(تراث قصصي)

الملامح الثقافية والاجتماعية والسياسية لمدينة البصرة

في حكايات ألف ليلة وليلة

  د. محمد عبد الرحمن يونس(استاذ جامعي سوري)ـ اللاذقية

younesmoon@maktoob.com

 

 

 

 

تشكّل البصرة أهمّية كبيرة في مدن ألف ليلة وليلة، لأنّها مفتاح مدن العراق، وبخاصة بغداد، صوب العالم، كونها ميناءً مهمّاً على الخليج العربيّ، إذ يتمّ من خلاله ارتحال السرد الحكائي صوب البلدان الأخرى، وبالتّالي يكون هذا الميناء مفتاحاً لتشكّل الحكايات الجديدة، ثمّ تشابكها وثرائها بالأبطال والأحداث الجديدة.

أمّا حكايات ألف ليلة وليلة التي احتفت بمدينة البصرة، ونقلت بعضاً من أخبار حكّامها ونسائها ومجتمعها، فهي الحكايات الآتية: حكاية »الوزير نور الدين مع أخيه شمس الدين«(35)، وهي حكاية داخلة ضمن حكاية.  »هرون الرشيد مع الصيّاد«، والحكاية تجري حوادثها في مصر والبصرة، وحكاية  »علي نور الدين وأنيس الجليس «(36)، وتبتدئ حوادثها بالبصرة لتنتهي في قصر الرشيد المسمّى قصر الفرجة ببغداد، وحكاية » علي بن بكّار وشمس النهار «(37)، وتجري أحداثها ببغداد، لكنّ أبطالها يرتحلون إلى البصرة، ثم يعودون إلى بغداد ثانية، وحكاية  »خالد بن عبد الله القسري أمير البصرة مع الشاب الجميل «(38)، وكلّ حوادثها لا تتعدّى فضاء البصرة، ببيوتها وأزقّتها، وحكاية » هرون الرشيد مع أبي محمد الكسلان «(39)، إذ تبتدئ حلقات السرد في بغداد، ثم ترتحل إلى البصرة، ثم تعود ثانية إلى بغداد، وحكاية » بدور بنت محمد بن علي الجوهري مع جبير بن عمير الشيباني «(40)، وتقع حوادثها في البصرة، لكنّ الرّاوي ينقل هذه الحوادث ليسردها أمام الخليفة الرشيد في بغداد، وحكاية.  »هرون الرشيد مع الرجل الذي يطلب دواءً لعينه« (41)، وبطلها شيخ من البصرة، وحكاية  »الزّاهد ابن هرون الرشـيد« (42)، وحوادثها تجري في البصرة، لكنّها تُروى في قصر الرشيد ببغداد، وحكايات » السندباد البحري«(43)، وحكاية » الأصمعي مع الأخوات الشاعرات «(44)، وكلّ حوادثها بالبصرة، لكنّها تُروى أمام هرون الرشيد ببغداد، وحكاية » ضمرة بن المغيرة مع إحدى النساء الجميلات «(45)، ويرويها النديم حسين الخليع لهرون الرشيد ببغداد، وحكاية » حسن الصائغ البصري «(46)، وتبتدئ الحكاية بأسواق البصرة، لكنّها تنتهي ببغداد، إذ يفكّ الرّاوي بعض حبكات السرد أمام زبيدة زوجة هرون الرشيد، وحكاية  » مالك بن دينار مع العبد ميمون «، وكلّ حوادثها تظلّ أسيرة لفضاء البصرة، وأبطالها لا يغادرون البصرة. ويمرّ الرّاوي على مدينة البصرة في حكاية » الحمّال والبنات «(47)، باعتبارها طريق سفر مهمّ، بالإضافة إلى حكايات أخرى.

إنّ الحكايتين الوحيدتين اللتين لا تخرجان عن فضاء البصرة زماناً ومكاناً هما: حكاية  » خالد بن عبد الله القسري مع الشاب الجميل «، وحكاية » مالك بن دينار مع العبد ميمون «، في حين أنّ بقية الحكايات التي ذكرت البصرة، ترتحل بأبطالها إلى بغداد المركز، وإلى مدن أخرى بعيدة، فقدر البصرة في الليالي أن تدور في فلك بغداد المركز، وكأنّ الحكاية لا تأخذ أهميتها الفنيّة والجماليّة إلاّ بارتحال السرد إلى بغداد. وهنا يمكن القول: إنّ عدم استقلالية البصرة بحكاياتها، وعدم تفكيك حوافز السرد في فضاءات البصرة، راجع إلى فكرة المدينة المركز، وهيمنة هذا المركز السياسيّة والثقافيّة والاقتصاديّة على بقية المدن الأخرى الأقلّ مركزيّة. فالأصمعي في حكايته مع » الأخوات الشاعرات «، ينقل ملامح الحركة الشعريّة الناشطة بالبصرة إلى بغداد، وحسين الخليع في حكايته مع  إحدى الجواري الجميلات، ينقل إلى الخليفة هرون الرشيد أخبار نساء البصرة، الأديبات والعاشقات، وكيفية تعاملهنّ مع رجال البصرة الأدباء والظرفاء. لكنّ الرّواة في هذا الارتحال لا يسلبون من البصرة خصائصها الجماليّة، وشفافية سكانها، ورقّة نسائها. تقول سهير القلماوي(48) عن مدينة البصرة في ألف ليلة وليلة: » ولئن احتلّت بغداد الصدارة في الأخبار العربيّة، وفي تأثيرها في القصص الذي يذكر الرشيد خاصة(…)، [فـ] قد كانت هناك في أرض العراق مدينة فتنت القاصّ وكانت ألصق ببيئته وأشدّ تأثيراً في حياة أصحابها؛ تلك هي مدينة البصرة(…)، [التي كانت] موطن كثيرين من أبطال قصص الليالي وأخبارها  «.

 

ومن ملامح البصرة في حكايات ألف ليلة وليلة، أنّها بوّابة العراق التجارية صوب العالم الخارجي، فمنها يسافر التّجار إلى المدن البعيدة، حاملين بضائع العراق، وهي مفتاح للثروة والمال القادمين من أصقاع الأرض. فها هي الأخت الصغرى في حكاية » الحمّال والبنات «، تفتقر بعد أن استهلكت أختاها الكبيرتان معظم ثروتها، فتقرر السفر. ومن خلال ميناء البصرة تسافر مصطحبة تجارة، ثم ترجع بعد حين، وقد باعت هذه التجارة، وربحت أرباحاً كثيرة. تقول:(49) »  ولم نزل على هذه الحالة [حالة الاستهلاك]، فأردت أن أجهّز لي مركباً إلى البصرة فجهّزت مركباً كبيرة وحملت فيها البضائع والمتاجر وما أحتاج إليه «.. 

وميناء البصرة ميناءٌ كبيرٌ، يتّسع للسفن العظيمة التي تحتاجها تجارة المسافات البعيدة.  فها هو السندباد البحري يبحر في إحدى هذه السفن، مصطحباً بضاعته النفيسة، يقول(50):   » واشتريت لي بضائع نفيسة فاخرة تصلح للبحر، وحملت حمولتي وسافرت من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة، فرأيت سفينة عظيمة فيها تجّار وأكابر ومعهم بضائع نفيسة. «. 

وميناء البصرة ميناء مشهور بين الموانئ العالميّة، وتصل سمعته إلى أقاصي المدن الأسطوريّة والتخيّليّة التي كان يصل إليها السندباد. يقول السندباد(51): » فسمعت بخبر جماعة من تلك المدينة [مدينة بعيدة جداً لا اسم لها] أنّهم جهّزوا لهم مركباً يريدون السفر به إلى نواحي البصرة. «.

وتبدو البصرة في الليالي مدينة التجّار الأثرياء، والتجارة النشيطة، ولا يفوقها في الثراء والتجارة إلاّ مدينة بغداد: » ويُحكى أنّه كان(…) رجل من التجّار مقيم بأرض البصرة..  وكان عنده مال كثير «(52). وحركة التجارة النشيطة في البصرة تحتاج إلى مخازن كبيرة، تستوعب طموح هذه التجارة وازدهارها، ومن هنا فقد وُجِدت هذه المخازن التي تحتاج إلى محاسبين لضبط السيولة المالية، التي توفّرها حركة البيع والشراء. ففي حكاية » أحد أولاد أهل النعم مع جاريته «، يسافر الرجل الثري إلى البصرة، وهناك يدّعي أنّه رجل فقير، فيعرض عليه صاحب أحد المتاجر الكبيرة أن يشتغل في متجره محاسباً، ليضبط له حركة البيع والشراء: » فقال [صاحب المتجر] أتقيم عندي ولك في كل يوم نصف درهم وأكلك وكسوتك وتضبط لي حساب دكاني(.. . ). وأقمت عنده وضبطت أمره ودبّرت له دخله وخرجه فلمّا كان بعد شهر رأى الرّجل دخله زائداً وخرجه ناقصاً«.(53).

 إنّ المظهر التجاري لمدينة البصرة في اللّيالي، يلتقي تاريخيّاً مع مظاهر النشاط التجاري الذي عرفته البصرة في العصر العباسيّ. ولأنّ هذا النشاط كان مزدهراً، وذائع الصيت، فإنّ ابن حوقل(54)، لم ير حاجة لإعادة ذكر ما في البصرة من تجارة واسعة مشهورة، أمّا المقدسي(55)، فقد ذكر من أنواع التجارة بالبصرة، تجارة التمور والحنّاء والخزّ. ويحتلّ تمر البصرة المرتبة الأولى بين التمور في الدولة الإسلاميّة(56)، وليمون البصرة لا نظير له في العالم الإسلاميّ(57). وقد ساهمت الفوائد التي جنتها البصرة من تجارتها البعيدة في ازدهارها الذي وصلت إليه(58).

أمّا الملاحة البحرية فقد لعبت دوراً كبيراً في ثراء البصرة وازدهارها، إذ » اشتهر أهل البصرة(…) بالأسفار البحريّة حتى قالوا: » أبعد الناس نجعة في الكسب بصري «، وبالغ الواصفون في كثرة أنهارها وكثرة الزوارق فيها «(59).

ويتعاطف أحد الرّواة مع تجار البصرة، ويراهم مثالاً للأمانة. فهاهو التاجر البصري أبو المظفّر، يعطي لأبي محمد الكسلان كلّ أرباح أمواله، غير منقوصة. يقول هذا الرّاوي:(60) » فأمر عبيده [عبيد أبي المظفّر] أن يحضروا المال فحضروا به، فقال: يا ولدي لقد فتح الله عليك بهذا المال من ربح الخمسة دراهم. ثم حملوه في صناديق على رؤوسهم، وأعطاني مفاتيح تلك الصناديق. وقال لي: امض قدّام العبيد إلى دارك فإنّ هذا المال كله لك.«. ويعتبر الرّاوي أنّ أخلاقهم تجسّد كثيراً من القيم الجماليّة، فهم كرماء ورحماء، ومتعاطفون مع الفقراء، فالتّاجر البصري في حكاية » أحد أولاد أهل النعم مع جاريته «، يساعد الغريب الفقير القادم من بغداد، ويأويه، ويزوّجه ابنته ويشاركه في تجارته: » فأخبرته [أخبر التاجر] أنّي غريب فقير(…) فدعاني أن أتزوّج بابنته ويشاركني في الدكّان، فأجبته إلى ذلك ولزمت الدكان.«(61). على أنّه ينبغي القول إنّ كثيراً من رواة الحكايات لا يتعاطفون مع التجّار، بل يعتبرونهم طبقة دونية وجشعة، والذي يتعاطف مع التجّار هو راوٍ تاجر في حقيقة الأمر، فالرجل الفقير السابق الذي قدم إلى البصرة ووصف كرم تجّارها، هو في الأصل ذو أصول تجاريّة بغداديّة: » فقد ورث عن أبيه مالاً جزيلاً «(62)، قبل أن يفتقر.

وبالإضافة إلى ازدهار البصرة تجاريّاً، فهي تعرف المهن التي تنتمي إلى أصول صناعية.وتذكر الليالي أن البصرة تحتوي على محلاّت » النحّاسين والصاغة «، فبعد أن يموت أحد تجار البصرة، يترك لولديه أموالاً كثيرة، فيستثمرانها في صناعة النحاس وصياغة الذهب. يقول الرّاوي(63): »  وأخذ كلّ واحد منهما قسمه وفتحا لهما دكانين أحدهما نحّاس والثاني صائغ.«. ويبدو أنّ البصرة كانـت تاريخيّاً » معــدن اللآلــئ والجواهر «(64)، ولذا فليس بمستبعد أن تكون في الليالي أرضاً للذهب، وصائغة له(65).

وتبدو البصرة في الليالي مليئة بالبساتين، التي يصفها الرّاوي » بجنان البصرة«(66). ومن ملامح التخطيط الهندسيّ في البصرة، أنّ » فيها سبعين درباً طول كل درب سبعون فرسخاً »(67).

 

وإذا كانت البصرة في الليالي » هذا البحر المجهول الذي يمثّل أحلام الثراء بغموضها وبعدها«(68)، فإنّها بالنسبة للأبطال التجّار المغامرين، ببحرها وبرّها، مدينة أليفة وحميمة، ومحطّة استراحة آمنة، يرخي الأبطال فيها سدول همومهم ومخاوفهم، فقد كانت بالنسبة للسندباد فضاءً جمالياً، يحطّ فيه رِحَاله بعد أهوال السفر، ليتأمّل ذاته، ويسترخي هادئاً لعدة أيام حتى يستعيد طمأنينته النفسيّة، تأهباً لاستنفار قدراته فيما بعد، واستهلاكها في ملذّات ولهو بغداد. يقول السندباد(69): » ولم نزل مسافرين من بحر إلى بحر ومن جزيرة إلى جزيرة إلى أن وصلت بالسّلامة بإذن الله إلى مدينة البصرة. فطلعت من المركب، ولم أزل مقيماً بأرض البصرة أياماً وليالي. «.

ويستطيع السندباد أن يقيم بالبصرة، وأن يلهو مثله مثل كل الأبطال المغامرين والتجّار، فالبصرة مدينة النساء الجميلات، والجواري الأبكار، وهي فضاء أليف للّهو والطّرب، ويمكن أن تكون مثل بغداد في لهوها، فالنّاس فيها يقيمون حفلات اللهو على شاطئ البحر، وضفاف الأنهار.فعندما يشاهد أحد الأبطال البغداديين جماعة من البصرة، تخرج حاملة طعامها وشرابها، يسأل عن سرّ ذلك، فيقول له(70) أحـد بقّالـي البصـرة: »  هذا يوم المتنعمين، يخرج فيه أهل الطرب واللّعب والفتيان من ذوي النّعمة إلى شاطئ البحر يأكلون ويشربون بين الأشجار على نهر الأُبُلّة  ».

إنّ صورة خروج متنعمي البصرة إلى القصف واللّهو، خارج المدينة، ليست غريبة على بنية علاقات المدينة العربيّة الإسلاميّة وأفراحها في مسيرتها التاريخيّة، إذ عرفت المدينة الإسلاميّة كل أشكال اللهو والمتع، والاستمتاع بالحياة وأفراحها، » والحقّ أنّ الحياة الاجتماعيّة في المدينة الإسلاميّة، اتّسمت بتعدد وسائل التسلية والترويح عن النفس. ومن هذه الوسائل الخروج إلى المنتزهات والحدائق. «(71). وبالإضافة إلى الاحتفاء بيوم المتنعمين في البصرة، الذي ذكره الرّاوي في الحكاية، فقد عرفت مدن العراق في العصر العباسيّ، وبخاصة بغداد، احتفالات أخرى بأعياد كثيرة منها: عيد النيروز أو الرّبيع. وقد تكون هذه الاحتفالات من المؤثرات الفارسيّة الكثيرة(72)، التي دخلت على المدينة العربيّة الإسلاميّة، من خلال تفاعلاتها الثقافيّة والاجتماعيّة مع المدينة الفارسيّة.

ومن الملامح الاجتماعيّة للبصرة في حكايات الليالي، وجود النساء الوفيّات، إذ يقدّم ساردو حكايات البصرة صوراً جمالية لنساء البصرة، مغايرة لصور نساء القاهرة وبغداد ودمشق، اللواتي يصفهنّ الرّواة من دون خجل، بالمحتالات والزانيات والقوّادات والماكرات واللعوبات، وأن إبليس يخشاهنّ، ويحذر من مكايدهنّ الشّريرة. فنساء البصرة مخلصات لأحبائهنّ، ويدفعن الموت عنهم، ومستعدات أن يتعرضنّ للفضيحة أمام الأمير، إذا كان في ذلك نجاة للحبيب الوفي. ففي حكاية » خالد بن عبد الله القسري مع الشاب الجميل «، ترفع إحدى أسر البصرة دعوى أمام أمير البصرة، على شاب » ذي جمال باهر، وأدب ظاهر، وعقل وافر، وهو حسن الصورة طيّب الرّائحة، وعليه سكينة ووقار.«(73)، كما تقول الحكاية وتتهمه بالسرقة، لأنّها ضبطته متلبّساً بها، في منزلها. وعندما يرى الأمير خالد القسري هذا الشاب، يشكّ في صحة الادّعاء، ويسأل الشاب عن هذا الادّعاء، أمام أفراد الأسرة، فيؤكّد أنّه سرق، وأنّ هذه الأسرة صادقة في دعواها. وعندما يتقدّمون به ليقطعوا يده، تتقدّم إحدى النّساء الجميلات، وتنفرد بالأمير خالد، وتخبره: » بأنّ هذا الفتى عاشق لها وهي عاشقة له، وإنّما أراد زيارتها فتوجّه إلى دار أهلها ورمى حجراً في الدّار ليعلمها بمجيئه، فسمع أبوها وأخوها صوت الحجر فصعدوا إليه. فلمّا أحسّ بهم جمع قماش البيت كله وأراهم أنّه سارق، ستراً على معشوقته.«(74). وإزاء موقف الشاب البصري النبيل، الذي يستعدّ لأن يضحي بيده أملاً في أن تظلّ صورة هذه المرأة، في العرف الاجتماعيّ، كما هي عليه من النقاء، تذهب المرأة إلى الأمير لكي تنقذ عشيقها، غير عابئة بالفضيحة.

ويوازي هذه الصورة الجمالية للمرأة، في الطرف الآخر، صورة الرجال الكرماء في مدينة البصرة، الذين لا يقلّون كرماً وخلقاً عن نسائها، فها هو أحد رجال البصرة يُكرم نور الدين القادم من مصر:» ثمّ إنّه أمر [أي الرجل] بوضع الخرج على البغلة والبساط والسجادة، وأخذ نور الدين معه إلى بيته وأنزله في مكان ظريف وأكرمه وأحسن إليه وأحبّه حبّاً شديداً«(75).

وبالإضافة إلى وفاء نساء البصرة، فإنّهنّ مثيرات وممتلئات بالقدرات الجماليّة الجنسية، مثلهنّ مثل كل أميرات ألف ليلة وليلة وجواريها. يصف حسن الخليع إحدى نساء البصرة المتألّقات، للخليفة هرون الرشيد قائلاً(76): » وإذا بجارية أسيلة الخدّين عليها قميص جلّناري، قد غلبت شدة بياض يديها وحمرة خدّيها، قميصها يتلألأ ومن تحت القميص ثديان كرمّانتين وهي يا أمير المؤمنين متقلّدة بخرزة من الذهب الأحمر(…) ولها حاجبان مقرونان وأنف أقنى تحته ثغر كاللؤلؤ وأسنان كالدّر! وقد غلب عليها الطيب وهي والهة حيرانة ذاهبة تروح وتجيء تخطو على أكباد محبّيها في مشيها، ولسيقانها أصوات خلاخلها  «.

يكشف المقطع السابق عن خيال الرّاوي الشعبيّ، الذي تعبّر عنه شخصية حسين الخليع، هذا الخيال الشبقيّ المحروم جنسيّا في مجتمع طبقيّ يجعل النساء سلعـاً وإمـاء، لا يستطيع أن يصل إليها إلا الأمراء والملوك والتجّار والأثرياء. ومن دائرة حرمان الرّاوي وفقره، وشهوته لامتلاك النساء الجميلات، والذهب الذي صعب امتلاكه إلاّ من قبل الأثرياء، نجد أنّه يزيّن هذه المرأة بكل ما هو محروم منه، فخرزة الذهب الأحمر، والخلاخل، واللؤلؤ والدرّ، كلّها معطيات ماديّة، احتكرتها طبقة الملاّك والسلطة في الليالي، وحُرِم الفقراء منها. وقد شكّلت هذه المعطيات في الليالي هاجساً وحلماً وطموحاً بالنسبة للطبقات المهمَّشة إنسانياً واقتصادياً.يضاف إلى ذلك أنّ الرّاوي الشعبيّ لا يستطيع أن يقدّم لخليفة ملأ صيته الدنيا   ـ هرون الرشيد ـ وعُرِف بعشقه للجمال والنساء، امرأة قبيحة، فالصّورة النسائية المتخيّلة يجب أن تساير الوضع الطبقيّ والسياسيّ للمروي له، ولذا فإنّ الرّاوي الذي يعرف ما يسرّ أبطاله السلطويين قدّم امرأة عظيمة الجمال لرجل عظيم الهيبة والثراء. على أنّ سيرة هذه المرأة الجميلة المثيرة، هي وغيرها من نساء البصرة في الليالي، وفي علاقاتها مع الرجال  ـ كما يقدّمها الرّواة ـ تخلو من أية مظاهر للخلاعة أو الفجور، أو ابتزاز الرجال مالياً، إذا ما قارنّاها بسير النساء والجواري في بغداد ودمشق والقاهرة.

 

ولا ندري ما هو السبب الرّئيس الذي جعل الرّواة لا يذكرون أي مظهر من مظاهر فجور نساء البصرة وعربدتها، في حين أنّ البصرة ووفقاً للتركيبة الاجتماعيّة السائدة فيها، والعائدة لعدّة جنسيّات من حضارات مختلفة ـ ونظراً لانفتاحها المعرفي والتجاري على الحضارات الأخرى، باعتبارها ميناءً تجارياً مهمّاً ـ يمكن أن تكون مليئة بالفجور والمعاصي مثلها مثل بغداد أو دمشق أو القاهرة. فالمرأة في البصرة تعشق عشقاً عفيفاً، لكنّها في عشقها لا تطلب اللّذة المحرّمة، بل تطلبها لذة حلالاً، تضبطها قوانين الشرع الإسلاميّ، وهذا ما تشير إليه حكاية » ضمرة بن المغيرة مع إحدى النساء الجميلات «، فالمرأة الجميلة في هذه الحكاية، تعشق ضمرة دون أن تتهتك في عشقها، بل تُظهر له وفاءً ومحبة شديدين، آملة الزواج به(77)، وهي في عشقها تخاف الله في كل خطوة تخطوها(78).

ونلمس هذه الصورة الجماليّة لنساء البصرة في غير حكاية، ففي حكاية » بدور بنت محمد بن علي الجوهري مع جبير بن عمير الشيباني «، يكشف السرد المقياس الجمالي لإحدى نساء البصرة(79)، ويُظهر السارد عفّة هذه المرأة وحياءها، إذ تقول للشيخ ابن منصور الذي يتجسس عليها: » يا شيخ أليس عندك حياء، وهل من شيب وعيب؟ فقلت لها [أي قال ابن منصور]: يا سيّدتي أمّا الشيب فقد عرفناه وأمّا العيب فما أظنّ أنّي أتيت بمعيب. فقالت(…) وأيّ عيب أكثر من وقوفك عند دارٍ غير دارك ونظرك حريماً غير حريمك «(80).

وعندما يجد الشيخ مخرجاً لحرجه، مؤكّداً أنّه رجل غريب عطشان، سرعان ما تكرمه المرأة، وتبدي لطفاً ونبلاً يليق بامرأة كريمة ـ يتعاطف معها السارد ـ واثقة من نفسها وقدراتها على احترام ذاتها والآخرين: » ثم نادت بعض جواريها(…) فجاءتني بكوزٍ من الذهب الأحمر مرصّع بالدّر والجوهر ملآن ماءً ممزوجاً بالمسك الأذفر، وهو مغطّى بمنديل من الحرير الأخضر «(81).

يبدو من خلال المقطع السابق، أنّ أداة السقاية تنمّ عن مستوى حضاري وجمالي، يعكس وضعاً مجتمعياً مزدهراً، من خلال منزل كل ما فيه أنيق ومريح. ومن إعجاب الرّاوي بأناقة هذه المرأة وجمالها، فإنّه يقدّم هذا الكوز الجميل الذي تضفي عليه المرأة لمساتها السحريّة، وتغطّيه بمنديل من الحرير الأخضر. وبطبيعة الحال، فإنّ هذه المرأة تنتمي إلى طبقة التجار الأثرياء، هذا إذا عرفنا أنّ والدها هو محمد بن علي الجوهري، الذي تحدّثت عنه حكايته في ألف ليلة وليلة، والموسومة بـ حكاية»  هرون الرشيد مع محمد بن علي الجوهري «(82). وبدور هذه، وبالرّغم من ثرائها المالي الفاحش، فإنّها لا تتهتك، بل تعشق جبير بن عمير الشيباني عشقاً عفيفاً، هذا العشيق الذي يصفه الرّاوي بأنّه مثال للرجال الكرماء في مدينة البصرة، ومعروف بشهامته وعفّته(83).

ومن الملامح الجماليّة للحياة الثقافيّة والفكريّة بالبصرة، ملمح النساء الشاعرات الأديبات اللواتي يفقن الرجال ظرفاً وأدباً، ويتبارين في حفظ الشعر. ففي حكاية » الأصمعي مع الأخوات الشاعرات الثلاث«، يكشف فضاء الحكاية عن معرفة بنظم الشعر، فالأخوات الثلاث شاعرات موهوبات في نظم الشعـر الغزليّ. تقـول الأخـت الصغرى لأختيها: » تعالين نطرح ثلثمائة دينار، وكل واحدة منّا تقول بيتاً من الشعر فكلّ من قالت البيت الأعذب المليح، كانت الثلثمائة دينار لها. «. وبمصادفات ألف ليلة وليلة، يمرّ الأصمعي(84) أمام منزلهنّ، فيحتكمن إليه، فيحكم بتفوّق شاعرية الصغرى على أختيها، لبيت قالته:

 »  بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة       ضجيعي ورّياه من المسك أطيبا. «(85)

ففي هذه الحكاية، يبدو كلّ أبطالها شعراء، أو يحبّون الشعر، ويهتمّون بالمعرفة اهتماماً كبيراً، فالأخوات شاعرات، والأصمعي ـ راوي الحكاية ـ هو الأديب والشاعر الذي ذاعت شهرته في أرجاء العراق والدولة الإسلاميّة، والمروي له هو الخليفة هرون الرشيد الذي تُنْقل إليه أخبار البصرة ـ عاشق الفن والأدب والجمال بامتياز، من بين خلفاء الليالي وملوكها جميعاً ـ. ويشير السارد في هذه الحكاية إلى إتقان إحدى الفتيات لفنيّات الخطّ الجماليّة:

 »فدفعت لي [إلى الأصمعي] ورقة فنظرت فيها خطّاً في نهاية الحسن، مستقيم الألفات مجوّف الهاءات مدوّر الواوات «(86). ويبدو أنّ هذا الخطّ الجميل يلتقي، في درجة إتقانه وجماله، مع الخطّ الذي عرفته البصرة التاريخيّة، فسكان البصرة »استعملوا الخطّ وطلبوا صناعته واستحكم وبلغ(…) رتبة من الإتقان «(87).

 

 

وتشير حكاية » بدور بنت محمد بن علي الجوهري مع جبير الشيباني « إلى أنّ السيّدة بدور كانت تحفظ الكثير من الأبيات الشعريّة، وكانت ترسلها إلى حبيبها جبير الشيباني، تبيّن فيها مدى شوقها إليه(88). على أنّ هذه الخلفيّة المعرفيّة بالشعر، عند نساء البصرة، في الليالي، هي مزيج من الشعر العربيّ الجاهليّ والإسلاميّ والأمويّ والعباسيّ، أي أنّها من التراث الشعريّ الجمعيّ الذي يحفظه رواة الليالي المتعددون، وينقلونه إلى فضاء النصّ الحكائي. فالرّاوي يذكر مرّة أنّ السيدة بدور قالت شعراً، ونسبته إلى شاعر بعبارة : » فقد قال الشاعر «، دون أن تحدد اسم هـذا الشاعـر، (89) وفـي مرّة أخرى يقول عنها: » فكتبت هذه الأبيات «(90). دون أن يحدّد قائلها. وهو يقدّم ـ أيضاً ـ حبيبها جبير الشيباني، على أنّه يحفظ الشعر العربيّ، وأنّ جواريه الحسان تحفظ الكثير من المقطوعات الشعريّة في الحبّ والغزل(91).

إنّ الفضاء المعرفي الثقافيّ لنساء البصرة ورجالها في الليالي، يستمدّ مرجعيته من فضاء معرفي تاريخيّ عرفته مدينة البصرة. فقد عُرِف عن هذا الفضاء التاريخيّ احتضانه للشعراء والفنانين، والمدارس والحركات الفكريّة: مدرسة البصرة النحويّة، وحركة المعتزلة(92). فـ»  في البصرة نشأ الاعتزال بعد أن مهّدت له القَدَرِيَّة(93) في الكوفة والشام.تمّ ذلك على يد واصل بن عطاء(94). وقام عليه من بعده متكلمون من أبناء مدينته ارتبط بعضهم ببدايات الاعتزال وبعضهم بتطوّره  ونضجه «(95).

وقد عُرِف عن هذا الفضاء احتضانه للنساء الأديبات الموصوفات بكثرة الرّواية والغناء في آنٍ، ومنهنّ ـ على سبيل المثال ـ الجارية بَذْلَ، فقد كانت إحدى » المتقدّمات الموصوفات بكثرة الرّواية، [و] يقال:إنّها كانت تغني ثلاثين ألف صوت. ولها كتاب في الأغاني.«(96).وترعرع في هذا الفضاء راوي الشعر حمّاد الرّاوية(97)(ت 155هـ/772 م).

وكانت البصرة في عهدها الأمويّ والعباسيّ مأوى الشعراء، فقد كان ذو الرّمّة(غيلان بن عقبة بن مسعود العدوي، ت117هـ/735 م).كثيراً ما يأتي ليقيم بها(98). ونشأ فيها أبو نواس(الحسن بن هانئ، ت 198 هـ/814 م). وكان الشاعران الفرزدق(همّام بن غالب التميمي، ت110 هـ/728 م)، وجرير(ابن عطية بن حذيفة الخَطَفي، ت 110 هـ/728 م)، يترددان إليها كثيراً، وقد دُفِن الفرزدق في مقابر بني تميم بالبصرة(99).

ومن شعرائها ـ أيضاً ـ عِمْران بن حطّان بن وائل(ت 84 هـ/703 م)(100)، وأشجع بن عمرو السُّلَمِيّ(ت 195 هـ/811 م)(101)، ومحمـد بـــن ذؤيـــب العُمانــــي(ت 228 هـ/843 م)(102).

وأمام هذا الفضاء المعرفي التاريخيّ المزدهر شعراً وأدباً، وقف رواة ألف ليلة وليلة لينهلوا منه، وليضيفوا إلى نصوص الليالي بعضاً من قسماته ومعطياته، وليؤكّدوا أنّ صورة البصرة في الحكايات لا تتغاير عن صورتها التاريخيّة المزدهرة.

ومن ملامح التيارات المعرفيّة والفكريّة في البصرة، والتي يشير إليها رواة الليالي، بروز تيّار، أو نزعة معادية لحركة التجارة والرفاهيّة، واكتناز المال، وبذخ السلطة وفجورها، وهي نزعة بعض الشخوص إلى الزّهد. وقد نشأ هذا التيّار كردّ فعل معادٍ لممارسات السلطة السياسيّة والاقتصاديّة في الفضاء الاجتماعيّ، وعلاقات هذه السلطة بالفقهيّ والدّيني، ومحاولتها تسخير هذا الفقهيّ والدّيني لصالحها، وابتعادها في آن عن الجوهر الجمالي الذي أتت به رسالة الإسلام. ومن أسباب نشوء هذا التيّار »  انصراف الناس بالعراق في عصر الفتوح إلى المادة ومتاع الدّنيا، فعمّت هناك موجة واسعة من الزّهد في الدّنيا ونعيمها  الفاني.«(103). ففي حكاية»  الزّاهد ابن هرون الرشيد «، يُبرز الرّاوي إلى أي مدى وصلت إليه العلاقة بين السلطة السياسيّة وبين الزّهاد. ففي هذه الحكاية، كان للخليفة هرون الرشيد ابن زاهد ـ لا يذكر الرّاوي اسماً له ـ وكان معادياً لأسلوب والده في ممارسة السلطة والبذخ، والانكباب على ملذّات الدّنيا، وقد ترك هذا الابن حياة البلاط ونزل البصرة، ليعمل مع » الفعلة في الطين، وكان لا يعمل في كل يوم إلا بدرهم ودانق. فيتقوّت بالدانق ويتصدّق بالدرهم «(104).

ويصوّر الرّاوي ملامح هذا الابن المليء زهداً ورفضاً لكلّ ملذّات الدّنيا، المنكبّ على عمله وصلاته بتفان قلّ نظيره، والذي يرفض أن يأخذ من ربّ عمله(أبي عامر البصري) أيّة زيادة عمّا اتفقا عليه: » ولم يزل يخدم [أي ابن الرشيد] إلى الليل فأعطيته درهمين، فلمّا رآهما قال: ماهذا؟ قلت: والله هذا بعض أجرتك لاجتهادك في خدمتي. فرمى بهما إليّ وقال: لا أريد زيادة على ما كان بيني وبينك. فرغّبته فلم أقدر عليه»(105).

ويجسّد الرّاوي المفارقة بين طبيعة تيّار الزّهد، وتيّار السلطة السياسيّة، من خلال أبيات يرسلها الابن الزّاهد، وهو على فراش الموت، إلى والده الرشيد ببغداد، مع أبي عامر البصري:

يا والدي لا تغتـرر بتنعّـم      فالعمر ينفد والنعيم يزول
وإذا علمت بحال قوم ساءهم     فاعلم بأنك عنهم مسؤول
وإذا حملت إلى القبور جنازة     فاعلم بأنك بعدها محمول.(106)

 

إنّ الزّهد » طريقة في الحياة، ملامحها الأساسيّة هي التقشف البالغ، وأكبر رفض ممكن لمظاهر الرّاحة، طلباً لتحقيق مثل أعلى أخلاقي أو ديني سامٍ(…)، [وهو] شكل من أشكال الاحتجاج على ترف وعجز الطبقات الحاكمة. «(107). وتنطبق الرؤية الفلسفيّة المعارضة هذه، على ابن الخليفة هرون الرشيد، الرافض لترف أبيه، والذي نزل البصرة احتجاجاً على سطوة أبيه في بلاطه وبين جواريه، ووجد فيها ملاذاً لرؤيته، وطموحاً للتّحرّر من ربقة المال وسلطته، وبطر الحكّام وعسفهم.

ويبدو أنّ لهذه الحكاية سنداً حقيقيّاً في تاريخ الدولة العباسيّة، لأنّ رواة الليالي استفادوا من كلّ ثقافات عصرهم ـ بما فيها التاريخ ـ والعصور التي سبقتهم. فالابن الذي لم يذكره راوي الحكاية، هو أحمد بن هرون الرشيد، والرّاوي في الأصل التاريخيّ هو عبد الله بن الفتوح. يقول صاحب(المنتظم)، نقلاً عن أبي القاسم الحريري عن غيره، وصولاً لابن الفتوح(108): » خرجت يوماً أطلب رجلاً يرمّ لي شيئاً في الدّار، فذهبت، فأُشيرَ إلى رجل حسن الوجه بين يديه مزود وزنبيل، فقلت: تعمل لي؟ قال: نعم بدرهم ودانق «. وتتناصّ الحكاية في الّليالي، في معظم حوادثها، مع حكاية ابن الجوزي في كتابه المنتظم(109).

ومن مظاهر انتشار تيّار الزّهد والصوفيّة في مدينة البصرة، ما يرويه الرّاوي في حكاية » مالك بن دينار والعبد ميمون «، إذ يقول(110): »  انحبس عنّا المطر بالبصرة، فخرجنا نستسقي مراراً فلم نر أثر الإجابة  «.

ويخرج كبار علماء البصرة وسادتها إلى المسجد، ليقيموا صلاة الاستسقاء، لكنّ المطر يظلّ منحبساً، فبينما هم أمام المسجد، وإذا»  بأسود مليح الوجه رقيق الساقين عظيم البطن قد أقبل عليه مئزر من صوف، إذا قوّم جميع ما كان عليه لا يساوي درهمين فجاء بماء فتوضّأ ثم أتى المحراب فصلّى ركعتين خفيفتين كان قيامه وركوعه وسجوده فيهما سواء ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: إلهي وسيّدي ومولاي(…) أنفد ما عندك أم فنيت خزائن ملكك، أقسمت عليك بحبّك لي ألاّ سقيتنا غيثك الساعة ؟ فما تمّ الكلام حتى تغيّمت السماء وجاءت بمطر كأفواه القرب. ولم نخـرج من المُصَلّى إلاّ ونحـن نخـوض فـي المــاء للركب«(111).

وبطبيعة الحال لا تخلو حادثة إسقاط المطر من تخيّلات وهميّة يؤمن بها راوي الحكاية. فالرّاوي مؤدلج مع طبقة الزّهاد، ضدّ طبقات المجتمع، بفقهائها وعلمائها، لأنّ الكلّ الفقهيّ لمدينة البصرة يجتمع في المسجد لصلاة الاستسقاء، فلا تجيبهم العناية الإلهيّة، في حين أنّها سرعان ما تستجيب لدعاء عبد بسيط، وتسقط له المطر. ولا تخلو هذه الرؤية من إيديولوجيا واضحة معادية لطبقة السلطة السياسيّة، والسلطة الفقهيّة والدّينيّة في آنٍ، لأنّ دعاء هاتين السلطتين غير مستجاب، في حين أنّ دعوة العبد سرعان ما تُستجاب. ومن خلال إيمان الرّاوي بأنّ التفكير الزّهدي والصوفي هو الحل الأمثل لصلاح الأمة، وهو البديل من السياسيّ، ومن الفقهيّ المرتبط به، فإنّه يعطي لهذا الزّاهد مكانة خاصة عند ربّه تفوق مكانة جميع سكان البصرة، فبدعائـه الفـردي يسقـط المطـر، في حين أنّ دعاء الجماعـة(السياسيّة والدّينية) كلّه هباء لا قيمة له.

ويعطي الرّاوي هذه المكانة المتميّزة أيضاً للزّاهد ابن هرون الرشيد، إذ يضفي عليه قدرات غيبيّة خارقة متّصلة بحبل السماء، تعجز عنها جميع التيّارات الفقهيّة والمذهبيّة، فعندما يقول له والده الرشيد(112):»  لقد فضحتني بما أنت عليه. «، أي في إعراضه عن الدّنيا، وسلوكه طريقة الزّهاد، ووضعه» علـى جسـده جبّة صـوف وعلـى رأسه مئـزر صوف«(113)، فإنّ الابن الزّاهد يثبت لوالده السياسيّ، أمير المؤمنين، أنّه بكل أُبّهته وعظمته، وسلطاته المطلقة، عاجز عن أن يكون قريباً من الله، في حين أنّه وهو المستهجنة طريقته وسلوكه في علاقته مع ربّه، قادر على أن يتجاوز السياسيّ، ويضع مشروعاً بديلاً من مشروعه، ومن خلال هذا البديل يستطيع الاقتراب إلى ربّه، أكثر من قدرة هذا السياسيّ. يقول الرّاوي(114): » فنظر إليه ولم يجبه [إلى أبيه]، ثمّ نظر إلى طائر على شرفة من شرفات القصر، فقال له: أيّها الطائر بحقّ الذي خلقك أن تسقط على يدي. فانقضّ الطائر على يد الغلام ثم قال له: ارجع إلى موضعك فرجع إلى موضعه. ثم قال له: اسقط على يد أمير المؤمنين فأبى أن يسقط على يده «.

لقد وعى الزّاهد في ألف ليلة وليلة انحرافات السياسيّ وخروقاته الكثيرة للقوانين الفقهيّة والشرعية، وتهالكه على لذائذ الدّنيا، وابتعاده عن إقامة الحقّ والعدل في مجتمعه، فنفر منه، واعتبر أن الاقتراب منه ثُلْمَة في دينه، وابتعاد عن مرضاة الله. وبهذا المنحى تسجّل المصادر التاريخيّة بعضاً من أخبار الزّهاد وعلاقتهم برجال السياسة، فيذكر ابن عبد ربّه الأندلسي(115) أنّ الخليفة العباسيّ أبا جعفر المنصور لقي:

» سفيان الثوريّ(116) في الطواف، وسفيان لا يعرفه، فضرب بيده على عاتقه وقال: أتعرفني؟

قال: لا، ولكنّك قبضت عليّ قَبْضة جبّار./ قال: عِظْني أبا عبد الله./ قال: وما عملتَ فيما عَلِمت فأعِظك فيما جهِلت؟ / قال: فما يمنعك أن تأتينا؟/ قال: إنّ الله نهى عنكم، فقال تعالى: ]ولا تَرْكَنُوا إلى الـذين ظلمـوا فتَمَسّكـم النار [. فمسح أبو جعفر يده به ثمّ التفت إلى أصحابه، فقال: ألقينا الحَبّ إلى العلماء فلقَطوا إلاّ ما كان من سفيان فإنّه أعياناً فراراً «.

ومن الملامح السياسيّة للبصرة في ألف ليلة وليلة أنّها محكومة بطغمة من الحكّام والوزراء، الذين يعيثون فيها بطشاً بمناوئيهم، وتشريداً لهم، فلقد » استأثرت البصرة [في ألف ليلة وليلة] بالولاة المتجبّرين والحكّام الذين لا يبالون بالعدل أو الرّعية  «(117). ونلمس في حكاية » الوزير نور الدين مع أخيه شمس الدّين «، التي تجري حوادثها في مصر والبصرة حالات الصراع السياسيّ بين نظام وزير البصرة المتوفى(نور الدين)، وبين نظام الوزير الجديد(لا يذكر الرّاوي اسماً له)، إذ يستنفر الوزير الجديد كل أحقاده السياسيّة، مرتدياً جبّة الحاكم الظالم، ليحرّض سلطان البصرة(لا يذكر الرّاوي اسماً له)، ضد وزيره السّابق حسن بدر الدين بن نور الدين. ولا يذكر الرّاوي أي سبب يدعو الوزير الجديد لأن ينتقم من ابن الوزير القديم، ويغتصب أموال أبيه وأملاكه، على الرّغم من أنّه لا يزال غارقاً في أحزانه على أبيه.تقول الحكاية(118) : »  وولّى السلطان وزيراً جديداً مكانه، وأمره أن يختم على أماكن نور الدّين وعلى عماراته وعلى أملاكه، فنزل الوزير الجديد وأخذ الحجّاب وتوّجهوا إلى بيت الوزير نور الدّين ليختموا عليه، ويقبضوا على ولده حسن بدر الدين، ويطلعوا به إلى السلطان ليعمل فيه ما يقتضي رأيه.  «.وكان في نيّة السلطان الذي يصوّره الرّاوي وقد ارتدى جبّة السفّاح، أن يقتل حسن بدر الدّين(119)، فما كان من ابن الوزير إلاّ وأن فرّ من البصرة  إلى » غير مقصد «(120).

ونشاهد وجه الوزير الظّالم في البصرة، وذلك في حكاية » علي نور الدّين وأنيس الجليس «. فقد أمعن الوزير المعين بن ساوي ـ في الحكاية ـ فساداً، ونهباً لأموال الناس في البصرة، بعد أن مات زميله في الوزارة الوزير الفضل بن خاقان(121)، وبعد ان أصبحت مقاليد الوزارتين بيديه، سلك مسلك النميمة، واغتصب أملاك رعاياه في البصرة(122). وفي هذه الحكاية يضطرّ علي نور الدّين ابن الوزير المتوفَّى، أن يذهب بجاريته الجميلة أنيس الجليس، لكي يبيعها في سوق النخّاسين، بعد أن فقد كلّ أمواله على ندمائه في الطّعام والشراب واللهو(123). وبمصادفات اللّيالي الكثيرة ينزل الوزير المعين بن ساوي إلى سوق الرّقيق ويشاهد الجارية أنيس الجليس، وما إن يشاهدها حتى يحتال لكي يأخذها غصباً. ويوضّح الدلاّل في سوق الجواري لصاحب الجارية علي نور الدين، طريقة هذا الوزير في النصب والاحتيال قائلا:»  إنّه من ظلمه سوف يكتب لك ورقة حوالة على بعض عملائه ثم يرسل إليهم ويقول: لا تعطوه شيئاً، فكلّما ذهبت إليهم لتطالبهم يقولون في غدٍ نعطيك ولا يزالون يوعدونك ويخلفون يوماً بعد يوم وأنت عزيز النفس، وبعد أن يضجّوا من مطالبتك إياهم يقولون أعطنا ورقة الحوالة فإذا أخذوا الورقة قطعوها وراح عليك ثمن الجارية «(124).

وبعد أن يكتشف علي نور الدين هذه الحيلة يرفض بيع الجارية. وسيكون هذا الرفض، في ما بعد، سبباً لاستنفار أحقاد الوزير المعين بن ساوي على علي نور الدين، والذهاب إلى مولاه السلطان محمد بن سليمان الزّيني مدّعياً كاذباً أنّه كان يريد شراء جارية جميلة له، لكنّ ابن وزيره السابق ضربه وشتمه(125)، ووفقاً لما تقتضيه التركيبة المعرفيّة والسلوكيّة لحكّام ألف ليلة وليلة وسلاطينها، القائمة على الحكم الفردي المطلق، الأناني المستأثر بكل خيرات بلدانهم ونسائها واقتصادها، سيستنفر السلطان الزّيني أحقاده على علي نور الدّين، لرفضه بيع الجاريه. تقول الحكاية(126): »  قام عرق الغضب بين عينيه، ثم التفت إلى من يحضر به من أرباب الدّولة وإذا بأربعين من ضاربي السيف وقفوا بين يديه، فقال لهم انزلوا في هذه السّاعة إلى دار علي بن خاقان وانهبوها واهدموها وائتوني به وبالجارية مكتّفين واسحبوهما على وجوههما وائتوا بهما بين يديّ.  «.

إنّ حكّام البصرة ليسوا الظّلمة والطّغاة الوحيدين في ليالي ألف ليلة وليلة، بل تمتلئ كلّ مدن ألف ليلة وليلة بالحكّام والولاة الظّلمة، لكنّ الرّواة لا يجعلونهم يستكملون مسيرة ظلمهم، فهناك إمّا هازم اللذّات ومفرّق الجماعات، بتعبير شهرزاد، الذي ينهي حالة الظلم، وإمّا ظالم آخر ينهي حياتهم انتقاماً، وفقاً لنسق الظلم الذي يستمرّ مع استمرار الحكايات، أو عادل آخر يحقق تزامن ثنائية العدل والظّلم، استكمالاً لفكّ عقدة الحكايات في ما بعد.

هذه هي أهمّ ملامح مدينة البصرة في الليالي، والتي هي في التاريخ »  أعزّ مدن العالم قوّةً وثروةً «(127)، ومن أكثرها تطوّراً معرفيّاً، وتأليفاً للكتب، ووضعاً لقواعد النحو(128). ومن أنشطها تجارة خارجيّة بعيدة ومزدهرة(129). وهي الغنيّة بمياهها وأنهارها، والأرض التي» لا يدخلها عقرب ولا حيّة «، كما يذكر المسعودي(130).وهي المدينة التي كانت، قبل أن تشتعل فيها ثورة الزنج بقيادة علي بن محمد(131) في السابع من رمضان 255 هـ/869 م، قبّة الإسلام، وفرضة البلدان، ومدينة السفن التجارية الكبيرة، والقصور والدور والأسواق المزدحمة على حدّ أوصاف ابن الرومي(132)(علي بن العباس، ت 283 هـ/896 م)، حين يقول في رثائها:

لهف نفسي عليك ياقبة الاسـ  لام لهفا يطول منه غرامي

لهف نفسي عليك يافرضة    دان لهفا يبقى على الأعوام(133)

إلى أن يقول:

إنّ بغداد والبصرة ليستا المدينتين العراقيتين الوحيديتن في حكايات ألف ليلة وليلة، بل لقد ذكرت الحكايات مدناً أخرى، لكنّها لا تشكّل أهمّية من حيث مركزيّة الحدث، أو ارتحالات السرد وحركة أبطاله، وتنامي الفضاء المكاني، بعلاقاته السوسيولوجية، والمعرفيّة، وتركيبته السلطويّة، لأنّها ليست إلا محطّات عابرة، يمرّ فيها الأبطال مروراً عابراً، ودون توقف. هذا إذا استثنينا مدينة الكوفة، ونساءها العجائز المحتالات، ورجال سلطتها النصّابين والظّلمة، وجواريها المتألّقات سحراً وجمالاً، وأصواتاً عذبة(134).

أمّا المدن المحطّات العابرة في حركة السّرد، فهي: الموصل(135)، والأنبار(136)، وواسط(137). ويشير الرّاوي إشارات سريعة إلى البلد الكبير العراق(138)، دون أن يذكر أيّة مدينة في هذه الإشارات.

 



(35) - مؤلف مجهول: ألف ليلة و ليلة، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، د. ت. أربعة أجزاء، 1 / 93.

(36) - م ن، 1 / 183.

(37) - م ن، 2 / 183.

(39) - م ن، 3 / 8.

(40) ألف ليلة وليلة، 3 / 59.

(43) - ألف ليلة وليلة، من ص 389 من المجلد الثالث إلى ص 23 من المجلد الرابع.

(44) م ن، 4 / 96.

(45) - م ن، 4 / 107.

(46) - م ن، 4 / 245.

(47) - م ن، 1 / 77.

(48) - القلماوي، د. سهير: ألف ليلة و ليلة، دار المعارف، القاهرة، طبعة 1966م، ص 231.

(49) - ألف ليلة وليلة، 1 / 78.

(50) - م ن، 4 / 6.

(51) - م ن، 4 / 12.

(52) - م ن، 4 / 269.

(53) – ألف ليلة وليلة، 4 / 441.

(54) - عن/ الخازن، د. وليم: الحضارة العبّاسيّة، دار المشرق، بيروت، الطبعة الثانية 1992م، ص 81.

   - وأخذ الخازن عن/ المسالك والممالك، ليدن، طبعة 1873 م، ص 161.

(55) - عن/ الخازن، د. وليم: الحضارة العباسيّة، ص 181.

   - وأخذ الخازن عن / أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ليدن، طبعة 1977 م، ص 138.

(56) - ميكيل، أندريه: جغرافية دار الإسلام، الجزء الرابع، القسم الأول والقسم الثاني، ص 292.

(57) - م ن، ص 308.

(58) - ميكيل، أندريه: جغرافية دار الإسلام، الجزء الرابع، تتمة القسم الثاني والقسم الثالث، ص 343.

(59) - أمين، د. أحمد: هرون الرشيد، سلسلة كتاب الهلال، دار الهلال، القاهرة، العدد الثالث، ذي القعدة 1370هـ/1951م، ص 78.

(60) - ألف ليلة وليلة، 3 / 14.

(61) – ألف ليلة وليلة، 4 /441.

(62) م ن، 4 / 435.

(63) م ن، 4 / 246.

(64) - ميكل، أندريه: جغرافية دار الإسلام، الجزء الرابع، القسم الأول والثاني، ص 312.

(65) - يبدو أن ثراء البصرة التجاري – تاريخيّا – وكونها سوقاً للعمل والتجارة، ومعدنا للجواهر، أسهم في أن تظلّ بغداد

     وسامراء منتعشتين بارتكازهما على هذه المدينة.

   - م ن، ص 240.

(66) - ألف ليلة وليلة، 3 / 59.

(67) - م ن، 3 / 59.

(68) - القلماوي، د. سهير: ألف ليلة وليلة، ص 232.

(69) - ألف ليلة وليلة، 4 / 13. وكذلك 4 / 5.

(70) ألف ليلة وليلة، 4 / 441.

(71) - عاشور، د. سعيد عبد الفتاح: "الحياة الاجتماعيّة في المدينة الإسلاميّة "، مجلة عالم الفكر، وزارة الإعلام، الكويت، المجلد

     الحادي عشر، العدد الأول، أبريل، مايو، يونيو، 1980 م، ص 97.

(72) م ن، ص100.

(73) م ن، 3 / 60.

(74) ألف ليلة وليلة، 3 / 7.

(75) م ن، 1 / 96.

(76) - م ن، 4 / 107.

(77) - ألف ليلة وليلة، 4 / 110.

(78) - م ن، 4 / 111.

(79) - يقول الراوي عن هذه المرأة:" بيضاء كأنّها البدر إذا بدر في ليلة أربعة عشر، بحاجبين مقرونين وجفنين ناعسين، ونهدين

     كرمانتين، ولها شفتان رقيقتان كأنهما اقحوانتان، وفم كأنه خاتم سليمان يلعب بعقل الناظم والناثر ".

(80) - ألف ليلة وليلة، 3 / 60.

(81) م ن، 3 / 60.

(82) ألف ليلة وليلة، 2 / 425.

(83) م ن، 2/63.

(84) - م ن، 4 / 97

(86) - م ن، 4 / 98.

(87) - ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد(ت808هـ/1406م): كتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و العجم و البربر، و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر "مقدمّة ابن خلدون"، تحقيق و شرح: د. علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر للطبع و النشر، القاهرة، الطبعة الثالثة، محرّم 1401هـ/1980م، 2 / 967.

(88) - ألف ليلة وليلة، 3 / 62.

(89) م ن، 3 / 61.

(90) – م ن، 3 / 62.

(91) - للاطلاع على الخطابات الشعريّة التي يمتلئ بها فضاء الحكاية تُرَاجع الصفحات: 260، 264، 266، 276، 268، 269،

     270، من المجلد الثالث.

(92) - المعتزلة : أهمّ فرقة من المتكلمين الذين يرون أن الإنسان حر: يفعل هذا أو يتجنب ذلك بمحض إرادته. ومن هنا فإنّ

     مسؤوليته عما يعمل. كما أنّه بلغ من تمجيدهم للعقل البشري اعتقادهم أنّ هذا العقل كان يستطيع أن يصل إلى أنّ هذا

     العالم من خلق إله واحد حتى لو لم تصله الشرائع السماوية وذلك بتأمّله في عجيب مخلوقات الله سبحانه وتعالى.فهم

     ينفون القدر وينـزّهون المولى عن التشبيه والزمان والمكان والحركة.

   - وهبة، د. مجدي ؛ المهندس، د. كامل:معجم المصطلحات العربيّة في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، بيروت، طبعة 1979 م،

     ص 204.

(93) القَدَرِيّة: هو مذهب في علم الكلام الإسلاميّ، يرى أصحابه أنّ الإنسان حر مختار في أفعاله وإلاّ لبَطُل الثواب والعقاب.

     وكان على رأس هذا المذهب في العصر الأمويّ الحسن البصري، وقد انبثق منه مذهب الاعتزال.=

    = - وهبة، د. مجدي ؛ المهندس، د. كامل:معجم المصطلحات العربيّة في اللغة والأدب، ص159.

(94) - واصل بن عطاء:(80 ـ 131 هـ / 700 ـ 748 م): رأس متكلمي المعتزلة، ولد بالمدينة وانتقل إلى البصرة حيث

     اتصل بالحسن البصري وعمرو بن عبيد. لُقّب بالغزّال لتصدّقه على فقيرات معامل الغزل.له " السبيل إلى معرفة الحق "

     و" الخطب في التوحيد والعدل ".

   - المنجد في الأعلام، ص 740ٍ.

(95) - العلوي، الهادي:" البصرة في ذاكرة الحضارة "، ص 15.

(96) - الأصفهاني، أبو الفرج: الأغاني، تحقيق علي محمد البجاوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، طبعة 1970 م /

     1389هـ، الجزء السابع عشر، ص 20.

(97) – م ن، تحقيق عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، 18 / 142.

(98) - م ن، ص 5.

(99) - م ن، تحقيق عبد الكريم إبراهيم الغرباوي ومحمود محمد غنيم، طبعة 1973م / 1393 هـ، 21 / 389.

(100) - الأصفهاني، أبو الفرج:الأغاني، 18 /109.

(101) - م ن، 18 / 212.

(102) - م ن، 18 / 318.

(103) - وهبة، د. مجدي: معجم مصطلحات الأدب، مكتبة لبنان، بيروت، الطبعة الأولى 1974 م، ص 616.

(104) - ألف ليلة وليلة، 3 / 179.

(105) - م ن، 3 / 180.

(106) - م ن، 3 / 181.

(107) - روزنتال، م؛ يودين، ب: الموسوعة الفلسفية، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت، الطبعة السادسة، تشرين الأول /

     أكتوبر، 1987م، ص 236.

(108) - عن / الموسوي، د. محسن جاسم:" صيغ الكلام وأوجه الكتابة في ألف ليلة وليلة "، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، المجلد الثالث عشر، العدد الأول، ربيع 1994 م، ص 42.

   - وأخذ الموسوي عن / ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، دار الكتب

     العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1992 م، الجزء التاسع، ص 93.

(109) - لمزيد من الاطلاع، تقارن الحكاية في ألف ليلة وليلة، المجلد الثالث، من ص 178 إلى ص 183، بالحكاية في كتاب: المنتظم،

     الجزء التاسع، من ص 93 إلى ص95. وفي بحث الموسوي السابق، ص 42 – 43.

(110) - ألف ليلة وليلة، 4 / 425.

(111) - م ن، 4 / 426.

(112) - ألف ليلة وليلة، 3 / 179.

(113) - م ن، 3 / 178.

(114) - م ن، 3 / 179.

(115) - العقد الفريد، دار المسيرة، بيروت، الطبعة الثانية 1981 م، الجزء العاشر، ص 54.

(116) - سفيان الثّوري:(سفيان بن سعيد بن مسروق الثّوري، 97 – 161 هـ / 716 – 778 م): كان سيّد أهل زمانه في

     علوم الدين والتقوى. ولد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور العباسيّ على أن يلي الحكم، فأبى. وخرج من الكوفة(سنة

     144 هـ) فسكن مكّة والمدينة. ثم طلبه المهدي، فتوارى. وانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفياً.

   - الزركلي، خير الدين: الأعلام، 3 / 104.

(117) - القلماوي، د.سهير: ألف ليلة وليلة، ص 233.

(118) - ألف ليلة وليلة، 1 / 101.

(119) - م ن، 1 / 101.

(120) - م ن، 1 / 101.

(121) - ألف ليلة وليلة، 1 / 189.

(122) - يقول الراوي عن هذا الوزير: كان " يكره الناس ولا يحبّ الخير وكان محضر سوء. وقد كان كما قيل:

 

  تلد اللئام بنو اللئام لئاما".

" دع اللئام بني اللئام فإنّما

   - م ن، 1/193.

(123) - م ن، 1 / 191.

(124) ألف ليلة وليلة، 1 / 195.

(125) - م ن، 1 / 197.

(126) - م ن، 1 / 197 – 198.

(127) - العشّ، د. يوسف: تاريخ عصر الخلافة العباسيّة، راجعه ونقّحه د. محمد أبو الفرج العشّ، دار الفكر، دمشق، الطبعة

     الأولى 1402 هـ / 1982 م، ص 127.

(128) – م ن، ص 236.

(129) - ميكيل، أندريه: جغرافية دار الإسلام، تتمة القسم الثاني والقسم الثالث، الجزء الرابع، ص 343.

(130) - عن / السابق، ص 518.

(131) - علي بن محمد: (صاحب الزنج، …- 270 هـ / … - 883 م): ثائر قاد ثورة الزنج على العباسيّين وأقام شبه نظام

     عسكري اشتراكي. شيّد مدينتي المختارة والمنيعة سنة 869 م، واحتلّ جنوبي العراق وأحرق البصرة.عجزت الخلافة في

     بغداد عن قهره مدة 14 عاما حتى أنزل به " الموفق بالله " في أيام " المعتمد على الله" ابن المتوكل، الضربة القاضية.

   - المنجد في الأعلام، ص 475.

(132) – ديوان ابن الرومي، شرح: محمد شريف سليم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون تاريخ، الجزء الثاني، ص

     وكذلك: الملوحي، عبد المعين: مواقف إنسانيّة في الشعر العربيّ، دار الحضارة الجديدة، بيروت، الطبعة الأولى 1992 م،
     ص 49 – 50.

(133) - فرضة البلدان: الفرضة من النهر: الثُلْمة ينحدر منها الماء وتصعد منها السفن، ويُسْتقى منها، ومن البحر محطّ السفن.

   - المنجد في اللغة، مادة: فرض، ص 577.

(134) - لمزيد من الاطلاع تراجع " حكاية نعمة ونعم " في المجلد الثاني من ص 323 إلى ص 342.

(136) - ألف ليلة وليلة 2/ 244.

(137) م ن، 4 / 437.

   - وسمّيت واسط، لأنّها متوسطة بين البصرة والكوفة، لأنّ منها إلى كل واحدة منهما خمسين فرسخاً.

   - معجم البلدان، 5 / 347.

(138) - ألف ليلة وليلة، 4 / 39، 48.

العودة للفهرس