ظاهرة زواج المتعة في المجتمع العراقي

المصدر (دبي - العربية. نت)

أخذت ظاهرة "زواج المتعة" تنتشر بشكل كبير في العراق لاسيما الجامعات والمعاهد، ولم تعد تجد بعض الفتيات حرجا في الإسرار لصديقاتهن أو التباهي بأنهن تزوجن زواج المتعة.

فـالشابة (هـ، م) وهي مطلقة وتواصل دراستها المسائية في الأدب الإنكليزي تقول إنها تمارس زواج المتعة دون حرج، وتطلب مهرا من الرجل "المؤمن الملتزم" وتقول إنها غالبا ما تحصل على مهر جيد يساعدها في سد بعض حاجاتها.

ولكن تلك المرأة ذكرت لصحيفة الرأي العام الكويتية أنها تشعر بالذنب بمخالفتها للدين لأن "عقد الزواج ينبغي ألا يكون هدفه الربح وإلا تحول إلى نوع من الدعارة، أرجو أن يسامحني الله".

أما (ل، أ) فتوضح لنفس الصحيفة أنها عانت كثيرا من لقب عانس، وأن عمرها كان 35 عاما عندما تعرفت على زوجها (28 سنة) من العمر عندما تزوجها بالمتعة "زوجي صغير بالنسبة لعمري لكنه عاقل جدا ومتوازن ويهمه أن أكون سعيدة لذلك لا يحرمني من أن أمارس حياتي بشكل طبيعي وذلك بالخروج مع صديقاتي أو قريباتي أنا لا أحلم بأكثر من ذلك وأشكر ربي على كل النعم التي أنعم بها علي".

محمل العروس ايام زمان

الظروف هي السبب

وحكاية (ف، أ) مختلفة شيئا ما ولكنها رغم ما ذكرته تؤكد أنها سعيدة، وتقول إن زوجها هو بالأساس زوج صديقتها، وأنها كانت تنصحه أن تكسب رضاه وألا تؤذيه لأن الرجل تأسره الكلمة الطيبة ويحلم دوما بحضن دافئ يمنحه الدفء والحنان، "وقد شهدت معارك كان خلالها هو يحاول أن يتماسك وألا يهينها أو يسمعها كلمة جارحة، وكانت هي تزداد وقاحة وتعتبر ذلك صراحة ودفاعا عن حقوق يعلم الله أنها ليست حقوقا وإنما رغبة في التبذير والمباهاة على حساب هذا الزوج الذي يكدح ".

وتواصل تلك السيدة كلامها: "وبعد أن أصبح يتهرب من العودة والمبيت في المنزل ليتقي شرها أحست بقلق وطلبت مني أن أتحدث إليه لأعرف ما يدور في ذهنه، وإن كان يخطط لشيء وفعلا تحدثت معه ولم أخطط أبدا لكي أسرقه منها، وإنما تحدثت وفي عقلي وقلبي هما الاثنان، ونقلت لها أنه لن يتغير شيء في حياتهما ولكن من حقه أن يختلي بنفسه بعيدا عن جو المشاحنات في كل أسبوع يوما واحدا، وليت ذلك أثر فيها وحاولت أن تجذبه إلى بيته بالحب والحنان فلقد بقيت كما هي، بل أنها لا تكف عن مشاكسته بالهاتف، وقد مللت من دور المستمعة إلى مفترية، وانقطعت عنها وبعد ذلك بعام كامل اتصل هو بي وطلب مني أن نتزوج زواج متعة".

وتردف السيدة (ف) "قد اندهشت وسألته عن ثقته في، وفي موافقتي فقال إنه علم من زوجته مدى رغبتي في العيش مستورة، كما لمس مدى احترامي للزوج كرجل بحاجة للأمان والاستقرار، وقد وافقت لأنني أعلم كل التفاصيل عن أخلاقه وسلوكه، والغريب في الأمر أن زوجته بعد زواجه بي عادت للاتصال بي، حيث بدأت تخاف من حالة الهدوء التي تنبعث من وجه زوجها ومن تصرفاته وحديثه، وتؤكد أن وراء ذلك امرأة وخوفا على الهدوء الذي يسود حياتي مع زوجي كنت أحاول أن أبعد هذه الشكوك عن نفسها، وكنت أحاول مخلصة ليس من إجلها وإنما من أجله هو أن أعطيها بعض النصائح التي قد تعيد الهدوء والاستقرار لهما، وكنت أطلب من زوجي أن يحسن لها وأن ينصف".

غير أن ما يحزن "ف" هو أن زوجها ما يضطر إلى الكذب على زوجته الأولى كلما أراد أن يزورها لأنه لا يرغب في إثارة زوابع ومشاكل لبيته الأول "وهذا الكذب يقلقني جدا وهو الشيء الوحيد الذي يعكر صفو حياتي وهو يعلم أن هذا القلق نابع من قلب صادق".

حياة المتعة!

 ورغم الجدل الذي يثيره زواج المتعة أو ما يعرف لدى البعض بالزواج الموقت من اختلاف بين السنة والشيعة لأسباب تتعلق بشروطه وطريقته وصيغته، فإن هذه الظاهرة الجديدة ـ القديمة، حديثة عهد في المجتمع العراقي الذي طالما تندر على مشاهد الإيرانيات – حسب ما تقول صحيفة الرأي العام - خارج صحن الإمام علي بن موسى الرضا، وهن يعرضن على الزوار العراقيين لاسيما القادمين من كربلاء والنجف والكاظمية.

و أن ظاهرة زواج المتعة ظهرت على استحياء في المجتمع العراقي للمرة الأولى منتصف التسعينات من القرن الماضي، وتحديدا عندما بدأت شركة الهدى للسياحة التابعة لرئاسة الجمهورية في عهد صدام حسين بجلب أفواج سياحية من شيعة الخليج وإيران، وتركزت في مدن العتبات المقدسة، لكنها وجدت في كربلاء وفنادقها السياحية المطلة على الروضتين العباسية والحسينية ازدهارا لم تشهده في باقي المدن الأخرى، فقد غضت السلطات الطرف عن عدد من مكاتب الزواج يديرها معممون في الشوارع المتفرعة والمحيطة بالإمامين الحسين والعباس، بل أن البعض من العاملين في شركة الهدى كما تقول السيدة خالدة إسماعيل الحمداني عضو مجلس إدارة سابق في الشركة كانوا يتولون ترتيب الاتفاقات بين تلك المكاتب والسواح القادمين معهم.

الحرب والفقر والعنوسة

ويعود انتشار زواج المتعة لاسيما في أوساط الجامعات العراقية إلى أسباب كثيرة أهمها العوامل المادية، فضلا عن عوائق الزواج الدائم التي أوجدتها المظاهر الاجتماعية الكاذبة وتسببت في كثرة العوانس اللائي فاتهن القطار، فضلا عن المطلقات والأرامل اللواتي خلفتهن ثلاث حروب كبيرة أكلت الحرث والنسل وجعلت نسبة الإناث تعلو كثيرا على الذكور.

 الأسباب السابقة يسوقها أولئك الذين يقولون بحلية زواج المتعة، أما المعارضون له فهم يرون أنه يكرس المرأة كسلعة للمتعة فقط ولا يسعى إلى تكوين أسرة وبناء المجتمع وهما الهدف الأساسي الذي من أجله شرع الله سبحانه وتعالى الزواج ويطالبون بالبحث عن حلول عملية وليست تنظيرية لتسهيل عملية الزواج وإعداد خطة لمساعدة لراغبين بالزواج كما يقول عدنان الحسني.

وتكشف أستاذة علم النفس التربوي بكلية الآداب في جامعة بغداد د. شذى عبدا لباقي العجيلي أن الاحتلال الأمريكي للعراق لم يقتصر على تدمير البنية التحتية فقط، لكن الأكثر خطورة هو تدمير النسيج المجتمعي من خلال تدمير النفوس، مشيرة إلى أن إغلاق أبواب الرزق أمام الكثير من العوائل العراقية ربما دفع بعض النسوة للانجراف إلى طريق الخطيئة، بينما لجأ البعض الأخر منهن إلى طريق آخر رأين فيه حلا للمشكلة تحت غطاء شرعي.

وتعترف العجيلي  أن الكثير من العراقيات ارتضين اللجوء إلى زواج المتعة مع أنهن ينتمين إلى الطائفة السنية التي تحرم هذا النوع من الزواج وتعتبره من قبيل الزنا، وتضيف "أصبح مألوفا أن يوجد في الوسط السني العراقي من تقبل أن تتزوج برجل مقابل مبلغ مالي محدد تتسلمه منه، ولمدة محددة ينفق عليها خلالها" وأشارت العجيلي إلى أن الأعداد الحقيقية لعقود زواج المتعة غير معروفة لأن أغلبها سرية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

العودة للفهرس