القرى السريانية المسيحية في محافظة دهوك التي تم تكريدها

 ماجد ايشـوMajedeshoo@yahoo. Com

 

 

ان تاريخ الاكراد مثل كل تواريخ اقوام الارض، فيه انجازات الخير والانسانية وفيه ايضا اقترافات الشر والوحشية. فتاريخ العرب مليئ بالمنجزات الحضارية العضمى، وفيه ايضا جرائم وحروب بين العرب انفسهم وضد الشعوب الاخرى. ان تذكر جرائم نظام صدام وعمليات التصفية العرقية والطائفية التي مورست ضد مختلف الطوائف والاعراق، هذا لا يعني ابدا انك ضد العرب او ضد الطائفة الفلانية، انها جرائم نظام وليست جرائم قوم او طائفة.

 هنالك حقائق معروفة وتذكرها جميع مصادر التاريخ، ولكن هنالك تعتيم مقصود عليها لأنها حساسة ولا يرغب البعض ذكرها خوفا من اعتبارها ضد اشقائنا الاكراد. بينما هي حقائق تاريخية يتحمل وزرها بعض الاغوات وبعض الاحزاب ومعهم قوى اقليمية ومنها سلطات بلادنا. من اهمها حقيقة التوسع الجغرافي التاريخي لاكراد العراق في مناطق الشمال. الكثير من مناطق الشمال المقطونة الآن بغالبية كردية، كانت حتى اوائل القرن العشرين مقطونة بغالبية غير كردية. منذ اوائل الفتح العربي الاسلامي للمنطقة،اعتنق الاكراد الدين الاسلامي الحنيف وساد بينهم المذهب السني. على اثر ذلك انخرطت عشائرهم في الجيوش الاسلامية واصبحت جزء القوى المحاربة للدول والدويلات المتنافسة في العصور العباسية والمغولية والعثمانية. ان دفاعهم عن راية الاسلام والمذهب السني، منحهم الشرعية والقوة لكي يقوموا بمحاربة السكان الاصليين من غير المسلمين او من غير ابناء المذاهب السنية. خلال قرون عدة استمرت عمليات المصادرة والتهجير ضد القرى السريانية(المسيحية)، وكذلك ضد قرى اهل الديانة اليزيدية، وضد قرى قرى اهل الديانة الكاكائية العلوية. ان ما يسمى بكردستان الحالية، عندما بداية الفتح الاسلامي لم تكن تمثل حتى ربع المساحة الحالية، حيث كانت القرى الكردية محصورة في السلسلة الجبلية الفاصلة بين العراق وايران، وبالذات في منطقة السليمانية الحالية وراوندوز وغيرها. اما سهل اربيل وكركوك وغالبية دهوك فأنها كانت بغالبية سريانية ويزيدية. حتى اوائل القرن العشرين كانت هناك غالبية تركمانية في مدينة اربيل(القلعة)، مع وجود غالب للقرى الكاكائية العلوية قرب كركوك قبل عمليات الاضطهاد والطرد ضدهم، نفس الامر بالنسبة للقرى اليزيدية.

نقد هنا بحثا غنيا عن القرى السريانية المسيحية التي تم تكريدها بعد تكوين الدول العراقية عام 1921. علما ان عمليات التكريد في العصور الحديثة لم تكن مدفوعة بعوامل دينية فقط، بل اشترك فيها عوامل جديدة، سياسية خصوصا. هنالك اولا مصالح الاغوات الاكراد وقادة الاحزاب القومية الكردية بالاستيلاء على اراضي واملاك السريان بحجج سياسية واستراتيجية. وهنالك ضغوطات الحياة القاسية والحروب الدائمة التي تعيشها المنطقة،واضطرار الكثير من السريان الى مغادرة قراهم بحثا عن الرزق في مدن العراق او في مهاجر الارض. وهنالك ايضا دور الحكومات العراقية المتعاقبة التي فضلت كثير من الاحيان تهجير السريان المسيحيين واحلال الاكراد محلهم، اما لاسباب عنصرية دينية، او لاسباب سياسية وتحالفات تكتيكية من اجل كسب الاغوات والقادة الاكراد المتنافسين والمتصارعين. اننا نشيد بالجهد الرائع الذي قدمه صديقنا الباحث، وننوه الى اننا نختلف معه باستخدامة تسمية(القرى الآشورية)، بدلا من (القرى السريانية). والحقيقة ان (آشوري) تسمية محدثة فرضتها الاحزاب القومية(الآشورية)، معتبرة ان جميع الناطقين بالسريانية من الآثوريين والكلدان، هم من احفاد (السلالة الآشورية) في العراق القديم، كما اعتبر العروبيين ان جميع العراقيين الناطقيين بالعربية هم احفاد قحطان وعدنان!! نكرر اعتزازنا بجهد الباحث وبأهميته بحثه ونعتذر عن اضطرارنا الى اختصاره وذكر فقط بعض القرى السريانية التي اصبحت كردية من بين مئات القرى التي يذكرها باحثنا الكريم، آملين نشر بحثه مفصلا مستقبلا. (ميزوبوتاميا)

 

مدينة دهوك (نوهدرا)

 

    نوهدرا هو الأسم الآشوري(الآرامي) للمدينة ويسميها البعض من أهالي القوش وقرى سهل نينوى (أت توك) منذ القدم،  وهي من المدن الآشورية القديمة حيث يشاهد الزائر القادم من محافظة نينوى على يمينه في منتصف السفح الشمالى للجبل معالم منحوتات آشورية والتي ترمز الى زمن الملك سنحاريب (705 – 568 ق. م)، وتقع الى جانبها قريـة مالطايـى(معلثايى) التي تبعد خمس كيلومترات عن مركز مدينة دهوك غربا ويعتقد أن التل المجاور هو مركز مدينة (معليايى) الآشورية وتعني المرتفع أو العلية وتنتشر على سطحه فخار من العصر الآشوري حيث كان حصنا عسكريا، كما توجد منحوتات أخرى قرب كلي دهوك في الجبل الأبيض، سكنها الآشوريين منذ القدم الى جانب بعض اليهود الذين غادروها عام 1949 والبالغ عددهم (924) نسمة يسكنون محلة كيرى باصى أضافة الى بعض العوائل الكردية المهاجرة من ناحية الدوسكي بداية القرن الماضي حيث كانت أراضي القصبة ملكا لسكانها الآشوريين واليهود وفي نهاية العشرينات من القرن الماضي كانت قصبة دهوك تضم قرابة (400) دار سكنية متمركزة في ثلاث محلات هي محلة شيلى والنصارى والتي أطلق عليها لاحقا برايتي وكيرى باصي ومحلتين صغيرتين هي الشيخ محمد والسوق والتي سكنتها أغلبية كردية مهاجرة وحولت أحدى كنائسها الى جامع دهوك الكبير، أرتبطت القصبة بأمارة بهدينان العباسية من عام 1258 الى عام 1842 ثم أرتبطت بلواء الموصل في زمن الدولة العثمانية وأصبحت مركز قضاء عام 1842 الى أن أصبحت مركزا لمحافظة دهوك في 27/5/1969.

الجسر العباسي في زاخو(دهوك)

 

دهوك هي المحافظة الثامنة عشر في العراق، ويذكرأن أتفاقا جرى بين القادة الكرد والحكومة المركزية لاستحداث محافظة دهوك لتكون البديل عن محافظة كركوك الغنية بالنفط وليكف الاكراد عن المطالبة بها ضاربين عرض الحائط حقوق سكانها الأصليين وديموغرافية المدينة، بلغ مجموع سكان المدينة في عام (1923) قرابة (2700) نسمة أرتفع عام 1947 الى (5621) نسمة وفي عام (1957) وصل الى (7680) ثم ارتفع فىعام (1965) الى (8603)، وتدل الإحصاءات الرسمية عام 1965 بوجود هجرة معاكسة لسكان دهوك الأصليين بلغت (1201) نسمة منذ بداية الحركة الكردية وزيادة المهاجرين فيها بشكل مكثف حيث بلغ عدد سكانها(36521) عام (1977) وأرتفع ليصل عدد سكانها(80347) نسمة في عام (1983)، قدرت نسبة السكان المهاجرين للمدينة بعد عام (1968) بحوالى 67% جاء 84% من أقضية وقرى دهوك و 16% من خارج المحافظة وأزدادت المحلات السكنية من ثلاث محلات عام 1923 الى (17) محلة عام (1983) وبزيادة عدة محلات بعد عام 1991 وجميع الزيادات تأتي على حساب أبناءها الأصليين حيث أن معظم أراضي المدينة زراعية وبقرار بسيط من الحكومة تصبح الأرض سكنية وتابعة للبلدية وحتى من دون أي تعويض في معظم الحالات وقد تم وضع اليد على الكثير من الاراضي المملوكة أيام النظام البائد والنظام الحالي الذي أبدع في قراراته وشرع قانون تمليك المتجاوزين على الأراضي ووزع آلاف القطع السكنية على الاكراد (عوائل الشهداء – البيشمركة – الموظفين والعمال – منتسبى الأحزاب) وجميعها أراضي زراعية عائدة الى الآشوريين لا يحصلون منها شيء، ويقدر عدد الآشوريين المتواجدين في محافظة دهوك حاليا بحوالى (30000) نسمة من السكان الأصلين ومن المهاجرين من القرى المجاورة وأضعافا مضاعفة من الاكراد المهاجرين من مختلف المناطق والأقطار، ويقدر عدد الآشوريين التابعين لمحافظة دهوك والمنتشرين في أنحاء متفرقة من القطر والمهجر بحوالى (300000) ثلاثمائة الف نسمة، وتعرض أبناء دهوك الآشوريين الى شتى أنواع الآضطهاد والمضايقات خلال العقود العشرة الماضية على يد الاكراد الدخلاء والطفيليين للسيطرة على خيرات المدينة وبمساعدة السلطة وقوانينها الجائرة بحق شعبنا ونذكر على سبيل المثال وليس الحصر قتل المدعو حنا ساوا شقيق المطرب جنان ساوا وهو في ريعان شبابه من قبل سعيد ديوالى الدوسكي في بستانه الكائن في وسط دهوك حاليا والذي أصبح ملكه بعد عملية القتل من دون أن يرف له جفن أو يسأله أحد عن فعلته الشنيعة فقانون الغاب هو الذي يقول كلمته بالنسبة الينا وما زال هذا القانون ساريا على شعبنا بأختلاف الاسلوب المتبع في بعض الحالات فأي قطعة أرض يريدون تكريدها او قرية يريدون اغتصابها فما أسهل أصدار قرار من برلمانهم وحسب مقياسهم فاليوم ليسوا بحاجة الى القتل للسيطرة على اراضينا فكل ما يبتغونه يحصلون علية فالقانون يمطونه كيفما شاءوا ورغبوا.

              

   1- قرية مالطة (معلثايا) (Mailthaya) Malta / بلغ عدد سكانها (130) نسمة حسب إحصاء عام (1957)، من القرى الآشورية القديمة والقريبة من مدينة دهوك وقد بلغ عدد الدور فيها (30) دارا سكنتها أكثر من (70) عائلة قبل عام (1961) عندما بدأت الهجرة نتيجة للظروف السياسية التي مرت بالمنطقة، وخاصة بعد مقتل المدعو توما وولديه على يد الاكراد بحجة علاقته مع السلطة، وبدأ الأستيطان في القرية الى أن خلت القرية من سكانها الأصليين وحل محلهم الاكراد ولم يبقى الا عوائل قليلة تركتها بعد إنتفاضة أذار عام 1991 نتيجة الضغوطات التي تزايدت بهدف تكريد القرية بالكامل، وهو الهدف الذي توصلوا اليه بفضل الحكومة الكردية التي وضعت مسالة التكريد في مقدمة أهتماماتها.

   2- قرية ماسيك : Masik /عدد نفوسها (105) نسمة حسب إحصاء عام (1957) تركت بعد عام 1961 نتيجة الضغوطات التي تزايدت من السلطة والمليشيا الكردية لموقعها الحيوي وقربها من مدينة دهوك،تم تحويل أراضيها الى سكنية وتوزيعها على الموظفين الاكراد بعد عام 1991.

   منطقة برواري بالا :Barwari Bala Villages         

1-          كاني ماسي (عينا دنونى):Kanimase (Aina D Nony) / بلغ نفوسها (420) نسمة حسب إحصاء عام (1957) وتعتبر القرية من اكبر القرى الآشورية في منطقة برواري بالا باعتبارها مركز ناحية لاكثر من 32 قرية آشورية كانت تابعة لها اداريا، سكنها الآشوريون منذ القدم، هجرها اهلها خلال الحرب العالمية الأولى بصحبة القائد الآشوري آغا بطرس الى اورميا في ايران عادوا اليها بعد سبع سنوات ليستقروا فيها الى عام 1986 عندما تم ترحيلهم من قبل السلطة وهدمت القرية لشمولها بخطة السلطة لاخلاء الشريط الحدودي حيث موقعها على الحدود التركية، بلغ عدد الدور فيها حوالي (100) دار تسكنها أكثر من 180 عائلة، تأثرت بحركات البارزاني عام 1961 وقد هجرها الكثير من أبناءها تجنبا للمشاكل التي كانت تحصل لهم من طرف السلطة من جانب وطرف الاكراد من جانب أخر، يقدر اليوم عدد العوائل التابعة للقرية اليوم حوالى (800) عائلة تعيش 20 عائلة في القرية عادت اليها بعد إنتفاضة اذار عام 1991 و(150) عائلة في المهجر والبقية يعيشون في مناطق متفرقة من القطر، وهي من أوائل القرى التي انشأ فيها المدارس وتعلم أبناءها العلوم المختلفة وتخرج منها العشرات من المعلمين الذين ساهموا بشكل كبير في عملية التعليم في كافة انحاء البلاد وفي مجال السياسه وللقرية شخصيات مهمة عديدة في المهجر، وهناك تجاوزات على أراضيها من قبل الحكومة والاكراد المجاورين.

 

   2 - قرية دورى :Dore / بلغ تعدادها (296) نسمة حسب إحصاء عام (1957) من القرى الآشورية القديمة والتي تقع على الحدود التركية وقد شملها ترحيل القرى من الشريط الحدودي حيث دمرت القرية عام 1978 أشترك اهلها مع القائد آغا بطرس لمدة سبع سنوات ثم عادوا اليها ليستقروا، هجرها اهلها في لمدة عام في بداية الثلاثيات بسبب المشاكل بين الحكومة التركية وامير بروار الكردي تأثرت القرية بعد عام 1961 حيث هجرها قسم من اهلها البالغ 75 عائلة يسكنون في 40 دار سكنية قبل هدمها، واليوم يعيش فيها حوالى (30) عائلة عادت اليها بعد إنتفاضة اذار عام 1991 من أصل 200 عائلة تعيش 100 عائلة في المهجر والبقية موزعين في انحاء متفرقة من القطر، أشتهرت القرية بوجود كرسي أسقفية الكنيسة الشرقية لبرواري بالا فيها والذي سمي بكرسي مار يوالا، وتوجد بعض التجاوزات من قبل الاكراد المجاورين على اراضي القرية.

   3 - قرية أقري :Iqri / بلغ عدد الدور قبل عام 1961 (25) دار تسكنها (40) عائلة وقد هجرت القرية عام 1978 وتم تدمير ابنيتها، وهي من القرى الآشورية القديمة ويبلغ عدد العوائل التابعة للقرية حاليا 100 عائلة يعيش معظمهم في الموصل وبغداد ودهوك وعدد قليل في المهجر، ولم يعودوا اهل القرية اليها بسبب تجاوزات الاكراد على اراضي القرية بعد عام 1991، وأن اهلها على استعداد للعودة الى قريتهم بعد رفع تلك التجاوزات.

 

إطبـــــــع العودة للفهرس

إحفظ الصفحة