، من قبل الاحزاب والمؤسسات العربية، لكل الكوادر والعناصر الثقافية العربية من أبناء كركوك، من شعراء وروائيين وباحثين واعلاميين. بل ان الكثير من هؤلاء المثقفين العرب الكركوكليين كانوا ولا زالوا يضطرون ان يتعاملوا مع المؤسسات القومية الكردية لكي يمشوا أحوالهم الثقافية والمعيشية، ولا يجدوا من قادة عرب كركوك بكل نفخهم القومجي ومؤسساتهم الحزبية والعشائرية وأموالهم الطائلة، غير الصد والاهمال بل حتى العداء. فلم يبادر أي من قادة عرب كركوك، الى تمويل مسرحية، أو اصدار كتاب، أو إعانة موقع انترنت، أو دعم مجلة أو جريدة. وكل الانشطة الثقافية العربية في المدينة، هي مبادرات فردية يقوم بها مثقفون أصيلون يعانون الجوع والخوف والتهديد من قبل الاطراف العنصرية الكردية التي تصر على اخضاعهم وحتى تكريدهم!!

باختصار، وصلنا الى النتيجة التالية:

ان(القوة التركمانية) هي (القوة الثقافية والاعلامية) الوحيدة التي تواجه العملاق العنصري الكردي. نعم ان هذه القوة التركمانية، أفراداً ومؤسسات وأحزاب، هي القوة الوحيدة في داخل كركوك وفي بغداد، وفي العالم أجمع،، التي تكافح (اعلامياً وثقافياً) من أجل عراقية كركوك. أما باقي الصوت العراقي المدافع عن عراقية كركوك، فهو صوت أفراد، وليس قوى حزبية أو مؤسسات اعلامية وثقافية متخصصة بالدفاع عن كركوك.

يمكن القول بكل واقعية وضميرية وحيادية: لولا التركمان، لضاعت كركوك، وابتلعها الوحش العنصري الكردي، منذ سنوات طويلة!

واذا فكر يوماً، الشعب العراقي، أن يقدم الشكر للمكافحين من أجل عراقية كركوك، فعليه أولاً وقبل كل شيء أن يقدمها للتركمان، وليس لقادة عرب كركوك، الذين لا زالو يغطون في سباتهم الكهفي وغارقين في كوابيسهم العشائرية والقومجية!

*       *      *

بناءاً على هذه الوضعية الثقافية والاعلامية المزرية لعرب كركوك، قررنا أن نصدر(موسوعتنا)، من أجل ملئ بعض الفراغ. خلال أشهر طويلة بذلنا جهوداً جبارة واتصالات لا تحصى مع المثقفين هناك، وقد تطوع من أجل مساعدتنا الكثير من المثقفين الوطنيين الكركوكليين، أكراد وعرب وسريان وتركمان، حتى أنجزنا أخيراً هذه الموسوعة التي تعتبر أكبر عمل معلوماتي عن مدينة عراقية، اجتماعياً وتاريخياً وثقافياً وجغرافياً وسياسياً. وقبل هذه الموسوعة، قمنا بالاتصال بممثل عرب كركوك (السيد النائب) في البرلمان العراقي، وأنجزنا معه حواراً مطولا حول عرب كركوك، نشرناه في الكثير من وسائل الاعلام العراقية والعربية. وعملنا لـ (سيادة النائب) ولقضية عرب كركوك، دعاية لم يحلموا بها.

من الطبيعي، أن نتوقع، بعد هذه الجهود الكبيرة، أن يبادر (السادة قادة عرب كركوك) الى تقديم ولو بادرة شكر رمزية وصغيرة تعبيراً عن امتنانهم ودعمهم لنا.

ولكن الغريب والعجيب، ان هؤلاء السادة القادة، لم يكتفوا بتجاهلنا والتصرف وكأن أمراً لم يكن، بل اننا استلمنا من السيد (نائب عرب كركوك) نفسه، الذي نشرنا له في موسوعتنا دراستين ومقابلة، رسالة عتب واعلان عن (مقاطعة قادة عرب كركوك) لنا لأننا حسب قوله، قد ارتكبنا جريمة الجرائم وكبرى الخطايا، بنشرنا في الموسوعة (مقالة من صفحتين)! لأحد اخوتنا الباحثين التركمان يورد فيها تواريخاً مغلوطة تخص تواجد عرب كركوك! تصوروا ان موسوعتنا تجاوزت (300) صفحة مكرسة كلها للدفاع عن (عراقية كركوك) وتقديم الثقافة العراقية والحضور العربي هناك، بالاضافة الى الحضور الكردي والتركماني والسرياني، نقول كل هذا، لم يشفع لنا ويصبح صفرا بل (سماً) حسب تعبير السيد النائب، بسبب نشر صفحتين فيهما بعض التواريخ المغلوطة!

هكذا بكل ضيق افق وقلة دراية ولا مسؤولية، يجازون جهودنا الكبيرة من أجل الدفاع عن عراقية كركوك!

ويؤسفنا ان نقول ان موقف (قادة عرب كركوك) الضيق الافق هذا وسوء فهمهم الثقافي والوطني، قد خيب أملنا بهذه القيادات، ومدى جدارتها بتحمل مسؤولية الدفاع عن أخطر قضية تواجه وطننا، ألا وهي (عراقية كركوك) ومواجهة الوحش العنصري الكردي.

ولكن، مع ذلك نبقى نتأمل أن يصلح اخوتنا (قادة عرب كركوك) من وضعيتهم ويدركوا أهمية الثقافة والاعلام في كفاحهم السياسي من أجل القضية، ويقوموا بالاتصال بالمثقفين الكركوكليين ويدعموهم مادياً ومعنوياً وينشأوا لهم المؤسسات الثقافية من صحف ومجلات ومواقع أنترنت واذاعة وتلفزيون، من أجل الدفاع عن هوية كركوك العراقية.

والاهم من هذا، أن يتخلصوا من نظرتهم العشائرية المحدودة وفهمهم القومي العروبي الذي لا يخلوا من العنصرية. وأن يحملوا النظرة الوطنية العراقية، المتجاوزة للعشائرية والعروبية. وأن يدركوا انهم يجب أن لا يمثلوا فقط عرب كركوك وحدهم، بل جميع أبناء كركوك، عرب وأكراد وتركمان وسريان.

ومن أجل بلوغ هذا المستوى الوطني العالي، من صالح (قادة عرب كركوك) أن يتعاونوا بصدق مع جميع القوى الكركوكلية الاخرى، وبالذات مع الجبهة التركمانية التي  لها حضوراً وطنياً وخارجياً متميزاً في الكفاح من أجل عراقية كركوك.

 

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة