شخصيات معاصرة

السيد عبدالله باشا الاحمدلي

إبن الجنوب ونقيب أشراف أربيل..

 

مصطفى أربيلي

 

 

تعتبر الاسرة الاحمدلية في اربيل اعرق واقدم الاسر الاربيلية الشهيرة ويصل نسبهم الى السيد احمد الرفاعي الاربيللي والامام محمد الرفاعي الاربيللي ويعتبر هذان السيدان الجليلان اجداد السادة الاحمدلية في اربيل ويصل نسبهما الى السيد احمد الرفاعي ابو العلمين وهو بدوره يصل نسبه الى الامام علي زين العابدين ابن الامام الشهيد ابا عبدالله الحسين ابن اسد الله الغالب علي بن ابي طالب (عليهم السلام) . ويروى ان السادات الاحمدلية نزحوا الى اربيل في حدود سنة (500 هـ) حيث نزح السيد احمد الرفاعي الاربيللي مع اخيه الامام محمد الى اربيل من منطقة ام البطائح في جنوب العراق موطن جده الكبير قطب الغوث الاكبر والكبريت الاحمر ذي القلب العامر والمدد الحاضر لائم يد النبي الطاهر سلطان الاولياء وبرهان الاصفياء السيد احمد الرفاعي ابو العلمين. نزحوا الى اربيل هربا من بطش خلفاء بني العباس بعد استقرارهم في اربيل اسسوا مدرسة دينية شهيرة لتدريس العلوم الدينية ونشر الطريقة الرفاعية وكان من اشهر مدرسي هذه المدرسة الامام محمد الاربيللي وكان الامام محمد خطيباً واماماً في جامع الربض وان السلطان مظفر الدين كوكبورو اكرمه وأسس له مدرسة دينية في احدى زوايا جامع الربض وعند وفاة الامام الهمام محمد أقام مظفرالدين العديد من الاقبية على ضريح الامام محمد وان هذه القبب باقية الى يومنا هذا وبمرور الزمن انجبت هذه الاسرة العديد من الشخصيات السياسية والدينية المرموقة وتقلدوا ارفع المناصب الحكومية ابان الحكم العثماني .

من هو السيد عبدالله باشا الاحمدلي :

السيد عبدالله باشا هو ابن السيد عباس اغا ابن السيد محمد اغا ابن السيد احمد اغا ابن سيد ابراهيم اغا ابن السيد الشيخ احمد الرفاعي من نسل السيد الشيخ احمد الرفاعي الحسيني الكبير. ولد السيد عبدالله باشا في حدود عام (1840م) في زقاق الاغوات في القلعة. تربى في كنف والده السيد عباس اغا حيث درس العلوم الدينية والنقليه في مدرسة القلعة وكان رحمه الله منذ صباه تظهر عليه معالم الرجولة والوقار بعد وفاة والده أصبح زعيما للأسرة الاحمدلية. ثم ذاع صيته في اربيل وخارجها نال الشرف العالي والمقام السامي عندما قصد الاستانة وحل ضيفا عزيزا لدى السلطان العادل عبدالحميد الثاني. هذا وتكريما لدور السادات الاحمدلية في خدمة الامبراطورية العثمانية العليه اصدر السلطان عبدالحميد الثاني فرمانا سلطانيا عام (1890م) وعين بموجبه السيد عبدالله باشا قائمقاما لمدينة اربيل اضافة الى هذا منحه لقب الباشا ومنحه وسام (خادم الحرمين الشريفين) وهذا ارفع وسام عثماني في ذلك الزمان .

الخدمات التي قدمها السيد عبدالله باشا لأربيل: كتب التاريخ الخدمات الجليلة التي قدمها السيد عبدالله باشا لاربيل بمداد من ذهب واقترن اسمه بالعديد من المشاريع والمواقف البطولية في مدينة اربيل. فالسلطان العثماني محمد رشاد الخامس اصدر فرمانا سلطانيا يقضي بموجبه تنسيب السيد عبدالله باشا حاكما اداريا للواء اربيل اضافة الى منحه السلطان لقب النقيب*  والخاقان الكبير كما استلم السيد عبدالله باشا رئاسة بلدية اربيل مرتين المرة الاولى في سنة (1904م – 1907م)  والثانية (1913م – 1918م) وخلال فترة رئاسة بلدية اربيل قدم خدمات جليلة وان اسم اول شارع في اربيل يرتبط باسم السيد عبدالله باشا قام بفتح شارع السراي وتم في عهده علاج شحة المياه في اربيل سنة (1913م) حيث بنى حوضا للماء خلف مسجد التى برماق ينقل اليه الماء من احد الكهاريز التي كانت موجودة في ضواحيه بواسطة انابيب الفخار المصنوعة محليا من قبل صنف الكورجية في اربيل وكان الناس يسقون من هذا النهر .

تأسيس نقابة الاشراف في اربيل :

اسست نقابة الاشراف في اربيل اواسط القرن الثامن عشر بأمر خاص من السلطان عبدالحميد الثاني وبختم السيد محمد نورالدين نقيب على الاشراف في عموم الديار العثمانية العلية هذا واسند هذا الشرف الرفيع للاسرة الاحمدلية المعروفة في اربيل وذلك سنة (1190هـ ) وكان اول من تقلد منصب النقيب هو السيد الشيخ محمود باشا النقيب وفي سنة (1895م) اسند النقابة للسيد عبد الله باشا الاحمدي تولى النقابة بعد وفاة عمه. ولاتزال هذه الاسرة تحتفظ بوثيقة اسناد النقابة للسيد عبدالله باشا.

 

مدينة اربيل وقلعتها الشهيرة

 

الحاكم العسكري الانكليزي يزور اربيل:

ان للسيد عبدالله باشا مواقف وطنية مشرفة حيث قاد الاربيليين للوقوف ضد الانكليز، كادت اربيل تسقط بيد السيد عبدالله باشا والثوار لولا وصول قوات كبيرة من وحدات الجيش البريطاني لهذا اخضعت اربيل تحت الاحتلال البريطاني. يروي لنا احد المعمرين انه زار الحاكم الانكليزي العام اربيل سنة (1920م) واجتمع مع لفيف من وجهاء اربيل في سراي القلعة لمعرفة احوال الرعية والوقوف عند احتياجاتهم بعد انقضاء اللقاء سأل الحاكم الانكليزي الحاضرين هل تخلف احد من الوجهاء عن هذا الاجتماع فاجابه احد الحاضرين ان السيد عبدالله باشا لم يحضر هذا الاجتماع. عندما عرف الحاكم العسكري مكانة الباشا وميوله العثمانية وتقلده العديد من المناصب قبل الاحتلال وبصفته نقيب الاشراف هنا اصطحب الحاكم عدد من الوجهاء لزيارة السيد عبدالله باشا في محلة السراي في القلعة هذا وعند وصول الضيف الى باب داره دخل السيد عبدالله باشا الى حرم داره كي لا يقوم امام هذا الحاكم عندما دخل الحاكم الى ديوان الباشا واخذ مكانه هناك جاء السيد عبدالله باشا بهندامه الراقي وقيافته الباشوية مطرزا صدره بالعديد من الاوسمة فقام الحاكم وصافح الباشا وعرف قدره ومكانته بين الناس ودعاه لزيارة بغداد في اقرب وقت ممكن .

تتويج الملك فيصل الاول ملكا على العراق :

في الثاني من تموز عام (1921م) الموافق 24 شوال 1329هـ توج الملك فيصل الاول ملكا مبجلا على العراق. حيث قدمت دعوة خصوصية من قبل رئيس الوزراء عبدالرحمن النقيب للسيد عبدالله باشا لحضور حفل التتويج. لذا شد الباشا الرحال الى عاصمة الرشيد وشارك في مراسيم التتويج. وخلال وجود السيد عبدالله باشا في بغداد كلف من قبل رئيس الوزراء عبدالرحمن النقيب*  لتولي وزارة الاوقاف فوافق الباشا على هذا الطلب الا ان وعكة صحية مفاجئة اصابت الباشا وعلى اثره نقل الى المستشفى المجيدية في بغداد وهناك في تلك المستشفى لفظ الباشا انفاسه الأخيرة وفاضت روحه الطاهرة الى بارئها وعلى اثر ذلك نقل جثمانه الطاهر على سيارة ملكية وملفوف بالعلم العراقي الخالد وقد شارك حشد كبيرا من الناس في تشييع جنازته وكان من ضمنهم السيد عبدالرحمن النقيب وشيخ الاسلام السيد ابراهيم الحيدري والعديد من العلماء الافاضل ومشايخ الطرائق الصوفية ووري الثرى تحت قبة جده الامام محمد اسكنه الله فسيح جناته .

الهوامش:

*  لفظة النقيب تعنى (كبير القوم وزعيمها ومنقب امورها الدينية والدنيوية والاحاطة باخبارهم وانسابهم والمستشار الأمين لهم).

*  السيد عبدالرحمن النقيب كان رئيسا للوزراء ابان العهد الملكي وكان يربطه علاقات حميمة مع عائلة النقيب .

 

المصادر:

تاريخ اربيل – ابن المستوفي .

اربيل في أربعة اعوام/ عبد المنعم حسن – سنة 1986.

الشيخ جولي – زبير بلال اسماعيل .

علماء ومدارس في اربيل – زبير بلال اسماعيل .

الآثار الدينية في اربيل – شيرزاد شيخ محمد.

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة