تراث فني

أزيــاء المــرأة العراقية وتنوعاتها التاريخية والمحلية!!

وداد الحلفي ـ البصرة

 

وجه سومري

                                                               

       مثل كل جوانب ثقافتنا الوطنية بكل تنوعاتها، تعرضت أزيائنا المحلية الى الاهمال والاحتقار باعتبارها مرتبطة بالتخلف، فتم الاستعاضة عنها بالازياء الغربية التي تفتقد الى الحشمة بالاضافة الى تأثيراتها الصحية السيئة خصوصا على المرأة بسبب ضيقها وقصرها واقمشتها الكيمياوية! والغريب ان  الكثير من هذه الازياء سواء العراقية او من الدول النامية قد تم اقتباسها من قبل دور الازياء الغربية، لكي تعود من جديد الينا على انها غربية. كمثال بسيط على هذا لفة الرأسة النسوية التي اقتبست من شكل العقال.

   هنالك شعوب لا تقل ضعفا و( تخلفا) عنا، إلا تمكنت من التمسك بأزيائها الوطنية مع تقبل الازياء الغربية. وتعتبر المرأة الهندية اسطع وافضل نموذج ناجح على هذا، بحيث بقي الساري الهندي زيا لكل طبقات المجتمع بما فيها الطبقة المثقفة والعليا، بل ان احترام هذا الزي فرض نفسه حتى على النساء الغربيات فشاع بينهن بكثرة.

زي شمالي قد تم تحديثة من قبل دار الازياء( لاحظ كيف

يبدوا متكلفا وقد اقحمت عليه بعض الخلاعة عند الصدر والاكتاف)

اننا بحاجة الى تحديث عقلاني من دون تكلف ومبالغة على الطريقة الغربية!

منذ اعوام السبعينات جرت محاولات في العراق من اجل رد الاعتبار للازياء العراقية من خلال تأسيس(دار الازياء العراقية)، لكن المحاولة ظلت مهمشة ومحدودة جدا، لسبب اساسي انها ظلت محكومة بعقلية استغرابية تتعامل مع الازياء المحلية كأشياء ديكورية مثل حيونات منقرضة تستحق الاحتفاظ ببعضها في اقفاص خاصة!! فكان تصميم الازياء لا يهتم بالجوانب العملية بل فقط بالجوانب الشكلية المفتعلة، ولم تبادر اية جهة رسمية الى محاولة ادخال هذه الازياء لدى العاملين فيها. ظل الزي المدرسي والجامعي العراقي زيا غربيا، وظل زي المضيفات والمضيفين زيا غربيا، وظل زي المنتمين والمنتميات الى سلك الجيش والشرطة، زيا غربيا.. والاكثر غرابة من هذا ان العراقي(الافندي) الوحيد الذي كان يتفضل بين حين وآخر ويرتدي زيا عراقيا محليا، هو حضرة الدكتاتور!!

خصوصية الازياء العراقية

لاحظ هذه الفلاحة الجنوبية، ان زيها جميل وعملي بنفس الوقت، ثم انها لا ترتدي العباية

اثناء العمل، بل ان العباية تعتبر في الاصل زيامدينيا خاص بالنساء الغنيات اللواتي

لا يعملن ، اما الكادحات فكن يرتدين العباية عند الزيارات البعيدة وخاصة الى المدن .

 

          عموما تميزت أزياء المرأة العراقية منذ إن نشأت الحضارة في العراق القديم مرورا بالمراحل الآرامية والاسلامية وحتى اوائل العصر الحديث، بأنها محتشمة ومنوعة حسب البيئة المحلية. يمكن بصورة عاملة وغير دقيقة ان نحدد التنوعات التالية حسب المناطق المحلية:

ـ  زي المناطق المحيطة بالنهرين، ابتداءا من الموصل حتى البصرة، بل يمتد هذا التأثير العراقي حتى سواحل الخليج العربي. واهم خصوصيات هذ ا الزي هي العباية والفوطة والجرغد، حيث يطغي اللون الاسود.  وهو منتشر بين النساء العربيات والكرديات والتركمانيات. ولا ندري إن كان هنالك دراسات ومصادر تبين لنا في حقبة طغى هذا اللون الاسود وما هي اسبابه؟!

زي سرياني (محدث)

 

ـ زي النساء في المناطق الجبلية، وبالذات النساء الكرديات والسريانيات، ويكثر في قرى الموصل وعموم شمال الوطن. وهو يتميز بخلوه من العباية السوداء مع وجود الثوب الطويل العريض بالالوان الزاهية، وتتميز المرأة السريانيةعن الكردية  بأنها ترتدي العمامة الخاصة. من الواضح وحسب اللوحات الآثارية فأن هذا الزي(الشمالي) موروث اساسا من الازياء الآشورية في العراق القديم.

زي كردي جميل وعملي وقابل للتحديث والتحسين..

 

ـ زي نساء الحواضر القديمة، وموجود لدى نساء الحواضر العراقية القديمة من الموصل حتى البصرة، وهو عموما يسمى( الكوفي) وهو ثوب طويل وعريض مع تطريزات فنية جميلة. ايضا كما يتضح من اللوحات الآثارية القديمة ان هذا الزي وتطريزاتها مورروث من الحقبة البابلية.

ـ زي المرأة في مناطق الفرات الاعلى، ويخلو احيانا من العباية مع ثوب طويل عريض ملون قريب الى الزي السرياني والكردي.

 وطبعا هنالك ازياء محلية عديدة، نتظر مجلتنا ان يتفضل الباحثون بتعرفينا بها ذات يوم. هنا نقدم نموذجا ناجحا لمصممة ازياء عراقية، مع نماذج من ازيائها:

هناء صادق.. مصممة أزياء اصيلة ومبدعة..

     

مصممة الازياء العراقية (هناء صادق) المقيمة في الاردن، وفي الصورة الثانية بجانب

جلالة الملكة رانيا والملكة السابقة نور، يرتدين ثيابا من تصميماتها.

 

     هنا نعرض نموذجا ناجحا من الازياء العراقية التي انجزتها مصممى الازياء العراقية( هناء صادق) المقيمة في الاردن، آملين ان تبادر الجهات الرسمية العراقية الى تبني بعضها واعتبارها زيا رسميا للموظفات لديها.  وتتميز هذه الازياء بثلاث خواص: انها جميلة وزاهية، انها محتشمة ووقورة، والاهم من كل هذا انها مستوحات من التراث العراقي والبيئة الشرقية..