مدينة الكوت

 

 

تقع مدينة الكوت 180 كلم جنوب بغداد ويقطعها نهر دجلة من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي وترتفع ضفتا النهر حولها ارتفاعا تجعل الاسقاء متعذرا. ويتفرع نهر الغراف منه قبالة الكوت فيسقي قضاء الحي. وهو موضع مدينة واسط التاريخي.

والكوت "هي الوريث لمدينة واسط ذائعة الصيت في التاريخ الإسلامي التي أنشأها الحجاج عام 702م. و كلمة الكوت يشاع إنها هندية، وعلى الغالب برتغالية وتعني الساحل المحرف من كلمة (Coast) اللاتينية،ومفهومها في العراق ما يبنى لجماعة من الفلاحين على حافة نهر او ساحل بحر ليكون مأوى لهم او مسكنا من القصب والبواري(حصر القصب)،واما من الطين واللبن، وقد يبنى وحده او يبنى حوله بعض الأكواخ، واقرب ما يكون لتعريفه الميناء او المجمع البحري، او مخزن الذخائر الحربية.

وبلدة " الكوت، الحالية لا يعرف على وجه التحقيق زمن تأسيسها، فيتناقل اهلها رواية خلاصتها (ان سبع بن خميس) احد شيوخ عشيرة ال مياح "وهم بطن من ربيعة " شيد قلعة من الآجر له في هذا الموضع سنة 1812م فكانت قلعته نواة نهضتها العمرانية ونسبت اليه ودعيت " كوت سبع " وهو اسم لا يزال يطلقه عليها بعض المعمرين ولاسيما من الأعراب. وقد يقال لها " كوت العمارة " بحذف المضاف اليه. كما وردت في كتاب فريزر لوقوعها على شط دجلة من جهة ولتتميز عن بقية الأكوات من جهة أخرى، فإن في العراق قرى عديدة يقال لها " كوت " مثل كوت الزين وكوت المعمر وكوت الإفرنجي وكوت العصيمي وكوت الباشا وكوت ابن نعمة. . الخ. ويذكر أمين الحلواني في كتابه " مختصر مطالع السعود " عام(886 1 م) أن" الكوت " كانت موجودة في زمن ولاية سليمان باشا الممتدة بين (779 ا م) الى(1852 م) وينقل المستر لونكريك فقرة عن تقرير الوكيل البريطاني في العراق المرفوع الى حكومة الهند في سنة (855 1م) عن عزل شيخ بني لام وتعيين آخر بدله. وجاء ذكرها كذلك في رحلة ايليس ايرون الذي انحدر الى البصرة في عام (نيسان 1178 م) خلال دجلة باسم (كوت العمارة) وهناك رحلات اخرى لعدد من السياح الأجا نب "يذكرون فيها انهم مروا في أثناء ركوبهم دجلة بقرية تسمى " الكوت " مما يدل على إنها قديمة، وربما كانت في غير موضعها الحالي فما كانت سنة 1869م نالت "شركة ستيفن لنج " البريطانية امتيازا بتسيير السفن التجارية بين البصرة وبغداد متخذة " الكوت " من عداد الموانئ الرئيسية التي ترسو عندها بواخرهـا، فتهافتت عليها السكان، رو يدا رويدا. فلما كانت الحرب الاولى احتلتها القوات البريطانية بعد ان احتلت مدينة البصرة في 23 تشرين الثاني عام 1914 م، حتى إذا وصلت الى قرية " سلمان باك " على مسافة 30 كيلومترا من بغداد جنوبا، تصدت لها بعض القوات التركية بالتحالف مع العشائر الثائرة فصدمتها بقوة اضطرتها الى أن تتراجع حتى بلدة "الكوت " الممتازة بموقعها الحربي و الجغرافي في 3 كانون الأول سنة1915 م. وبقيت محاصرة مع الجنرال طاوزند" مدة 15 شهرا لاقت خلالها أنواع الشدة، حتى أضطرها الحصار الى الاستسلام يوم 1 مايس 1916 م. فذاع اسم " الكوت " منذ ذلك الحين قي الشرق وفي الغرب. ولا تزال فيها مقبرة للجنود البريطانيين والهنود.

 وتقوم مدينة " الكوت " اليوم على الضفة اليسرى من دجلة. . وتحيط بها مياه النهر من ثلاثة أطراف فتجعلها " شبه جزيرة " يتصل طرفها الشمالي بالطريق إلعام الممتد الى العاصمة " بغداد"ويقابلها على الضفة اليمنى صدر الغراف مع قرية كبيرة يقال لها " صوب المكينة ". فيها ثلاث شوارع رئيسية يحاذي أحدها النهر ويمتد بامتداد البلدة من الشمال الى الجنوب وهو شارع النهر، ويمتد الشارعان الآخران باستقامة هذا الشارع أيضا، وتتفرع منها شوارع أخرى. واهم احياء المدينة القديمة الحسينية او الشرفية وحي المشروع وسيد نور واماالجديدة التي نشاة بعد الجمهورية فهي 14تموز وحي السلام والهوره ودور المعلمين ومن الجانب الاخر للنهر فقد نشات احياء الفلاحية والانوارعلى الطريق الى الحي والناصرية وراء الجسرالجديد.

 

 

 ويشاهد في مدخل الكوت اليوم " السدة " التي تم إنشاؤها وتدشينها في عام 1939 م وقد أنشئت على دجلة لرفع نسبة المياه فيؤمن بهذه الواسطة تدفق شطر منها الى " الغراف " النهر الذي ينقطع جريان الماء فيه بضعة أشهر في منتصف كل سنة حتى فصل الخريف فيصعب الاعتماد عليه في سقي، المحاصيل الصيفية بل حتى الشتوية أحيانا. وقد روعي في بنائها أن تكون صالحة للملاحة. وارض الكوت من اخصب اراض العراق وقد استحدثت زراعة القطن فيها بعد الجمهورية. ويلحق بمركز المدينة ناحيتان وهما ناحية النعمانية وناحية أم حلانة " وناحية النعمانية " كانت تسمى بناحية ألبغيلة. و " البغيلة لتصغير "بغلة" و هي " سفينة كبيرة ثم سميت بناحية " النعمإنية " في أواخر سنة1935 م لقربها من طلول يقال إنها كانت مصيفا أو حصنا للمناذرة وكذلك لورودها كذلك في معجم البلدان للحموي وقد دلت الحفريات بان فيها اثار ترتقى الى العصر البابلى الحديث والفرثي والاسلامي.

وأهل (الكوت) خليط من الأعراب والحضر وكذلك الكرد "الفيلية" والفرس الذين تجمعوا من ارض الرافدين للكسب والارتزاق، واهم عشائرها خمس رئيسية وهي : 1-ربيعة وهي الاكبر وتضم عشيرة المياح 2- بنولام، ثم يلي باقل عددا 3 - زبيد4 - شمر "الطوقه" 5– الدليم. وأكثر مقاطعاتها الزراعية التي كانت قبل الجمهورية بأيدي التجار المتنفذين من أهل بغداد خاصة، والعراق عامة، وقد حصلوا عليها بتأثير المناصب الحكومية التي كانوا يشغلونها ومنهم الأتراك حتى السلطان العثماني عبدالحميد نفسه ولاسيما في منطقة"ثريمة" الواقعة شمال الكوت. و مناخ المدينة جيد جدا حتى أنه يضرب المثل بطيب هوائه وجفاف أراضيه وعذوبة مائه وحسن منظره وموقعه وله ان يكون من اجمل مدن العراق.

إطبـــــــع العودة للفهرس

إحفظ الصفحة