طوائف صوفية

طائفة الكاكائية العلوية الصوفية


 ابراهيم داود الداود


    طائفة الكاكائية مجهولة التقاليد غير معروفة التعاليم أو المعالم، ولا يمر باحث أو سائح في محافظة كركوك الا يعلم ان هناك طائفة (الكاكائية) ويسمع عنها ، وهم يعلنون انهم مسلمون، وغالبهم منتشر في انحاء عديدة في العراق .

ماذا تعني "الكاكائية؟
    لفظة "كاكائية" كردية مأخوذة من "كاكا" بمعنى الأخ، والنسبة إليها "كاكائي" والنحلة يقال لها "كاكائية". ويقال في سبب تسميتها أن أحد رؤسائها المؤسسين لها كان من السادة البرزنجية في أنحاء السليمانية فبنى تكية في قرية برزنجة وضعت لسقفها العمد، ولكنها قصرت عن جدران البناء فقال لأخيه مدها أيها الأخ "كاكا" وصاروا يدعون "بالكاكائية" لهذه الحادثة.     كما يقال أيضاً انها "الأخية" الطريقة المعروفة في العراق وايران وتركيا وتنسب إلى "أخي" وأصلها ان كل واحد من أرباب هذه الطريقة يدعو الآخر من جماعته بـ "أخي" بالاضافة الى ياء المتكلم، ويعنون أن أصحاب هذه الطريقة اخوة .
    عرفت "الكاكائية" كنحلة في القرن العاشر والحادي عشر الهجري، ولا يقطع بتاريخ ظهورها كعقيدة بهذا الاسم حيث كانت معروفة قبل هذا التاريخ بشكل طريقة تصوفيه. ويقال إنها كانت تعرف بـ "الفتوة" حيث ذكر ذلك في مؤلفات عديدة ولا يعرف عن "الكاكائية" اليوم أكثر من التغني ببعض الأشخاص والاحتفاظ ببعض أشعارهم وهم لا يودون الاحتكاك بالمجتمع ولا الترغيب الى المعتقد أو الدعوة له ، والملاحظ هو تكتمهم الشديد ازاء ما يعتقدون ولهذا فإن الأوهام والشبهات تحوم حولهم .
    هذه النحلة مشهورة في العراق وتدعى "الفتوة" وانتشرت في الأناضول باسم "الأخيه" وشاعت بهذا الاسم لدى الأ
تراك وفي ايران ثم تحولت الى "كاكائية". يقول طه الهاشمي في كتابه "مفصل جغرافية العراق" : قبيلة الكاكائية خاضعة لنفوذ السادة البرزنجية تسكن الساحة الواسعة عند جبل برادان وتعيش على الزراعة ...

كتب الكاكائية
الكاكائية يصرحون بأن عقائدهم مكتومة، لا يبوحون بها ولا يجيزون هتك السر، ومن أهم كتبهم:
خطبة البيان:
 من أشهر ما عرف عنهم، يعدونها من أعظم كتبهم وأجلها، لا يرغبون في أن يطلعوا أحداً عليها، أو أن يقرأها امرؤ غيرهم، لما فيها من غلو وأوصاف وتنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، / كتاب "جاودان عرفي": وهذا يعد من كتبهم المهمة، وهو منتشر باللغتين التركية والفارسية ولديهم أكثر من خمسة عشر كتاباً آخر .

عقائد الكاكائية
    تتصف عقيدة الكاكائية بالغلو الشديد ولعل أشد المؤثرين على عقيدتهم هو الحسين بن منصور الحلاج . والكاكائية لا يصرحون بعقيدتهم ولا يعلنون عنها، ويذكر اعتقادهم في تأليه الامام (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه على ان ابرز معتقداتهم كما يلي :

الاعتقاد بالله تعالى: وهذا عندهم من أكثر العقائد غموضاً فهم يرون أن الله سبحانه وتعالى لا يصح وصفه أو نعته ولا تسميته حتى ، أو الاتصال به من طريق ما إلا في حالة واحدة بأن يظهر في الأشخاص رأفة منهم بهم وانه سبحانه يبرز بطريقة / وحدة الوجود:  وهي ظاهرة في شعرهم وهي أصل الحلول حيث لا يسلم بالحلول الا بعد التسليم بوحدة الوجود وهم في هذا يشتركون مع الصوفية، حيث يعتقدون ان الكون هو الله، والكل يرجع إليه ويعود الى حقيقته . / التناسخ :  وهذا من عقائدهم الأصلية وهو نتيجة للحلول، فإذا لم يتم التناسخ فلا يكون الحلول ابداً، ومعناه عندهم انتقال الروح العادية من بدن إلى آخر حتى تطهر وتكون صالحة مجردة عما ارتكبته من أعمال أو ما اقترفت من آثام / القرآن الكريم : الكاكائية لا يتلون القرآن، ويعد في نظرهم غير معتبر لأنه من جمع عثمان رضي الله عنه . / اليوم الآخر: يقصدون به يوم " ظهور الله" في شخص وحلوله فيه، وهذا ينطبق مع اعتقاد الصوفية، كالاعتقاد باليوم الآخر من أركان الإيمان التي يجب على المسلم الإيمان بها. ولبيان اعتقاد الكاكائية في اليوم الآخر بشكل أكثر، لننظر ماذا يلقنون موتاهم فهم يقولون للميت "اذا جاءك منكر ونكير فقل عندي كذا حنطة وكذا شعير. وكلها مدخرة في المخازن الفلانية، فإذا لم يرض فأعطه صحن عدس، وفنجان خمر فإن لم يقبل فقل انا كاكائي أغرب عني، واذهب الى غيري !  وحينئذ يذهب عنك وامض أنت إلى الجنة!! " وهذا الكلام يدل على أن الكاكائية لا يلقنون الميت الشهادتين ولا يبالون بالموت مما يؤيد الانتقال والتناسخ، ولذلك فإن الكاكائية لا يبكون على ميت بعويل وصراخ والحزن غير جائز بل انهم يحتفلون ويدقون الطبول !
طبقات الكاكائية
يصنف الكاكائية الى مجموعة من الطبقات وهي كالتالي
:
السادة : وهؤلاء هم الأمراء ورؤساء الدين جمعوا بين الامارة والرئاسة الدينية . / الدليل
: ويسمى عندهم (مام) ولهم منزلة خاصة، يتولون الإرشاد ويقال للواحد منهم (مرشد) أو (بابا).. / الاخوان : وهم الباقون المعروفون بالعامة (الكاكائية) ويتجلى بينهم التعاون تطبيقاً لمبدأ الاخوة .
عباداتهم وأعيادهم
    الكاكائية لا يراعون العبادات والتكاليف ويعرفون (بالنيازية) أي أصحاب النذور، كما يدعون غيرهم (بالتمازية) أي أهل الصلوات. ولديهم في كل سنة يوم يصومونه يدعونه (يوم الاستقبال) ، ثم يصومون ثلاثة أيام يدعونها أيام الصوم، ثم بعدها يوم يسمونه يوم العيد.
الزواج والطلاق
    الزواج لدى الكاكائية لا يتبع مراسيم أو احتفالات معينة وانما هو عقد بسيط يكون على يد شيوخهم ولا يشترط فيه رضى الأولياء والأقارب وانما يتوقف على رضى الطرفين، ويجري يوم الاثنين أو الجمعة ، وهذان اليومان مقدسان عندهم وتعدد الزوجات عندهم ، كما أن الطلاق ممنوع قطعاً من أحد الطرفين والعلة في ذلك ان العقد جرى برضى الطرفين فلا يبطل الا منهما معاً لا يستقل به واحد دون الآخر .
من عاداتهم
    انهم لا يقصون شواربهم وهي علامة ليتميزوا عن غيرهم، كما انه تبرك بالإمام علي رضي الله عنه عندما شرب من الماء الذي غسل به الرسول  فصارت تطول شواربه فكلما قصها تعود فلذلك الكاكائية ومعهم البكتاشية يراعون تطويل شواربهم. أن يكون الكاكائي أخاً للكاكائي وأن تعتبر الكاكائية حراماً عليه فيما عدا الزواج، وأن لا ينظر إليها بسوء لأنها تعد أخته، وبيت الواحد بيت الآخر، أن يطيعوا السيد المعروف بـ "البير" وهو رئيسهم بأن يتابعوه متابعة ولا يجوز الخروج عن أمر السادة . التكاتف والتناصر ويكون بينهم بلا قيد أو شرط سواء في تعاونهم أو تضامنهم لدفع خطر من الأخطار. لا يقبل السيد هدية أو أعطية ولكن له حق التصرف في جميع أموال الكاكائية وهذا ما يعرف لديهم بما يسمى إباحة الأموال .  أنهم يحرمون السرقة لذلك فبيوتهم مفتحة الأبواب لأنهم في مأمن من جماعتهم . التكتم ومراعاة السر التام، وهذا ضروري عندهم فلا يظهرون عقائدهم ولا مراسمهم علناً، ويعد التكتم من واجباتهم الدينية لدرجة أنه اصبح يضرب بهم المثل فيقال "كتوم للسر مثل الكاكائي". يوما الاثنين والجمعة مقدسان وفيه يكون الزواج والاجتماعات العامة وغيرها . أكلة المحبة، وتجرى في الاجتماع العام، وفيه يذبح الرجل ديكاً ويطبخ معه حنطة أو أرزاً، ويقدم للشيخ، أو يقوم الرئيس بذبح شاة أو خروف ويدعي أهل القرية ويصبح مهرجاناً كبيراً ويتخذون الرقص ويقرأ دعاء الألفة ويوزع الطعام (الأكلة) ومن أكل من هذه الأكلة المباركة نال الثواب .
للاستفادة يمكن الرجوع الى
:
الكاكائية في التاريخ ، عباس العزاوي .
دائرة المعارف الإسلامية .
مفصل جغرافية العراق، طه الهاش .

 

العودة الى فهرس العدد اطبع هذه الصفحة