شخصيات شعبية

لقد تعودت ثقافتنا العراقية ان تحتفي وتهتم فقط بالشخصيات المعروفة على الاصعدة المختلفة سياسيا وثقافيا وغيرها، اما الشخصيات الشعبية فأنها ظلت للاسف متجاهلة من قبل الاعلاميين والمثقفين. لهذا فأن (ميزوباتيا) تحاول ان تركز على هذه الشخصيات المجهولة، نساء ورجال، الذين بالنتيجة هم آبائنا واخواننا وامهاتنا واخواتنا، الذين مثل كل ابناء الوطن مهما كانت ثقافتهم ومواقعهم السياسية، يخدمون الحياة والوطن حسب امكاناتهم. وبالتالي، هم يستحقون ان يتم تقديمهم والحديث عن نشاطاتهم وتجاربهم الحياتية. نعم ان لحظة من عمر اي انسان هي تجربة ثرية ومعقدة تستحق البحث والتسجيل. لهذا تعمدنا في هذا العدد الخاص ان نبدأه بالحديث عن اهم شخصية شعبية في المجتمع العراقي، وهي (الملايا) الحاملة لتراثنا الديني الشعبي منذ ايام بابل ونينوى، وحتى الآن. ان هذه (الملاية) العضيمة، لم تكتف نخبنا الحديثة بتجاهلها واحتقارها والسخرية منها، بل بلغ تطرفهم( القومي التقدمي الاشتراكي) في اعوام السبعينات الى حد اعتبار نشاطها خارج القانون وارهابها ومنعها واعتبار دفاترها وثائق خطيرة ضد الدولة والمجتمع!!

بهذه المناسبة، يطرح البعض التساؤل المشروع التالي: لماذا يحق للرجل القارئ الحسيني، ان يسجل صوته ليتداوله الناس وسماعه كعمل ديني وفني بنفس الوقت. بينما يحرم على المرأة الملاية ان تسجل صوتها؟! إلا يعتبر هذا نوعا من الظلم واللا عدالة في الامر، ثم ألا يحرمنا هذا من سماع اصوات نسوية رائعة قد لا نسمعها في اي مكان.. لنتذكر بهذه المناسبة، ان واحدة من اعضم مغنيات العراق، هي(صديقة الملاية)!!

كذلك في ملفنا هذا نقدم شخصية نسائية شعبية لا تختلف كثيرا عن (الملاية)، انها (العرافة وسيدة الحارة) التي تلعب دورا اساسيا في نقل المعارف الشعبية الموروثة في مجالات الطب والتربية والحكايات والطقوس، بالاضافة الى قيامها بنشاطات انسانية عديدة مثل التوسط في الزواج وحل المشاكل بين النساء، وغيرها من الامور. اي انها بالحقيقة تقدم خدمات معرفية وانسانية تعادل ما يمكن ان تقوم به مؤسسات ثقافية وانسانية متخصصة!! لمثل هذه النساء الرائعات الف تحية واعتذار..

ـــــــــــــــــــــ

العودة للفهرس