الفصل الاول

الأديان العراقية المنقرضة

ديانة الخصب والديانة المانوية

 

               

رسم من العراق القديم  يمثل خلق الانسان الاول (آدم) بواسطة الالهة(آتوناكي)

 

ديانة الخصب

   الديانة العراقية القديمة (عبادة الكواكب)، مثل جميع الاديان القديمة، تقوم على اساس الاسطورة. ويمكن تعريف الاسطورة بكل بساطة : انها الحكاية التي تتناول القوى الالهية ونشاطاتها وعلاقتها بالانسان، أي يكون ابطالها من الآلهة. فمثلا اسطورة كلكامش، رغم ان كلكامش انسان( ملك)، الا ان الاسطورة تؤكد على انه (نصفه اله ونصفه انسان). بالاضافة الى ان جميع الاحداث والبطولات الخارقة التي يقوم بها كلكامش، تتحدث عن علاقته بالآلهة وكذلك من اجل التوصل الى حلول لمعظلات دينية كبرى، وعلى رأسها معظلة (خلود الانسان). اما الحكاية العادية فأنها تتناول عادة الانسان وعلاقته بالحياة وباقي الوجود. وحتى لو كانت احداثها خارقة وغير واقعية، فأنها تبقى ضمن الواقع الانساني والاسئلة الحياتية.

ان الديانة العراقية، لم تنتج كتابا واحدا محددا يعبر بصورة مكثفة عن عقيدتها الدينية، على غرار الانجيل والقرآن. بل ان الانسان العراقي، خلال حوالي ثلاثة آلاف عام( بين الالف الثالث حتى بضعة قرون قبل الميلاد)، انتج كمية هائلة من النصوص الاسطورية الدينية التي عبر فيها عن مختلف جوانب عقيدته، مثل ماهية الآلهة ووظائفها وخلق الكون وخلق الانسان والموت والخلود وسر الخصب وتجدد الحياة، وغيرها العديد من الاسئلة الوجودية المحيرة التي طرحتها جميع الاديان. بل يمكن القول ان الانسان العراقي، هو أول من خلق مفهوم(الشريعة) أي (القانون الديني). ان (قوانين حمورابي) الشهيرة، لم تصدر بأسم الملك ـ الانسان، بل صدرت باسم(الاله شمش ـ شمس) التي نراها على المسلة يمنح القوانين الى حمورابي . 

في هذا الفصل نحاول الاطلاع على هذه الاساطير الدينية العراقية والتعرف على معانيها وتأثيراتها، ليس فقط  على عصرها، بل ما تركته من تأثيرات على الاديان السماوية التي اتت بعدها، وخصوصا في اليهودية  ثم الصابئية والمسيحية والاسلام..

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة