دير الزور. . زمردة الفرات

 

 

على حوض نهر الفرات نشأت أقدم الحضارات الإنسانية التي جعلت محافظة دير الزور تتألق بأقدم المنشآت العمرانية و تفخر بأهم مكتشفاتها الأثرية.

تدعى أيضاً "الدير" بالعامية السورية، و تضم 3 مناطق و14 ناحية، وتقع إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق وعلى بعد 450كم. نشأت المدينة في موقع اقتراب الحافة الصخرية للوادي من نهر الفرات الذي يتفرع إلى فرعين مشكلاً جزيرة نهرية تسمى حويقة يقوم عليها جزء من المدينة، بينما يقع الجزء الأكبر على الضفة اليمنى لفرع النهر. وكانت بيوتها الأولى قد توضعت على تل أثري يدعى دير العتيق ومنه جاء اسمها والزور اسم نوع من القصب البري.

اتسعت المدينة في مطلع القرن العشرين بمحاذاة النهر وظهرت فيها أحياء جديدة. وتشتهر بجسرها المعلق الذي شيد عام 1930 وبجسور أخرى ربطت بين الجزيرة والشامية.

إن أقدم أثر عثر عليه يتعلق بدير الزور يعود إلى القرن السادس عشر. ومع ذلك نستطيع أن ندرك أهمية دير الزور من خلال موقعها القديم في مفترق طريقين دوليين، الأول طريق حلب - بغداد، والثاني طريق دمشق - الموصل. وهذا يدل على أن هذا الموقع كان منذ القديم جديراً بالتطور وبخاصة لوقوعه على ضفاف نهر الفرات.

ومن جهة أخرى فإن هذه المدينة تقوم على تل لم يجر فيه بعد تنقيب أو سبر للتعرف على ما في عمقه من آثار، يمكن أن تحدثنا عن تاريخ هذه المدينة، ولكن مما لا شك فيه أنها ومنذ القرن الثامن عشر أصبحت مقراً للقبائل البدوية المنتشرة في البادية، وبخاصة قبائل العنزة في الشامية، وقبائل شمر في الجزيرة. ومنذ عام 1858 جعل العثمانيون من هذا المكان مخفراً حدودياً. ونما هذا المخفر ليصبح قرية متطورة بعمارتها وبحياتها الاجتماعية، إذ أنشئ فيه مدرسة ومستوصف وجسر عبر الفرات مما أتاح للتجار في الموصل وماردين وحلب وبغداد ان يستفيدوا من هذه المدينة المحطة في حركتهم التجارية.

وتم تنظيم المدينة عمرانياً عام 1883 كان عدد سكانها خمسة آلاف ثم ازداد فأصبح عشرين ألفاً عام 1893. حتى أصبحت اليوم مدينة عامرة تحوي جميع المباني العامة الاساسية وامتلآت شوارعها بالعمارات السكنية، وأصبح سوقها القديم مركزاً تجارياً، واستقر فيها زعماء العشائر الذين تركوا في البادية خيامهم وعربانهم، وكثير منهم استقر في المدينة، أو انتقل إلى الجزيرة العربية. ومع ذلك فلقد تعرضت لوافدة الملاريا عام 1915. ثم جاءها اللاجئون الأرمن الهاربون من تركيا. واليوم تعتبر دير الزور أكبر مدن المنطقة واصبحت مركز محافظة مستقلة. وقد دخلتها مؤخراً صناعات حديثة، مثل معمل الورق ومحلجة القطن ومعامل الغزل والسكر والأعمدة الخرسانية والمطاحن الآلية وصوامع الحبوب. ومن تلك المدن، نذكر:

 

 

1- مدينة ماري: التي تم اكتشافها ضمن تل الحريري الواقع إلى الغرب من مدينة أبو كمال بنحو (10كم) على الضفة اليمنى من نهر الفرات. وهي مدينة أثرية تعود بتاريخها إلى منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد، ولتعيش أوج ازدهارها في الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد، بما كشفت التنقيبات الأثرية فيها من آثار تعود إلى تلك الفترة، ممثلة في: القصر الملكي الكبير (قصر زمري ليم ملك ماري في الألف الثاني قبل الميلاد) ، ومعبدي عشتار ونيني زازا، ومعبد داغان، والزقورة، وآلاف اللوحات (الرقم) المكتوبة باللغة المسمارية، وأعداد كبيرة من التماثيل الموجود بعضها في متحفي دمشق وحلب، وفي متحف دير الزور.  وعلى الجانب الأيسر من وادي الفرات مقابلة البوكمال، تنتصب ثلاثة أبراج فوق جبل الباغوز، ما تزال أدراج أحدهما سليمة، ولربما من بقايا قلعة أو حصناً تابعاً لماري.

2- مدينة دورا أوربوس (الصالحية) : مدينة أشادها سلوقس نيكاتور (300 ق. م تقريباً) بشكل رقعة الشطرنج. والمدينة محاطة بسور خارجي مدعم بآخر داخلي. وفي طرفها الشمالي الشرقي بنيت قلعة حصينة. ولها ثلاثة أبواب، أشهرها الباب الغربي (باب تدمر) . وما تزال ماثلة بداخلها بقايا منشآت عمرانية قديمة. دمرها الفرس عام (256م) . وعرفت بالصالحية نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي الذي أقام فيها فترة. وتقع المدينة، على الجانب الأيمن من وادي الفرات ببعد عن دير الزور نحو (83كم) .

3- مدينة ترقا: مدينة قديمة اكتشفت في تل العشارة على الضفة اليمنى من الفرات إلى الجنوب الشرقي من دير الزور بنحو (60 كم) . وهي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد (العهد الآشوري) . وقد أصبحت مملكة باسم (خانة) في عهد الملك البابلي حمورابي. عثر فيها على العديد من المكتشفات الأثرية الهامة، منها؛ تمثال للملك الآشوري توكولتي نينورتا الثاني (888-884ق. م) موجود في متحف حلب. . وغيره من المكتشفات.

4- قلعة رحبة بن مالك: وهي قلعة تقع غربي الميادين بنحو (5ر1 كم) ، قائمة فوق تل مرتفع مفصول عن البادية بوادي عميق نسبياً. وعرفت بهذا الاسم نسبة إلى مالك بن طوق التغلبي الذي رممها وجدد ماهو متداع منها عندما تولى الجزيرة الفراتية في القرن التاسع الميلادي.

5- بقرص: بلدة تاريخية عثر عليها في تل بقرص جنوب شرق دير الزور بنحو (36كم) . تعود للفترة (6400-5800 ق. م) .

6- قرقيسياء: تقع عند ملتقى نهر الخابور بالفرات، حيث بلدة البصيرة الحالية، وتلها الأثري الشهير. وهي مدينة قديمة ازدهرت في العهد الروماني؛ حيث يعود سورها وأبراجها إلى عهد الإمبراطور الروماني ديكلوسيان المتوفي سنة (313م) . وكانت تعرف باسم كركيسيوم في العهد الروماني، وعرفت بقرقيسياء في العهد الاسلامي.

7- مدينتا حلبية وزلبية: مدينتان أثريتان، تعودان إلى عهد ملكة تدمر زنوبيا، تقعان على جانبي الفرات متقابلتان مع بعض؛ إحداهما وهي حلبية تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات ما تزال معالمها واضحة بسورها وقلعتها ومنشآتها الداخلية، والأخرى وهي زلبية على الضفة اليسرى للفرات. وتبعدان عن دير الزور غرباً شمالاً غربا بنحو (50كم) .

8- مدينة دوركاتليمو: مدينة أثرية آشورية، اكتشفت ضمن طيات تل الشيخ حمد الواقع شرقي نهر الخابور إلى الشمال الشرقي من بلدة الصور بنحو (18كم) .

9- يضاف إلى ما تقدم مما له أهمية سياحية في محافظة دير الزور:

1ً- نهر الفرات بتعرجاتة (أكواعه) وجزره (حوائقه) وبحيراته الهلالية التي تمثل أكواع مهجورة في النهر، ومصاطبه الأربعة الظاهرة في بعض الأمكنة من واديه، مما له أهمية في السياحة العلمية.

2ً- مجموعة من السبخات مالحة المياه، بالقرب من الحدود العراقية، ممثلة في : سبخة شملان وسبخة البرغوتة وسبخة المقعط وسبخة البوارة وسبخة الروضة. وعدد من الفيضات عذبة المياه في البادية الشامية (فيضة الجب، فيضة ابن موينع، فيضة كباجب. . وغيرها) .  أهم حاضرتين في محافظة دير الزور

الميادين: وتبعد عن دير الزور نحو 45 كم وتقع وسط سهل خصيب وتعتبر من أهم أسواق التبادل التجاري بين البدو وسكان الريف.

البوكمال: تبعد 130 كم عن دير الزور وتقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات وتفخر بكثرة المواقع الأثرية القريبة منها مثل الصالحية وماري.

 المدينة الحديثة

 و قد شهدت محافظة دير الزور اهتماما كبيرا و متميزا تجسد بتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية العديدة و الجديدة و المفيدة أهمها :

- شق الطرق الدولية - استثمار النفط وطنيا - تأسيس جامعة دير الزور - تأسيس متحف دير الزور - بناء فندق خمس نجوم - تجميل المدينة بالحدائق و المنتزهات لتلبية المتطلبات المحلية و السياحية - الاهتمام بالنشاطات التربوية و التعليمية و الثقافية و السياحية و الرياضية

إطبـــــــع العودة للفهرس

إحفظ الصفحة