مدينة الديوانية

 

سوق في الديوانية

 

تقع هذه المدينة في جنوب العراق. وهي قائمة على الضفة اليسرى من نهر الفرات "فرع الحلة" في موضع ": يبعد عن جنوب بغداد بـ 193 كلم ويعتبر قسم من أراض المحافظة على ضفة شط الهندية والفرات الايمن ارض حماد لازرع فيها ولا ماء. وهي من المحافظات الزراعية بالدرجة الاولى حيث تكثر فيها البساتين والرز والحبوب والنخيل.

وكما هو حال كل بقاع العراق فان هذه البقعة من الارض تحتوي على اثار لاقدم الحضارات في العالم القديم مثل أطلال مدينة نفر التي كان اسمها "نيبور" على مشارف مدينة عفك التي تبعد 25 كلم من الديوانية وكانت تلك الحاضرة المركز الروحي للسومريين في الالف الثالثة قبل الميلاد وقد بدأ التنقيب في أطلالها عام 1889 م من قبل الإنكليزي بيترسن ثم تلاه هاينز عام 1893م التي اظهر المدينة ومعالمها وزقورتها الرئيسية للآلهة انليل السومري.

ومن المواقع التاريخية فيها مدينة اوروك او الوركاء التي اشتق منها اسم العراق لاحقا كما ورد في الدراسات المتأخرة وهي من أهم مدن السومريين في الألف الرابع قبل الميلاد وتقع أطلالها اليوم على مساحة ثمانية كيلومترات مربعة. وفيها نقبت بعثة آثاري ألمانية كشفت على مراحل سمو حضارة هذه ساكني هذه الأرض في القدم.

ثم تضطلع هذه الأرض من السواد بعد الفتح الإسلامي بأهمية موقعها المتاخم للبادية والتي تعتبر جزء من ارض ذي قار وشهدت حركات فكرية وسياسية عديدة وقد نشأت على تخومها مدينة الهاشمية أولى عواصم بني العباس قبل الرحيل الى بغداد.

وتقطن الديوانية اليوم مجموعة من العشائر أهمها آل فتلة وبنو حسن وال بدير والسعيد وال ازيرج والخز اعل وال زياد وكعب. وكان نفوذ القبائل في القرن 18 م يسود معظم أنحاء العراق بسبب غياب سلطان الحكومة كما هو علية الحال اليوم إلا في مراكز الولايات وفي الحواظر الكبرى. أما القرى فكانت تتنازع حكمها القبائل التي تقطع الأراضي الزراعية وكان أهمها في الجنوب المنتفق والخز اعل والبو محمد و بنو لام، وكانت هذه القبائل تقطع الأراضي الزراعية، وتقيم الحدود الشرعية، وتجبي الضرائب والرسوم القانونية، وتزاول معظم الأعمال التي تزاولها الإدارات المحلية القائمة الآن في البلاد وكأنها مؤسسات رسمية قائمة بنفسها.

 

فراس الشاروط مدير نادي السينما في الديوانية

 

 و(الديوانية) في الأصل دار ضيافة أنشأها رؤساء الخز اعل أيام شيخهم حمد آل حمود الذي ابتدأت رئاسته حوالي سنة (1747 م) ليقيم فيها كاتبهم الذي يعهدون إليه أمور الجباية ولينزلها ضيوفهم المدنيون الذين كانوا يترددون عليهم ولا يزال العراقيون يطلقون اسم (الديوا نية) على الغرفة التي تخصص لاستقبال الزائرين والضيوف. ثم صار الناس ينشئون حولها الصرائف فالأكواخ فالبيوت فلم تزل العمران في تقدم وتوسع فلما اخذ النفوذ القبلي يتضاءل عنيت بها الحكومة فجعلتها مركز قضاء في سنة (858 1 م) فأصبحت مصرا يقطنه التجار والباعة والصناع والحاكة وغير ذلك من المستبضع المعهود عند طبقات كل مدينة اليوم وأصبحت نفوسها زهاء عشرين الف نسمة.

وقد ورد اسم الديوانية أيضا في عدد من كتب السواح الأجانب أقدمها عهدا ما جاء في كتاب Niebuhr الدنمركي عندما زارها عام 1766 وقال عنها : (واخيرا جاء سليمان الكهيا الى السماوة بقطعاته المسماة ايج آغاسي وقد أمره الباشا القائم في بغداد آنذاك أن يعود الا انه استمر في تقدمه حتى بلغ الديوانية وكان فيها قائد اسمه على آغا) وهذا الوصف جاء ابان حكم المماليك لبغداد ويمكن ان تكون هذه الديوانية في موضع أخر.

 

مقهى في الديوانية

 

كانت " الديوانية " الى سنوات العشرينات من القرن العشرين قرية صغيرة تحتوي عدة بيوت طينية على شاطئ النهر الأيسر،أما بعد هذا التاريخ فقد شرع الاهلون والسلطات الحكومية في البناء على الضفة اليمنى فقامت ثكنات للجيش وعدة بنايات للضباط، وجملة دور للموظفين والمتمولين، وثكنة للجيش يجاورها مطار عسكري. واتسع العمران على هذه الضفة بعد عام 1950 م حتى فاق الذي على الضفة اليسرى بشوارعه ومرافقه وحدائقه وأسواقه. على ان هذا العمران اتسع على الضفة الأصلية اتساعا قلب الأوضاع العامة فيها رأسا على عقب فهناك الشوارع الفسيحة، وهنالك الدور الحديثة والمخازن العصرية والمؤسسات الحكومية كصرح الحكومة و المستشفيات والمدارس ودوائر الدولة و دور السينما وبعض المعامل البسيطة. وكان فيها منذ الخمسينات جسران يربطان ضفتي النهر فيسهلان العبور أحدهما حديدي مقابل السراي والآخر خشبي مقابل السوق. ويمر بالديوانية القطار الممتد بين بغداد والبصرة ويزيد في أهميتها وحظوتها. ولكن تشكي المدينة من افتقار الغطاء الأخضر والبساتين التي تمنع الأتربة إذا ما هبت ريح صرصر او السموم من نجد. وترتبط بالديوانية ثلاث نواح وهي :

 ا -ناحية الحمزة و 2 -ناحية مليحة (بالتصغير) و 3-ناحية الشافعية.

                                   1.      ناحية الحمزة قرية متوسطة الحجم،تطورت بالسنوات المتأخرة ومازال العمران فيها بدائي وتبعد عن الديوانية 32 كيلو مترا وترتبط بها قبائل كبيرة، و قوية، صعبة المراس، مازال يعاني النظام المركزي في بغداد من روح الحرية والتمرد على مضالمهم اشهرها ثورة العشرين وانتفاضة 1958واخرها انتفاضة آذار 1991. واسمها ورد كذلك بسبب أن فيها مزار يقصد من كل جهات العراق وتنحر له النذور يقال له قبر السيد احمد الغريفي البحراني الملقب بالحمزة لاعتقاد الناس بكرامات هذا الرجل المجهول الهوية.

                                   2.      ناحية مليحة : تقوم هذه الناحية على الجدول المسمى (رشادي) عند نقطة التقاطع للطريق العام بين الحلة والديوانية، وهي ناحية تقطنها العشائر،و مقاطعاتها واسعة، واراضيها خصبة، ومياهها غزيرة، ويبعد مركز الناحية عن الديوانية 23 كيلومترا.

                                   3.       ناحية الشافعية : وهي ناحية داخلية تقطنها بعض العشائر العراقية.

يمكن أن يكون للديوانية وخصب مناطقها الزراعية أن تصنف من اكثر مدن العراق مستقبلا وذلك بكونها سلة الغذاء لسكان المنطقة ويمكن أن يمتد عطائها الى مناطق نجد والجزيرة العربية ناهيكم عن مردود السياحة الثقافية الذي يوفره لها وجود آثار السومريين و الاكديين كأقدم الحضارات الإنسانية قاطبة.

 

                                                                                                     

الشاعر عدنان الزيادي. . ابن الديوانية المقيم في الدانمارك                                           الكاتب كريم عبد. . ابن الديوانية المقيم في لندن

Karimabid7@yahoo. Com                                                                            azzayadi@hotmail. Com   

إطبـــــــع العودة للفهرس

إحفظ الصفحة