شخصيات نسوية

 

زينب السامرائي ـ ميسان

 

نرجس النصرانية(رض) ام الأمام المهدي(ع)..

 

                       

( السيدة نرجس) (رض) التي هي ام الأمام المنتظر،هذه السيدة الجليلة هي (مسيحية) ومن سلالة حواري المسيح (شمعون). وقصتها فيها الكثير من الغموض، إذ يبدو انه حتى اسمها لا تتفق الحكايات عليه، فقد تنوعت أسماء السيدة (نرجس) وتعدَّدت حسب تنوع الحكايات، فكان من أسمائها :  مريم ، حكيمة ، صقيل ، سبيكة ، سوسن ، حديثة ، ريحانة ، خمط ، ويعتقد ان اسمها  الحقيقي هو : ((مليكة))!!  وهذا لا يدل على انها رومية، بل هذا اسم مسيحي شامي ! ولعل هذا يدلل، كما يظن البعض، بأنها  في الحقيقة ليست  من بيزنطة، وان صفة(رومي) يطلق على طائفة(الروم) المسيحية الشامية التي مازالت موجودة حتى الآن .

 الحكاية الرسمية تقول بأنها ابنة( يشوعاً بن قيصر) ، إمبراطور الروم(الدولة البيزنطية) ، وتنتمي من جهة الأم إلى (شمعون) أي سمعان أو السميع، وصي  السيد المسيح ( ع) وأحد حواريه. قيل انها وُلدت في(القسطنطينية) عاصمة الأمبراطورية وذلك قبل عام ( 240 هـ.(نهاية القرن التاسع الميلادي). وتتنوع الحكايات في التفاصيل، بعضها يقول بأنها وهي في بلادها حلمت بالسيد المسيح (ع) يبشرها بأنها ستتزوج بالامام الحسن العسكري(ع) لتنجب منه الامام المهدي(ع)، لهذا فأنها  هاجرت متنكرة مع عدد من وصائفها متجهة الى العراق بحثا عن زوجها الامام الموعود، لكنها تعرضت للأسر.

ثم حكاية اخرى تقول، ان (نرجس) وقعت في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى (عمورية)، انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد. بينما هنالك حكاية اخرى قريبة،  تذكر أنها رأت في المنام محمدأ (ص) نبي المسلمين يخطبها من المسيح (ع) ووصيه شمعون (رض) لولده الإمام الحسن العسكري (ع) ووافق شمعون ووافقت هي . وقد تعلق قلبها بالإمام (ع) بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم ، وهو (ع) في سامراء ، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين ، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم ، وأن تقع في الأسر. هكذا إذن اصبحت غنيمة تابعة لـ شيخ من المسلمين عرضها للبيع ، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع ، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء ، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء. وسبب امتناعها يعود الى معرفتها بأن مبعوث زوجها الموعود الذي حلمت به لا بد ان يأتي يوما ليشتريها ويعتقها من هذه العبودية.

وتقول الحكايات انه في هذه الاثناء  وجه الإمام الهادي (ع) ، أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع رسالة منه (ع) باللغة الرومية(اليونانية) ، وأوصاه بتسليم هذه الرسالة الى فتاة اسيرة جليلة  في سوق النخاسة، وقد وصف له بالتفاصيل طبيعة المكان وشكل الفتاة.  بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة ، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ، ليدفعها ثمناً لمالكها .  هنالك في بغداد في سوق العبيد ناول المبعوث كتاب الامام الهادي(ع) الى الفتاة التي كانت ترفض بأباء ان يقترب منها أي احد. حينما قرأت الرسالة انخرطت بالبكاء وراحت تصرخ مهددة بالانتحار إن لم يوافق النخاس على بيعها الى ذلك المبعوث. فساوم الرسول الشيخ البائع ، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي (ع) فدفعه إليه ، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء . فلما دخلت على الإمام الهادي (ع) رحب بها كثيراً ، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه (ابي محمد العسكري) (ع) يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً . ثم بعد ذلك  أودعها عند أخته " حكيمه " بنت الإمام الجواد (ع) لتُعلمها الفرائض والأحكام ، فبقيت عندها أياماً.  بعدها وهبها الإمام الهادي (ع) ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) فتزوجها الإمام (ع)، وهي في مقتبل العمر وربيع الشباب.

كانت هذه العائلة العلوية المقدسة تعيش في ظروف قاسية بسبب الخلافات مع ابناء عمومتهم من السلالة العباسية العراقية الحاكمة. لهذا كانت هذه العائلة تعيش في عاصمة الخلافة (سامراء) بصورة اجبارية لكي تبقى تحت رقابة عيون الخليفة.  وحسب الحكايات كان قادة السلطة يعرفون بأن هنالك طفل سيولد من هذه العائلة المنفية وسيكون هو(المهدي المنتظر)، وانه سيشكل خطرا جسيما عليهم.  لهذا كانت هذه السلطة تحاول ان تمنع ولادة مثل هذا الطفل .

 

 

وتقول الحكايات بأن السيدة نرجس(رض)  حين حملت بالمهدي (ع)، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها. شاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود، حارت به الظنون وضلّت به العقول. حلت ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة، فطلب الإمام الحسن العسكري من عمته السيدة حكيمة أن تلازم «نرجس» في تلك الليلة ولا تفارقها. فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة، ليلة الخامس عشر من شعبان، هي الليلة الموعودة، لولادة المنتظر الموعود، ووضعت « نرجس» وليدها المبارك، تحيطه العناية برعايتها، وتحفّ الملائكة بمهده. وأسماه أبوه - إنفاذ لمشيئة الله - محمداً المهدي .

 هكذا إذن وَلَدَت الإمام المهدي المنتظر ( ع) في تلك الظروف الشديدة السرية .  لكن قد أُلقِيَ القبض عليها ، فوُضِعَت تحت الرقابة الصارمة لفترات طويلة خوفاً من أن تلد الإمام المنتظر ( ع).  لكنها بعون الله  تمكنت من ولادة الطفل المقدس ( ع ) في  مدينة سامراء  في سَحَرِ ( 15 ) شعبان ، وذلك عام ( 255 هـ ).

تَميَّزت السيدة نرجس  بصفات متعددة ، منها : الشجاعة ، والحكمة ، والصمود ، والكتمان ، والمثالية . توفيت السيدة نرجس (رض) في سامراء  ودفنت هناك مع زوجها الإمام العسكري ( ع ) ، ولم يُحدِّد لنا التاريخ الزمن الدقيق لوفاتها.  مع العلم أن الإمام الحسن العسكري ( ع ) قد توفي مقتولاً بالسُّم في سنة ( 260 هـ   . ( وكانت سن الأبن الذي هو الامام المهدي (ع) خمس سنوات، حيث بقي في كنف جده وامه السيدة نرجس .

 

المصادر
       ـــــــــــــ

ان اهم المصادر التي تناولت حكاية الامام المهدي(ع) وهي بمعظمها سنية:
ـ صحيح البخاري ج 4 .

ـ كتاب بدء الخلق.

ـ باب نزول عيسى (ع) .

ـ صحيح مسلم ج 8 .

ـ مسند أبي داود : كتاب المهدي .

ـ سنن الترمذي ج 2 .

ـ سنن المصطفى ج 2 .

ـ ينابيع المودة للقندوزي الحنفي .

ـ شرح النهج لابن أبي الحديد .

 

ـــــــــــــ

آمنة بنت الإمام الكاظم ( ع )

 


من ربّات العبادة والصلاح ، والزهد والتقوى ، كانت من طبقة الأشراف .
حكى خادم روضتها أنّه كان يسمع عندها قراءة القرآن في الليل ، وينسب إليها المشهد المعروف باسمها بمصر بالقرافة الصغرى .
وروى سادن روضتها : أنّ رجلاً جاء بعشرين رطلاً من الزيت ، وعاهد الخادم أن يوقدها في ليلة واحدة ، فجعله الخادم في القناديل ، فلم يوقد منه شيء ، فتعجّب الخادم من ذلك ، ورآها في المنام فقالت له : يا فقيه ردّ عليه زيته واسأله من أين اكتسبه ، فإنّا لا نقبل إلاّ الطيّب .
فلمّا أصبح جاء إلى الرجل الذي أعطاه الزيت وقال له : خُذْ زيتك .
فقال : لِمَ آخذه ؟
فقال : إنّه لم يوقد منه شيء ، ورأيتها في المنام فقالت : لا تقبل إلاّ الطيّب .
فقال صَدَقَتْ السيّدة ، إني رجل مكّاس .
فقال : قفْ وخذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

آمنة البغداديّة

 

 
العلوية آمنة بنت أبي محمّد الشريف قريش البغدادي ، ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين ( ع ) .
عالمة ، فاضلة ، مُحدّثة ، فقيهة ، من أكابر النساء المؤمنات في مطلع القرن السابع للهجرة في بغداد .
ولدت في بغداد ، وقرأت على أبيها الشريف قريش البغدادي المتوفى سنة 620هـ ، ثم حضرت على الشيخ أبي طالب المبارك بن علي الصيرفي البغدادي ، وقرأت عليه كتاب فضل الكوفة تأليف أبي عبدالله محمّد بن علي الحسيني الشجري المتوفى سنة 455هـ .
وقد قرأت معها هذا الكتاب اُمّها شرف النساء بنت أبي طالب واُختها فاطمة ، وقرأه معها أيضاً أخوها محمّد ، وكتبَ أبوهم في آخره بلاغ القراءة بتأريخ 560هـ ، وتوجد هذه النسخة النفيسة من هذا الكتاب في المكتبة الظاهرية بدمشق ، وعنّها مصوّرة في مكتبة أميرالمؤمنين عليه السلام في مدينة النجف الأشرف .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 آمنة البهبهانيّة

 

                                 
آمنة بيگم بنت المولى محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني الحائري .
ولدت في كربلاء حدود سنة 1160هـ ، وتوفيّت فيها حدود سنة 1243هـ ، ودفنت عند نجلها السيد محمّد المجاهد المتوفى سنة 1242هـ في المقبرة الخاصّة المجاورة لمدرسة البقعة في سوق التجّار فيما بين الحرمين .
عالمة ، فاضلة ، مجتهدة ، من أفقه نساء عصرها ، متكلّمة ، واعظة ، اُصوليّة ، محقّقة ، مُحدّثة جليلة ، ذات سند قويم ، مؤلّفة ، كثيرة الزهد ، عظيمة الورع .
ولدت ونشأت في كربلاء ، وأخذت المقدّمات وفنون الأدب وعلوم العربية على أعلام اسرتها ، وتخرّجت في الفقه والاُصول والحديث على والدها المؤسس المجدد الوحيد البهبهاني الحائري المتوفى سنة 1205هـ .
ولمّا بلغت سنّ الرشد تزوّجت ابن عمّتها السيّد علي الطباطبائي الحائري المتوفى سنة1231هـ صاحب كتاب الرياض ، ورُزقت منه ولدان : السيّد محمّد المجاهد المتوفى سنة1242هـ والسّيد مهدي الطباطبائي الحائري المتوفى سنة 1250هـ .
ذكرها السيّد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة في ذيل ترجمة ولدها السيّد محمّد المجاهد قائلاً : لصاحب الترجمة أخ اسمه السيّد محمّد مهدي أصغر منه كان أيضاً عالماً جليلاً ، اُمهما بنت الآغا البهبهاني وكانت عالمة فقيهة .
ونقل السيّد حسن الأمين ـ فيما استدركه على أعيان والده ـ عن الاستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة عدداً من مؤلّفاتها قائلاً : ولها مؤلّفات في الفقه والاُصول منها : مبحث الحيض من كتاب الرياض لزوجها السيّد علي الطباطبائي الحائري ، ورسالة في النفاس ، وكتاب الطهارة وغيرها . وكلّها موجودة في مكتبة آل صاحب الرياض في كربلاء .

ـــــــــــــــــــــــــــ

الشهيدة آمنة الصدر (بنت الهدى)

 




    فتحت آمنة الصدر عينيها، على قباب الكاظمين «ع» الذهبية، في يوم من أيام عام 1937م (1357هـ)، وسميت آمنة تيمناً بأسم ام الرسول الأكرم محمد(ص). والدها، هو الفقيه المحقق آية الله السيد حيدر الصدر، وهو من ابرز العلماء المسلمين في العراق، وما لبث والدها ان ترك فراغاً في قلبها ـ وهي لمّا تزل طفلة تحبو ببراءتها على الارض ـ برحيله لدار الخلود، فجهدت امها الفاضلة «اخت المرجع المحقق الشيخ محمد رضا آل ياسين»، واخواها السيدان اسماعيل ومحمد في أن يمحيا عن قلبها المفجوع هذه الذكرى المؤلمة. 
وقد أبدى عمها المجاهد السيد محمد الصدر ـ وهو احد المشاركين في ثورة العشرين العارمة ضد الاحتلال البريطاني للعراق ـ اهتماماً بها وبأخويها، وشجعهم على مواصلة دراساتهم، سواء في البيت ـ كالفتاة الذكية آمنة ـ أو في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، كأخويها السيدين اسماعيل ومحمد..
وأصبح هم هذه الفتاة الرسالية، تحرير النساء من قيود الجهل والسطحية، فبدأت رحلتها المباركة، وهي لمّا تزل يافعة..
تم اختيار السيدة آمنة الصدر في عام 1967، لتكون المشرفة على مدارس الزهراء «عليها السلام» في الكاظمية.  وقد اصدرت عدة كتب قصصية ودينية وشعرية. من شعرها:
 قسما وان ملىء الطريق***بما يعيق السير قدما
قسماً وان جهد الزمان***كي يثبط فيّ عزما
أو حاول الدهر الخؤون***بأن يريش إليّ سهما
وتفاعلت شتى الظروف***تكيل آلاماً وهما
فتراكمت سحب الهموم***بأفق فكري فبادلهما
لن انثني عمّا أروم***وإن غدت قدماي تُدمى
كلا، ولن أدع الجهاد***فغايتي أعلى وأسمى
 استشهادها
    بحكم كونها شقيقة المرجع الكبير السيد الشهيد آية الله العظمى محمد باقر الصدر، مؤسس الحركة الإسلامية في العراق، فانها قد عاشت كل الاحداث التي مرّ بها الشعب العراقي، ابتداء من عام 1972، حينما اودع النظام الجائر شقيقها السيد الشهيد مستشفى مدينة الكوفة ـ بعد اعتقاله ـ مقيداً إلى سريره بسلاسل حديدية. وهتفت السيدة الشهيدة مكبرة في مرقد الإمام علي «عليه السلام»، عام 1979، بعد ان اعتقل جلاوزة النظام السيد الشهيد قائلة: «الظليمة.. الظليمة.. أيها الناس، هذا مرجعكم قد اعتقل»، ودوى صوتها هادراً وهي تخاطب مدير أمن النجف المجرم أبو سعد وجلاوزته: «الناس الآن نيام، لكنهم لن يبقوا نياماً، ولابدّ للشعب أن يستقيظ من سباته ويهب من نومه». وعلى اثر ذلك انطلقت التظاهرات، في النجف الاشرف أولاً، وفي أغلب انحاء العراق ثانياً، استجابة لاستغاثة السيدة الشهيدة..
    وأطلق النظام سراح السيد الشهيد، ولكنه وضعه تحت الإقامة الجبرية، مع شقيقته الفاضلة، واستمرت الإقامة فترة عشرة أشهر تقريباً، عانى فيها البيت الكريم الأمرّين من الأذى والإضطهاد، إذ كانوا قد حوصروا بشكل تام، من قبل أزلام السلطة، وسجلت الشهيدة معاناتها في كتاب «أيام المحنة»  ..
    وفي 5 نيسان 1980م، اعتقل المرجع الشهيد الصدر، مع شقيقته الفاضلة، وأودعا أحد سجون بغداد، حيث أعدما بشكل فجيع، بعد ثلاثة أيام.. ولم تنثن «بنت الهدى» ولم تتراجع، وبرّت بقسمها الذي قطعته على نفسها، وحققت أملها، الذي أعلنته لإحدى تلميذاتها بقولها: « إنّ حياتي من حياة أخي، وسوف تنتهي مع حياته إن شاء الله » .

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة