عشتارات

رموز عراقية

خانزاد عبد اللطيف ـ اربيل

كل إمرأة عراقية، مثل كل انسان، تستحق ان يكتب عنها الصفحات الطوال، لأن كل لحظة من العمر تعادل اكثر من صفحة. لكن امكانات مجلتنا لا تسمح بالاحتفاء بكل هذا العدد من النساء العراقيات اللواتي ساهمن ويساهمن بمختلف الطرق والادوار من اجل ديمومة الحياة في وطننا. هنا محاولة لتقديم نماذج عديدة من النساء من مختلف المجالات والمناطق والفئات، لكن كلهن يجتمعن بصفة اساسية، هي (( النشاط الثقافي)) بمعناه المعرفي الواسع، الفني والادبي والتعليمي:

 

امل بورتر.. فنانة مبدعة  ومؤرخة اصيلة

 

انها فنانة ومؤرخة وعضوة في الهيئة الاستشارية للتحرير في مجلتنا. انها عراقية بغدادية اصيلة، من ام عراقية واب امكليزي عشق العراق وعاش ومات فيه. ولدت  في بغداد شهر ايار 1941 بعد اسبوعين مما كان قد اطلق علية حركات رشيد عالي الكيلاني. دخل والدها العراق مع جيوش الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الاولى، وهو مهندس من شمال غرب انجلترا مدينة كارليل. يعود تاريخ العائلة في هذه المدينة الى عام 1670 ولا زال اولاد اعمامها يسكنون نفس المدينة ولهم مكانة مميزة فيها، عرف ابناء العائلة بحبهم للهندسة واغلبهم تخصصوا في هذا المجال ومنهم والدها. عرف عن العائلة حب السفر والعمل في بلدان مختلفة وعمل جدها لوالدها في الهند تحت امرة امارة هندية مستقلة لم تخضع للأحتلال الانجليزي، وساهم في انشاء خطوط السكك الحديدية في الهند. وشاء القدر ان يعمل والدها في بغداد هذا الحقل في العشرينات من القرن الماضي.

 اما امها  فهي عراقية من بغداد والموصل، يرجع اجدادها الى اصول  شامية، اما ام ا لوالدة فهي من البصرة.

جدها كان يعمل صائغا ويتعاطي في سوق المال. اصرت والدة(امل) على ان يتعلم الابناء  العربية قبل الانجليزية.

هذا التنوع الانساني والثقافي جعلها تفكر بموضوعية وبعيدا عن التعصب والاندفاع. وهي تعتز كثيرا بنشاطها الاكاديميى وكيفية معالجتها للطروحات الفنية، اذ تعتمد  التقصي والفحص والمقارنة  ثم الوصول الى النتائج المعقولة.

 تخصصت بدراسة الفن وتاريخ الفن من بريطانيا وبيروت بغداد وفيينا وموسكو.  حاضرت في تاريخ الفن في كلية التربية الفنية في جامعة  السلطان قابوس مسقط عمان. استشارية حول العلاقات الفنية الثقافية للأقليات العرقية وترويج الوعي الثقافي في كلية North Tyne  Side College ممثلة  عن منظمة  Multi cultural Information Center. وهي ايضا منسقة عدة برامج حول الوعي الحضاري تتضمن البرامج اقامة ورش عمل ومحاضرات وتنسيق معارض فنية. تعمل باحثة في الفنون التشكيلية ننشرت في الدوريات والصحف العربية العديد من البحوث والمقالات، باللغتين العربية والانكليزية.ستنشر لها قريبا كتابين : الاول عن رسائل والدها  (العراق ما بين 1915- 1945(سيرة ورسائل سيرل بورتر). ثم رواية (دعبول البلام).لها موقع على الانترنت: www.emilyporterart.co.uk

 

الرسامة والنحاتة لميعة جمال الطلباني..

 

انها  فنانة كردية عراقية  مقيمة في عمان مع زوجها الدكتور حكمت الكاظمي. وهي خريجة جامعة بغداد وكذلك جامعة لندن ومقيمة في الاردن منذ سنوات. وقد حاظرت في العديد من الجامعات، بغداد وليبيا ونيجريا وعمان. اقامت العديد من المعارض في الاردن وشاركت في معرض المنحوتات العالمي في الصين.

    

 

نماذج من اعما ل الفنانة وهي تتميز برقيها ورهافتها وميلها الى النوذج الانثوي..

 

 

أميرة بيت شموئيل.. اديبة سريانية كركوكلية

 

لقد حافظت على اصالتها العراقية وعلى قدراتها الابداعية باللغة العربية رغم انها تعيش في كندا منذ سنوات عديدة.هي مواليد 1960/ مدينة كركوك العراقية.انهت فيها دراستها الابتدائية ( عرفة للبنات) والمتوسطة (السريان المختلطة) والثانوية (الجمهورية للبنات) في مدينة كركوك. أكملت دراستها في معهد التكنولوجيا/ قسم المساحة في بغداد/الزعفرانية. شاركت في النشاطات الطلابية الثقافية للجامعات والمعاهد في بغداد. الى جانب تعليمها في معهد التكنولوجيا في بغداد، شاركت في النشاطات الاخيرة للنادي الثقافي الاشوري قبل ان يتم تجميد هذه النشاطات من قبل النظام البعثفاشي في عام 1979 - 1980. عملت مساحة في شركة ( مصلحة مشروع ري كركوك) من 1980 الى عام 1985، حيث غادرتها ومدينة كركوك، على اثر الهجمة الصدامية عليها وعلى عائلتها عام 1984. اعدمت سلطات البعث اخيها عام 1985 (الشهيد يوسف توما) وابن خالتها (الشهيد يوخنا ايشو).  صدر قرار تجميد خدماتها في كركوك وتحويلها الى تكريت بأمر من دائرة الامن والاستخبارات.  بعد رفضها الانصياع الى الاوامر الصدامية والتحول الى تكريت، التجأت مع عائلتها الى شمال العراق، بعد اكثر من عشرة اشهر من الحصار المشدد والضغوطات والاستفزازات التي فرضتها اجهزة الامن والاستخبارات البعثفاشية عليها وعلى افراد عائلتها.
غادرت الى ايران ضمن عائلتها بعد جملة الاستفزازات التي عانتها من قبل الجواسيس المرسلين من قبل النظام في الشمال (محاولة اغتيالها وعائلتها في قرية باوركي). قبضت سلطات البعث على والدها ( توما هرمز ايشو) عام 1986 وهددت العائلة باعدامه مالم تغادر ايران. خوفاً من اعدام والدها التجأت الى اوربا/النمسا، واخيرا استقر بها المقام في كندا.شاركت في النشاطات الثقافية والسياسية والاجتماعية العراقية والاشورية والاثنية - الكندية كشاعرة وكاتبة ورئيسة تحرير لجريدة ايماما.رئيسة جمعية الصحافة الاثنية المتكونة من 350 صحيفة اثنية في كندا/ تورونتو عام 1998-1999 المؤسسة من قبل الصحافي الايطالي المخضرم السيد ماريو فارانو. ساهمت الى جانب العديد من النساء في تأسيس جمعية العوائل الاشورية الكندية. ساهمت في اصدار جريدة ( نينوى) لجمعية الشباب الاشوريين في كندا. شاركت في تأسيس فرقة (دجلة للتمثيل). كتبت العديد من المسرحيات ومنها المسرحياتان ( القادم الجديد) و( سفينة بابل الفضائية) وقدمتا في تورينتو من قبل فرقة دجلة للتمثيل اخرجهما السيد كمال ممو كريش. وتم تسجيلهما على اشرطو فيديو.
- شاركت الى جانب فرقة (كلكامش للتمثيل) في شيكاغو بمسرحيتها ( سفينة بابل الفضائية) ايضا من اخراج السيد نزار همدون وقدمت المسرحية ثلاثة مرات متعاقبة في شيكاغو. عضوة الهيئة التنفيذية للمنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين.
وهي مبدعة في مجالات الكتابة والنشاطات التجمعية الديمقراطية بين الجاليات العراقية في الخارج.

زها حديد .. المعمارية العالمية..

       (زها حديد) تعتبر الآن واحدة من اشهر المعماريين في العالم، والتي توجت سلسلة نتاجها المرموق بالفوز" المدوي " قبل فترة  بالمباراة العالمية لمجمع سيارات شركة BMW في لايبزغ / المانيا <2003 > وقبله في المسابقة المعمارية للمكتبة الوطنية في مقاطعة " دو كوبيك " في كندا <2000 > والمركز الوطني للفنون الجميلو، في روما / ايطاليا <1998 > ومركز روزنتال للفن الحديث في اوهايا / الولايات المتحدة الامريكية <1998 > وفوزها في المسابقة الخاصة في تصميم (جسر حداثوي) وغيرها من المشاريع المتميزة الاخرى.
 هي ابنة السياسي العراقي المعروف( محمد حديد)، مولودة عام (1950) في بغداد، وقد اكملت دراستها المعمارية في مدرسة ( الجمعية المعمارية) بلندن عام (1977)، ( بعد أن كانت قد درست الرياضيات في الجامعة الأمريكية ببيروت 68، 1971).  شاركت مع مجموعات تصميمية طليعية بلندن وفازت عام (1983) بحيازتها على المرتبة الأولى في المسابقة الدولية لتصميم ( نادي على قمة جبل) في " هونغ كونغ "، وتوالت تصاميمها ومن ثم فوزها المستمر، كما حاضرت في أهم مدن العالم المعماري وشاركت في أهم الفعاليات الدولية لتضحى أخيراً واحدة من أشهر معماريي العقد الاخير !!

           

مع اعتزازنا بمكانة اختنا المبدعة، إلا اننا نتأسف بأنها لم تحمل في ابداعها المعماري اية خصوصية شرقية او عراقية،

فأسلوبها عملي حدا وجاف ومحسوب  على ما يسمى( مابعد الحداثة)

شيرين شيرزاد..العمارة من الإيواء الى هوية المكان

       هي شيرين (إحسان شيرزاد) أستاذة مادة العمارة في كلية الهندسة قسم العمارة بجامعة بغداد. ولدت في اواسط الخمسينات ونشأت وترعرعت في بيئة اجتماعية عريقة التقاليد مفتوحة على إمكانات المستقبل اشأنها شأن العوائل الكردية التي منحت المجتمع العراقي سمة التقابل الحضاري للفئات والثقافات التي خلقت ثراء الثقافة العراقية. وهي ابنة المعماري والوزير السابق السيد (احسان شيرزاد) الذي عرف بمشروعاته ومؤلفاته.

درست في بغداد واوربا فكان اساتذتها من رواد العمارة الحديثة في العراق..محمد مكية وهشام منير ورفعت الجادرجي وجعفر علاوي والكثير من المعماريين واساتذتة العمارة الذين نقلة فكر العمارة الحديثة والباو هاوس وما بعد الحداثة ايضا، فأغتنت بقراءة فكر العمارة العالمية ومدارسها واساتذة مشاريعها المعروفين من لوكوربوزيه الى رايت وميس فان ديروه، وغيرها من التجارب العالمية والعراقية التي اغنت هذه المعمارية الباحثة عن الجديد والاصيل بنفس الوقت. وهكذا حين انتدبت لتدريس العمارة في عقد السبعينات راحت تلعب دور عقدة الربط بين أجيال العمارة العراقية والعلمية المختلفة. كانت أستاذة متمدنة تمنح طلابها  من معماريي الغد رؤية الحاثة وهوية التفكير وتطلق قدرة الخلق التي تحفظ الهوية لتمنح المكان انتمائه بكل مافية من كتل وأفضية. وكانت كتبها التي أصدرتها دليل بحث وتقص..وثروة تعين دارسي العمارة والنقاد والمقيّمين لحظة التأمل والمعرفة..

وحين جلست مرة أمام الدكتاتور مع جملة من المعماريين في ندوة بثت حية من تلفزيون بغداد أواخر عام 2002، لم تهادن ولم تتنازل وانتقدت عمارة الدكتاتورية التي أخرجتها من معايير العمارة الواقعية  الى نزوة الارتجال وعدم الانتماء. وكان العراقيون يتعاطفون مع جرأتها وهم يسمعون كلامها على شاشات التلفزيون معتقدين ان الدكتاتورية لن تسمح بمرور تلك الكلمات التي قالتها (شيرين شيرزاد) دون عقاب. لكن الحقيقة كانت اقوى فشلت يد الظلام وظلت استاذة العمارة (شيرين شيرزاد) تتابع ابداعها وحضورها العراقي الباهر ممثلة لصورة المرأة الكردية في بنية المجتمع العراقي الجديد.

الدكتورة أزهار عبد الفتاح الاطرقجي.. زهرة الامل

 

السيدة (ازهار) من المبدعات في مجال التدريس العلمي الجامعي. فهي استاذة في (( كلية الطب / جامعة النهرين)) وبإختصاص الفطريات الطبيه. وهي ايضا  محاضرة في جامعات اخرى مثل " كلية العلوم، وكلية الطب البيطري " (( طلاب المرحله التحضيريه والدراسات العليا))، وتقوم أيضاً بانجاز بحوث علميه وطبيه.  تقول عن حياتها:

(ازهار) الطفلة مع والديها

 

 ((ولدت في منطقة الكرادة الشرقية ببغداد في نهاية الستينيات. نشأت كطفلة مدللة،دخلت الروضة والتمهيدي ثم الابتدائية في السبعينيات وكانت طفولتي رائعة جداً وسعيدة. أتذكر يوم تخرجي من الروضة حيث كان أسمها حينئذ روضة البهجة، حيث ألبست الزي التونسي وغنيت أغنية عن تونس الخضراء، كان مطلعها:

تونس الخضراء داري           دار عزي  وفخاري..

كانت (ازهار) مولعة بالرسم منذ نعومة أظفارها. ذات يوم رسمت لوحة فنية في الروضة تتضمن شمس وبداخلها قمر وقد لونتها بالالوان المائية فأعجبت بها المعلمة وأحتفظت بها، وفعلاً أستمرت بتلك الهواية وقد شاركت بمعارض فنية عندما كانت طالبة في الكلية، ولها ايضا أهتمامات بفن الديكور وترتيب المنزل.

 بعد تخرجها توظفت معيده في (كليه الطب ـ جامعه النهرين ( حالياً) وسابقاً كانت تسمى( كليه صدام الطبيه / جامعة صدام). بعدها أقدمت على دراسة الماجستير في نفس الكليه ( كلية الطب) حيث تخصصت بعلم الأحياء المجهريه الطبيه  " البايولوجيا ألجزيئيه للبكتريا المرضيه وهي بكتريا مرض السيلان ".

بعد ذلك شرعت بالتدريس بنفس الجامعة التي تخرجت منها في مجال تخصصها، حيث كان بحثها بعنوان:( (دراسه مناعيه وكيمياويه لأنزيم البروتينيز المعزول من فطر المبيضيات والمعزوله من مرضى سرطان الدم)،  وفي هذا البحث تمكنت من استخلاص نتائج جيدة جداً تفيد مرضى السرطان، إذا تم إستغلالها بصورةٍ جيده في المستقبل.  

الفنانة كريمة هاشم ابنة ميسان

 

عند حدود الموج على شاطىء دجلة في مدينة( العمارة) كانت كريمة هاشم تتأمل الطمي وهو يلون وجه الرمل، ليكوّن شكل الشاطيء من جديد. هناك عند شاطيء العمارة حيث رائحة السمك وخبز السيّاح الفريد ورائحة الجنوب بكل مافي المكان من التواريخ والأحداث والوجوه. تكتشف (كريمة هاشم) ولعها بتكوينات الطين، وكأنها تستعيد حرفة الحضارات القديمة التي تركت لنا دوارق وأوعية وادوات من الطين العراقي المفخو، شواهد لحياة صنعها الخيال أول مرة، وجعلها الطين والفخار حقيقة ممكنة. لقد رأت الحياة على ضفاف مدينة (العمارة) أواخر الستينات، وكونت مخـزون رموزها من لغة المدينة وقدامتها ولطفها وتعايش ناسها من الأديان والمعتقدات من المسلمين والمسيحيين والصابئة، ومن السنة وجوامعهم والشيعة ومساجدهم وحسينياتهم وطقوسهم التي غالبا ما يساهم فيها أبناء الديانات والمعتقدات الأخرى لتوكيد الحب والأنتماء المشترك. لقد كانت العمارة مدينة المحبة والطبيعة الجميلة والهواء العذب  حيث تكون المدينة وضواحيها مكانا لاستجمام المرضى والعشاق والصيادين في مشاحيفهم الجريئة وهي تمخر الماء في النه والهور القصي وسط رائحة البردي والرياح..

وحملت كريمة هاشم ولعها بالتكوين من مادة الطين الى (معهد الفنون الجميلة) في بغداد 1980، لتطلق لأصابعها إمكانية التكوين كما فعل الرافديني الأول..وفي المعهد تخصصت بالفخار، وعرضت أعمالها وسط احتفاء الطلاب بمنتخبات إبداعهم في قاعات ومناسبات ومعارض  متنوعة تميزت فيها كريمة هاشم بخصوصية اللمسة على الطين. أكملت دراستها في كلية الفنون  عام 2000 وعرفت خصوصية الفخار والخزف في فطرة البلاد..ووعيها وحضارتها..وهكذا أمسكت الخزّافة كريمة هاشم بطريقتها في بنية مشروعها من ثنائية الطين القديم  والشمس، ومن الطين وكيمياء اللون والنار والخزف..   لتكرس مشروعها الفني خزّافة عراقية من الجيل الثالث..تسهم في معارض دولية وإقليمية..وتعرض أعمالها مقتنيات في معارض العالم وعلى واجهات منازل العراقيين، حيث يحتفل الناس بكريمة هاشم، أمراه وخزافة مبدعة، لم تكتف  بصورتها تلك بل راحت تدرس روح هذا الفن لأجيال من الخزافين في كليات ومعاهد العراق،  وهي تضفي روحها الأليفة ولمستها الخاصة على حياتنا في نشاطها العام ودأبها الشخصي الحاضر دائما.

الشاعرة المبدعة دنيا ميخائيل

 

انها شاعرة شابة ومبدعة ومعروفة جدا في الوسط الثقافي العراقي في الوطن وفي الخارج. وهي مقيمة الآن في امريكا. افضل تعريف نقدمة عنها، هذه المقاطع من افضل قصادئها الشهيرة:

الحرب..
الحرب تواصل عملها صباح مساء ،
تلهم طغاة ، لإلقاء خطب طويلة ،
تمنح الجنرالات اوسمه ،
والشعراء موضوعا للكتابة ،
تساهم في صناعة الأطراف الإصطناعية ،
توفر طعاما للذباب
 تضيف صفحات الى كتاب التأريخ .

تخرج أشياء كثيرة ،
من تحت الأنقاض ،
أشياء جامدة ، براقة ،
واخرى باهتة ،
مــا زالت تنبض ،
تأتــي بالمزيد من الأسئلة ،
الى اذهان الأطفال...

 

الدكتورة فردوس العباسي..أصابع الرحمة

 

 عند نشاتها الأولى  في بغداد كانت الكرادة الشرقية بيئة بغداد الاجتماعية منذ عهد الدولة العباسية. وكانت أطرافها أيام عز بني العباس لم تزل محافظة على اسمها الآرامي( كلواذا)، حيث كان الأمراء والشعراء والأعيان وعوائلهم وضيوفهم يتـنـزهـون ويقضون وقتا ويصطافون ويمرحون بين الماء والعشب وتدفق الحياة ولذلك بقيت الكرادة الشرقية بشوارعها وأسواقها وبساتينها ملاذ آهل بغداد وعوائلهم الى يومنا هذا. في هذه البيئة ولدت وترعرعت الدكتورة (فردوس العباسي) اختصاصية التخدير الأولى وصاحبة التجربة

الكبيرة التي يسعى اليها أطباء وجراحون ومرضى لتكون هي يد الرحمة وضمان الدقة والعناية الأكيدة.أنهت دراستها في بغداد، وتخصصت في جامعة القاهرة وهي تمارس اختصاصها منذ أوائل السبعينات حيث عملت وما تزال مع الدكتور سعد الوتري التخصصي الكبير بجراحة الجملة العصبية، ومع الدكتور علاء بشير الجراح الشهير في مجال تقويم العظام والتجميل، وعدد كبير من الأطباء الذين يجدون في زمالة الدكتورة العباسي رفقة علمية وتجربة إنسانية متنوعة وثرية، فهي زوجة الفنان الخزاف طارق إبراهيم اشهر خزافي الستينات الذي ما يزال ينجز مشروعه الى الآن. كما تساهم (فردوس) في النشاطات الاجتماعية والثقافية في حضور فاعل ومؤثر. وفي هذه المناسبة يمكننا ان نتذكر طبيبات عراقيات معروفات، منهن الدكتورة الشهيرة (هالة سرسم) التي اختطفتها يد المنون، والدكتورة (هالة الخرسان) والدكتورة (لمعان البكري) اللتان اختطف روحيهما ليل الظلام والدكتاتورية وكلهن زميلات الدكتورة (فردوس العباسي) التي تواصل هي وزميلات كثيرات رحلة العلاج والرحمة في بلاد الرحمة والمحبة بلاد مابين النهرين.

ليلى بيـــــــو..الفولكلور والإرث الجميل

 

تعلمت في مدارس الراهبات ببغداد ودخلت جامعة الحكمة يوم كانت البلاد متفتحة دون ضلال سياسي والحكمة جامعة الرفعة والآباء اليسوعيين والتعاون مع الحضارات والتفتح الدولي..

وحين جاءت الثورة الأشتراكية المزعومة..ألغيت جامعة الحكمة ودمج طلابها في كلية الآداب..

بجامعة بغداد وكانت ليلى بيو مع زميلاتها وزملائها طلاب جامعة الحكمة قد اجبروا على القبول بهذا الدمج القسري..

وكانت السيدة ليلى طالبة في قسم اللغة الفرنسية بكل الهدوء والالتزام والحرص وهي من عائلة أهتم رئيسها والد السيدة ليلى بجمع الأنتيكات والنسيج اليدوي والصناعات والسجاد الفاخر..

وهي من عائلة بغدادية معروفة..درست الأدب الفرنسي وتعلمت الدرس الثقافي حين انفتحت أمامها الحياة بالمسؤولية لتكون مسؤولة عن عمل مكتب والدها بكل متطلباته الاجتماعية والثقافية والمالية أيضا ولتعمل في ميدان حر في استقطابه لأصحاب الهوايات والسياح والدبلوماسيين..فكانت خير واجهة لبلاد الرافدين خلال العقدين الخيرين.. تعرف بنتاجها الفولكلوري وتعرض انفس الصناعات والسجاد..وهي الحريصة على حضور المعارض التشكيلية والنشاطات الثقافية في بغداد وحفلات الاستقبال التي يلتم بها العراقيون مع الدبلوماسيين والصحفين والسياح الأجانب الذين جاؤا لزيارة ارض بابل والرافدين وكانت السيدة ليلى خير واجهة..وهي تشكل  مع زوجها السيد حاتم  افضل ثنائي معبر عن صورة العائلة العراقية المثابرة.

ريم قيس كبة.. فراشة الشعر

 

ريم كبة..شاعرة بالفطرة وشاعرة بالوعي والجنون. عاشت طفولتها على شط دجلة ببغداد ووالدها الدكتور الجراح قيس كبة يمنحها العناية ويمحضها الحب..وكانت هي مأسورة بعالم التمعن العميق والمعنى السحري مغردة بعيدا عن العادي واليومي..ماسورة بالتأمل..والحنو والسكون الحميم.

ولدت ببغداد عام 1967 وحصلت على البكلوريوس في الترجمة عام 1989 متخصصة باللغة الفرنسية. مارست الترجمة وماتزال في دار المأمون للنشر..لكنها تنتمي الى الشعر وسحرية الفكرة الغريبة..مفرداتها تقريض متنوع وإيقاعها خصوصي في النزعة الى الحزن والشجن.. جريئة حد الخصام.وحميمة حد البكاء والاعتذار. أصدرت ديوانها الأول نوارس تقترف التحليق عام1991 وديوانها الثاني 2003. وتعمل على طبع مجموعتها الثالثة..كل قصيدة لحظة من المفاجئة والاستغراب. وكل نبرة ثراء من الفكر والإصغاء والبيان. نالت جوائز عدة في الإبداع من بغداد وعواصم عربية شتى. كرمتها الشارقة مرتين..وحضرت في عمان ودمشق بيروت ومدن أخرى احتفاليات الشعر. وهي ما تزال تمنح الحياة الكثير وتواضب النشر والحضور:

وبتلقائية روحي في البوح / سألبس أمزجة قد لاتهب الأشياء براءتها

ارسم دائرة من دائرة من أخرى / قد تولد آلاف الحلقات فأني النهر

إذا حالفني الحظ بقيت كذلك / ماء..ودوائر من مــاء..

شـنكـول حسيب ثنائية الأبداع والتربية

 

في كركوك وفي منتصف الستينات ولدت شنكول حسيب.. تعلمت هناك..واكتشفت مشكلة الانتماء الى مدينة يتزاحم القدر على صياغتها ليس كما يريد أهلها ان يعيشوا  في تنوعهم الأثني وفي انتمائهم الثري الى هوية الرافدين، لكنها لم تتوقف عند حدود الاختلاف وناوأت الاحتدام وآثرت التخصص في الحقل التربوي

مشرفة تربوية في مجالات إبداعية تدعو من خلالها الى إطلاق قدرة الابتكار عند الأطفال من خلال فطرتهم وحيا ديتهم وتعايشهم وليس من خلال تباينهم واختلافهم

عملت في النشاط العام من خلال المجالس الشعبية

أسهمت في تنشيط الحركة السياحية كما كان لها دور في تطوير الحركة الثقافية من خلال معارضها الشخصية ودعمها للثقافة التركمانية في إطار ثقافة البلاد وتناغمها..

هناك حيث تضج المدينة بالغناء والموسيقى والمجتمع المنظم رغم سنوات العزل والتفرقة التغريب  القسري..وكانت داعية للتعايش والتآلف وماتزال تساهم في النشاط العام من اجل العراق الجديد..الوعد.. الفدرالي الديموقراطي العلماني القادم!!

 

لقاء عــادل..الباليه والأزياء وحب البلاد

كانت طليعية  هي وبنات جيلها من طالبات مدرسة الموسيقى والباليه يوم كانت البلاد تتلمس طريق التنمية والحضارة والاتصال بالعالم..في سبعينيات القرن الماضي..

درسن في بغداد الباليه والموسيقى على يد أساتذة روس من البولشوي والمدرسة الروسية الأولى في الباليه..وتعلمن بحب وإتقان هذا الفن فيما كان البعض يرسل بناته وابناءه لهذه المدرسة وجاهة..ومظهرية مكشوفة..

درست فن التصميم ونالت فيه درجة الماجستير وعملت في دائرة الأزياء العراقية ودوائر ثقافية أخرى..أسهمت في نشاطات عراقية في البلدان العربية و شتى دول العالم. أسهمت في العديد من النشاطات الثقافية وتحرص على حضور المعارض التشكيلية والندوات والعروض الموسيقية..وتعد برنامجا عن الموسيقى الكلاسيكية في الإذاعة وما تزال تواصل الكتابة في المواقع العراقية والصحافة الإلكترونية وتحرص على متابعة نشاطاتها الثقافية رغم التزامات الأمومة والحياة..وفيما هاجرن زميلاتها من الأحباط واليأس خلال العقود الماضية آثرت التواصل.. فربما يوما تزهر البلاد ألوانا وقزحا..وأملا جديدا.

أميرة عيدان.. باحثة في التاريخ العراقي..

 

 

ان تخصصها بتاريخ العراق القديم هو الذي جعلها تنشط في مجلة (ميزوبوتاميا) وتصبح عضوة في هيئتها الاستشارية، ولها في عددنا هذا دراسة متميزة عن الملكة العراقية(الايرانية) (شيرين).. وهي منذ سنوات عديدة تساهم بتقديم البحوث عن تاريخ العراق ولها ايضا مشاركات في عدة ندوات آثارية وتاريخية.

يمكن القول ان(اميرة) متنوعة الاصول المحلية، فعائلتها بغدادية عريقة تقطن فيها منذ اجيال بعيدة، لكنها تعود باصولها القديمة الى (محافظة واسط).. اما(اميرة) نفسها فقد ولدت وامضت طفولتها ودراستها في (محافظة الانبار) في مدينة (الحبانية) التي انتقلت اليها العائلة. في هذه المدينة تعلمت (اميرة) روح الانفتاح والرغبة بالتعارف والمعرفة، حيث تسود روح المحبة والتسامح في  مجتمع (الحبانية)، فرغم صغرها، فهي تحتوي مختلف الفئات العراقية من عرب واكراد وتركمان وسريان ويزيدية صابئتة، بل حتى جماعات اجنبية.

  في اواسط السبعينات عادت العائلة الى (بغداد)، وبعد اعوام من الدراسة  تخرجت (اميرة)من قسم الآثار سنة 1991، فتعينت في الهيئة العامة للآثار والتراث – المتحف العراقي. ثم حصلت على درجة الماجستير في الآثار سنة 1999. وهي تحظر الآن لنيل درجة الدكتوراه في المسماريات، في كلية الآداب في قسم الآثار- جامعة بغداد.

 

كولا له نوري..تقاويم الوحشة

 

بين المناطق الكردية في شمال الوطن  والموصل ثمة خطوتان، لكن (كولالة نوري) لم تكن تستطيع عبور ذلك المستحيل خلال عقد ونصف من الزمان تحت سلطة العزل والتهديد والعنصرية.. كانت قد فقدت أخا هناك.. وافتقدت مكانا وانتماء في كردستان البعيدة القريبة..كانت تواجه الحياة في الموصل حيث تدرس مساء في جامعة الموصل وتعمل صباحا وتنصرف لتربية ابنتها الوحيدة طوال السنوات. لكن ذلك لم يمنعها من الحضور في المشهد العراقي..وهي الشاعرة المبدعة والشخصية الحاضرة في بيئة العمل والوظيفة والشعر والحياة العامة. أصدرت تقاويم الوحشة..وحضرت مهرجانات في صنعاء وعمان وبغداد، وواصلت الكتابة بحثا وتواصلا مع مسؤولية الدفاع عن شخصية المرأة العراقية في معترك التهميش والإقصاء الذي كانت تعيشه المرأة العراقية. كانت تشكل مع زميلاتها ومجايلاتها من جيل الثمانينات صورة مختلفة للمراة العراقية في التطلع والثقافة والاتصال بحضارة الآخر وكانت مع رسمية محيبس وداليا رياض ودنيا ميخائيل وريم كبة وسهام جبار وأخريات يشكلن جيلا متنوعا في التحصيل الدراسي وفي الإبداع وفي ممارسة النشاط العام بعيدا عن سلطة النمط وجنون الدكتاتورية.. ورغم هجرة البعض وانقطاعهن الا انهن مايزلن يسهمن في حياة العراق الجديد.. ومازالت كولالة نوري نموذجا لجيلها المتنوع في الخلق والإضافة.

ـــــــــــ

سميرة عبد الوهاب..التنوع والثراء العراقي

مديرة غاليري بغداد في ساحة الفردوس الشهيرة..وصاحبة نشاط متنوع من احتفالية الفنانين العراقيين في المعارض التي تقيمها الى  ندوات الثلاثاء  التي يحضرها صفوة المثقفين والرواد لمناقشة موضوع الندوة كل أسبوع هي من بغداد حيث تجلت طفولتها في الأعظمية..درست وتعلمت هناك في بيئة بغدادية متفتحة متنوعة ومتسامحة..ولذلك حين جاءت الى بيئة النشاط ا لعام منذ أواخر الستينات 1967كانت تعبر عن ذلك الاحتواء الحميم للجميع دون ضغائن او أوهام مسبقة لذلك تميز نشاطها باحتواء كل الاتجاهات والأساليب والأجيال وزجهم في معمعان الإبداع العراقي.. نشطت ثقافيا منذ السبعينات..واسهمت في معارض واعمال فنية ونظمت معارضها الشخصية والمشتركة ولذلك تم اختيارها سكرتيرة لرابطة نقاد الفن وانتدبت عضوة في منظمة الأيكا الدولية للفنون.. أقامت معارض للفن العراقي في تونس وباريس والقاهرة وعمان وبيروت وكان احتفائها الدوري بالمبدعين العراقيين في بغداد احتفالا تحضره صفوة المجتمع البغدادي والعراقي وتطل لأجيال للتعلم كيف تصنع اللحمة والاقتراب مجتمعا خلاّقا..ومبدعا طوال الوقت.

الفنانة تارا الجاف.. عازفة القيثارة السومرية..

الفنانة الكردية العراقية (تارا جاف) من مواليد مدينة حلبجة في شمال الوطن، تعلمت العزف على القيثارة السومرية، وجربت العزف على عدة الات موسيقية وترية، منها الكيتار والماندولين والجرانكو الشيلية والبزق الكردي، ولكنها شغفها بالقيثارة السومرية منذ الصغر لعب دوراً دوراً بارزاً في توجهها نحو القيثارة السومرية ومن استيعابها للموسيقى الكردية، استطاعت  الفنانة (تارا جاف) ان تضيف اسلوبها المميز في العزف على القيثارة وتؤقلمها لتتناسب مع هذه الموسيقى. وابتكرت الفنانة  (تارا جاف) اسلوباً خاصاً بها في عزف الحاناً هي مزيج من الاغاني الشعبية الكردية والشعر الهورماني والسوراني. ان سحر وحنين نغم القيثارة قد اضاف جاذبيةخاصة وحالة تأملية اليهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العودة للفهرس