انوار عبد الوهاب

وغياب المرأة العراقية عن الغناء؟!

 

اعداد نادية الجليلي ـ الموصل

 


    المطربة الاصيلة أنوار عبد الوهاب

          

     كشفت دراسة عن «الصوت النسائي في الأغنية العراقية» عن «أن ربع القرن الأخير من حياة العراق الفنية لم يشهد ولادة أصوات جديدة»، مشيرة في الوقت نفسه إلى «أن أصواتاً نسائية عدة غابت عن ساحة الغناء، إما توفيت أو اعتزلت». وهذه هي حال صوتين من أبرز الأصوات وأهمها، هما: عفيفة اسكندر التي اعتزلت الغناء في ثمانينات القرن الماضي، ومائدة نزهت التي اختارت الاعتزال أيضاً، بعد سنوات من اعتزال اسكندر.
    وركزت الدراسة التي أعدها عدد من الباحثين المعنيين بالموسيقى والغناء، على التاريخ الثري لهذه الأغنية، فوضعت الأصوات النسوية التي ظهرت في ميدان هذه الأغنية في ثلاثة أجيال... تمثل الجيل الأول منها بأسماء اشتهرت بأطوارها الغنائية المميزة مثل صديقة الملاية، وزكية جورج، وسليمة مراد (التي كانت تعرف بـ «سليمة باشا» لما كانت تتمتع به من مكانه فنية واجتماعية). أما في الجيل الثاني، فظهرت زهور حسين التي توفيت أواخر الستينات، وعفيفة اسكندر، ومائدة نزهت... وقد تميز كل صوت بلون مميّز من الغناء انطبعت شخصية كل منهن بسماته الفنية الخاصة.
    وإذ تأتي الدراسة على الجيل الثالث، فإنها لا تجد فيه «سوى أربعة أصوات هي الأبرز والأكثر شهرة وتحقيقاً لمعاني الفن الغنائي في العراق، متمثلة في أمل خضير وأنوار عبدالوهاب وسيتا هاكوبيان وفريدة التي اتجهت إلى «المقام العراقي» لتكون أول مطربة عراقية تؤدي هذا اللون الذي كان مقصوراً على الرجل، فأبدعت فيه، ولا تزال تواصل نجاحها. أما أنوار فانقطعت عن الحياة الفنية العراقية بعد هجرتها أواخر سبعينات القرن العشرين».

    وتشير الدراسة إلى أنها تتميز بصوت أوبرالي في الأداء الغنائي.  أما سيتا فلم تقدم أي جديد غنائي منذ مطلع التسعينات، بل اتجهت إلى الأعمال التلفزيونية الخاصة بالأطفال، قبل أن تترك العراق نهائياً منذ مدة.
    وتسأل الدراسة عن أسباب غياب الصوت النسوي الجديد في هذا المدى غير القصير من الزمن الذي لم يظهر فيه صوت متميز يمكن التعويل عليه «في الأغنية العراقية الجديدة». وتعزو سبب ذلك – استناداً إلى رأي بعض المتخصصين – إلى «أن الجو الاجتماعي العراقي منذ ثمانينات القرن الماضي لم يعد مساعداً في ظهور المرأة في مجال الغناء، إذ لم يعد أمامها من المجالات الفنية، كالحفلات وما شابه، ما يتيح لها التعبير عن طاقاتها الفنية وتعزيز موهبتها... فضلاً عن ان موجة الأغنية الجديدة التي تشيع في الوسط الغنائي اليوم لا تناسب الصوت النسوي في مجتمع كالمجتمع العراقي الحاضر، كلمات ولحناً وأداء»، علماً أن أسماء أخرى مثل كاظم الساهر وإلهام المدفعي وماجد المهندس ورضا العبدالله بدأت تلاقي الانتشار عربياً، خصوصاً انها تطرق باب الألوان والمقامات المحلية، محاولة استخراج ما يعكس فنّها وغناها، حتى لو جاءت تلك المحاولات بسيطة في أكثر الأحيان.
(عن الحياة)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انوار عبد الوهاب..

آخر جيل غنائي نسوي؟!

 

الفنانة فريدة، آخر من صمد في ساحة الغناء العراقي..

 

ان هذه الفنانة التي برزت في سبعينات القرن الماضي،  تعتبر ممثل لآخر جيل من المغنيات العراقيات، حيث اختفت الاسماء النسوية العراقية منذ الثمانيات وحتى الآن، باستثناء بعض الاسماء النادرة ومن ابرزهن الفنانةالكبيرة (فريدة) التي تعيش خارج الوطن!

كان من المتوقع للفنانة المطربة الجديدة (انوار عبد الوهاب) عند أول ظهورها في ساحة الطرب، ان تتربع على قمة المجد الغنائي العراقي كما تربعت عليها مطربات بارزات أمثال صديقة الملاية وزهور حسين وعفيفة اسكندر ولميعة توفيق ووحيدة خليل ومائدة نزهت وغيرهن، لو لم تلازمها تلك الظروف التي ادت بها الى السفر الى الخارج لتستقر هناك بعد أن حملت عصا الترحال وكان ولا يزال مكانها شاغراً وتركت ساحتها قفراً يباباً.
    ولدت نادية عبد الجبار وهبي في بغداد سنة 1943 للكاتب المعروف عبد الجبار وهبي الذي استشهد في انقلاب (8 شباط 1963). مما ترك تلك الندبة الواضحة في نفسية نادية والتي شعت وارتسم على سحنتها ذلك الالم الواضح المعالم في الصورة والصوت معاً.
    تلك إذاً معاناة المطربة انوار عبد الوهاب والتي تجلى الالم في كل ما غنت حتى اغانيها المفرحة كان يقطر منها الوجع غير الشفيف.
    ومع كل ما تقدم يبقى صوت انوار ذو الرنين الخاص والنكهة العذبة والشجن المميز في كل ما أدته من غناء وفن ارتقت اليه بقية الاصوات موسيقياً يقوم صوتها على انه (سبرانو) حاد قوي ذو دفع شديد، وتؤدي جواب الجواب وقرارها سليم، وصوتها إجمالاً يؤدي سلمين أو أوكتافين أي من الدو الى الدو صعوداً ونزولاً.

وآية ما نقول انها أدت أغاني المطربة الراحلة زكية جورج والتي تكثر فيها القرارات مثل أغاني   (وين رايح وين)  و (أنا من أكولن آه واتذكر أيامي)  و (بمحاسنك وبهاك) ،  و (دوم الهجر) و (تاليها وياك) ،  و (شكول على حظي أنا) ،  و (تاذيني)  وغيرها.  وهذه الأغاني أعدها وبتوزيع موسيقي جديد الفنان الراحل احمد الخليل حيث اكتملت في هذا الاعداد الروحية الغنائية العراقية بنكهتها الاصيلة المميزة، ذلك ان تأدية المرحومة زكية جورج كانت تخالطها لهجة هجينة غير عراقية.
    مارست انوار عبد الوهاب التمثيل في بواكير حياتها الفنية، قبل الغناء، في فرقة المسرح الفني الحديث ببعض اعمالها المسرحية، ولكن يبدو انها لم تحقق ما تريد لها من نجاح فاتجهت الى الغناء وأبدعت فيه ايما إبداع.
    انتمت الى فرقة الانشاد اواخر عام 1971، وتم تصويرها وهي تؤدي بعضاً من موشحات الفنان الراحل روحي الخماش، وكانت أول منتمية تحصل على فرص (الصولو وهو غناء جماعي ينفرد فيه المطرب أو المطربة ببيت أو بيتين) مما يعني النجاح في عالم الطرب وفتح طريق الشهرة العريض. وأثارت هذه الفرص لها الكثير من الحسد واشتداد المنافسة بين المنتمين الى هذه الفرقة العتيدة.
وهكذا امضت ما يقرب من الثلاث سنوات وانوار تتصدر المرتبة الأولى في الغناء الانفرادي (الصولو) في فرقة الانشاد. وفي العام 1973 تزوجت من الفنان الممثل (روميو يوسف). وفي حفلة في قاعة الخلد في كرادة مريم ظهرت انوار لأول مرة على المسرح المذكور وغنت انفرادياً اغنيتين هما (وين رايح وين) من مقام العجم وثانية هي (تاذيني) من جنس المقام نفسه، ونجحت بهما نجاحاً يفوق الوصف.
    وتجمع حولها الملحنون الكبار عندنا، حيث وجدوا فيها خامة صوتية جديدة لم يعهدوها في اصوات اخرى تعج الساحة الغنائية آنذاك بها. فتعهدها الفنان المرحوم احمد الخليل ومحمد جواد اموري وياسين الراوي ومحسن فرحان وآخرون. وبهذه النجاحات تسيدت انوار الساحة وتربعت ولكن الى حين.
    وفي العام 1975 سافرت الى الجزائر لإحياء ليلة عراقية هناك وكان الوفد مؤلفاً من عدد كبير من المطربين والمطربات امثال يوسف عمر وياس خضر وفاضل عواد وسعدون جابر ومائدة نزهت وسيتا آكوبيان وفرقة الانشاد العراقية.
وبسفرها تم الانفصال بين انوار وزوجها.
    ومن اشهر أغاني انوار عبد الوهاب واعمقها أثراً في الذاكرة العراقية التي لا تنسى المبدعين ولا المبدعات أغنية (عد وآنه اعد وانشوف ياهو أكثر هموم) فقد أدتها بعيدة عن التأدية الروتينية وانما بتلك الروح المتشظية والمعبرة عن كل الالم المكبوت في الوجدان العراقي.
وياما وجدت مستمعين لها والدموع تجري على الخدود بصمت عراقي رهيب.. أدت انوار وقد تبلورت مأساة يتمها وقتل أبيها تلك القتلة التي لا يستحقها انسان لمجرد ان يعبر عن افكاره.
    إن حسها الوطني الذي ورثته عن والدها المرحوم عبد الجبار وهبي، لم ينسها وفاءها للوطن المفدى، وأرسلت لإذاعاتنا وتلفزيوناتنا أغنية وطنية بعنوان بغداد المحبة من مقام النهاوند ومن مقر اقامتها في كندا.
(عن المدى)

ــــــــــــــــــــــ

كلمات بعض الاغاني القديمة التي اعادت غنائها انوار عبد الوهاب


 

 

 

 

 

 

 

إطبـــــــع العودة للفهرس

إحفظ الصفحة