ملف إعمار بغداد

بغداد والعواصف الترابية!

حيدر نجم / بغداد



الأمطار الصناعية والأحزمة الخضراء هي الحل!

اطلقت بعض المؤسسات والجهات الحكومية في العراق حملة تحذيرات من مخاطر التلوث البيئي الذي تتعرض له البلاد بشكل كبير، خصوصاً بعد ان أصبحت ظاهرة العواصف الترابية أمراً ملحوظاً خلال الفترة الماضية. ويرى خبراء البيئة ان العواصف الترابية هي احدى نتائج مخلفات الحروب والصراعات وسياسات الاهمال المتعمدة للبيئة من قبل السلطات الحكومية على مدى السنوات والعقود الماضية.

وحذرت النائبة نوال السامرائي عضو لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب (البرلمان) من المشاكل التي تواجه البيئة، من تلوث يشمل جميع مكونات هذا القطاع (الهواء، والمياه، والتربة) نتيجة تعرضها لمخلفات الحروب من أسلحة كيماوية وجرثومية وغيرهما من المخلفات، فضلاً عن سياسة الإهمال والتقصير المتبعة من قبل الجهات المعنية بهذا الأمر.

وتؤكد السامرائي وجود العديد من العوامل التي ساهمت في تفاقم الوضع البيئي في العراق، لاسيما خلال السنوات الخمس الماضية، منها الظروف الأمنية السيئة التي ساهمت بدرجة كبيرة في تدمير البنى التحتية لقطاع البيئة في البلاد، وانشغال السلطات عن الاهتمام بكل ما من شأنه النهوض بهذا القطاع المهم والمؤثر على حياة وصحة السكان والتركيز على الجوانب الامنية.

وتوضح السامرائي وهي دكتورة وخبيرة في مجال البيئة وصحة الانسان، ان غياب الوعي في المحافظة على البيئة لدى المجتمع ساهم في زيادة مخاطر هذه المشكلة وأغلق الباب أمام المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بان تأخذ دورها في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة. وتشير الى أن لجنة الصحة في البرلمان العراقي تعد مشروع الأمطار الصناعية لتقديمه في سبيل الحد من ظاهرة الغبار الذي تعاني منه الأجواء العراقية منذ فترة، كما ان وزارة البيئة تعمل على تنفيذ مشروع الحزام الأخضر الذي يمكن أن يساهم في تخفيف ومعالجة هذه الظاهرة الكارثية على حد تعبيرها. وتشير الاحصاءات والدراسات التي نشرت من قبل وزارات ومؤسسات حكومية ومنظمات المجتمع المدني وباحثين في مجال البيئة، الى ان نسبة المساحات الخضراء بالعراق باتت تشكل أقل من ربع مساحة العراق وهي نسبة لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه المساحات الخضراء في البلاد قبل هذه الحرب. حيث اختفى الحزام الاخضر الذي كان يلف العاصمة بغداد وغيرها من المحافظات الاخرى بسبب حالات الاهمال وقطع الاشجار بشكل عشوائي من قبل السكان والقوات الاميركية، حيث قامت تلك القوات بقطع اشجار الكالبتوز الكثيفة التي كانت تنتشر في المناطق الغربية وتحديدا في معسكر الحبانية والمناطق المحاذية له.

وتحذر هذه الدراسات والتقارير التي اعتمدت في كثير من المقارنات على النسب لا الأرقام، من مخاوف تحول مدن عراقية بكاملها الى مدن صحراوية صرفة منها العاصمة بغداد على وجه الخصوص بعد أن كانت تعتبر في السابق واحات خضراء رغم الحملات العمرانية التي أقيمت فيها سابقاً. ويؤكد المهندس الاحيائي عباس الخفاجي بأن الحلول التي تضعها الوزارات والدوائر المعنية لمواجهة مشكلة التصحر شحيحة ولا تفي بالغرض وذلك بسبب الظروف الحالية التي يمر بها البلد، اضافة الى عدم توفر المستلزمات الضرورية لنشاط وعمل تلك الدوائر. وقد خلف الاهمال الكبير للمساحات الخضراء وعدم الاعتناء بها أثراً سلبياً كبيراً في نفوس سكان العراق الذين كانوا يتباهون بجمال وحجم المساحة الخضراء في بلدهم حتى باتت مناظر الاشجار المحروقة في المتنزهات والحدائق أمراً طبيعياً، وتحول اللون الاخضر الداكن الذي كان يطغى على تلك الاشجار للون الاخضر المغبر نتيجة لعواصف الغبار والرياح المحملة بالاتربة التي تضرب وجوه العراقيين يومياً وليس في فصل أو موسم معين.

ويؤكد الخفاجي بأن ظاهرة الاحتباس الحراري ستفاقم من حدة مشكلة التصحر وهبوب العواصف الترابية التي ستتسبب بدورها في زيادة القحط والجفاف وموجات الحر، ومساهمة الإنسان نفسه في تعقيد المشكلة بالاستخدام الجائر للمراعي والزراعة وسوء استخدام الري، فضلاً عن تنامي المطالب غير المستدامة جراء تزايد تعداد البشرية والتي تساهم مجتمعة في تعرية البيئة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرق الاوسط /14/6/2008

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة