العنف والاغتيال ضد المرأة الكردية العراقية..

كازيوه صالح

kazewas@hitmail.com

 ترجمة : حسن عبدالكريم

ملاك من شمال الوطن

      ان المجتمع الكردي العراقي يعد من بين اكثر المجتمعات تخلفاً من ناحية حبه للتملك إذ يعتبر الرجل نفسه مالكاً للمرأة . فالرجل و العشيرة وحتى السلطة سيطروا على جسد المرأة ، والقيود و السلاسل التي اصابها الصدأ سلبت عقولهم. لم تكن المرأة مستمتعةّ بحرية طبيعية ، وتعرضت للعنف والاضطهاد باستمرار ،  ابتداء من العنف الذي يمارس ضدها في البيت و الى قطع الانف و تشويه الوجه و الضرب والطرد والطلاق والاهانة وكيل التهم المختلفة والاغتيال و … الخ .  ان هذه هي الحالة المخيفة التي تعيش فيها المرأة الكردية العراقية،  سواء كانت هذه الممارسات والتعذيب من جانب الرجال الذين اصيبوا بامراض نفسية او المصابين بالسادية الجنسية او بذريعة كون المجتمع ابويا .  ولكن في كل الحالات ،  فان ممارسة العنف عمل لاانساني يقوم به الرجل نتيجة لضعف شخصيته ،  وكانعكاس لما لاقاه في طفولته من الضرب و الاضطهاد التي سيطر على تفكيره و ارادته عندما يكبر ،  و الاعمال اللاانسانية التي يقوم بها هي لتغطية ضعف شخصيته و فرض سيطرته،عن طريق استعمال العنف و قوة سواعده ضد الكائنة التي يعتبر نفسه مالكاً لها ،  وساقها سوء حظها الى الوقوع تحت سيطرته .ان الكائن الذي لم يستطع أي فكر وفلسفة ومذهب و آيدلوجيا القضاء على اضطهاده لحد الآن هي المرأة .

      وفي هذا العصر عصر المدنية والاهتمام بحقوق الانسان يتزايد العنف ضد المرأة اكثر من أي وقت مضى ،  وهذا الظاهرة ليست فقط خاصة بالكرد حيث يعاني من التخلف في المجال الثقافي بل انها مشكلة عالمية ،  ولكن بدرجات متفاوتة و بنسب مختلفة. على سبيل المثال، هنالك في العالم اكثر من عشرون مليون امرأة يعانين من جراء ختانهن.  وفي دولة مثل فرنسا العصرية المتمدنة تعاني مليونا امرأة من الاضطهاد على يد ازواجهن او اصدقاءهن و تموت في فرنسا اكثر من 400 امرأة في السنة الواحدة. وبعدما شعرت الدولة الفرنسية بهذه الحالة ،  قررت فرض العقوبات على كل الذين يقومون بهذه الجرائم. وحتى اذا تنازلت المرأة من حقها ،  فالحكومة تعاقب المتهم بسجنه  3 – 5 سنوات حسب نوعية العمل الذي قام بها و مدى الضرر الذي اصاب المرأة و تحكم بالتفريق بين الرجل والمرأة سواء كان هذا التفريق بموافقة الطرفين ام لا ،  ان موت اربعمئة امرأة في بلد كبير مثل فرنسا ازعجت السلطات كثيراً ، ولكن في كردستان العراق ذات المساحة و السكان القليلين ،  تعاني المرأة بنسبة 95% من العنف بمختلف اشكاله.  ان اعمال العنف اللاانسانية التي احاطت بالمرأة تصيب المرأ بالقشعريرة ،  ولكن لايحرك و لايثير ضمير أي صاحب قرار و سلطة ،  فلحد الآن لم تتم معاقبة أي ارهابي و لم تعلن من اية قناة من القنوات الاعلامية حتى يعرف الارهابيون بان هناك قوانين يخضعهم للمساألة.  ان نسبة الاغتيالات الموجودة في المجتمع الكردي لم يعلن عنها حتى الآن في أي مقابلة او دراسة،  و خاصة في السنوات التي اعقبت الانتفاضة ،  ففي ظل الحرية و الديمقراطية و في المنطقتين الخاضعتين للسلطتين الكرديتين فان نسبة اغتيال النساء بلغت حداً عالياً كما هو مدون في الجدول الآتي.

 

عائلة كردية عراقية

 

نسبة اغتيال النساء في كردستان العراق

ـ ارتفعت نسبة قتل النساء من (6) عام 1991 الى (49) إمرأة في عام (1998).

ـ ارتفعت نسبة النساء المنتحرات من (2) عام (1991) الى (50) عام (1998).

ـ اما النساء اللواتي تم تشويههن واعاقتهن عام(1998) فالعدد الرسمي هو(7).

ان هذا الاحصائيات ليست موثوقة بصورة تامة ،  اذ ان بأستطاعتنا ان نقول بان هناك مئات من النسوة التي تم اغتيالهن دون ان يعثر عليهن و اصبحت اجسادهن طعمة للكلاب و الذئاب و اعتبرن امواتاً بصورة طبيعية ،  وخاصة في المناطق التي لاتتوفر فيها اجهزة امنية و خدمات صحية ، ولكننا نعرف ان هذه الحالة اللاانسانية نمت و تطورت الى درجة ان الكرد لم يعرف لها مثيلاً في سابق الازمان.

      وكما يظهر في الجدول الاحصائي فان في سنة 1977 اغتيل اكبر عدد من النساء او قمن بحرق انفسهن لان تلك السنة كانت سنة عصيبة من الناحية الاقتصادية ،  كما كانت تلك السنة سنة الاقتتال بين الاكراد وعدم الاستقرار السياسي ، و لاشك ان تلك العوامل لها تأثير رئيسي على تدهور الوضع السايكلوجي لدى الانسان ،  كما ان هذه الظواهر أثرت بصورة مباشرة على المرأة ووضعها امام عقبات و كوارث ،  مثل الاغتيال و الانتحار و الطلاق و …. الخ .  ولكن الملفت للنظر و التامل ،  ونحن مشرفون على ان نترك القرن الاخير وراءنا و نضع اقدامنا على اعتاب قرن جديد بصورة شكلية ،  وفي الحقيقة فأننا نرجع القهقهري الى الوراء ،  الى قرون الظلام الوسطى ،  اذ لاتوجد أي عراقيل و موانع امام هذا التوجة و العوده الى الوراء و سد الطريق امام الاعمال الوحشية التي تمارس ضد المرأة ،  رغم ان السنوات الاخيرة ،  عرفت بأنها سنوات المرأة وحقوقها ورغم اننا نأمل في ان تكون السنوات القادمة سنوات للديمقراطية و التقدم ،  ولكن لم يكن بالمستطاع اتخاذ خطوات ضرورية لتحقيق متطلبات المرأة في مختلف الجوانب الاجتماعية و التعليمية والسايكولوجية،وقضايا اخرى كثيرة تخصها ،والتى من المتوقع ان تتحقق ذلك فى القرن القادم ومن هذا الطريق نستطيع نحن ايضاً ان نعالج قضايانا.

 

بعدفترة زمنية اخرى سندخل الى عالم الثورة المعلوماتية و التقدم التكنلوجى والعولمة ،وعندمايتحقق ظرف كهذا يكون بالامكان تغيير كل القضابا العالقة نحو سيادة نظام محدد للحياة النظام الذي لو لم نتسلح بثقافة كاملة و تعاون عصري مع الاحداث سنصاب بشلل ثقافي  وسياسي و اقتصادي ،  و نسجل تأريخاً بعيداًمن الابعاد المعرفية و التقدم .  و من المعلوم ان تأريخ الانسانية دون الاكثراث بالمرأة و الانعاش و تطوير تأريخها لايتقدم الى الامام .  فأذا كان المجتمع الكردي يريد ان يسير في طريق تطوير المجتمع الأنساني ويكون مجتمعا ًمدنياً ،  فمن الضروري كخطوة اولية ان يبدأ بأزالة الفوارق بين العنصرين الرجل و المرأة ،  كما انه يجب على السلطة السياسية والحكومة ان يحددوا اهدافهم في تحديد دور المرأة اكثر لمساهمة المرأة في اصدار القرار السياسي و وضع قوانين لقطع دابر الاغتيالات ،  و فسح المجال في القنوات الأعلامية لتكون في خدمة المرأة ،  و كذلك تطوير و تعديل مناهج الدراسة و دور المرأة في سياغة هذه المناهج كما ومن الضروري تفسير الدين بصورة صحيحة بحيث يكون مقبولاً متوافقاً مع القوانين الانسانية كل هذه تحتاج الى الكفاح المستمر من جانب المرأة لتكون واثقة من طاقاتها و امكانياتها ،  لأنها فقط من هذا الفريق تستطيع القضاء على الاضطهاد الذي لحق بها و بمجتمعها و اذا لم تخطوا هذه الخطوات بسرعة فسوف ينقضي الوقت ،  و التقدم لا يقسم تأريخ الانسانية على عنصرين .

ــــــــــــــــــ

 الباحثة هي عراقية كردية – مقيمة في كندا . وهذا مقطع من دراسة مطولة نشرت في عدة

  مواقع انترنت بعنوان (المرأءة الكردية على اعتاب الالف الثالث  وعصر العولمة)

العودة للفهرس