شخصيات شيعية تاريخية

 

عامر السيد نور ـ  ديالى

 

اخترنا بعض الشخصيات الشيعية المقدسة والتي تعتبر أما عراقية الهوية أو من وطن آخر لكنها عاشت وأبدعت في العراق .

 

الامام محمد المهدي ( عج )

 

                

 

     يعتقد المسلمون على مر العصور أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل بيت النبي محمد بن عبدالله من ولد علي بن أبي طالب يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية بعد أن تملأ الدنيا ظلما و جورا ويسمى بالمهدي , و يواكب ذلك خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام .

المهدي عند السنة

    يعتقد أهل السنة بأنه سيظهر في آخر الزمان رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في بعض صلواته , وأنه لم يولد .

المهدي عند الشيعة

 يعتقد الشيعة الإثنا عشرية بأن محمد المهدي هو آخر أئمة إثنى عشر الذي تولى الإمامة بعد أبيه الإمام الحسن العسكري ولد المهدي في 15 من شعبان عام 255 هجري أي 874 ميلادي في مدينة سامراء شمال العراق و أمه نرجس زوجة الإمام العسكري عليه السلام .

    له غيبتان الأولى هي الغيبة الصغرى وكانت مدتها 74 سنة، وبدأت عام260 هـجري أمتدت حتى عام 329 هـجري وكان أتصال المسلمين الشيعة به عن طريق سفرائه وهم: عثمان بن سعيد . محمد بن عثمان . الحسين بن روح . علي بن محمد السمري..

 

الامامين علي الهادي  وولده الحسن العسكري ( ع ) من أهم معالم مدينة سامراءوفيها ايضا مشهد صاحب الزمان الأمام المهدي( عج)

  

 أما الغيبة الثانية فهي الغيبة الكبرى بدأت عام 329 هـجري، بعد وفاة آخر سفير من سفرائه عليه السلام و غيبته واحتجابه لأمر أراده الله . ويعتقد الشيعة أن مثل عمره وحياته كمثل عمر وحياة عيسى والخضر عليهما السلام بإعجاز إلهي. ومن علامات ظهوره آخر الزمان خروج الدجال , خروج السفياني ,إنتشار الجَور والظُلم في الأمة , و إقبال الرايات السود من قبل خراسان . وورد في بعض أحاديث الأئمة المذكورة في كتب الحديث مثل كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي تكون عودة القائم أولا ثم تليها عودة الإمام الحسين إبن علي (ع) .

ـــــــــــــــــــــ

الأمام موسى الكاظم ( ع )

 

 

الإمام موسى الكاظم إبن الإمام جعفر الصادق هو تاسع أئمة أهل البيت عليهم السلام حسب ما يؤمن به الشيعة الإثنا عشرية. كنيته أبو إبراهيم و أبو الحسن ، ولقبه الكاظم والعبد الصالح،وأمه حميدة وتكنى لؤلؤة.  ولد ب الأبواء موضع بين مكة والمدينة في السابع من صفر سنة 128 هجري . تنقسم حياته لمرحلتين، مرحلة ما قبل الإمامة ومرحلة إمامته وهي طويلة. استمرت 35 عاماً من سنة 148 هجري إلى 183 هجري ، بذل فيها مختلف الجهود في الحفاظ على الإسلام الأصيل ونشره وعدم الاستسلام لحكام عهده، لذلك زج في السجون مرات عديدة .

وقد واصل الإمام سيرة أبيه في نشر العلم والتعاليم الإسلامية الحقة وتوعية الأمة وهدايتها. ونشأ على يديه الكثير من التلاميذ من العلماء والرواة، ولكن النظام العباسي الذي كان يخشى من انتشار الوعي الإسلامي الأصيل، ومن اتساع شخصية الإمام واجه الإمام وأصحابه بمختلف الضغوط المشددة حيث سجن بعض أصحابه أمثال ابن أبي عمير، فقتل الكثير من العلويين وشرد الكثير منهم في الأقطار، وأوعز إلى بعض الشعراء في النيل من أهل البيت عليهم السلام ، ولكن الإمام كان يواصل مهمته التعليمية في الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام ، لذلك كان يصرح بالحق، وتوعية الأمة بالحقائق التي حاول أعداء أهل البيت إخفاءها، حتى في محضر حكام عصره .

فمن ذلك ما ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار: "أن هارون كان يقول لموسى خذ (فدكاً) وهو يمتنع، فلما ألحّ عليه، قال: ما آخذها إلا بحدودها، قال: وما حدودها، قال: الحدّ الأول عدن، فتغيّر وجه الرشيد وقال: والحدّ الثاني؟ قال: سمرقند، فأربدّ وجهه قال: والحدّ الثالث؟ قال: أفريقيا، فاسودّ وجهه، قال: والحد الرابع؟ قال: سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينيا. فقال هارون: فلم يبق لنا شيء، فتحوّل في مجلسي، فقال موسى: قد أعلمتك إن أن حددتها لم تردّها، فعند ذلك عزم على قتله واستكفى أمره" وهو يشير بذلك إلى أن مطالبة فاطمة الزهراء ( ع ) بفدك هي مطالبة بحق الإمام أمير المؤمنين ( ع ) بالخلافة التي نصّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا مما أدى إلى اغتصابها.

 

السلام عليك يا موسى بن جعفر يا بن رسول الله  ورحمة الله وبركاته
تفضل لصفحة  صور المرقد المقدس وثواب زيارته

 

وروى الخطيب البغدادي قال: "بعث موسى بن جعفر عليه السلام إلى الرشيد من الحبس رسالة كانت أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون". لذلك فإن النظام ألقى القبض عليه وأودعه السجن، لمرات عديدة، وفي آخرها دس إليه السمّ واستشهد في السجن.

استشهد بالسمّ بأمر من هارون الرشيد في سجنه سنة 183 هجري في بغداد وعمره 55 عاماً، بعد أن قضى 15 عاماً في السجن لا يخرج منه حتى يدخل إلى آخر، ودفن في مدينة قرب بغداد سميت بالكاظمية .

ومن كلماته وحكمه قوله عليه السلام: "تعجّب الجاهل من العاقل أكثر من تعجّب العاقل من الجاهل". "المؤمن مثل كفتي ميزان: كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه". "زكاة الجسد صيام النوافل".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشريف الرضي .. أديب كبير وحقق نهج البلاغة

 

في سنة (359هـ = 970م) ببغداد ولد محمد بن الحسين بن موسى، الملقب بالشريف الأجل، والشريف الرضي حيث كان نقيبا للأشراف. وينتهي نسبه من طرفيه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وفي بغداد عاش وتتلمذ ونبغ وأشعر، وبها أيضا توفي .

كان فاضلا عالما شاعرا مبرّزا، وكانت له هيبة وجلالة، وفيه ورع وعصمة، عالي الهمة، شريف النفس، لم يقبل من أحد صلة ولا جائزة، وكان عفيفا شريفا ملتزما بالدين وأحكامه.

وبجانب الشعر للشريف الرضي تآليف عديدة منها: المتشابه في القرآن، وحقائق التنزيل، وتفسير القرآن، والمجازات للآثار النبوية، وتعليق خلاف الفقهاء، ونهج البلاغة وكتاب مجازات القرآن، والزيادات في شعر أبي تمام، وانتخاب شعر ابن الحجاج، وهذا الإنتاج معلم على غزارة علمه وتبحره في العربية وعلومها.

الشريف الرضي .. شاعرًا

نظم الشريف الرضي الشعر في عهد الطفولة ، وهو لم يبلغ عشر سنين؛ فأجاد ونظم في جميع فنون الشعر، وجاء محلقاً في سماء الشعر محرزاً قصب السبق. وأجاد في جميع أغراض الشعر العربي؛ وهذا ما يدلّ على غزارة مادته. كان ينظم قصائده بمنحةٍ نفسانية قلما تؤثر بها العوامل الخارجية.

وامتاز الرضي بأن شعره على كثرته يلبس ثوب الجودة والملاحة وهذا قلما يتفق لشاعر مكثر، بل لم يتفق لغيره .

وشعر الرضي صاف وجميل في كل الفنون. فهو عندما يهجو لا يستخدم الألفاظ النابية والكلمات المقذعة، وعندما يتغزل فليس كغيره، ولكن بأدب جم وبسمو أبعد عن كثير مما يتعاطاه الشعراء من الألفاظ الغرامية.

 ومن غزلياته قوله :

يـــا ليــلــة النــقـح هــلاّ عــــدت ثــانيةً    ســــقى زمـــانــك هــطّــــال مـن الديم

مــاضٍ مــن العيـــش لا يغدى بذلت له     كــــرائم المــــال مــن خيـــل ومن نعم

وظــبيةٌ مـــن ضـــباء الإنــس عـاطـلة     تــستوقف العين بين الخمص والهضم

لـــو أنــها بــفنــــاء البـــيـت ســـانحـةٌ     لصـــدتها وابــتدعت الصيد في الحرم

قعــــدت منـــها بـــلا رقــبى ولا حـــذر     عـــلى الــــذي نــام على ليلي ولم أنم

بــتنا ضــجيعين فـي ثوبي هوى وتقى      يـلفنـــا الشــــوق مـــن فـــرع إلى قدم

 

  وكانت وفاة الرضي يوم (6 من محرم 406= 1 يوليو 1015م) في بغداد حيث دفن .

نهج البلاغة

ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

 

 

    الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون. ولا يحصى نعماءه العادّون. ولا يؤدّى حقّه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن. الذي ليس لصفته حدٌّ محدود ولا نعت موجود. ولا وقت معدود ولا أجل ممدود. فطر الخلائق بقدرته. ونشر الرياح برحمته. ووتّد بالصخور ميدان أرضه. أوّل الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به. وكمال التصديق به توحيده. وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفيُ الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه. ومن قرنه فقد ثنّاه ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله. ومن جهله فقد أشار إليه. ومن أشار إليه فقد حدّه. ومن حدّه فقد عدّه. ومن قال فيم فقد ضمّنه. ومن قال علام فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث موجود لا عن عدم . مع كلّ شئ لا بمقارنة. وغير كل شئ لا بمزايلة. فاعل لا بمعنى الحركات والآلة. بصير إذ لا منظور إليه من خلقه. متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده. أنشأ الخلق إنشاء. وابتدأه ابتداء. بلا رويّة أجالها. ولا تجربة استفادها. ولا حركة أحدثها. ولا همامة نفس اضطرب فيها. أحال الأشياء لأوقاتها. ولأم بين مختلفاتها. وغرّز غرائزها وألزمها أشباحها عالماً بها قبل ابتدائها محيطاً بحدودها وانتهائها. عارفاً بقرائنها وأحنائها. ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشقّ الأرجاء وسكائك الهواء. فأجرى فيها ماء متلاطماً تيّاره، متراً كماً زخّاره. حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة. فأمرها بردّه، وسلطها على شدّه، وقرنها إلى حدّه. الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق. ثم أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبّها وأدام مربّها. وأعصف مجراها، وأبعد منشاها. فأمرها بتصفيق الماء الزخّار، وإثارة موج البحار. فمخضته مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء. ترد أوّله إلى آخره، وساجيه إلى مائره . حتى عبّ عبابه، ورمى بالزبد ركامه فرفعه في هواء منفتق، وجو منفهق. فسوّى منه سبع سموات جعل سفلاهنّ موجاً مكفوفاً وعلياهنّ سقفاً محفوظاً. وسمكاً مرفوعاً. بغير عمد يدعمها، ولا دسار ينظمها. ثم زيّنها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب. وأجرى فيها سراجاً مستطيراً، وقمراً منيراً. في فلك دائر، وسقف سائر، ورقيم مائر ثمّ فتق ما بين السموات العلا. فملأهنّ أطواراً من ملائكته منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافّون لا يتزايلون ومسبّحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العين. ولا سهو العقول. ولا فترة الأبدان. ولا غفلة النسيان. ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره. ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم. متلفّعون تحته بأجنحتهم . مضروبة بينهم وبين من دونهم العزة وأستار القدرة. لا يتوهّمون ربّهم بالتصوير. ولا يجرون عليه صفات المصنوعين . ولا يحدّونه بالأماكن . ولا يشيرون إليه بالنظائر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ المفيد

 

      

   وينقل صاحب الأعيان أن الشيخ المفيد ترعرع في كنف والده الذي لم نعرف من أخباره سوى كونه معلماً في مدينة واسط  في العراق ولذلك كان يكنى ولده بابن المعلم وما أن تجاوز المفيد سني الطفولة وأتقن مبادئ القراءة والكتابة حتى انحدر به أبوه وهو صبي إلى بغداد حاضرة العلم ومهوى أفئدة المتعلمين فسارع إلى حضور مجلس درس الشيخ أبي عبد الله الحسين بن علي المعروف بالجعل بمنزله بدرب رباح ثم قرأ على أبي ياسر غلام أبي الجيش بباب خراسان وفي أثناء قراءته على أبي ياسر اقترح عليه أستاذه هذا أن يكثر التردد على مجلس المتكلم الشهيد علي بن عيسى الرماني المعتزلي ففعل ويحدثنا المفيد في زيارته الأولى للرماني فيقول:دخلت عليه والمجلس غاص بأهله وقعدت حيث انتهى بي المجلس فلما خف الناس قربت منه فدخل عليه داخل وطال الحديث بينهما فقال الرجل لعلي بن عيسى ما تقول في يوم الغدير والغار، فقال أما خبر الغار فدراية وأما خبر الغدير فرواية والدراية لا توجب ما توجبه الرواية وانصرف فقلت أيها الشيخ مسألة فقال هات مسألتك فقلت ما تقول في من قاتل الإمام العادل قال يكون كافراً ثم استدرك فقال فاسق فقلت ما تقول في أمير المؤمنين علي أبي طالب (ع) قال: إمام فقلت ما تقول في يوم الجمل وطلحة والزبير فقال تابا فقلت أما خبر الجمل فدراية وأما خبر التوبة فرواية فقال كنت حاضراً وقد سألني البصري فقلت نعم، رواية برواية ودراية بدراية فقال بمن تعرف فقلت اعرف بابن المعلم واقرأ على الشيخ أبي عبد الله الجعل فقال موضعك ودخل منزله وخرج ومعه ورقة قد كتبها والصقها فقال لي أوصل هذه الرقعة إلى أبي عبد الله فجئت بها إليه فقرأها ولم يزل يضحك بينه وبين نفسه ثم قال:ايش جرى لك في مجلسه فقد وصاني بك ولقّبك المفيد فذكرت المجلس بقصته. وهكذا بدأ هذا الصبي الطموح بتسلق سُلّم العلم والمعرفة ويزاحم بركبتيه الصغيرتين محافل العلماء وعمالقة العقول في عصره ليصبح رمزاً من رموز العلماء الذين تميزوا ببصماتهم العلمية على التراث الإسلامي. أما مصنفاته فكان (رضوان الله عليه) كثير التصنيف حتى أن صاحب نقد الرجال يقول: كان فقيهاً متقدماً فيه حسن الخاطر دقيق الفطنة حاضر الجواب قريب من مأتي مصنف كبار وصغار.

الشيخ المفيد والدولة البويهية

    لقد عاش الشيخ المفيد ابان قيام الدولة البويهية بعد انكماش الدولة العباسية وحاول أن يعمل بكل ما يمتلك من قوة في كسب الاطراف السياسية بجانبه لصالح المذهب الاثنى عشري وعندما تولى بنو بويه شؤون السلطة في بغداد حظي هذا الشيخ بسبب تشيع بني بويه بما لم يحظ به غيره من امثاله من ضروب الاعزاز والتقدير والجلالة العظيمة في الدولة البويهية فكانت له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة كما كانت له وجاهة عند ملوك الاطراف لميل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع وبلغ من احترام عضد الدولة له انه كان يزوره في داره ويعوده اذا مرض وعلى الرغم من كل هذه الوجاهة والجلالة فقد اضطرت السلطات الحاكمة - قمعاً للفتن الطائفية والاضطرابات المذهبية إلى نفيه مرتين إلى خارج بغداد حيث بعث بهاء الدولة عميد الجيوش أبا علي بن أستاذ هرمز إلى العراق ليدبر امره فوصل إلى بغداد فزينت له وقمع المفسدين ومنع السنة والشيعة من إظهار مذاهبهم ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الإمامية فاستقام البلد ونفي الشيخ المفيد من قبل الدولة في سنة 398هـ كما يذكره صاحب الأعيان السيد حسن الأمين عندما جرت في عاشر شهر فتنة بين الكرخ والفقهاء بقطيعة الربيع وكان السبب أن بعض أهل البصرة قصد أبا
عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم وكان فقيه الشيعة في مسجده بدرب رباح وتعرض به تعرّض امتعض منه أصحابه فثاروا واستنفروا أهل الكرخ ونشأت من ذلك فتنة عظيمة وبلغ ذلك الخليفة فانفذ الخول الذين على بابه لمعاونة أهل السنة فبلغ الخبر إلى عميد الجيوش فسار ودخل بغداد فراسل أبا عبد الله ابن المعلم فقيه الشيعة بان يخرج عن البلد ولا يساكنه ووكل به فخرج في ليلة الأحد لسبع بقين من رمضان فسأل علي بن مزيد في ابن المعلم فُرّد. وكان الشيخ المفيد ذا مكانة مرموقة بين العلماء وذا دور بارز في المجامع العلمية وكانت شخصيته وشهرته وصلت إلى المخالف والمؤالف بحيث قلما تجد من لم يذكره من المؤرخين والمترجمين وساق لفيف من المؤرخين خلال الترجمة كلمات الاطراء وجمل الثناء بما لا مزيد عليه وانساق لفيف آخر منهم من وحي عواطفهم فاندفعت اقلامهم نحو الطعن والشتم والتشهير ووصف المؤرخون حياته الخاصة وصفاته الشخصية فذكروا من جملة ما ذكروا منه ( كان شيخاً ربعة نحيفاً اسمر كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم حسن اللباس كثير التقشف والتخشع والاكباب على طلب العلم وكان لا ينام من الليل إلا هجعة ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يتلو القرآن ) .

ــــــــــــــــــ

العلامة الحلي

 

 

 ولد الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة الحلي في 29 رمضان سنة 648 هـ في مدينة الحلة.
    لقد ولد العلامة في أسرة علمية و قد بدأ بتحصيل العلم منذ طفولته و قد تعلم الأدب العربي و المقدمات و العلوم العصرية في الحلة عند أبيه و سائر علماء المنطقة الكبار، وكذلك عند خاله المحقق الحلي وابن عم أمه الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد والسيد أحمد بن طاوس ورضي الدين علي بن طاوس و الحكيم المشهور ابن ميثم البحراني مؤلف شرح نهج البلاغة.
أكمل المقدمات ونال درجة الاجتهاد و لم يبلغ سن التكليف و منذ ذلك الوقت اشتهر بنبوغه و ذكائه و فضله و كانت له البشارة بمستقبل زاهر.
شخصيته العلمية
    لقد كان العلامة من أعاجيب الدهر ألف في الفقه و الأصول و الكلام و المنطق و الفلسفة و الرجال و غيرها و له من الآثار في حدود 100 كتاب طبع بعض منها والتي يكفي أحدها كتذكرة الفقهاء للدلالة على نبوغه.تتلمذ في الفقه على خاله المحقق الحلي و في الفلسفة و المنطق على الخواجة نصير الدين الطوسي  و درس الفقه السني على علماء السنة. 
للعلامة ما يقرب من مائة مؤلف وكتاب منها:

- الإرشاد - تبصرة المتعلمين – القواعد - التحرير- تذكرة الفقهاء -  مختلف الشيعة – المنتهى -  شرح التجريد -  منهاج الاستقامة - تلخيص الكشاف .
توفي العلامة الحلي في 11 محرم سنة 726 هـ بعد عمر حافل بالجهد والسعي في إحياء الشريعة واكتساب الكمال و قبره في النجف الأشرف بجوار الرواق المطهر للإمام أمير المؤمنين عليه‏السلام .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أبو الحسن الاربيلي

 

هو أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي من علماء القرن السابع الهجري .

يكفي لبيان المقام العلمي لعلي بن عيسي الإربلي مثل هذا الأثر القيم و هو كتاب كشف الغمة و الذي يبين إحاطته بالأحاديث والسيرة والتاريخ والكلام والعلوم المختلفة ومن ذلك أن علماء الشيعة لم يذكروا هذا الرجل الكبير إلا بالثناء، بل إن الفضل بن روزبهان - العالم المتعصب من أهل السنة و الذي كتب كتاباً للرد على العلامة الحلي - عندما كان يصل إلى اسم الإربلي يقول بأنه قد اتفق الإمامية على أن علي بن عيسى الإربلي من أكبر علمائهم و أن آثاره لا تبلى أبداً. وهو أهل للثقة والاعتماد في النقل وكتب الشيخ جمال الدين أحمد الحلي في كشف الغمة للإربلي هذه الأبيات:

ألا قل لجامع هذا الكتاب يميناً*** لقد نلت أقصى المراد
وأظهرت من فضل آل الرسول *** بتأليفه ما يسوء الأعادي

مؤلفاته:
1 - كشف الغمة في معرفة الأئمة عليهم‏السلام .
و هذا الكتاب قل نظيره في هذا المجال والذي ورد فيه بحوث في أصول الدين حول العصمة والولاية وإثبات مذهب التشيع ويشتمل أيضاً على البحوث الأدبية والتاريخية ولقد أتم المؤلف هذا الكتاب سنة 687 للهجرة .
وبالنظر إلى قيمة وأهمية هذا الكتاب فإن عدداً من العلماء بعد الإربلي قاموا بترجمة هذا الكتاب مراراً وتحت عناوين مختلفة حتى يتسنى للناطقين باللغة الفارسية التعرف أكثر فأكثر على فضائل وتاريخ حياة أئمتهم عليهم‏السلام .
من مؤلفاته:  المقامات - ديوان في الشعر - كتاب الطيف .
وله رسائل أخرى كثيرة في موضوعات مختلفة .
وفاته
    بعد عمر حافل في سبيل إعلاء راية التشيع ودع علي بن عيسى الإربلي في سنة 693 للهجرة وقد دفن جسده الشريف في مدينة بغداد وفي داره التي كان يسكنها وأصبح قبره مزاراً لعشاق آل محمد صلوات
الله عليهم أجمعين.وقد بقي قبره قروناً عديدة، و لكن وللأسف فقد ضاع واندثر قبره في القرن الرابع عشر الهجري أثناء التغييرات في مدينة بغداد .

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة